تويت
مفسدات القلب
القلب ملك البدن والجوارح جنوده؛ فإذا صلح القلب صلح الجسد كله، وإذا فسد القلب فسد الجسد كله. وقد عدّ العلماء مفسدات القلب فوجدوها كثيرة، لكنهم أرجعوها إلى مفسدات خمسة إذا اجتمعت في القلب صار قلباً ميتاً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً، بل يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف، وإذا وجدت واحدة كان فيه من الفساد بقدرها.
وأول خطوات النجاة منها معرفتها:
الأول: كثرة الخلطة.
أ- امتلاء القلب بهموم الناس ومشاكلهم، مما يوجب للقلب تشتتاً وتفرقا وهماً وغماً.
ب- وهذا يشغل القلب عن رب والنظر في مصالحه.
ث- لأن غالب هذا الخلطة تقوم على مصالح الدنيا إن تحققت لهم أحبوك وإلا أبغضوك وذمّوك: {الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67].
{إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [العنكبوت: 25].
وهذا حال كل المشتركين في غرض دنيوي يتوادون ما داموا متساعدين على حصوله أو محتاجين لبعضهم في تحقيقه؛ فإذا انقطع ذلك الفرض أو استغنى بعضهم عن بعض انقلبوا أعداء وصارت مودتهم لعنة ولذلك قيل: ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل ولا تنتفع بخلطة الناس إلا:
1- أن تكون هذا والخلطة لله.
2- أن تكون في شعائر الدين الظاهرة؛ كالجمعة، والجماعات، والأعياد، والحج، وتعلم العلم، والجهاد والنصيحة.
3- إذا أخطرات لمخالطتهم فا لحذر من قرناء السوء ووطن نفسك على الصبر على أذاهم وإباك وموافقتهم على باطل أو بدعة أو هوى فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً.
الثاني: التمني والأماني، الأماني الكاذبة، والتمني الزائف رأس مال المفاليس وبضاعة العاجزين الذين ليس لهم همة ولا عزيمة.
وصاحب الهمة السفلية والنفس الهابطة كل أمانيه في المال والجاه والسياحة في الأرض وكثرة الأولاد والنساء.
وصاحب النفس الأبية والهمة العلية والعزيمة خاطره مشغول بالعلم والإيمان، والعمل، والدعوة، وإقامة دين الله في نفسه ومجتمعه وفي العالم.
الثالث: الطعام.
1- ما يفسد لعينه وذاته؛ كالأغذية المحرمة، وهي نوعان:
أ- ما حرم الله؛ كالميتة والدم ولحم الخنزير، وقيل: ذي ناب من أسباع، ومخلب من الطير.
ب- محرمات لحق العباد؛ كالمسروق والمغصوب، والمنهوب، وما أخذ قهراً وحياء.
2- ما يفسد بقدره وتعدي حده كالإسراف في الحلال، والشبع المفرط.
قال صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه؛ فإن كان لا بد فاعلاً؛ فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه».
4- كثرة النوم.
وأنفع النوم ما كان عند حاجة الإنسان إليه، وقد جعل الله الليل لباساً للعباد ليسكنوا فيه ويرتاحوا وأفضل النوم في أول الليل بُعَيد العشاء فإن السهر بعدها مكروه إلا في حاجة.
وكذلك نوم وسط النهار نافع وهو القيلولة فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((قيلوا فإن الشياطين لا تقيل)) ومن النوم المكروه عند الصحابة :
أ-النوم بعد صلاة الصبح حتى طلوع الشمس فإنه وقت غنيمة ورزق، وإن كنت في شك فاعتبر بانبعاث الطيور من أعشاشها وغدوها ورواحها في طلب الرزق أولم تسمع قول رسول صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها))، أو لم يأتيك نبأ ابن عباس –رضي الله عنه- وهو يقول: عجبت لمن ينام بعد الفجر كيف يرزق؟!
وكذلك النوم بعد صلاة المغرب وقبل العشاء
وكان رسول صلى الله عليه وسلم يكرهه، فهو مكروه شرعاً وطبعاً.
كذلك النوم بعد صلاة العصر فإنه يعل الجسم
5- التعلق بغير الله وهذا من أعظم مفسدات القلب على الإطلاق؛ فمن تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به، وخذله من جهه من تعلق به وفاته تحصيل مقصوده من الله لتعلقه بغير الله، قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً * كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} [مريم: 18-82].
وهذا المفسد أصل الشرك وقاعدته التي بني عليها: لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً} [الإسراء: 22].
للاستماع والتحميل
موقع شبكة مستقبل الإسلام | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ سليم الهلالي
:. الموضوع الاصلى: خطبة صلاة الجمعة : مفسدات القلب لفضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالي | المصدر: منتديات منهاج الرسول السلفية | كاتب الموضوع:أسامة الهلالي .: