{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: 137].
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} [النور: 55].
فإن قيل: ها هي فلسطين احتلها اليهود وهم يحاربون دين الله ويفسدون منهجه ويقتلون أولياءه؟!
فالجواب: عندما تولى المسلمون جاء الله بهؤلاء لنذوق من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلنا نعود إلى الله: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُون} [السجدة: 21-22].
فهل نعود إلى ديننا ليرفع الله الذل عنا: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم».
2- لا بد من إعادة قضية فلسطين بكل أبعادها إلى المربع الأول، وهو المربع الإسلامي، ففلسطين بلاد المسلمين وتحريرها مسؤوليتهم جميعاً: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1].
واليهود ينطلقون في احتلالهم لفلسطين من مرجعية دينية وحسبك برهان على ذلك أنهم لا يزالون ينادون بيهودية الدولة ويحشدون لذلك اليوم الموعود!
3- ينبغي المحافظة على وحدة فلسطين التاريخية، فتضييع ذرة منها طريق إلى التخلي عنها كلها أو عرضها للمساومة في عالم المفاوضات وللبيع في دنيا التنازلات.
وهي من حيث الواقع وحدة لا تتجزأ، وعدونا ليس عندهم استعداد للتنازل عن شيء منها: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} [النساء: 53].
ومما يؤيد ذلك ويؤكده ما نسمعه ونراه هو أماني وغرور ووعود لكسب الوقت وتضييع القضية وتمييع المسألة: {وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا}[النساء: 119-120].
4- إعادة توحيد الأمة الإسلامية الواحدة وبناء اتحادها.
ففلسطين لم تضيع من أيدينا إلا عندما فكك أعداؤنا بلادنا وقسموا أمتنا عندما جاء زعيم الصهيونية وعرض المليارات الذهبية على السلطان عبد الحميد الأول من أجل أن يمنحهم فلسطين ويخون المسلمين؛ فقال له السلطان: «إن فلسطين ليست ملك يميني، بل ملك المسلمين، وإذا مزقت دولة الإسلام يوماً فإنكم تستطيعون آنذاك أن تأخذوا فلسطين بلا ثمن. أما وأنا حي، فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الإسلام. من الممكن أن تقطع أجسادنا ميتة، وليس من الممكن أن تشرح ونحن على قيد الحياة».
ولم يتمكن أعداؤنا من فلسطين في يوم من الأيام إلا ونحن متفرقون.
فعندما احتل الصليبيون القدس كان العالم الإسلامي اقطاعيات متناثرة متنابذة بوجود دويلات الأتابكة، فلما احتاج الصليبون تساقطت تلك الإمارات مثل خرزات منظومات حتى داهموا بيت المقدس (492 هـ) فاستباحوها وجعلوا الأقصى مربطاً لخيولهم ومرتعاً لخنازيرهم.
وفي ظل هذا المناخ فشلت كل محاولات المقاومة التي اعتمدت على الفردية أو الحزبية ولم تستطع كسر الزحف الصليبي أو وقف مَدِّه حتى جاء آل زنكي الكرام وبدأوا إعادة وحدة الأمة وتدعيم اتحادها وتجديد عقيدة التوحيد وورثهم صلاح الدين فجمع الأقطار المتفرقة ووحد الأمة المتنازعة جعل الله فتح بيت المقدس على يديه سهلاً ميسوراً ونصره نصراً عزيزاً مبيناً.
5- الحذر من خطر الرافضة والمد الشيعي لأنهم رأس الحربة اليهودية الصليبة في ديار المسلمين:
وليتذكر المسلمون أن صلاح الدين قبل حربه للصليبيين وفتحه للقدس أنهى الوجود الرافضي وقضى على الخطر الشيعي، واجتث الدولة الفاطمية من الوجود.
وليتذكر المسلمون أن الروافض حاولوا الفتك بصلاح الدين وكاتبوا الصليبيين واستعانوا بهم على ذلك كما ذكر المقريزي في «السلوك لمعرفة دول الملوك» (1/53-54) لكن الله أبطل كيدهم ورد مكرهم.
وليتذكر المسلمون أن هولاكو خان لم يدخل بغداد إلا وفي مقدمة جيوشه رأس الروافض خوجه نصير ووزيرهم الأول ابن العلقمي.
ولقد ذكر الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» أحداث سنة (656 هـ) ما يشيب من هوله الولدان وتذوب الصخور الصماء.
- وليتذكر المسلمون أن الأمريكان لم يدخلوا بغداد إلا وخيول الروافض تجر دباباتهم.
واقرأوا ما كتبه رامسفلد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق في مذكراته: «إن علاقة قديمة قامت بينه وبين السيستاني ترجع إلى عام (1987م) أثناء إعداد السيستاني لتسلم مهام المرجعية بعد الخوئي.
وأن اتصالات تمت بينهما عن طريق وكيله في الكويت جواد المهري، وأنه قدم هدية لأصدقائه في العراق وعلى رأسهم السيستاني قدرها 200 مليون دولار، وبعد قبول السيستاني للهدية أخذت علاقاتنا معه تتسع أكثر فأكثر، وبعد أن علم الرئيس جورج بوش بتسلم السيستاني للهدية، قرر فتح مكتب في وكالة المخابرات المركزية وسمي مكتب العلاقات مع السيستاني ... وكان من ثمار هذا العمل المتبادل صدور فتوى من السيستاني بأن يلزم الشيعة وأتباعه بعدم التعرض لقوات التحالف التي دخلت للحدود ..وكان لهذه الفتوى الفضل الكثير في تجنب قوات التحالف خسائر جسيمية».
وليتذكر أهل السنة والجماعة ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في «منهاج السنة النبوية» (3/278): «... وكذلك إذا صار لليهود دولة بـالعراق وغيره، تكون الرافضة من أعظم أعوانهم، فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى، ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم».
6- فليحذر المسلمون الاستعجال واستبطاء نصر الله الذي يؤدي إلى اليأس والهزيمة النفسية.
وليتذكروا أن الناصر صلاح الدين ما حرر القدس إلا بعد (200 سنة) من الاحتلال الصليبي، فلو استعجل لما بنى جيلاً مسلماً ولا أعاد وحدة أمة مسلمة، ولو يئس لما حرر شبراً واحداً!!
7- وقبل ذلك كله وبعده لا بد من تصحيح النية واستقامة العمل وتحقيق التوكل على الله فلا كثرة تفيد ولا استعراض للقوى يزيد وتأملوا قول الغفور الودود في القرآن المجيد: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِين} [التوبة: 25].
فلو عدنا إلى ديننا وحققنا توحيدنا ووحدنا صفوفنا وجمعنا كلمتنا وآمنا بأن النصر من عند اللخ وحده فلن نحتاج لـ (قاعدة) ننشر منها جنودنا ولا لـ (حماس) يدفعنا ولا لـ (فتح) نظنه أنه منا، ولا لـ (حزب) ينصرنا؛ لأن قاعدتنا منهج الله، وحماسنا الغيرة على دين الله، وفتحنا ونصرنا عند الله، وحزبنا هو حزب التوحيد: {أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُون} [المجادلة: 22].
والله الموعد
http://www.m-rasool.com/vb/index.php...show=1&id=3074