الاعتزاز بالله
2- ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: 10].
إذا كنت مضطراً إلى احتياج أحد فأنت تسعى أن يكون الذين تحتاج إليهم قلة، فعندما تحتاج اثنين فأنت أفضل مما إذا كنت تحتاج ثلاثة، وإذا احتجت واحداً فأنت أفضل مما إذا كنت تحتاج اثنين.
وأنت كذلك تحب إذا كنت محتاجاً على إنسان فأنت تريد أن يكون كافياً لك وحده فعلاً فلا تسعى عندما تحتاج إلى غيره، فإذا كان الأمر كذلك فإنك لن تجد أحداً بهذه الصفات إلا الله؛ لأنه العزيز الذي لا يحتاج إلى أحد ويحتاجه كل أحد ويكفي نفسه بنفسه ويكفي غيره: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: 10].
3- ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُون﴾ [المنافقون: 8].
لا يمكن لبشر أن يكون عزيزاً ذاتياً، ولا عزيزاً مطلقاً؛ لكنه يمكن أن معتزاً بصاحب العزة الذاتية، ومعتزاً بالعزيز المطلق، كل البشر يبحثون عن العزة من أقصى الأرض على أدناها، لكنهم يخطؤون الطريق ويضلون السبيل؛ فمنهم من يبحث عن العزة في المال، ومنهم من يبحث عن العزة في الجاه، ومنهم من يبحث عن العزة في السلطان، ومنهم من يبحث عن العزة مع الأمريكان أو الإنجليز أو اليهود: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِين﴾ [المائدة: 51-52].
- هل جربتم الاعتزاز بالله ففشلتم حتى تبحثوا عن العزة عند غيره؟
- هل استقرأتم التاريخ ووجدتم أن الله خذل من اعتز به، حتى تبحثوا عن عزيز غيره؟!
أيها الباحثون عن العزة، اسمعوا قول العزيز الحكيم: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُون﴾ [المنافقون: 8].
4- أسباب العزة بالله:
1/4- أن تؤمن بالله رباً، وإلهاً، حقيقة لا صورة، عندما تؤمن بأن الله لا رب غيره، ولا بحق سواه: يعطي ويمنع، يفرق ويجمع، ويعز ويذل، وأنه خالقك ورازقك ولم تعبد غيره، وتعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولوا اجتمعوا على أن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك عندها تشعر بالعزة بالله: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين﴾ [آل عمران: 139].
2/4- توثيق الصلة بالعزيز بأن تكون عبادتك صحيحة لا عبثية ولا موسمية لا تمارسها على سبيل العادة أو في وقت فراغ كما تمارس طعامك وشرابك ولذاتك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِين﴾ [التوبة: 119].
3/4- ابحث عن المعتزين بالله وكن معهم، وإليك نماذج من سير المعتزين بالله:
1- عندما عادت جيوش الروم مهزومة، سأل هرقل أحد جنوده: لماذا هزمتم؟
فقال الرجل: لأننا وجدنا أناساً يصومون النهار، ويقومون الليل، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصفون فيما بينهم، ويستخرجون حق الضعيف!!
2- هذا عبد الله بن أم مكتوم لما دعا داعي الجهاد، أراد الخروج؛ فقال له أصحابه: إنك معذور؛ لأنك أعمى والله يقول: ﴿لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ﴾ [النور: 61].
فيقول: لا والله، والله يقول: ﴿انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً﴾ [التوبة: 41]، فلما حضرت المعركة أعطوه الراية وقالوا: إياك أن تؤتى من قبلك، فيقول: بئس حامل القرآن أن أنتم أوتيتم من قبل، فوقف فقاتل حتى قتل في مكانه، فكان قبره تحت قدميه –رضي الله عنه-.
3- حج هشام بن عبد الملك؛ فرأى في الطواف سالم بن عمر يطوف وحذاؤه تحت إبطه، وعليه ثياب بالية، فقال له هشام: يا سالم ألك حاجة أقضيها لك؟
قال سالم: أما تستحي من الله، أتعرض علي الحوائج وأنا في بيت من لا يحتاج إلى غيره؟
فسكت هشام، فلما خرجا من الحرم قال: هل لك من حاجة؟
قال سالم: أمن حوائج الدنيا أو الآخرة؟
فقال: هشام: من حوائج الدنيا.
فقال سالم: والله الذي لا إله إلا هو ما سألت حوائج الدنيا من الذي يملكها تبارك وتعالى فكيف أسالها منك؟
للاستماع اضغط هنا
http://www.xn----vmcfbbl6df4kvacccm.com/sound.php?action=mhadrat_show&id=246&n=0