بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة للشيخ العلامة
يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله تعالى
بعنـــــــــــــوان:
اعتداء الرافضة الحوثيين على أهل السنة بدماج
﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء:87-88]
وكانت في يوم
11 محرم لعام 1435
للاستماع من موقع الشيخ حفظه الله من هنا
http://www.sh-yahia.net/show_sound_4780.html
قام بتفريغها أخونا أبو عمر شريف الشعبي وفقه الله
تفريغ الخطبة:
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد،،،
فقد علم الله وهو علام الغيوب وعلم سائر من علم من خلقه أننا ولله الحمد والمنة إنما نتقي وندفع عن أنفسنا، ولسنا معتدين. ولسنا باغين. ولسنا متوثبين. ولسنا ظالمين.
وفي هذا يكون لنا أمل من ربنا سبحانه وتعالى أن الله عز وجل معنا بوعده الحق وكلامه الصدق، ومعيته الخاصة.
كما دل عليه قول الله سبحانه وتعالى: ((إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) )) [سورة آل عمران].
فهذا وعده الحق وخبره الصدق أن من كان مع الله من أنبياء الله ورسله ومن تأسى بهم ونهج نهجهم، وسلك مسلكهم وحذى حذوهم، أنه إن مسته حسنة وخير ساءت أعداء.
وإن أصيبوا بسوء أفرحهم ذلك، ولكنَّ المخرج من ذلك الصبر والتقوى، فمهما صبر المؤمن واتقى الله عز وجل فهذا سبب عظيم في درء وردع ورد كيد الأعداء ((لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا)).
فهذا الكيد مشتمل على الإغاظة والحسد والبغضاء من الخير الحاصل للمؤمنين، ومشتمل على الحزن والمساءة إذا حصل للمؤمنين خير وسرور ونفع وسلامة وهذا غاية الحقد وغاية العداوة ولكن ((لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)).
فكل ما يعمله عدوك أيها المتقي لله فالله محيط به، محيط برميه، محيط بفكره، محيط بكذبه، محيط بعداوته، محيط بظاهره وباطنه وسمعه وبصره ويده، محيط بأقواله وأفعاله، محيط بحركاته وسكناته، أي حركة وسكنة الله سبحانه وتعالى محيط بها.
فإذن ((لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا)) وشيئاً في سياق النفي أي لا يضروا ضرراً كثيراً ولا كبيراً مهما كادوا ومهما مكروا.
هذه والله نصر من الله وعز من الله سبحانه وتعالى أن يكيد الكائدون ويمكر الماكرون ويتآمر المتآمرون وكل ذلك لا يضرك.
هذا من نجاة الله سبحانه وتعالى لك أيها المؤمن المتقي كما وعد ربنا سبحانه.
((ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ (103) )) [سورة يونس].
فهذا حق وعد الله عز وجل به وأوجبه على نفسه تكرماً وتفضلاً أن الله عز وجل ينجي المؤمنين.
((وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) )) [سورة الأنبياء].
أي من الغم الذي هو فيه وهو غم شديد، ظلمات البحر وظلمات بطن الحوت، وظلمات الليل، ومع ذلك نجاه.
وهكذا المؤمنين كلما ازداد كربهم وازداد غمهم، وازداد ضيقهم فالله ينجيهم. وهذا علامة من الله سبحانه وتعالى وبيان على مكرمته سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين.
فليس معناه أن المؤمن لا يبتلى. ولكن المؤمن يبتلى وتكون العاقبة له.
((تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) )) [سورة القصص].
فكما أن العاقبة للتقوى أيضاً هي للمتقين، فهنيئاً لمن اتقى الله عز وجل فقد وعده الله عز وجل بالنصر في عدة أمور. قال الله سبحانه وتعالى مبيناً من أنواع نصره لعبده المؤمن أنه يجعل له الفرج واليسر: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ..)) الله بالغ أمره لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه ((..قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) )) [سورة الطلاق].
جعل قدراً للحركات والسكنات، للجن والإنس، للصغار والكبار، للذكر والأنثى، للبر والفاجر، للمسلم والكافر، كل له قدره، لا يتعداه، قدراً لا يتعداه في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته، لا يتعداه مهما فعل مهما مكر، لا يتجاوزه، هذا قدره في أجله في حياته في أقواله في أفعاله، لا يتجاوزه.
((قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) )). وفي الآية التي تليها (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4))) [سورة الطلاق].
فما من أمر يعسر عليه إلا ويكون له في ذلك اليسر كما وعد ربنا سبحانه وتعالى.
إن من نصر الله سبحانه وتعالى للمسلم المتقي أن الله عز وجل يجعل له فرقاناً فتراه في الأمور، لا تلتبس عليه مضايقها وحوالكها، بل يسير فيها على برهان من الله ونور.
كما قال الله : ((يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) )) [سورة الأنفال].
هذا من الله سبحانه وتعالى، بصيرة، هذا نور، بل إذا التبست عليه غشاوة من ذلك بصره الله به.
((إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201) )) [سورة الأعراف].
تذهب عنهم تلك الغشاوة، ويأتيهم الحق والبرهان والهدى والتوكل على الله والثقة به.
وهكذا من نصر الله عز وجل رحمته للمؤمنين ونصره لهم.
قال الله : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ..)) [سورة الحديد:28].
كفلين: أين نوعين من رحمته، فتتكرر رحمة الله سبحانه وتعالى وتتنوع على من اتقى الله عز وجل بأنواع الرحمات ولطف منه سبحانه وتعالى.
((..وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) [الآية السابقة].
ومهما مكروا أيضاً لا يزال في هذا اللطف من الله.
((وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) )) [سورة الأنفال].
الخطبة الثانية:
الحمدلله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
الحمدلله، الذي لا يخيب من تمسك بهداه.
الحمدلله، الذي لا يضل من لزم تقواه.
الحمدلله، الذي لا يضيع من اتبع سنن أنبيائه ومصطفاه.
الحمدلله، على كل حال.
ونعوذ بالله من أحوال أهل الفتن والضلال، أما بعد،،،
تقوى الله هي مدد النصر.
أيها المسلم،،،
إن من نصر الله سبحانه وتعالى لك دفاعه عنك.
((إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) )) [سورة الحج].
هكذا وعد الله سبحانه وتعالى أنه يدافع.
إن من نصر الله لك أن يتولاك وأن يثبتك.
((يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء (27) )) [سورة إبراهيم].
إن من نصر الله أن يثبت جنانك وأقوالك وأفعالك.
فاثبت أيها المسلم بثبات الله عز وجل،
((إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) )) [سورة الأنفال].
هكذا أمر الله مع الثبات والذكر وطاعة الله، ((فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ )) أي لا يكون منكم تقهقر، ولا تأخر بل التقدم، بل البسالة، بل الإيمان والثبات والتوكل على الله والثقة به والشجاعة.
هذا هو الذي يحبه الله من عبده المؤمن.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ (45) وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) )) [سورة الأنفال].
إن من نصر الله سبحانه وتعالى لك أيها المسلم أن يكون الله معك، أن يكون الله سبحانه وتعالى معك.
((إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ (128) )) [سورة النحل].
فمن اتقى الله فالله معه، ومن يضره؟! مهما كادوا! مهما مكروا ! مهما بغوا وتآمروا!
من يضره؟!
إن ربهم وخالقهم ومالك نواصيهم وظواهرهم وبواطنهم وقذائفهم وعتادهم هو معك.
قال الله سبحانه وتعالى : ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّة )) [سورة التوبة:36].
أي اجتمعوا، واجمعوا قواكم، هذا أمر الله، أن يجتمع الناس المؤمنون، الصالحون، تتظافر جهودهم، فاحذر الكسل أيها المسلم.
احذر يا عبد الله الكسل، أن تقوم بمجهود تجاه إخوانكم المؤمنين. نعم احذر الفتور ومداخل الشيطان وتخويف الأعداء.
((إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (175) )) [سورة آل عمران].
نعم..
((وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) )) [سورة التوبة].
الله يحبك أيها المؤمن، فإذا أحبك دافع عنك.
قال الله سبحانه : ((بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) )) [سورة آل عمران].
قد علم الله سبحانه من فوق سبع سماواته أننا لم نبغِ ولم نعتدِ ولم نظلم في هذه الفتنة ولا في غيرها ولا نحب البغي ولا الإعتداء ولا الظلم ولا الفتن ولا قلقلة الأوضاع في بلاد المسلمين ولا زعزعة الأمن.
ومع ذلك يحصل ما يحصل من أعداء الله تجاهنا، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون لهم بالمرصاد.
ونسأل الله أن يجعل لهم نكالاً من العباد.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينكل بهم ويكفينا شرهم بما شاء وكيف شاء.
***والحمدلله رب العالمين ***
قام بالتفريغ: أبو عمر شريف الشعبي
غفر الله له ولوالديه ولسائر المسلمين
خطبة للشيخ العلامة
يحيى بن علي الحجوري
حفظه الله تعالى
بعنـــــــــــــوان:
اعتداء الرافضة الحوثيين على أهل السنة بدماج
﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي المُؤْمِنِينَ﴾ [الأنبياء:87-88]
وكانت في يوم
11 محرم لعام 1435
للاستماع من موقع الشيخ حفظه الله من هنا
http://www.sh-yahia.net/show_sound_4780.html
قام بتفريغها أخونا أبو عمر شريف الشعبي وفقه الله
تفريغ الخطبة:
الخطبة الأولى:
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد،،،
فقد علم الله وهو علام الغيوب وعلم سائر من علم من خلقه أننا ولله الحمد والمنة إنما نتقي وندفع عن أنفسنا، ولسنا معتدين. ولسنا باغين. ولسنا متوثبين. ولسنا ظالمين.
وفي هذا يكون لنا أمل من ربنا سبحانه وتعالى أن الله عز وجل معنا بوعده الحق وكلامه الصدق، ومعيته الخاصة.
كما دل عليه قول الله سبحانه وتعالى: ((إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) )) [سورة آل عمران].
فهذا وعده الحق وخبره الصدق أن من كان مع الله من أنبياء الله ورسله ومن تأسى بهم ونهج نهجهم، وسلك مسلكهم وحذى حذوهم، أنه إن مسته حسنة وخير ساءت أعداء.
وإن أصيبوا بسوء أفرحهم ذلك، ولكنَّ المخرج من ذلك الصبر والتقوى، فمهما صبر المؤمن واتقى الله عز وجل فهذا سبب عظيم في درء وردع ورد كيد الأعداء ((لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا)).
فهذا الكيد مشتمل على الإغاظة والحسد والبغضاء من الخير الحاصل للمؤمنين، ومشتمل على الحزن والمساءة إذا حصل للمؤمنين خير وسرور ونفع وسلامة وهذا غاية الحقد وغاية العداوة ولكن ((لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)).
فكل ما يعمله عدوك أيها المتقي لله فالله محيط به، محيط برميه، محيط بفكره، محيط بكذبه، محيط بعداوته، محيط بظاهره وباطنه وسمعه وبصره ويده، محيط بأقواله وأفعاله، محيط بحركاته وسكناته، أي حركة وسكنة الله سبحانه وتعالى محيط بها.
فإذن ((لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا)) وشيئاً في سياق النفي أي لا يضروا ضرراً كثيراً ولا كبيراً مهما كادوا ومهما مكروا.
هذه والله نصر من الله وعز من الله سبحانه وتعالى أن يكيد الكائدون ويمكر الماكرون ويتآمر المتآمرون وكل ذلك لا يضرك.
هذا من نجاة الله سبحانه وتعالى لك أيها المؤمن المتقي كما وعد ربنا سبحانه.
((ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ (103) )) [سورة يونس].
فهذا حق وعد الله عز وجل به وأوجبه على نفسه تكرماً وتفضلاً أن الله عز وجل ينجي المؤمنين.
((وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) )) [سورة الأنبياء].
أي من الغم الذي هو فيه وهو غم شديد، ظلمات البحر وظلمات بطن الحوت، وظلمات الليل، ومع ذلك نجاه.
وهكذا المؤمنين كلما ازداد كربهم وازداد غمهم، وازداد ضيقهم فالله ينجيهم. وهذا علامة من الله سبحانه وتعالى وبيان على مكرمته سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين.
فليس معناه أن المؤمن لا يبتلى. ولكن المؤمن يبتلى وتكون العاقبة له.
((تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) )) [سورة القصص].
فكما أن العاقبة للتقوى أيضاً هي للمتقين، فهنيئاً لمن اتقى الله عز وجل فقد وعده الله عز وجل بالنصر في عدة أمور. قال الله سبحانه وتعالى مبيناً من أنواع نصره لعبده المؤمن أنه يجعل له الفرج واليسر: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ..)) الله بالغ أمره لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه ((..قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) )) [سورة الطلاق].
جعل قدراً للحركات والسكنات، للجن والإنس، للصغار والكبار، للذكر والأنثى، للبر والفاجر، للمسلم والكافر، كل له قدره، لا يتعداه، قدراً لا يتعداه في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته، لا يتعداه مهما فعل مهما مكر، لا يتجاوزه، هذا قدره في أجله في حياته في أقواله في أفعاله، لا يتجاوزه.
((قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) )). وفي الآية التي تليها (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4))) [سورة الطلاق].
فما من أمر يعسر عليه إلا ويكون له في ذلك اليسر كما وعد ربنا سبحانه وتعالى.
إن من نصر الله سبحانه وتعالى للمسلم المتقي أن الله عز وجل يجعل له فرقاناً فتراه في الأمور، لا تلتبس عليه مضايقها وحوالكها، بل يسير فيها على برهان من الله ونور.
كما قال الله : ((يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29) )) [سورة الأنفال].
هذا من الله سبحانه وتعالى، بصيرة، هذا نور، بل إذا التبست عليه غشاوة من ذلك بصره الله به.
((إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201) )) [سورة الأعراف].
تذهب عنهم تلك الغشاوة، ويأتيهم الحق والبرهان والهدى والتوكل على الله والثقة به.
وهكذا من نصر الله عز وجل رحمته للمؤمنين ونصره لهم.
قال الله : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ ..)) [سورة الحديد:28].
كفلين: أين نوعين من رحمته، فتتكرر رحمة الله سبحانه وتعالى وتتنوع على من اتقى الله عز وجل بأنواع الرحمات ولطف منه سبحانه وتعالى.
((..وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )) [الآية السابقة].
ومهما مكروا أيضاً لا يزال في هذا اللطف من الله.
((وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) )) [سورة الأنفال].
الخطبة الثانية:
الحمدلله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
الحمدلله، الذي لا يخيب من تمسك بهداه.
الحمدلله، الذي لا يضل من لزم تقواه.
الحمدلله، الذي لا يضيع من اتبع سنن أنبيائه ومصطفاه.
الحمدلله، على كل حال.
ونعوذ بالله من أحوال أهل الفتن والضلال، أما بعد،،،
تقوى الله هي مدد النصر.
أيها المسلم،،،
إن من نصر الله سبحانه وتعالى لك دفاعه عنك.
((إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) )) [سورة الحج].
هكذا وعد الله سبحانه وتعالى أنه يدافع.
إن من نصر الله لك أن يتولاك وأن يثبتك.
((يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء (27) )) [سورة إبراهيم].
إن من نصر الله أن يثبت جنانك وأقوالك وأفعالك.
فاثبت أيها المسلم بثبات الله عز وجل،
((إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِقِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) )) [سورة الأنفال].
هكذا أمر الله مع الثبات والذكر وطاعة الله، ((فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ )) أي لا يكون منكم تقهقر، ولا تأخر بل التقدم، بل البسالة، بل الإيمان والثبات والتوكل على الله والثقة به والشجاعة.
هذا هو الذي يحبه الله من عبده المؤمن.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ (45) وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) )) [سورة الأنفال].
إن من نصر الله سبحانه وتعالى لك أيها المسلم أن يكون الله معك، أن يكون الله سبحانه وتعالى معك.
((إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ (128) )) [سورة النحل].
فمن اتقى الله فالله معه، ومن يضره؟! مهما كادوا! مهما مكروا ! مهما بغوا وتآمروا!
من يضره؟!
إن ربهم وخالقهم ومالك نواصيهم وظواهرهم وبواطنهم وقذائفهم وعتادهم هو معك.
قال الله سبحانه وتعالى : ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّة )) [سورة التوبة:36].
أي اجتمعوا، واجمعوا قواكم، هذا أمر الله، أن يجتمع الناس المؤمنون، الصالحون، تتظافر جهودهم، فاحذر الكسل أيها المسلم.
احذر يا عبد الله الكسل، أن تقوم بمجهود تجاه إخوانكم المؤمنين. نعم احذر الفتور ومداخل الشيطان وتخويف الأعداء.
((إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (175) )) [سورة آل عمران].
نعم..
((وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) )) [سورة التوبة].
الله يحبك أيها المؤمن، فإذا أحبك دافع عنك.
قال الله سبحانه : ((بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76) )) [سورة آل عمران].
قد علم الله سبحانه من فوق سبع سماواته أننا لم نبغِ ولم نعتدِ ولم نظلم في هذه الفتنة ولا في غيرها ولا نحب البغي ولا الإعتداء ولا الظلم ولا الفتن ولا قلقلة الأوضاع في بلاد المسلمين ولا زعزعة الأمن.
ومع ذلك يحصل ما يحصل من أعداء الله تجاهنا، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون لهم بالمرصاد.
ونسأل الله أن يجعل لهم نكالاً من العباد.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينكل بهم ويكفينا شرهم بما شاء وكيف شاء.
***والحمدلله رب العالمين ***
قام بالتفريغ: أبو عمر شريف الشعبي
غفر الله له ولوالديه ولسائر المسلمين