أبو محذورة الجمحي ( م ، ٤ )
مؤذن المسجد الحرام ، وصاحب النبي - صلى الله عليه وسلم- أوس بن معير بن لوذان بن ربيعة بن سعد بن جمح . وقيل : اسمه سمير بن عمير بن لوذان بن وهب بن سعد بن جمح . وأمه خزاعية .
حدث عنه ابنه عبد الملك وزوجته ، والأسود بن يزيد ، وعبد الله بن محيريز ، وابن أبي مليكة ، وآخرون .
كان من أندى الناس صوتا وأطيبه .
قال ابن جريج : أخبرني عثمان بن السائب ، عن أم عبد الملك بن أبي محذورة ، عن أبي محذورة ، قال : لما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من حنين ، خرجت عاشر عشرة من مكة نطلبهم ، فسمعتهم يؤذنون للصلاة ، فقمنا نؤذن نستهزئ . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لقد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت ، فأرسل إلينا ، فأذنا رجلا رجلا ، فكنت آخرهم ، فقال حين أذنت : تعال ، فأجلسني بين يديه ، فمسح على ناصيتي ، وبارك علي ثلاث مرات ، ثم قال : اذهب فأذن عند البيت الحرام ، قلت : كيف يا رسول الله ؟ فعلمني الأولى كما يؤذنون بها ، وفي الصبح الصلاة خير من النوم وعلمني الإقامة مرتين مرتين الحديث .
ابن جريج : أنبأنا عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ، أن عبد الله بن محيريز أخبره - وكان يتيما في حجر أبي محذورة - حين جهزه إلى الشام ؛ فعلمه الأذان .
قال الواقدي : كان أبو محذورة ، يؤذن بمكة إلى أن توفي سنة تسع وخمسين فبقي الأذان في ولده وولد ولده إلى اليوم بمكة .
وأنشد مصعب بن عبد الله لبعضهم :
أما ورب الكعبة المستوره*** وما تلا محمد من سوره
والنغمات من أبي محذوره**** لأفعلن فعلة منكوره
حاتم بن أبي صغيرة ، عن ابن أبي مليكة :أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أعطى أبا محذورة الأذان ، فقدم عمر ، فنزل دار الندوة ، فأذن ، وأتى يسلم ، فقال عمر : ما أندى صوتك ! أما تخشى أن ينشق مريطاؤك من شدة صوتك؟قال :يا أمير المؤمنين ، قدمت ، فأحببت أن أسمعك صوتي قال :يا أبا محذورة إنك بأرض شديدة الحر ، فأبرد عن الصلاة ثم أبرد عنها ، ثم أذن ثم أقم ، تجدني عندك .
أبو حذيفة النهدي : حدثنا أيوب بن ثابت ، عن صفية بنت بحرة أن أبا محذورة كانت له قصة في مقدم رأسه ، فإذا قعد أرسلها ، فتبلغ الأرض .
قال ابن جريج : سمعت أصحابنا يقولون ، عن ابن أبي مليكة ، قال : أذن مؤذن معاوية ، فاحتمله أبو محذورة ، فألقاه في زمزم .
سير أعلام النبلاء مجلد ٣ صفحة ١١٧