أسماء بنت أبي بكر ( ع )
عبد الله بن أبي قحافة عثمان أم عبد الله القرشية التيمية ، المكية ، ثم المدنية .
والدة الخليفة عبد الله بن الزبير ، وأخت أم المؤمنين عائشة ، وآخر المهاجرات وفاة .
روت عدة أحاديث . وعمرت دهرا . وتعرف بذات النطاقين وأمها : هي قتيلة بنت عبد العزى العامرية .
حدث عنها ابناها : عبد الله ، وعروة ، وحفيدها عبد الله بن عروة ، وحفيده عباد بن عبد الله ، وابن عباس ، وأبو واقد الليثي ، وصفية بنت شيبة ، ومحمد بن المنكدر ، ووهب بن كيسان ، وأبو نوفل معاوية بن أبي عقرب ، والمطلب بن عبد الله بن حنطب ، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير ، ومولاها عبد الله بن كيسان ، وابن أبي مليكة ، ونافلتها عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير ، وعدة .
وكانت أسن من عائشة ببضع عشرة سنة .
هاجرت حاملا بعبد الله . وقيل : لم يسقط لها سن .
وشهدت اليرموك مع زوجها الزبير .
وهي ، وأبوها ، وجدها ، وابنها ابن الزبير ، أربعتهم صحابيون .
أخبرنا أحمد بن هبة الله : أنبأنا المؤيد الطوسي : أخبرنا أبو عبد الله الفراوي : أخبرنا عبد الغافر الفارسي ، أخبرنا ابن عمرويه ، أخبرنا إبراهيم بن سفيان ، حدثنا مسلم ، حدثنا داود بن عمرو ، حدثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : قالت أسماء بنت أبي بكر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنيعلى الحوض أنظر من يرد علي منكم .
شعبة ، عن مسلم القري قال : دخلنا على أم ابن الزبير ؛ فإذا هي امرأة ضخمة عمياء - نسألها عن متعة الحج ، فقالت : قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها .
قال عبد الرحمن بن أبي الزناد : كانت أسماء أكبر من عائشة بعشر .
هشام بن عروة ، عن أبيه ، وفاطمة بنت المنذر ، عن أسماء ، قالت : صنعت سفرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي حين أراد أن يهاجر ، فلم أجد لسفرته ولا لسقائه ما أربطهما ، فقلت لأبي : ما أجد إلا نطاقي ، قال : شقيه باثنين ، فاربطي بهما قال : فلذلك سميت : ذات النطاقين .
ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد عن أبيه ، عن أسماء ، قالت : لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله - خمسة آلاف ، أو ستة آلاف - فأتاني جدي أبو قحافة وقد عمي ، فقال : إن هذا قد فجعكم بماله ونفسه ، فقلت : كلا ، قد ترك لنا خيرا كثيرا .
فعمدت إلى أحجار ، فجعلتهن في كوة البيت ، وغطيت عليها بثوب ، ثم أخذت بيده ، ووضعتها على الثوب ، فقلت : هذا تركه لنا ، فقال : أما إذ ترك لكم هذا ، فنعم .
ابن إسحاق : حدثت عن أسماء ، قالت : أتى أبو جهل في نفر ، فخرجت إليهم ، فقالوا : أين أبوك ؟ قلت : لا أدري - والله - أين هو ؟ .
فرفع أبو جهل يده ، ولطم خدي لطمة خر منها قرطي . ثم انصرفوا ، فمضت ثلاث لا ندري أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ أقبل رجل من الجن يسمعون صوته بأعلى مكة ، يقول
: جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد
قال ابن أبي مليكة : كانت أسماء تصدع ، فتضع يدها على رأسها ، وتقول : بذنبي ، وما يغفره الله أكثر .
وروى عروة عنها قالت : تزوجني الزبير وما له شيء غير فرسه ، فكنت أسوسه وأعلفه ، وأدق لناضحه النوى وأستقي وأعجن ، وكنتأنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي - وهي على ثلثي فرسخ - فجئت يوما والنوى على رأسي ، فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر ، فدعاني ، فقال : إخ ، إخ ، ليحملني خلفه ، فاستحييت ، وذكرت الزبير وغيرته، قالت : فمضى .فلما أتيت ، أخبرت الزبير ، فقال : والله لحملك النوى كان أشد علي من ركوبك معه . قالت : حتى أرسل إلي أبو بكر بعد بخادم ، فكفتني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني .
وعن ابن الزبير قال : نزلت هذه الآية في أسماء ، وكانت أمها يقال لها : قتيلة ، جاءتها بهدايا فلم تقبلها ، حتى سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين .
وفي " الصحيح " قالت أسماء : يا رسول الله إن أمي قدمت ، وهي راغبة ، أفأصلها ؟ قال : نعم ، صلي أمك .
عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة ، عن هشام ، أن عروة قال :ضرب الزبير أسماء ، فصاحت بعبد الله ابنها ، فأقبل ، فلما رآه ، قال : أمك طالق إن دخلت ، فقال : أتجعل أمي عرضة ليمينك ؟ ! فاقتحم ، وخلصها . قال : فبانت منه .
حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة : أن الزبير طلق أسماء ، فأخذ عروة ، وهو يومئذ صغير .
أسامة بن زيد ، عن محمد بن المنكدر قال : كانت أسماء بنت أبي بكر سخية النفس .
هشام بن عروة ، عن القاسم بن محمد : سمعت ابن الزبير يقول : ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء ، وجودهما مختلف : أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء ، حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه ، وأما أسماء ، فكانت لا تدخر شيئا لغد .
قال مصعب بن سعد : فرض عمر للمهاجرات : ألفا ألفا ، منهن : أم عبد ، وأسماء .
هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر : أن أسماء كانت تمرض المرضة ، فتعتق كل مملوك لها .
قال الواقدي : كان سعيد بن المسيب من أعبر الناس للرؤيا ، أخذ ذلك عن أسماء بنت أبي بكر ، وأخذت عن أبيها .
معن بن عيسى : حدثنا شعيب بن طلحة ، عن أبيه : قالت أسماء لابنها : يا بني عش كريما ، ومت كريما ، لا يأخذك القوم أسيرا .
قال هشام بن عروة : كثر اللصوص بالمدينة ، فاتخذت أسماء خنجرا زمن سعيد بن العاص : كانت تجعله تحت رأسها .
قال عروة : دخلت أنا وأخي - قبل أن يقتل - على أمنا بعشر ليال ، وهي وجعة ، فقال عبد الله : كيف تجدينك ؟ قالت : وجعة . قال : إن في الموت لعافية . قالت : لعلك تشتهي موتي ، فلا تفعل ، وضحكت ، وقالت : والله ، ما أشتهي أن أموت ، حتى تأتي على أحد طرفيك : إما أن تقتل فأحتسبك ، وإما أن تظفر فتقر عيني . إياك أن تعرض على خطة فلا توافق ، فتقبلها كراهية الموت .
قال : وإنما عنى أخي أن يقتل فيحزنها ذلك . وكانت بنت مائة سنة .
ابن عيينة : حدثنا أبو المحياة ، عن أمه ، قال : لما قتل الحجاج ابن الزبير ، دخل على أسماء وقال لها : يا أمه ، إن أمير المؤمنين وصاني بك ، فهل لك من حاجة ؟ قالت : لست لك بأم ، ولكني أم المصلوب على رأس الثنية ، وما لي من حاجة ، ولكن أحدثك : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج في ثقيف كذاب ، ومبير فأما الكذاب فقد رأيناه - تعني المختار - وأما المبير فأنت .فقال لها : مبير المنافقين .
أحمد بن يونس : حدثنا أبو المحياة يحيى بن يعلى التيمي ، عن أبيه ، قال : دخلت مكة بعد قتل ابن الزبير بثلاث - وهو مصلوب - فجاءت أمه عجوز طويلة عمياء ، فقالت للحجاج : أما آن للراكب أن ينزل ؟ فقال : المنافق ؟ قالت : والله ما كان منافقا ، كان صواما قواما برا . قال : انصرفي يا عجوز ، فقد خرفت . قالت : لا - والله - ما خرفت منذ سمعت رسول الله يقول :في ثقيف كذاب ومبير . . . الحديث .
ابن عيينة ، عن منصور بن صفية ، عن أمه ، قالت : قيل لابن عمر : إن أسماء في ناحية المسجد - وذلك حين صلب ابن الزبير - فمال إليها ، فقال : إن هذه الجثث ليست بشيء ، وإنما الأرواح عند الله ، فاتقي الله واصبري .
فقالت : وما يمنعني ، وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل .
أيوب ، عن ابن أبي مليكة قال : دخلت على أسماء بعدما أصيب ابن الزبير ، فقالت : بلغني أن هذا صلب عبد الله ، اللهم لا تمتني حتى أوتى به ، فأحنطه وأكفنه. فأتيت به بعد ، فجعلت تحنطه بيدها ، وتكفنه بعدما ذهب بصرها.
ومن وجه آخر - عن ابن أبي مليكة - : وصلت عليه ، وما أتت عليه جمعة إلا ماتت .
شريك ، عن الركين بن الربيع ، قال : دخلت على أسماء بنت أبي بكر ، وقد كبرت ، وهي تصلي ، وامرأة تقول لها : قومي ، اقعدي ، افعلي من الكبر .
قال ابن سعد : ماتت بعد ابنها بليال . وكان قتله لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين .
قلت : كانت خاتمة المهاجرين والمهاجرات .
إسحاق الأزرق ، عن عوف الأعرابي ، عن أبي الصديق الناجي : أن الحجاج دخل على أسماء فقال : إن ابنك ألحد في هذا البيت ، وإن الله أذاقه من عذاب أليم . قالت : كذبت . كان برا بوالدته ، صواما ، قواما ، ولكن قد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه سيخرج من ثقيف كذابان : الآخر منهما شر من الأول ، وهو مبير .
مسندها ثمانية وخمسون حديثا .
اتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثا . وانفرد البخاري بخمسة أحاديث ، ومسلم بأربعة .