ثنتين وثلاثمائة من الهجرة
الحسن بن سفيان
ابن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء ، أبو العباس الشيباني النسوي ، محدث خراسان ، وقد كان يضرب إليه آباط الإبل في معرفة الحديث والفقه .
رحل إلى الآفاق وتفقه على أبي ثور ، وكان يفتي بمذهبه ، وأخذ الأدب عن أصحاب النضر بن شميل ، وكانت إليه الرحلة بخراسان .
ومن غريب ما اتفق له : أنه كان هو وجماعة من أصحابه بمصر في رحلتهم إلى الحديث ، فضاق عليهم الحال حتى مكثوا ثلاثة أيام لا يأكلون فيها شيئا ، ولا يجدون ما يبيعونه للقوت ، واضطرهم الحال إلى تجشم السؤال ، وأنفت أنفسهم من ذلك وعزت عليهم وامتنع كل الامتناع ، والحاجة تضطرهم إلى تعاطي ذلك ، فاقترعوا فيما بينهم أيهم يقوم بأعباء هذا الأمر ، فوقعت القرعة على الحسن بن سفيان هذا
فقام عنهم فاختلى في زاوية المسجد الذي هم فيه فصلى ركعتين أطال فيهما واستغاث بالله عز وجل ، وسأله بأسمائه العظام ، فما انصرف من الصلاة حتى دخل عليهم المسجد شاب حسن الهيئة مليح الوجه فقال : أين الحسن بن سفيان ؟
فقلت : أنا .
فقال : الأمير طولون يقرأ عليكم السلام ويعتذر إليكم في تقصيره عنكم ، وهذه مائة دينار لكل واحد منكم .
فقلنا له : ما الحامل له على ذلك ؟
فقال : إنه أحب أن يختلي اليوم بنفسه ، فبينما هو الآن نائم إذ جاءه فارس في الهواء بيده رمح فدخل عليه منزله ووضع عقب الرمح في خاصرته فوكزه وقال : قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه ، قم فأدركهم ، قم فأدركهم ، فإنهم منذ ثلاث جياع في المسجد الفلاني .
فقال له : من أنت ؟
فقال : أنا رضوان خازن الجنة .
فاستيقظ الأمير وخاصرته تؤلمه ألما شديدا ، فبعث بالنفقة في الحال إليكم .
ثم جاء لزيارتهم واشترى ما حول ذلك المجلس ووقفه على الواردين عليه من أهل الحديث ، جزاه الله خيرا .
وقد كان الحسن بن سفيان رحمه الله من أئمة هذا الشأن وفرسانه وحفاظه ، وقد اجتمع عنده جماعة من الحفاظ منهم ابن جرير الطبري وغيره ، فقرؤوا عليه شيئا من الحديث وجعلوا يقلبون الأسانيد ليستعلموا ما عنده من العلم ، فما قلبوا شيئا من الإسناد إلا ردّهم فيه إلى الصواب ، وعمره إذ ذاك سبعون سنة ، وهو في هذا السن حافظ ضابط لا يشذ عنه شيء من حديثه .
البداية والنهاية
الحسن بن سفيان
ابن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء ، أبو العباس الشيباني النسوي ، محدث خراسان ، وقد كان يضرب إليه آباط الإبل في معرفة الحديث والفقه .
رحل إلى الآفاق وتفقه على أبي ثور ، وكان يفتي بمذهبه ، وأخذ الأدب عن أصحاب النضر بن شميل ، وكانت إليه الرحلة بخراسان .
ومن غريب ما اتفق له : أنه كان هو وجماعة من أصحابه بمصر في رحلتهم إلى الحديث ، فضاق عليهم الحال حتى مكثوا ثلاثة أيام لا يأكلون فيها شيئا ، ولا يجدون ما يبيعونه للقوت ، واضطرهم الحال إلى تجشم السؤال ، وأنفت أنفسهم من ذلك وعزت عليهم وامتنع كل الامتناع ، والحاجة تضطرهم إلى تعاطي ذلك ، فاقترعوا فيما بينهم أيهم يقوم بأعباء هذا الأمر ، فوقعت القرعة على الحسن بن سفيان هذا
فقام عنهم فاختلى في زاوية المسجد الذي هم فيه فصلى ركعتين أطال فيهما واستغاث بالله عز وجل ، وسأله بأسمائه العظام ، فما انصرف من الصلاة حتى دخل عليهم المسجد شاب حسن الهيئة مليح الوجه فقال : أين الحسن بن سفيان ؟
فقلت : أنا .
فقال : الأمير طولون يقرأ عليكم السلام ويعتذر إليكم في تقصيره عنكم ، وهذه مائة دينار لكل واحد منكم .
فقلنا له : ما الحامل له على ذلك ؟
فقال : إنه أحب أن يختلي اليوم بنفسه ، فبينما هو الآن نائم إذ جاءه فارس في الهواء بيده رمح فدخل عليه منزله ووضع عقب الرمح في خاصرته فوكزه وقال : قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه ، قم فأدركهم ، قم فأدركهم ، فإنهم منذ ثلاث جياع في المسجد الفلاني .
فقال له : من أنت ؟
فقال : أنا رضوان خازن الجنة .
فاستيقظ الأمير وخاصرته تؤلمه ألما شديدا ، فبعث بالنفقة في الحال إليكم .
ثم جاء لزيارتهم واشترى ما حول ذلك المجلس ووقفه على الواردين عليه من أهل الحديث ، جزاه الله خيرا .
وقد كان الحسن بن سفيان رحمه الله من أئمة هذا الشأن وفرسانه وحفاظه ، وقد اجتمع عنده جماعة من الحفاظ منهم ابن جرير الطبري وغيره ، فقرؤوا عليه شيئا من الحديث وجعلوا يقلبون الأسانيد ليستعلموا ما عنده من العلم ، فما قلبوا شيئا من الإسناد إلا ردّهم فيه إلى الصواب ، وعمره إذ ذاك سبعون سنة ، وهو في هذا السن حافظ ضابط لا يشذ عنه شيء من حديثه .
البداية والنهاية