بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد من الله عزوجل في هذا اليوم/ الأربعاء/ 24/ من شهر شعبان/ 1434هـ بختم الاجتماع الشهري لهذا العام في محافظة البيضاء قرية قاع آل مظفر مسجد التوحيد، وقد حصل في هذا الاجتماع في هذا اليوم توجيهات ونصائح سديدة كان من أهمها الحث على الرباط في مركز كتاف، بوائلة الخير حرسها الله:
لاسيما في كلمتي الأخوين الفاضلين الشيخ عبدالخالق العماد والأخ المجاهد الثبت عارف المزيد،
والربط كما هو معلوم منزلته عظيمة
ولهذا فقد شرع الله تعالى الرباط في سبيله وحراسة الثغور حتى لا يؤتى المسلمون وهم على غفلة من أمرهم وحتى يتم ردع كل من تسول له نفسه قتال المسلمين فيعلم أنهم متيقظون له وليسوا بغافلين عنه وأنهم يعلمون ما يدور حولهم, فما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا. والأدلة على مشروعية الرباط كثيرة من كتاب الله عزوجل ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد} التوبة(5).
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون } آل عمران(200).
وللرباط في سبيل الله فضائل عظيمة لا توجد في غيره من القربات إذ إنه أحد شُعب الإيمان ومن موجبات الغفران ومن هذه الفضائل :-
أولا: رباط يوم خير من الدنيا وما عليها.
روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها }.
ثانيا: رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ورباط شهر خير من صيام الدهر.
وذلك لما روى مسلم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن الفتان }
وروى الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطا في سبيل الله أمن الفزع الأكبر وغدي عليه وريح برزقه من الجنة ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله عز وجل}
ثالثا: ينقطع عمل الميت إذا مات إلا المرابط فإذا مات في رباطه يجري عليه أجر عمله الصالح من الرباط وغيره إلى يوم القيامة.
روى أبو داود والترمذي والحاكم عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتنة القبر }.
وروى أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت : مرابط في سبيل الله ومن عمل عملا أجري له مثل ما عمل ورجل تصدق بصدقة فأجرها له ما جرت ورجل ترك ولدا صالحا يدعو فهو له}.
رابعا: إذا مات المرابط في سبيل الله في رباطه بعثه الله آمنا من الفزع الأكبر يوم القيامة .
روى ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{ من مات مرابطا في سبيل الله أجري عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع الأكبر}.
خامسا: إذا مات المرابط في رباطه بعثه الله يوم القيامة شهيدا.
روى ابن ماجة وعبد الرزاق عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{من مات مرابطا مات شهيدا ووقي فتان القبر وغدي عليه وريح برزقه من الجنة و جرى له عمله }.
سادسا: للمرابط في سبيل الله أجر من خلفه من ورائه.
روى الطبراني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:{ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أجر الرباط؟ فقال من رابط ليلة حارسا من وراء المسلمين فإن له أجر من خلفه ممن صام وصلى}.
وقال عثمان بن أبي سودة كنا مع أبي هريرة رضي الله عنه مرابطين في (يافا) – وهي مدينة معروفة في فلسطين المباركة – على ساحل البحر فقال أبو هريرة رباط هذه الليلة أحب إلي من قيام ليلة القدر في بيت المقدس .
سابعا: رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل.
روى الترمذي والنسائي وابن أبي شيبة عن عثمان بن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل}.
وأعلم أن شعار من مميزات أهل السنة هو الجهاد والرباط في سبيل الله، ولهذا كان ابن المبارك وأحمد ابن حنبل وغيرهم يقولون : إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما عليه أهل الثغور. فإن الحق معهم؛ لأن الله يقول {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69
وقد نقل الإمام ابن تيمية رحمه الله إجماع العلماء على أن إقامة الرجل بأرض الرباط مرابطا أفضل من إقامته بمكة والمدينة وبيت المقدس .
واعلم أن الرباط هو شعارسلفنا الصالح رحمهم الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وما زال خيار المسلمين من الصحابة والتابعين وتابعيهم من بعدهم من الأمراء والمشايخ يتناوبون الثغور لأجل الرباط.
وكان هذا على عهد أبي بكر وعثمان أكثر ، وكان عمر من يسأله عن أفضل الأعمال إنما يدله على الرباط والجهاد كما سأله الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو وأمثالهم، ثم كان بعد هؤلاء خلافة بني أمية وبني العباس ولهذا يذكر من فضائلهم وأخبارهم في الرباط أمور كثيرة.[48]
وإليك نماذج من رباط سلفنا الصالح رضي الله عنهم ورحمهم الله: أبو الدرداء الإمام القدوة قاضي دمشق صاحب رسول عويمر بن زيد بن قيس، حكيم هذه الأمة وسيد القراء. كان الصحابة يقولون : أتبعنا للعلم والعمل أبو الدرداء قال يزيد بن معاوية : إن أبا الدرداء من العلماء والفقهاء الذين يشفون من الداء.
سلمان الفارسي عاش في الجاهلية والإسلام وعمر طويلاً وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم، يُضرب به المثل في البحث عن الحق، قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لو كان الدين بالثرياء لناله رجال من فارس».
أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه الخزرجي النجَّاريُّ البدري، اسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عوف، السيد الكبير الذي خصه النبي صلى الله عليه وسلم بالنزول عليه في بني النجار إلى أن بنيت حجرة أم المؤمنين سودة، وبنى المسجد الشريف، وشهد المشاهد كلها، وكان يرابط بالقسطنطينية وكان يقول في قوله تعالى : {انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }التوبة41: لا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلاً، وشهد حرب الخوارج مع علي.
الحارث بن هشام.
عكرمة بن أبي جهل.
صفوان بن أمية.
سهيل بن عمرو.
عطاء بن أبي رباح، مفتي الحرم أبو محمد القرشي، حج سبعين حجة وكان مفتي الحج، قال محمد بن عبد الله الديباج: ما رأيت مفتيًا خيرًا من عطاء إنما كان مجلسه ذكر الله لا يفتر وهم يخوضون فإن تكلم أو سئل عن شيء أحسن الجواب.
أبو القاسم صاحب الإمام مالك، كان يرابط بالشام.
عبد الله بن المبارك بن واضح، الإمام شيخ الإسلام، عالم زمانه، ورأس الأتقياء في وقته، من أقواله الجميلة: لا أعلم بعد النبوة أفضل من بث العلم، قال محمد بن الفضيل بن عياض: رأيت ابن المبارك في النوم، فقلت: أي العلم أفضل. قال: الأمر الذي كنت فيه، قلت: الرباط، والجهاد. قال: نعم. قلت: فما صنع بك ربك. قال: غفر لي مغفرة، ما بعدها مغفرة!. وكان رحمه الله يحج عامًا، ويجاهد عامًا ويتاجر عامًا.
الأوزاعي عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، شيخ الإسلام وعالم أهل الشام، كان يسكن بمحله الأوزاع وهي العقبة الصغيرة ظاهر باب الفراديس بدمشق، ثم تحول إلى بيروت مرابطًا بها إلى أن مات، من أقواله الجميلة: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام، وقال : ما ابتدع رجل بدعة إلا سلب الورع، وقال: إن المسلم يقول قليلاً ويعمل كثيرًا، وإن المنافق يقول كثيرًا ويعمل قليلاً . قال محمد بن عبيد الطنافسي كنت عند سفيان الثوري فجاء رجل فقال: رأيت كأن ريحانة من المغرب رفعت، فقال إن صدقت رؤياك فقد مات الأوزاعي، فكتبوا ذلك فوجدوا كذلك في ذلك اليوم.. حذيفة المدغشي في زمن الأوزاعي يرابط بالشام.
يوسف بن أسباط.
أبو إسحاق الفزاري.
مخلد بن الحسن.
عبد الغني المقدسي: الإمام المحدث، كان يحدث وهو في الثغر.
أبو الخير النيتاتي كان رجلاً فاضلاً، سكن تينات من أعمال حلب، يقال اسمه حماد له آيات وكرامات، تأوي إليه السباع وتأنس به، سكن ثغرطرسوس.
الحافظ المجود أبو سعيد أحمد بن أبي بكر محمد بن القدوة الكبير أبي عثمان بن سعيد بن إسماعيل الحيدي النيسابوري أحد أئمة الحديث.
أبو محمد بن حزم الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف أبو محمد علي بن أحمد بن حزم الفقيه الحافظ صاحب التصانيف ورأس في علوم الإسلام، متبحر في النقل، زهد في الرياسه ولزم منزله متكئًا على العلم، قال عنه أبو القاسم صاعد بن أحمد: كان ابن حزم أعلم أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام ا.ﻫ وكان شاعرًا بليغًا، ويتمنى الرباط والجهاد .
انتهى مستفادا من رسالة إتحاف المتقين بفضلية المرابطين لأخينا الفاضل أحمد بن عبدالله الحبيشي وفقه الله.
فخلاصة هذا الاجتماع المبارك في هذا اليوم هو شد الهمم للرباط والجهاد في سبيل الله، وقد رأينا إقبالا من إخواننا أهل البيضاء جزاهم الله خيرا إلى الرباط والجهاد في سبيل الله وهم على استعداد تام إن شاء الله لذلك وسينطلقون، في يوم السبت القادم إن شاء الله إلى جبهة كتاف للرباط في سبيل الله، وطلب العلم في مركز كتاف في وائلة الخير حرسها الله، ومعهم بعض الأبطال أيضا من يافع ولودر جزاهم الله خيرا جميعا
ومن هاهنا نقول: من استطاع أن ينطلق إلى ذلك المركز في وائلة للرباط وطلب العلم ، فليعجل بذلك نسأل الله أن يحفظ إخواننا المرابطين في كتاف وفي دماج أسأل الله أن يثبت أقدامهم وأن يقذف الرعب في قلوب الرافضة الحوثيين إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وكتبه/ أبو عبدالرحمن ردمان بن أحمد الحبيشي/ البيضاء/ مسجد علي بن أبي طالب/24/ من شهر شعبان/ 1434هـ ليلة السبت