التعليقات العلاة
شرح
نظم شروط الصلاة
تأليف
أبي عبد الرحمن يوسف بن يحيى القيسي
تقديم فضيلة الشيخ المحدث
أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله
دار الحديث بدماج
تقديم فضيلة الشيخ العلامة المحدث الناصح الأمين
أَبِيْ عَبْدِ الَّرحمن يحْيَى بْن عَلِيٍّ الحَجُوْرِيّْ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
أما بعد
فقد طلب مني الولد الطالب النبيل، يوسف بن يحيى القيسي،وفقه الله، أن أقرأ ما جمعه من الشرح على نظمه لشروط الصلاة، التي ذكرها أهل العلم في كتبهم منثورة فنظمها ثم شرحها الولد يوسف شرحا طيبا لا بأس به نقله من كتب الفقه ففيه لقارئه فائدة.
ولعله إن شاء الله أن ينظر فيه أكثر فيذكر القول الصواب فيها والله يوفقه لذلك وللإستمرار في طلب العلم.
كتبه: يحيى بن علي الحجوري
في12/ربيع الثاني /1430هـ.
تقديم الشيخ يحيى بن علي الحجوري خطياً:
الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له,وأشهد أن محمد عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( )
وقال: يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ( )
وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( )
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى رسول الله وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أما بعد.
فإن فضل الصلاة عظيم؛ ومنزلتها كبيرة في الإسلام ولذا النبي رتب على صلاحها صلاح الأعمال وعلى فسادها فساد الأعمال لما صح : عن عبدالله بن مسعود قال:سألت رسول الله أي العمل أفضل؟ قال "الصلاة لوقتها" قال قلت: ثم أي؟ قال "بر الوالدين" قال قلت: ثم أي؟ قال "الجهاد في سبيل الله" فما تركت أستزيده إلا إرعاء عليه.( )
وأيضا مما يزيدها شر فا أنها فرضت في السماء لحديث جبريل الطويل.
ومن فضائلها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكرقال الله تعالى إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ ( )
وللصلاة فضائل كثيرة لايسع المكان لذكرها ، فلما كانت الصلاة بهذه المنـزلة شرعت في نظم شروطها التي ذكرها الله في كتابه وذكرها الرسول في سنته مع بعض التعليقات عليها بحمد الله ، وأسميتها التعليقات العلاة شرح نظم شروط الصلاة نسأل الله الإخلاص في القول والعمل وأن يثبتنا على السنة حتى نلقاه أنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين .
كتبه:
أبو عبد الرحمن يوسف بن يحي القيسي
بدار الحديث بدماج 23/1/1430هـ
كَلمةُ شُكْر
هذا وإني أحمد الله الذي خلقني ورباني وأوجدني من العدم وعلمني مما لم أكن أعلم فله جزيل الشكر والحمد والمنة, وكذالك أشكر والدي الذان ربياني من صغري على السنة وعلى طاعة الله سبحانه وتعالى واجتناب نواهيه فجزاهم الله خيرا, وكذالك أشكر شيخي الكريم الشيخ الفاضل المحدث الناصح الأمين الشيخ يحيى بن علي الحجوري على ما قدم لي وقرأرسالتي فحفظه الله وبارك فيه وأطال في عمره وجعله ذخرا للإسلام والمسلمين وأسكنه فسيح جناته, وكذالك كل من أعانني على جمع هذه الرسالة أو على مراجعتها فجزاهم الله خيراً.
نظم شروط الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
هاك أخي الشروط للصـلاة
نظمتها في سبعةٍ أبيــات
أولها الإسلام ثم الثاني
العقل هذا واضح البرهان
ثالثها التمييز أيضاًسطروا
رابعها رفع الحدث قد أشهروا
خا مسها إزالـة الأنجاس من
بقعة وثوب أيضا والبــدن
سادسها استر عورتـك وصلي
إن لم تجد ثو با فلا تخلي( )
سابعها دخول وقت كائـن
ثم استقبال قبلة ذا الـثامـن
والتا سع النية في ذا العلم
تم بحمد الله هذا النظم
حكم تارك الصلاة
أخي المسلم إعلم أن تارك الصلاة كافر للأدلة الثابتة في ذالك:
قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾( )
قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ﴾( )
وقال: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾( )
ثبت من حديث جابر قال : سمعت النبي يقول :" إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة."( )
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ « الْعَهْدُ الَّذِى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ».( )
قال ابن القيم رحمه الله في الصلاة وحكم تاركها (ج 1 / ص 29):
حكم تارك الصلاة عمدا
لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمه عند الله، أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ، ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة، ثم اختلفوا في قتله وفي كيفية قتله وفي كفره:
فأفتى سفيان بن سعيد الثوري وأبو عمرو الأوزاعي وعبد الله بن المبارك وحماد بن زيد ووكيع بن الجراح ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأصحابهم بأنه يقتل ثم اختلفوا في كيفية قتله .
فقال جمهورهم يقتل بالسيف ضربا في عنقه، وقال بعض الشافعية يضرب بالخشب إلى أن يصلي أو يموت.
وقال ابن سريج ينخس بالسيف حتى يموت لأنه أبلغ في زجره وأرجى لرجوعه.
والجمهور يحتجون بقوله:" إن الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة." ( ) العنق بالسيف أحسن القتلات وأسرعها إزهاقا للنفس.
وقد سن الله سبحانه في قتل الكفار المرتدين ضرب الأعناق دون النخس بالسيف وإنما شرع في حق الزاني المحصن القتل بالحجارة ليصل الألم إلى جميع بدنه حيث وصلت إليه اللذة بالحرام ولأن تلك القتلة أشنع القتلات والداعي إلى الزنا داع قوي في الطباع فجعلت غلظة هذه العقوبة في مقابلة قوة الداعي ولأن في هذه العقوبة تذكيرا لعقوبة الله لقوم لوط بالرجم بالحجارة على ارتكاب الفاحشة.
وقال:عبدالله بن شقيق : كان أصحاب النبي لايرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة وقد نقل إجماعهم إسحاق بن راهويه : على أن تارك الصلاة كافر .
فصل في اختلاف القائلين بقتل تارك الصلاة
واختلف القائلون بقتله في مسائل :
إحداها: أنه هل يستتاب أم لا ، فالمشهور أنه يستتاب ؛ فإن تاب ترك وإلا قتل هذا قول الشافعي وأحمد وأحد القولين في مذهب مالك .
وقال أبو بكر الطرطوشي في تعليقه مذهب مالك إنه يقال له: صل ما دام الوقت باقيا، فإن فعل ترك وإن امتنع حتى خرج الوقت قتل وهل يستتاب أم لا ؟؟ قال بعض أصحابنا : يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وقال بعضهم : لا يستتاب؛ لأن هذا حد من الحدود يقام عليه فلا تسقطه التوبة كالزاني والسارق ، وهذا القول يلزم من قال يقتل حدا ، فإنه إذا كان حده على ترك الصلاة القتل كان كمن حده القتل على الزنا والمحاربة والحدود تجب بأسبابها المتقدمة ولا تسقطها التوبة بعد الرفع إلى الإمام وأما من قال يقتل لكفره فلا يلزمه هذا لأنه جعله كالمرتد وإذا أسلم سقط عنه القتل.
قال الطرطوشي وهكذا حكم الطهارة والغسل من الجنابة والصيام عندنا ، فإذا قال لا أتوضأ ولا اغتسل من الجنابة ولا أصوم قتل ولم يستتب سواء. قال: هي فرض علي أو جحد فرضها .
قلت : هذا الذي حكاه الطرطوشي عن بعض أصحابه أنه يقتل من غير استتابة ، هو رواية عن مالك وفي استتابه المرتد روايتان عن أحمد وقولان للشافعي، ومن فرق بين المرتد وبين تارك الصلاة في الاستتابة فاستتاب المرتد دون تارك الصلاة كإحدى الروايتين عن مالك، يقول: الظاهر أن المسلم لا يترك دينه إلا لشبهة عرضت له تمنعه البقاء عليه فيستتاب رجاء زوالها والتارك للصلاة مع إقراره بوجوبها عليه لا مانع له فلا يمهل .
قال المستتيبون له: هذا قتل لترك واجب شرعت له الاستتابة فكانت واجبة كقتل الردة .
قالوا: بل الاستتابة هاهنا أولى لأن احتمال رجوعه أقرب لأن التزامه للإسلام يحمله على التوبة مما يخلصه من العقوبة في الدنيا والآخرة .
- قال بن القيم-: وهذا القول هو الصحيح لأن أسوأ أحواله أن يكون كالمرتد ، وقد اتفق الصحابة على قبول توبة المرتدين ومانعي الزكاة وقد قال الله تعالى : قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ ( ) وهذا يعم المرتد وغيره .
والفرق بين قتل هذا حدا وقتل الزاني والمحارب أن قتل تارك الصلاة إنما هو على إصراره على الترك في المستقبل وعلى الترك في الماضي بخلاف المقتول في الحد، فإن سبب قتله الجناية المتقدمة على الحد لأنه لم يبق له سبيل إلى تداركها، وهذا له سبيل الاستدراك بفعلها بعد خروج وقتها عند الأئمة الأربعة وغيرهم، ومن يقول من أصحاب أحمد لا سبيل له إلى الاستدراك كما هو قول طائفة من السلف يقول القتل ها هنا على ترك فيزول الترك بالفعل، فأما الزنا والمحاربة فالقتل فيهما على فعل والفعل الذي مضى لا يزول بالترك .
والمرتد تقبل توبته :
ثبت عند البيهقي في الكبرى - (8 / 197) من حديث ابن عباس قال : ارتد رجل من الأنصار فلحق بالمشركين قال فأنزل الله عز و جل { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق } إلى قوله { إلا الذين تابوا } قال فكتب بها قومه إليه فلما قرئت عليه قال والله ما كذبني قومي على رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا كذب رسول الله صلى الله عليه و سلم على الله عز و جل والله أصدق الثلاثة قال فرجع تائبا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقبل ذلك منه وخلى سبيله. قال الشيخ يحيى حفظه الله عند شرح هذا الحديث هذا برهان على أن المرتد تقبل توبته.
قلت: الصحيح أن المرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل لقول رسول الله : «من بدل دينه فاقتلوه».
بقي إذا أكره على الردة فارتد وقلبه مطمئن بالإيمان:
قال الله تعالى: +مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ_ [النحل : 106].
وثبت عند البيهقي في الكبرى - (8 / 209) من حديث ابن عباس في قوله : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان قال أخبر الله سبحانه إنه من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم فأما من أكره فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه فلا حرج عليه وإن الله سبحانه إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم.
المسألة الثانية : أنه لا يقتل حتى يدعى إلى فعلها فيمتنع .
فالدعاء إليها لا يستمر ولذلك أذن النبي في الصلاة نافلة خلف الأمراء الذين يؤخرون الصلاة حتى يخرج الوقت ، ولم يأمر بقتالهم ولم يأذن في قتلهم لأنهم لم يصروا على الترك ، فإذا دعي فامتنع لا من عذر حتى يخرج الوقت تحقق تركه وإصراره.
المسألة الثالثة : بماذا يقتل هل بترك صلاة أو صلاتين أو ثلاث صلوات ؟ هذا فيه خلاف بين الناس :
قال سفيان الثوري ومالك وأحمد: في إحدى الروايات يقتل بترك صلاة واحدة ، وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد، وحجة هذا القول ما تقدم من الأحاديث الدالة على قتل تارك الصلاة. ولأنه إذا دعي إلى فعلها في وقتها فقال لا أصلي ولا عذر له فقد ظهر إصراره فتعين إيجاب قتله وإهدار دمه واعتبار التكرار ثلاثا ليس عليه دليل من نص ولا إجماع ولا قول صاحب وليس أولى من اثنتين.
وقال إسحاق بن منصور المعروف بالكوسج من أصحاب أحمد: إن كانت الصلاة المتروكة تجمع إلى ما بعدها كالظهر والعصر والمغرب والعشاء لم يقتل حتى يخرج وقت الثانية؛ لأن وقتها وقت الأولى في حال الجمع فأورث شبهة هاهنا وإن كانت لا تجمع إلى ما بعدها كالفجر والعصر وعشاء الآخرة قتل بتركها وحدها إذ لا شبهة ها هنا في التأخير . وهذا القول حكاه إسحاق عن عبدالله بن المبارك او عن وكيع بن الجراح الشك من اسحاق في تعيينه .
قال أبو البركات عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية: والتسوية أصح ، وإلحاق التارك ها هنا بأهل الأعذار في الوقت لا يصح كما لم يصح إلحاقه بهم في أصل الترك .
قال بن القيم: وقول إسحاق أقوى وأفقه؛ لأنه قد ثبت أن هذا الوقت للصلاتين في الجملة، فأورث ذلك شبهة في إسقاط القتل، ولأن النبي منع من قتل الأمراء المؤخرين الصلاة عن وقتها، وإنما كانوا يؤخرون الظهر إلى وقت العصر وقد يؤخرون العصر إلى آخر وقتها ولما قيل له ألا نقاتلهم قال:" لا ما صلوا "( ) فدل على أن ما فعلوه صلاة يعصمون بها دماءهم .
متى يعد الرجل تاركًا للصلاة
ومن دعي إلى الصلاة في وقتها فقال:" لا أصلي " وامتنع حتى فاتت وجب قتله وإن لم يتضيق وقت الثانية نص عليه الإمام أحمد .
وقال القاضي محمد بن الحسين أبو يعلى وأصحابه كأبي الخطاب محفوظ بن محمد الكلواذاني وابن عقيل لا يقتل حتى يتضايق وقت التي بعدها .
قال الشيخ أبو البركات ابن تيمية: من دعي إلى صلاة في وقتها فقال لا أصلي وامتنع حتى فاتت وجب قتله وإن لم يتضيق وقت الثانية نص عليه .
قال وإنما اعتبرنا تضايق وقت الثانية في المثال الذي ذكره- يعني أبا الخطاب -لأن القتل بتركها دون الأولى ، لأنه لما دعي إليها كانت فائتة والفوائت لا يقتل تاركها .
ولفظ أبي الخطاب الذي أشار إليه فإن أخر الصلاة حتى خرج وقتها جاحدا لوجوبها كفر ووجب قتله ؛ فإن أخرها تهاونا لا جحودا لوجوبها دعي إلى فعلها فإن لم يفعلها حتى تضايق وقت التي بعدها، وجب قتله فالتي أخرها تهاونا هي التي أخرها حتى خرج وقتها فدعي إليها بعد خروج وقتها فإذا امتنع من فعلها حتى تضايق وقت الآخرة التي بعدها كان قتله بتأخير الصلاة التي دعي إليها حتى تضايق وقتها هذا تقرير ما ذكره الشيخ .
وعن أحمد رواية أخرى أنه إنما يجب قتله إذا ترك ثلاث صلوات وتضايق وقت الرابعة وهذا اختيار الاصطخري من الشافعية .
ووجه هذا القول أن الموجب للقتل هو الإصرار على ترك الصلاة والإنسان قد يترك الصلاتين لكسل أو ضجر أو شغل يزول قريبا ولا يدوم فلا يسمى بذلك تاركا للصلاة فإذا كرر الترك مع الدعاء إلى الفعل علم أنه إصرار .
وقدسمعت شيخنا يحيى حفظه الله يقول: "المتهاون بالصلاة كافر حتى ولو تهاون بصلاة واحدة ".
وعن أحمد رواية ثالثة أنه يجب قتله بترك صلاتين ولهذه الرواية مأخذان :
أحدهما : أن الترك الموجب للقتل هو الترك المتكرر لا مطلق الترك حتى يطلق عليه أنه تارك الصلاة وأقل ما يثبت به الترك المتكرر مرتان.
المأخذ الثاني : أن من الصلاة ما تجمع إحداهن إلى الأخرى فلا يتحقق تركها إلا بخروج وقت الثانية فجعل ترك الصلاتين موجبا للقتل وإسحاق وافق هذه الرواية في المجموعتين .اهـ بتصرف.
فصل في حكم ترك بعض شروط الصلاة أو ركن منها
وحكم ترك الوضوء والغسل من الجنابة واستقبال القبلة وستر العورة حكم تارك الصلاة وكذلك حكم ترك القيام للقادر عليه هو كترك الصلاة وكذلك ترك الركوع والسجود .
وإن ترك ركنا أو شرطا مختلفا فيه وهو يعتقد وجوبه فقال ابن عقيل حكمه حكم تارك الصلاة ولا بأس أن نقول بوجوب قتله وقال الشيخ أبو البركات ابن تيمية عليه الإعادة ولا يقتل من أجل ذلك بحال.
فوجه قول ابن عقيل أنه تارك للصلاة عند نفسه وفي عقيدته فصار كتارك الزكاة والشرط المجمع عليه .
ووجه قول أبي البركات ابن تيمية أنه لا يباح الدم بترك المختلف في وجوبه أقرب إلى مأخذ الفقه وقول ابن عقيل أقرب إلى الأصول فإن تارك ذلك عازم وجازم على الإتيان بصلاة باطلة فهو كما لو ترك مجمعا عليه وللمسألة غور بعيد يتعلق بأصول الإيمان وأنه من اعمال القلوب واعتقادها .
فصل في حكم تارك الجمعة
روى مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود أن النبي قال :" لقوم يتخلفون عن الجمعة لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم احرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم."
وعن أبي هريرة وابن عمر أنهما سمعا رسول الله يقول على أعواد منبره لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات:" أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين."
وفي السنن كلها (1) من حديث أبي الجعد الضمري وله صحبة أن النبي قال :" من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه."
وأخطأ على الشافعي من نسب إليه القول بأن صلاة الجمعة فرض على الكفاية إذا قام بها قوم سقطت عن الباقين فلم يقل الشافعي هذا قط فإنما غلط عليه من نسب ذلك إليه بسبب قوله في صلاة العيد ، إنها تجب على من تجب عليه صلاة الجمعة بل هذا نص من الشافعي أن صلاة العيد واجبة على الأعيان ، وهذا هو الصحيح في الدليل فإن صلاة العيد من أعاظم شعائر الإسلام الظاهرة ولم يكن يتخلف عنها أحد من أصحاب رسول الله ولا تركها رسول الله مرة واحدة ولو كانت سنة لتركها ولو مرة واحدة كما ترك قيام رمضان بيانا لعدم وجوبه وترك الوضوء لكل صلاة بيانا لعدم وجوبه وغير ذلك .
وأيضا فإنه سبحانه وتعالى أمر بالعيد كما أمر بالجمعة
فقال : ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾( ) فأمر النبي الصحابة أن يغدوا إلى مصلاهم لصلاة العيد معه إن فات وقتها وثبت الشهر بعد الزوال. ( )
وأمر النبي العواتق وذوات الخدور وذوات الحيض ان يخرجن إلى العبد وتعتزل الحيض المصلي. ( ) ولم يأمر بذلك في الجمعة
قال ابن تيمية رحمه الله: فهذا يدل على إن العيد آكد من الجمعة.
فصل في سياق اقوال العلماء من التابعين ومن بعدهم
في كفر تارك الصلاة ومن حكى الإجماع على ذلك.
قال محمد بن نصر في ( )حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال : ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه .
وحكى محمد بن نصررقم: عن ابن المبارك قال: من أخر صلاة حتى يفوت وقتها متعمدا من غير عذر فقد كفر.
وقال علي بن الحسن بن شقيق سمعت عبد الله بن المبارك يقول: من قال إني لا أصلي المكتوبة اليوم فهو أكفر من حمار .
وقال يحيى بن معين قيل لعبد الله بن المبارك إن هؤلاء يقولون من لم يصم ولم يصل بعد أن يقر به فهو مؤمن مستكمل الإيمان فقال عبد الله لا نقول نحن ما يقول هؤلاء من ترك الصلاة متعمدا من غير علة حتى أدخل وقتا في وقت فهو كافر.
وقال ابن أبي شيبة قال النبي:" من ترك الصلاة فقد كفر فيقال له ارجع عن الكفر فإن فعل وإلا قتل بعد أن يؤجله الوالي ثلاثة أيام".
وقال أحمد بن يسار: سمعت صدقة بن الفضل وسئل عن تارك الصلاة فقال كافر فقال له السائل أتبين منه امرأته فقال صدقة وأين الكفر من الطلاق لو أن رجلا كفر ولم تطلق منه امرأته .
وقال أيضا رقم : (990) ] سمعت إسحاق يقول صح عن النبي أن تارك الصلاة كافر وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر .
وأما المسألة الرابعة: وهي قوله هل تحبط الأعمال بترك الصلاة أم لا فقد عرف جوابها مما تقدم وإنا نفرد هذه المسألة بالكلام عليها بخصوصيتها فنقول :
أما تركها بالكلية فإنه لا يقبل معه عمل ، كما لا يقبل مع الشرك عمل فإن الصلاة عمود الإسلام كما صح عن النبي وسائر الشرائع كالأطناب والأوتاد ونحوها ، وإذا لم يكن للفسطاط عمود لم ينتفع بشيء من اجزائه فقبول سائر الاعمال موقوف على قبول الصلاة فإذا ردت ردت عليه سائر الأعمال وقد تقدم الدليل على ذلك .
وأما تركها أحيانا فقد روي البخاري في صحيحه رقم :(553)
من حديث بريدة قال قال رسول الله :" بكروا بصلاة العصر فإن من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ".
وقد تكلم قوم في معنى هذا الحديث ؛ فأتوا بما لا حاصل له .
قال المهلب: معناه من تركها مضيفا لها متهاونا بفضل وقتها مع قدرته على أدائها حبط عمله في الصلاة خاصة أي لا يحصل له أجر المصلي في وقتها ولا يكون له عمل ترفعه الملائكة .
وحاصل هذا القول: إن من تركها فاته أجرها ولفظ الحديث ومعناه يأبى ذلك ولا يفيد حبوط عمل قد ثبت وفعل وهذا حقيقة الحبوط في اللغة والشرع ولا يقال لمن فاته ثواب عمل من الأعمال إنه قد حبط عمله وإنما يقال فاته أجر ذلك العمل .
وقالت طائفة: يحبط عمل ذلك اليوم لا جميع عمله فكأنهم استصعبوا حبوط الأعمال الماضية كلها بترك الصلاة واحدة وتركها عنده ليس بردة تحبط الأعمال فهذا الذي استشكله هؤلاء هو وارد عليهم بعينه في حبوط عمل ذلك اليوم .
والذي يظهر في الحديث والله أعلم بمراد رسوله أن الترك نوعان ترك كلي لا يصليها أبدا فهذا يحبط العمل جميعه وترك معين في يوم معين فهذا يحبط عمل ذلك اليوم فالحبوط العام في مقابلة الترك العام والحبوط المعين في مقابلة الترك المعين.
فإن قيل كيف تحبط الأعمال بغير الردة ؟؟
قيل: نعم قد دل القرآن والسنة والمنقول عن الصحابة أن السيئات تحبط الحسنات كما الحسنات يذهبن السيئات؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى وقال الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُون ( )
وقالت عائشة: لأم زيد بن أرقم أخبري زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله إلا أن يتوب لما باع بالعينة.
بقي خلاف بين العلماء وهو أن تارك الصلاة هل يؤمر بقضاء الصلاة أم لا ؟؟.
قال ابن القيم رحمه الله في الصلاة وحكم تاركها(ج 1 / ص 118):
حدثنا إسحاق حدثنا النضر عن الأشعت عن الحسن قال إذا ترك الرجل صلاة واحدة متعمدا فإنه لا يقضيها.
قال محمد وقول الحسن هذا يحتمل معنيين :
أحدهما: إنه كان يكفره بترك الصلاة متعمدا فلذلك لم يرد عليه القضاء لأن الكافر لا يؤمر بقضاء ما ترك من الفرائض في كفره.
والثاني : أنه لم يكفره بتركها وأنه ذهب إلى أن الله عز و جل إنما فرض أن يأتي بالصلاة في وقت معلوم ، فإذا تركها حتى ذهب وقتها فقد لزمته المعصية لتركه الفرض في الوقت المأمور بإتيانه فيه فإذا اتى به بعد ذلك فإنما أتى به في وقت لم يؤمر بإتيانه فيه فلا ينفعه أن يأتي بغير المأمور. به عن المأمور به وهذا قول غير مستنكر في النظر لولا أن العلماء قد أجمعت على خلافه .
وقال الله تعالى في كتابه الكريم : قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِين [الأنفال/38].
قال : ومن ذهب إلى هذا قال في الناسي للصلاة حتى يذهب وقتها وفي النائم أيضا لو لم يأت الخبر عن النبي أنه قال:" من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا استيقظ."( )
وذكر أنه نام عن صلاة الغداة فقضاها بعد ذهاب الوقت لما وجب عليه في النظر قضاؤها أيضا فلما جاء الخبر عن النبي بذلك وجب عليه قضاؤها وبطل حظ النظر .
فقد نقل محمد الخلاف صريحا وظن أن الأمة أجمعت على خلافه وهذا يحتمل معنيين :
أحدهما: أنه يرى أن الإجماع ينعقد بعد الخلاف .
والثاني: أنه لايرى خلاف الواحد قادحا في الإجماع
وفي المسألتين نزاع معروف .
وأما قوله: إن القياس يقتضي أن لا يقتضي النائم والناسي لولا الخبر فليس كما زعمتم لأن وقت النائم والناسي هو وقت ذكره وانتباهه لا وقت له غير ذلك كما تقدم والله أعلم
وأما قولكم: إن الكافة نقلت والأمة أجمعت أن من لم يصم شهر رمضان اشرا وبطرا أن عليه قضاءه فأين النقل بذلك إذا جاء عن أصحاب رسول الله وقد روى عنه أهل السنن (1) من حديث أبي هريرة :" من أفطر يوما من رمضان من غير عذر الصلاة لم يقضه عنه صيام الدهر وإن صامه فهذه الرواية المعروفة فأين الرواية عنه او عن أصحابه من افطر رمضان او بعضعه اجزأ عنه ان يصوم مثله .
وأما قولكم إن الصلاة والصيام دين ثابت يؤدي أبدا وإن خرج الوقت المؤجل لما يقول رسول الله "دين الله أحق أن يقضي" .( )
فنقول هذا الدليل مبني على مقدمتين:
إحداهما: إن الصلاة والصيام دين ثابت في ذمة من تركهما عمدا والمقدمة الثانية أن هذا الدين قابل للأداء فيجب أداؤه
فأما المقدمة الأولى فلا نزاع فيها ولا نعلم أن أحدا من أهل العلم قال بسقوطها من ذمته بالتأخير ولعلكم توهمتم علينا أنا نقول بذلك وأخذتم في الشناعة علينا وفي التشغيب ونحن لم نقل ذلك ولا أحد من أهل الإسلام.
وأما المقدمة الثانية: ففيها وقع النزاع وأنتم لم تقيموا عليها دليلا فادعاؤكم لها هو دعوى محل النزاع بعينه ، جعلتموه مقدمة من مقدمات الدليل وأثبتم الحكم بنفسه فمنازعوكم يقولون لم يبق للمكلف طريق إلى استدراك هذا الفائت، وإن الله تعالى لا يقبل أداء هذا الحق إلا في وقته وعلى صفته التي شرعه عليها وقد أقاموا على ذلك من الأدلة ما قد سمعتم فما الدليل على أن هذا الحق قابل للأداء في غير وقته المحدود له شرعا وأنه يكون عبادة بعد خروج وقته .
وأما قوله :« اقضوا الله فالله أحق بالقضاء».( ) فهذا إنما قاله في حق المعذور لا المفرط .
ونحن نقول في مثل هذا الدين يقبل القضاء وأيضا فهذا إنما قاله رسول الله في النذر المطلق الذي ليس له وقت محدود الطرفين .
ففي الصحيحين من حديث ابن عباس أن امرأة قالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟؟ قال:" أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها؟؟" قالت: نعم . قال:" فصومي عن أمك.")( )
وفي رواية: أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن نجاها الله أن تصوم شهرا فأنجاها الله سبحانه وتعالى فلم تصم حتى ماتت فجاءت قرابة لها إلى رسول الله فذكرت ذلك فقال صومي عنها رواه أهل السنن ( )
وكذلك جاء منه الأمر بقضاء هذا الدين في الحج الذي لا يفوت وقته إلا بنفاد العمر ففي المسند (4 / 5) وسنن النسائي رقم : (3635) من حديث عبدالله بن الزبير قال جاء رجل من خثعم إلى رسول الله فقال: إن أبي أدركه الإسلام وهو شيخ لا يستطيع ركوب رحل والحج مكتوب عليه أفأحج عنه؟؟ قال:" أنت أكبر ولده ؟؟" قال :نعم. قال:" أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أكان ذلك يجزيء عنه؟" قال :نعم. قال:"فحج عنه ".
وعن ابن عباس : أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟؟ قال:" نعم حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته اقضوا الله فالله أحق بالوفاء."
وعن ابن عباس أيضا قال أتى النبي رجل فقال: إن أبي مات وعليه حجة الإسلام أفأحج عنه قال :" أرأيت لو أن أباك ترك دينا عليه فقضيته أكان يجزيء عنه قال نعم قال فحج عن أبيك." ( )
ونحن نقول في مثل هذا الدين القابل للأداء دين الله أحق أن يقضى فالقضاء المذكور في هذه الأحاديث ليس بقضاء عبادة مؤقتة محدودة الطرفين وقد جاهر بمعصيته الله سبحانه وتعالى بتفويتها بطرا وعدوانا فهذا الدين مستحقه لا يعتد به ولا يقبله إلا على صفته التي شرعه عليها ولهذا لو قضاه على غير تلك الصفة لم تنفعه.
حكم المتهاون بها
قال الله تعالى : ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ ( )
قال ابن قدامة رحمه الله : فإن تركها تهاونًا بها استتيب ثلاثًا، فإن تاب وإلا قتل.
وقال:الإمام محمد بن علي العمري في الفيته:
وتارك الصلاة حتى كسلا
يقتل كفرا إن دعي وقال لا
وما له فئ ولا يغسل
وصحح الشيخان حدا يقتل
والمراد بالشيخين ابن تيمية وابن قد امة.
وقال:شيخنا حفظه الله المتهاون بالصلاة كافر حتى ولو تهاون بصلاة واحدة.
ذكر الخلاف في شروط الصلاة هل هي تسعة أم أكثر
اختلف الفقهاء في شروط الصلاة فبعضهم وصلها إلى خمسة عشر 15/ كأحمد بن حجر الهيثمي في كتابه المنهاج القويم ص111/.
والصواب أنها تسعة 9/ لا زيادة وهي عند أكثر أهل العلم كابن قدامة، وبن القيم، وابن تيمية، وابن عثيمين، والشافعي، ومالك، وغيرهم من أهل العلم رضوان الله عليهم .
هاك أخي الشروط للصلاة نظمتها في سبعة أبيات
«شرح النظم» ..................................
هاك أخي الشروط للصلاة :هاك اسم فعل أمر بمعنى : خذ أي خذ هذه الشروط.
والشرط لغة العلامة ومنه قوله تعالى:فَقَدْ جَاءَ أشراطها فَأَنَّى لَهُمْ إذاجاءتهم ذِكْرَاهُمْ( ).
وشرعا ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته .والصلاة لغة, الدعاء، قال الله تعالى: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ( )
قال:البخاري : دعاؤكم أي صلاتكم . وقوله : وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ( )
وشرعا ذات أقوال وأفعال تفتتح بالتكبير وتنتهي بالتسليم .
نظمتها في سبعة أبيات :واضحة لقصد تسهيل حفظها وفهمها كما قال: السفاريني :
وصار من عادة أهل العلــم
أن يعتنوا في سبر ذا بالنظـم
لأنه يسهل للحفظ كما
يروق للسمع ويشفي من ظما
وقال العمريطي في نظم الورقات:
....................................
مسهلا لحفظه وفهمه
أولها الإ سلام ثم الثاني * العقل هذا واضح البرهان
الشرح............................................. ................
أولها الإسلام ثم الثاني: الأول من هذه الشروط التسعة هو الإسلام فلا تقبل الصلاة إلا من مسلم لقول الله تعالى فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ( ).
وأما الكافر فلا يقبل الله منه أي عمل لقوله تعالى:﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ ( ).
وقال : ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ ( ).
وقال : ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ﴾ ( ).
ومن أهل العلم من قال أن الكافر إذا أقام الصلاة بصفتها وشروطها وواجباتها وأركانها فقد دخل في الإسلام ففي مذهب الحنابلة أن الكافر إذا صلى أسلم قال: الإمام محمد بن علي العُمَري المقدسي : في ألفيته:
وكافر فباالصلاة يسلم
في كل حال وبهذا يحكم
حتى ولو منفردا قد صلى
أوخارج المسجد ليس إلا
بالجزءمن وقت الصلاة تلزم
إن يطر منع فالقضا محتم
وقاله جمع من المتقدمين والمتأخرين فمن المتقدمين شيخ الإسلام ابن تيمية ومن المتأخرين شيخنا يحي حفظه الله.
الشرط الثاني هو العقل فلا تصح الصلاة إلابه فضد العقل الجنون والمجنون مرفوع عنه القلم لحديث عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يكبر " .( )
ثالثها التمييز أيضاً سطــروا * رابعها رفع الحدث قد أشـــهروا
الشرح............................................. ................
ثالثها : التمييز أيضاً سطروا: وسطروا أي كتبوا قال الله تعالى : ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَـــغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾( )
الثالث: هو التمييز والتمييز لغة التنحية ويقال: العزلة والإفرازوالفصل يقال ميزت الشيء بعضه عن بعض أي ميزته، والصغير ليس مكلفا لأنه مرفوع عنه القلم لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم : أن رسول الله قال: " رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يكبر "وفي لفظ حتى يبلغ . ( )
وللبلوغ مميزات يميز بها، منها: الاحتلام ومنها بلوغ خمسة عشر سنة وإنبات العانة وللأنثى رابع وهو الحيض.
ويُعَلم للصلاة وهو ابن سبع ويضرب عليها لعشر لحديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ « مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِى الْمَضَاجِعِ وَإِذَا أَنْكَحَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلاَ يَنْظُرَنَّ إِلَى شَيءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ فَإِنَّمَا أَسْفَلُ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ عَوْرَتِهِ ». ( )
رابعها: رفع الحدث قد أشهروا :الرابع هورفع الحدث فلا تصح الصلاة إلابطهارة لحديث ابن عمر قال: إني سمعت رسول الله يقول "لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول". ( )
والحدث نوعان أكبر وأصغر الأكبر: هو ما يوجب الغسل كالجنابة، والأصغر: هو ما يوجب الوضوء لمن أراد الصلاة ومنه الفساء والضراط ثبت من حديث أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ " لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ".( )
ونواقض الوضوء سبعة وهي:
1- الردة.
2- وأكل لحم الإبل.
3- والخارج من السبيلين.
4- النوم.
5- ومس الفرج.
6- والجنابة.
7- زوال العقل. بجنون أو غيره.
وإذا كان في الصلاة فحس بشيء لا يذهب حتى يسمع صوتاً أويجد ريحا- كما في حديث أبي هريرة قَالَ قَالَ النَّبِيُّ :"لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يُحْدِثْ فَقَالَ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ الصَّوْتُ يَعْنِي الضَّرْطَةَ ."( )
ولحديث عباد بن تميم عن عمه أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: " لَا يَنْفَتِلْ أَوْ لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا".( )
خامسها إزالة الأنجاس من * بقعة وثوب أيضا والبدن
الشرح............................................. ................
قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (ج 2 / ص 187):
وجمهور أهل العلم على أنَّ التنزُّهَ من النَّجاسة شَرطٌ لصحَّةِ الصَّلاة، وأنَّه إذا لم يتنزَّه من ذلك فصلاتُه باطلة.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها ليست شرطاً للصِّحَّةِ، ولكنها واجبة، فلو صَلَّى وعليه نجاسة فهو آثم، وصلاته صحيحة.
والقول الرَّاجح: هو قول الجمهور؛ لأنَّ هذا الواجب خاصٌ بالصَّلاة، وكلُّ ما وجب في العِبَادة، فإن فواته مبطل لها إذا كان عمداً، وعلى هذا فنقول: إن القول الرَّاجح أنَّ صلاتَه باطلةٌ، فكأنه قيل: لا تُصلِّ وأنت متلبِّس بهذه النَّجاسة، فإذا صَلَّى وهو متلبِّسٌ بها، فقد صَلَّى على وجه ما أراده الله ورسوله، ولا أمره به الله ورسوله، وقد ثَبَتَ عنه عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّه قال: «مَنْ عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنَا فهو رَدٌّ» فهذا وجه تقرير كون اجتناب النَّجَاسة من شُروط الصَّلاة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (ج 3 / ص 212):
مسألة : قال : وإذا لم تكن ثيابه طاهرة ، وموضع صلاته طاهرا ، أعاد ) وجملة ذلك ، أن الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم ؛ منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب وقتادة ومالك والشافعي ، وأصحاب الرأي .
ويروى عن ابن عباس أنه قال : ليس على ثوب جنابة .
الشرط الخامس إزالة النجاسة والإزالة في اللغة التنحية ولا تصح الصلاة إلابإزالتها وإزالة النجاسات فرض قال ابن حزم : وكل ماأمر الله تعالى بإزالته فرض.
قال يحيى العمراني في البيان (2/90) : وأما الطهارة عن النجس في البدن والبقعة والثوب التي يصلي عليها فهي شرط لصحة الصلاة عندنا وهو قول كافة العلماء .
والنجاسة من ثلاثة أنواع 1-البقعة 2-الثوب 3- البدن :
1-البقعة: فلا تصح الصلاة إلا على أرض طاهرة والأرض طاهرة لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ".( )
وقول الله تعالى:﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾.( )
وكل الأرض طاهرة إلا أماكن النجاسة وهي معروفة فلا تصلي عليهاوقد ثبت في حديث أبي سعيد الخدري عند الترمذي أن النبي قال "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" .
والمزبلة اعتمادا على ما أخرجه الترمذي في سننه (2 / 177) 346-
عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهي أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله
قال الشيخ الألباني : ضعيف.
قال شيخنا يحيى حفظه الله وهو ضعيف.
وفي حديث أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ "دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ".
ومن البقعة الحش والحمام وأعطان الإبل وقارعة الطريق والمقبرة .
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني - (ج 3 / ص 218) : ( 957 ) مسألة : قال : ( وكذلك إن صلى في المقبرة أو الحش أو الحمام أو في أعطان الإبل ؛ أعاد ) اختلفت الرواية عن أحمد ، رحمه الله ، في الصلاة في هذه المواضع ، فروي أن الصلاة لا تصح فيها بحال .
وممن روي عنه أنه كره الصلاة في المقبرة علي ، وابن عباس ، وابن عمر وعطاء ، والنخعي ، وابن المنذر .
وممن رأى أن يصلى في مرابض الغنم ولا يصلى في مبارك الإبل ابن عمر وجابر بن سمرة ، والحسن ، ومالك ، وإسحاق ، وأبو ثور .
وعن أحمد رواية أخرى ، أن الصلاة في هذه صحيحة ما لم تكن نجسة .وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي ؛ لقوله عليه السلام:" جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ." وفي لفظ :" فحيثما أدركتك الصلاة فصل ، فإنه مسجد." وفي لفظ :" أينما أدركتك الصلاة فصل ، فإنه مسجد " . متفق عليها ، ولأنه موضع طاهر ، فصحت الصلاة فيه ، كالصحراء .
ولنا ، قول النبي :" الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة ." رواه أبو داود . وهذا خاص مقدم على عموم ما رووه .
وعن جابر بن سمرة ، أن رجلا سأل رسول الله : أنصلي في في مرابض الغنم ؟ قال : "نعم" . قال : أنصلي في مبارك الإبل ؟ قال :" لا " . رواه مسلم.
وعن البراء تقال : قال رسول الله :" لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين". .رواه أبو داود .
وعن أسيد بن حضير ، أن رسول الله قال : " صلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في مبارك الإبل ". رواه الإمام أحمد في " مسنده " .
والنهي يقتضي التحريم ، وهذا خاص يقدم على عموم ما رووه ، وروي هذا الحديث عن ابن عمر ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن مغفل ، رواهن الأثرم .
فأما الحش فإن الحكم يثبت فيه بالتنبيه ؛ لأنه إذا منع من الصلاة في هذه المواضع لكونها مظان النجاسة ، فالحش معد للنجاسة ومقصود لها ، فهو أولى بالمنع فيه .
وقال بعض أصحابنا : إن كان المصلي عالما بالنهي في هذه المواضع ، لم تصح صلاته فيها ؛ لأنه عاص بصلاته فيها ، والمعصية لا تكون قربة ولا طاعة ، وإن لم يكن عالما فهل تصح صلاته ؟ على روايتين :
إحداهما : لا تصح لأنه صلى فيما لا تصح الصلاة فيه مع العلم ، فلا تصح مع الجهل ، كالصلاة في محل نجس .
والثانية : تصح لأنه معذور .
وذكر بعض أصحابنا مع هذه المواضع المزبلة ، والمجزرة ، ومحجة الطريق ، وظهر بيت الله الحرام ، والموضع المغصوب لما روى ابن عمر ، أن رسول الله :" سبع مواطن لا تجوز فيها الصلاة ؛ ظهر بيت الله ، والمقبرة ، والمزبلة ، والمجزرة ، والحمام ، وعطن الإبل ، ومحجة الطريق ." رواه ابن ماجه .
وعن ابن عمر قال : نهى رسول الله أن يصلى في سبع مواطن . وذكرها ، وقال : وقارعة الطريق ، ومعاطن الإبل ، وفوق الكعبة ." .
وقال : الحكم في هذه المواضع السبعة كالحكم في الأربعة سواء . ولأن المواضع مظنة النجاسات ، فعلق الحكم عليها دون حقيقتها ، كما يثبت حكم نقض الطهارة بالنوم ، ووجوب الغسل بالتقاء الختانين .
قال القاضي : المنع من هذه المواضع تعبد ، لا لعلة معقولة ، فعلى هذا يتناول النهي كل ما وقع عليه الاسم فلا فرق في المقبرة بين القديمة والحديثة ، وما تقلبت أتربتها أو لم تتقلب ؛ لتناول الاسم لها ، فإن كان في الموضع قبر أو قبران ، لم يمنع من الصلاة فيها . لأنها لا يتناولها اسم المقبرة .
وإن نقلت القبور منها ، جازت الصلاة فيها ؛ لأن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت فيه قبور المشركين ، فنبشت . متفق عليه .
ولا فرق في الحمام بين مكان الغسل وصب الماء ، وبين بيت المسلخ - الذي ينزع فيه الثياب - والأتون وكل ما يغلق عليه باب الحمام ؛ لتناول الاسم له .
وأما المعاطن ، فقال أحمد : هي التي تقيم فيها الإبل وتأوي إليها .
وقيل : هي المواضع التي تناخ فيها إذا وردت . والأول أجود ؛ لأنه جعله مقابلة مراح الغنم .
والحش : المكان الذي يتخذ للغائط والبول فيمنع من الصلاة فيما هو داخل بابه .
ولا أعلم في منع الصلاة فيه إلا أنه قد منع من ذكر الله تعالى فيه والكلام ، فمنع الصلاة فيه أولى ، ولأنه إذا منع الصلاة في هذه المواضع لكونها مظان للنجاسات ، فهذا أولى ؛ فإنه بني لها ويحتمل أن المنع في هذه المواضع معلل بأنها مظان للنجاسات ، فإن المقبرة تنبش ويظهر التراب الذي فيه صديد الموتى ودماؤهم ولحومهم ، ومعاطن الإبل يبال فيها ، فإن البعير البارك كالجدار يمكن أن يستتر به ويبول ، كما روي عن ابن عمر ، أنه أناخ بعيره مستقبل القبلة ، ثم جلس يبول إليه . ولا يتحقق هذا في حيوان سواها ؛ لأنه في حال ربضه لا يستر ، وفي حال قيامه لا يثبت ولا يستر .
والحمام موضع الأوساخ والبول ، فنهي عن الصلاة فيها لذلك . وتعلق الحكم بها وإن كانت طاهرة لأن المظنة يتعلق الحكم بها وإن خفيت الحكمة فيها ، ومتى أمكن تعليل الحكم تعين تعليله ، وكان أولى من قهر التعبد ومرارة التحكم ، يدل على صحة هذا تعدية الحكم إلى الحش المسكوت عنه ، بالتنبيه من وجود معنى المنطوق فيه ، وإلا لم يكن ذلك تنبيها ، فعلى هذا يمكن قصر الحكم على ما هو مظنة منها ، فلا يثبت حكم المنع في موضع المسلخ من الحمام ، ولا في وسطه ، لعدم المظنة فيه ، وكذلك ما أشبهه والله أعلم .
وزاد أصحابنا المجزرة ، والمزبلة ، ومحجة الطريق ، وظهر الكعبة ؛ لأنها في خبر عمر وابنه .
وقالوا : لا يجوز فيها الصلاة .
ولم يذكرها الخرقي فيحتمل أنه جوز الصلاة فيها ، وهو قول أكثر أهل العلم ؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام « : جعلت لي الأرض مسجدا » وهو صحيح متفق عليه .
واستثنى منه المقبرة ، والحمام ، ومعاطن الإبل ، بأحاديث صحيحة خاصة ، ففيما عدا ذلك يبقى على العموم .
وحديث عمر وابنه يرويهما العمري ، وزيد بن جبير ؛ وقد تكلم فيهما من قبل حفظهما ، فلا يترك الحديث الصحيح بحديثهما .
وهذا أصح ، وأكثر أصحابنا ، فيما علمت ، عملوا بخبر عمر وابنه في المنع من الصلاة في المواضع السبعة .
ومعنى محجة الطريق : الجادة المسلوكة التي تسلكها السابلة .
وقارعة الطريق : يعني التي تقرعها الأقدام ، فاعلة بمعنى مفعولة ، مثل الأسواق والمشارع والجادة للسفر .
ولا بأس بالصلاة فيما علا منها يمنة ويسرة ولم يكثر قرع الأقدام فيه . وكذلك لا بأس بالصلاة في الطريق التي يقل سالكوها ، كطرق الأبيات اليسيرة .
والمجزرة : الموضع الذي يذبح القصابون فيه البهائم ، وشبههم معروفا بذلك معدا .
والمزبلة : الموضع الذي يجمع فيه الزبل .
ولا فرق في هذه المواضع بين ما كان منها طاهرا ونجسا ، ولا بين كون الطريق فيها سالكًا أو لم يكن ؛ ولا في المعاطن بين أن يكون فيها إبل في الوقت أو لم يكن .
وأما المواضع التي تبيت فيها الإبل في مسيرها ، أو تناخ فيها لعلفها أو وردها ، فلا يمنع الصلاة فيها .
قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن موضع فيه أبعار الإبل يصلى فيه ؟ فرخص فيه ، ثم قال : إذا لم يكن من معاطن الإبل ، التي نهي عن الصلاة فيها ، التي تأوي إليها الإبل .
ويكره أن يصلي إلى هذه المواضع فإن فعل صحت صلاته نص عليه أحمد في رواية أبي طالب وقد سئل عن الصلاة إلى المقبرة والحمام والحش ؟ قال : لا ينبغي أن يكون في القبلة قبر ، ولا حش ولا حمام .
وقال أبو بكر : يتوجه في الإعادة قولان ؛ أحدهما : يعيد ؛ لموضع النهي ، وبه أقول -يعني ابن قدامة- .
والثاني : يصح ؛ لأنه لم يصل في شيء من المواضع المنهي عنها .
وقال أبو عبد الله بن حامد : إن صلى إلى المقبرة والحش فحكمه حكم المصلي فيهما إذا لم يكن بينه وبينهما حائل ؛ لما روى أبو مرثد الغنوي ، أنه سمع رسول الله يقول : " لا تصلوا إلى القبور ، ولا تجلسوا إليها " . متفق عليه .
وقال الأثرم : ذكر أحمد حديث أبي مرثد ، ثم قال : إسناده جيد .
وقال أنس : رآني عمر ، وأنا أصلي إلى قبر ، فجعل يشير إلي : القبر ، القبر .
قال القاضي : وفي هذا تنبيه على نظائره من المواضع التي نهي عن الصلاة فيها .
والصحيح أنه لا بأس بالصلاة إلى شيء من هذه المواضع إلا المقبرة ؛والحمام لحديث أبي سعيد المتقدم ……… لأن قوله عليه الصلاة والسلام :" جعلت الأرض مسجدا ." يتناول الموضع الذي يصلي فيه من هي في قبلته ، وقياس ذلك على الصلاة إلى المقبرة لا يصح لأن النهي إن كان تعبدا غير معقول المعنى امتنع تعديته ودخول القياس فيه ، وإن كان لمعنى مختص بها ، وهو اتخاذ القبور مسجدا ، والتشبه بمن يعظمها ويصلي إليها ، فلا يتعداها الحكم ؛ لعدم وجود المعنى في غيرها ، وقد قال النبي :" إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، إني أنهاكم عن ذلك " .
وقال :" لعنة الله على اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " . يحذر ما صنعوا . متفق عليهما .
وإن صلى على سطح الحش أو الحمام أو عطن الإبل أو غيرها ، فذكر القاضي : أن حكمه حكم المصلي فيها ؛ لأن الهواء تابع للقرار ، فيثبت فيه حكمه ، ولذلك لو حلف لا يدخل دارا ، فدخل سطحها ، حنث ، ولو خرج المعتكف إلى سطح المسجد كان له ذلك ؛ لأن حكمه حكم المسجد .
والصحيح ، إن شاء الله ، قصر النهي على ما تناوله ، وأنه لا يعدى إلى غيره ؛ لأن الحكم إن كان تعبديا فالقياس فيه ممتنع ، وإن علل فإنما تعلل بكونه للنجاسة ، ولا يتخيل هذا في سطحها .
وإن بنى مسجدا في المقبرة بين القبور ، فحكمه حكمها ؛ لأنه لا يخرج بذلك عن أن يكون في المقبرة .
وقد روى قتادة : أن أنسا مر على مقبرة ، وهم يبنون فيها مسجدا ، فقال أنس : كان يكره أن يبنى مسجد في وسط القبور .
ولا تصح الفريضة في جوف الكعبة ، ولا على ظهرها:
وجوزه الشافعي وأبو حنيفة ؛ لأنه مسجد ، ولأنه محل لصلاة النفل ، فكان محلا للفرض ، كخارجها .
ولنا : قول الله تعالى وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه ( ).
والمصلي فيها أو على ظهرها غير مستقبل لجهتها ، والنافلة مبناها على التخفيف والمسامحة ، بدليل صلاتها قاعدا ، وإلى غير القبلة ، في السفر على الراحلة .
وتصح النافلة في الكعبة وعلى ظهرها:
لا نعلم فيه خلافًا ؛ لأن النبي صلى في البيت ركعتين . إلا أنه إن صلى تلقاء الباب أو على ظهرها ، وكان بين يديه شيء من بناء الكعبة متصل بها ، صحت صلاته ، فإن لم يكن بين يديه شيء شاخص ، أو كان بين يديه آجر معبأ غير مبني ، أو خشب غير مسمور فيها ، فقال أصحابنا : لا تصح صلاته لأنه غير مستقبل لشيء منها .
وإن كان الخشب مسمورا والآخر مبنيا ، صحت صلاته ؛ لأن ذلك تابع لها:
والأولى: أنه لا يشترط كون شيء منها بين يديه ؛ لأن الواجب استقبال موضعها وهوائها ، دون حيطانها ، بدليل ما لو انهدمت الكعبة ، صحت الصلاة إلى موضعها ، ولو صلى على جبل عال يخرج عن مسامتتها ، صحت صلاته إلى هوائها ، كذا هاهنا .اهـ
وقال الإمام محمد بن علي العمري رحمه الله في ألفيته:
....................................
مـواطن النهي على المشهور
مزبلة معاطن ومقبرة
قارعة الطريق ثم المجزرة
وظهر بيت الله والحمام
وألحق الحش بها الإمام
في ظهر بيت الله لكن فرقوا
فصححوا النفل فقط لم يطلقوا
ومالك في ذا على الوفاق
ومانع في الصور البواقي
قال ابن المنذر رحمه الله في الأوسط - (ج 3 / ص 4):
وقد اختلف أهل العلم في الصلاة في المقبرة فكرهت طائفة ذلك وممن روي عنه أنه كره علي وابن عباس وابن عمرو بن العاص وعطاء والنخعي.
وعن علي ، قال : « من شرار الناس من يتخذ القبور مساجد ».
وعن ابن عباس ، قال: « لا تصلين إلى حش ولا في حمام ولا في مقبرة »
وعن عبد الله بن عمرو ، قال : « تكره الصلاة إلى حش وفي حمام وفي مقبرة ».
وكان الشافعي يقول : لا يصلي أحد على أرض نجسة وذكر المقبرة فقال : لأن المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم قال : ولو صلى رجل إلى جنب قبر لم ينبش أو فوقه كرهت له ولم آمره أن يعيد وكان أحمد وإسحاق يكرهان الصلاة في المقبرة والحش وكل أرض قذرة . وقال أبو ثور : لا يصلي في حمام ولا مقبرة وكان الشافعي يقول : إذا صلى في موضع نظيف من الحمام فلا إعادة عليه ورخصت طائفة في الصلاة في المقبرة قال نافع مولى ابن عمر : صلينا على عائشة وأم سلمة وسط البقيع والإمام يوم صلينا على عائشة أبو هريرة وحضر ذلك ابن عمر وروينا أن واثلة بن الأسقع كان يصلي في المقبرة غير أنه لا يستتر بقبر.
حدثنا محمد بن علي ، ثنا سعيد ، ثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك الدمشقي ، عن أبيه ، قال : كان واثلة : « يصلي بنا صلاة الفريضة في المقبرة غير أنه لا يستتر بقبر ».
وصلى الحسن البصري في المقابر واختلف في هذه المسألة عن مالك فحكى ابن القاسم عنه أنه قال : لا بأس بالصلاة في المقابر وحكي عن أبي مصعب عن مالك أنه قال : لا أحب الصلاة في المقابر .
قال أبو بكر : الذي عليه الأكثر من أهل العلم كراهية الصلاة في المقبرة لحديث أبي سعيد وكذلك نقول .
وقال قائل : كل من صلى في موضع طاهر فصلاته مجزية وكل من صلى على موضع نجس فعليه الإعادة لاتفاق الأمة على فساد صلاته وذكر نهي النبي عن الصلاة في المقبرة والحمام وحديثه الذي فيه : « أينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد » وقوله : « جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا » .
وقال : فهذه الأخبار متعارضة فالصلاة في كل موضع لا يدرى طاهر هو أو نجس جائز ما لم يتيقن بالنجاسة . قال أبو بكر : وقد روينا عن النبي أنه نهى عن الصلاة إلى القبور . وكره الصلاة إلى القبور عمر وأنس.
2- الثوب: قال الله تعالى في كتابه الكريم وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ( )
وقوله: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(1) اختلف المفسرون في تفسير هذه الآية :
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره(ج 8 / ص 263): قال الأجلح الكندي، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه أتاه رجل فسأله عن هذه الآية: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (1) قال: لا تلبسها على معصية ولا على غَدْرَة. ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي:
فَإني بحمد الله لا ثوبَ فَاجر ... لبستُ ولا من غَدْرَة أتَقَنَّعُ
وقال ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس في هذه الآية وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قال: في كلام العرب: نَقِي الثياب. وفي رواية بهذا الإسناد: فطهر من الذنوب. وكذا قال إبراهيم، والشعبي، وعطاء.
وقال الثوري، عن رجل، عن عطاء، عن ابن عباس في هذه الآية: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْقال: من الإثم. وكذا قال إبراهيم النخعي.
وقال مجاهد: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْقال: نفسك، ليس ثيابه. وفي رواية عنه: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ عملك فأصلح، وكذا قال أبو رَزِين. وقال في رواية أخرى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ أي: لست بكاهن ولا ساحر، فأعرض عما قالوا.
وقال قتادة: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ أي: طهرها من المعاصي، وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله إنه لَمُدنَس الثياب. وإذا وفى وأصلح: إنه لمطهر الثياب.
وقال عكرمة، والضحاك: لا تلبسها على معصية.
وقال العوفي ، عن ابن عباسوَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ يعني لا تك ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب، ويقال: لا تلبس ثيابك على معصية.
وقال محمد بن كعب القرظي، والحسن البصري: وخُلقَك فَحسّن.
وقال محمد بن سيرين: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ أي: اغسلها بالماء.
وقال ابن زيد: كان المشركون لا يتطهرون، فأمره الله أن يتطهر، وأن يطهر ثيابه.
وهذا القول اختاره ابن جرير، وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب، فإن العرب تطلق الثياب عليه، كما قال امرؤ القيس:
أفاطمَ مَهلا بعض هَذا التدَلُّل
وَإن كُنت قَد أزْمَعْت هَجْري فأجْمِلي
وَإن تَكُ قَد سَاءتك مني خَليقَةٌ
فَسُلّي ثِيَابي مِن ثيابك تَنْسُلِ
وقال سعيد بن جبير: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وقلبك ونيتك فطهر.
ولا تصح الصلاة إلا بثوب طاهر أمر النبي إذا أصاب الحيض ثوب المرأةأن تغسله ثم تصلي فيه
عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ« تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ»( ).
وحديث الطفل الذي بال على ثوب النبي :
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ .( )
وعن أم قيس بنت محصن أنها أتت رسول الله بابن لها لم يأكل الطعام ، فوضعته في حجره قال فلم يزد على أن نضح بالماء ".( )
قال ابن المنذر رحمه الله في الأوسط(ج 2 / ص 424):
وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب فقالت طائفة : ينضح بول الغلام ما لم يأكل الطعام ويغسل بول الجارية روي هذا القول عن علي وأم سلمة وعطاء والحسن وبه قال أحمد وإسحاق.
عن علي قال :كان النبي « يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام ما لم يطعم ».
عن الحسن ، عن أمه ، قالت : رأيت أم سلمة : « تغسل بول الجارية في ذلك ولا تغسل بول الغلام ».
وقالت طائفة : لا فرق بين بول الغلام والجارية في ذلك هذا قول النخعي وكان يرى أن يغسل ذلك وبه قال سفيان في بول الغلام والجارية قال : يصب عليه الماء وكان أبو ثور يقول : يغسل بول الغلام والجارية وإن ثبت حديث الرش عن النبي : كان الرش جائزا في بول الغلام وقد روينا عن الحسن والنخعي قولا ثالثا وهو أن بول الغلام والجارية ينضحان جميعا ما لم يطعما قال أبو بكر : يجب رش بول الغلام بحديث أم قيس وغسل بول الجارية.
عن أم قيس بنت محصن الأسدية ، أخت عكاشة قالت : « جاءت بابن لها فأخذ النبي صبيها فوضعه في حجره فبال عليه فدعا بماء فنضحه ولم يكن الصبي بلغ أن يأكل الطعام ».
قال الزهري : فمضت السنة أن يرش بول الصبي ويغسل بول الجارية . قال أبو بكر : وقد روينا عن النبي في هذا الباب حديثا مفسرا وقد تكلم بعض أهل العلم في إسناده.
عن علي أن النبي الله قال في بول الرضيع : « يغسل بول الجارية وينضح على بول الغلام » .
قال قتادة : « هذا إذا لم يطعم فإذا طعم غسلا جميعا » .
وقد روينا في هذا الباب غير هذا الحديث وقد ذكرته في غير هذا الموضع ، وحديث قتادة لم يرفعه سعيد بن أبي عروبة رواه إسحاق بن راهويه ، عن عبدة ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن محمد بن علي بن الحسين ، أن النبي ذكر النجاسة من البول والمذي وغير ذلك يصيب الثوب ويخفى مكانه اختلف أهل العلم في الثوب يصيبه النجاسة ويخفى مكانه فقالت طائفة : ينضحه كذلك قال عطاء وقال الحكم وحماد في الرجل يحتلم في الثوب يخفى مكانه ينضحه وإن رآه غسله وقال أحمد في المذي : ينضحه وفيه قول ثان وهو أن يتحرى ذلك المكان فيغسله هكذا قال ابن شبرمة في البول يخفى مكانه وفيه قول ثالث وهو أن يغسل الثوب كله روي هذا القول عن النخعي وهكذا قال الشافعي غير أنه لا يوجب غسل المني من الثوب وقال مالك في المني أو الودي أو البول يصيب الثوب لا يصيب موضعه قال : يغسل تلك الجهة من الثوب فإن خفي عليه غسل الثوب كله قال أبو بكر : يغسل الثوب كله .
وعن أبي السمح أن النبي يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام.
[أخرجه أبوداود(ج/1 /376) النسائي (ج/1 158)وهو في الجامع الصحيح لشيخنا الوادعي رحمه الله].
تطهير النعال والخفاف من النجاسة:
قال ابن المنذر رحمه الله في الأوسط - (ج 2 / ص 469):
اختلف أهل العلم في الرجل يطأ بنعله أو خفه القذر الرطب فقالت طائفة : يجزيه أن يمسح بذلك بالتراب ويصلي فيه هذا قول الأوزاعي وفرق بين أن يطأ بقدميه أو بخفه ونعله فقال في الخف والنعل : التراب لهما طهور ، وقال في القدمين : لا يجزي إلا غسلهما بالماء وقال أحمد في السيف يصيبه الدم يمسحه الرجل وهو حار يصلي فيه إذا لم يبق فيه أثر وكان إسحاق يقول في الأقذار : جائز مسحهما بالأرض إلا أن يكون غائطا أو بولا.
وقال أبو ثور في الخف والنعل : إذا مسحه بالأرض ، حتى لا يجد له ريحا ولا أثرا رجوت أن يجزيه والغسل أحب إلي وكان النخعي يمسح النعل أو الخف يكون في الساقين عند باب المسجد فيصلي بالقوم ، وهكذا قال عروة في النعل يصيبها الروث يمسحها ويصلي فيها .
وقال سفيان في رجل توضأ ثم انغمست رجله في نتن ولم يجد ماء قال : يتيمم وهو بمنزلة رجل لم يتم وضوءه قال : وإذا أصاب شيئا من مواضع الوضوء والتيمم نتن مسحه بالتراب وكان بمنزلة الماء .
قال أبو بكر : ومن حجة من قال هذا القول حديث أبي سعيد وقد ذكرته بإسناد في باب قبل ، وحديث أبي هريرة .
عن أبي هريرة أن رسول الله قال : « إذا وطئ أحدكم بنعليه في الأذى فإن التراب لهما طهور ».
عن عائشةرضي الله عنها قالت : قال رسول الله : « إذا وطئ أحدكم بنعليه في الأذى فإن التراب لهما طهور ».
قال أبو بكر : قد يجوز أن يقال : إن النجاسات لا تطهر إلا بالماء لأن الله تعالى قال:﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾( )، وقال: وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به الآية والأخبار الثابتة عن النبي أنه أمر بصب دلو من ماء على بول الأعرابي ولأنه أمر بغسل دم الحيضة فوجب إزالة النجاسات بالماء لا تقع طهارة لشيء من النجاسات إلا بالماء إلا موضع دلت عليه السنة فإن ما دلت عليه السنة يطهر بغير الماء وذلك : الاستنجاء بالأحجار الثلاثة لأن الحديث يدل على أن النبي جعل ذلك طهورا لموضع الاستنجاء وللخفاف والنعال فإن طهارة ما يصيبها مسحها بالتراب بحديث أبي سعيد وحديث أبي هريرة ، وقد ذكرناهما فأما سائر النجاسات فلا تطهر إلا بالماء ومن حيث وجب أن نجعل الأحجار في موضع الاستنجاء مطهرة لذلك الموضع يجب كذلك أن نجعل طهارة الخفاف والنعال مسحها بالتراب لا فرق بينهما أو يكون سائر الأنجاس يطهرها الماء والله أعلم .
وقالت طائفة : النجاسات كلها تطهر بالماء لا تطهر بغيره كذلك قال الشافعي وكان الثوري يقول في البول في النعل والثوب سواء وقال النعمان في الخف يصيبه الروث أو العذرة أو الدم أو المني فيبس فحكه قال : يجزيه وإن كان رطبا لم يجزه حتى يغسله والثوب لا يجزيه حتى يغسله وإن يبس إلا في المني خاصة .
وقال محمد : لا يجزيه في اليبس أيضا حتى يغسل موضعه في الخف وغيره إلا في المني خاصة.
وقال أبو حنيفة في الخف يصيبه البول : لا يجزيه حتى يغسله وإن يبس .
وفي كتاب محمد في الثوب يصيبه العذرة أو الدم فيحته قال : لا يجزيه ذلك وكذلك روث الحمار والبغل مثل العذرة فإن أصاب النعل أو الخف الدم أو العذرة أو الروث فجف فمسحه الرجل بالأرض يجزيه ذلك وله أن يصلي فيه ، قال : قلت له : فمن أين اختلف النعل والثوب ؟ قال : لأن النعل جلد فإذا مسحه بالأرض ذهب القذر منه والثوب ليس هكذا لأن الثوب ينشفه فيبقى فيه .
وقال محمد في الدم والعذرة : إذا أصاب الخف والنعل لا يجزيه أن يمسحه من الخف والنعل حتى يغسله من موضعه وإن كان يابسًا .
وقال أبو يوسف ومحمد : إذا أصاب الخف أو النعل أو الثوب الروث فصلى فيه وهو رطب وهو أكثر من قدر الدرهم إن صلاته تامة وإن كان كثيرا فاحشا فصلى فيه أعاد الصلاة .
قال أبو بكر : وقد روينا عن النبي حديثا يدخل في هذا الباب وفي إسناده مقال وذلك أنه عن امرأة مجهولة أم ولد إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف غير معروفة برواية الحديث.
عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن قالت : « كنت أطيل ذيلي فأمر في المكان القذر والمكان الطيب فدخلت على أم سلمة فسألتها قالت : قال رسول الله : » يطهره ما بعده « قال أبو بكر : وقد اختلف أهل العلم في معناه فكان أحمد يقول : ليس معناه إذا أصابه بول ثم مر بعده على الأرض أنها تطهره ولكنه يمر بالمكان فيقذره فيمر بمكان أطيب منه فيطهر هذا ذاك ليس على أنه يصيبه شيء .
وكان مالك يقول : في قوله : الأرض تطهر بعضها بعضا إنما هو أن يطأ الأرض القذرة ثم يطأ الأرض اليابسة النظيفة قال : يطهر بعضها بعضا فأما النجاسة الرطبة مثل البول وغيره يصيب الثوب أو بعض الجسد حتى يرطبه فإن ذلك لا يجزيه ولا يطهره إلا الغسل وهذا إجماع الأمة .
والنعل يجب تطهيرها لحديث النبي أنه صلى في نعليه ثم خلع نعليه وخلع الصحابة نعالهم وسألهم حين انصرف من الصلاة لماذا خلعتم نعالكم ، قالوا : رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نحن نعالنا......الحديث وهذا يدل على التخلي من النجاسة حال الصلاة في الثوب
وقد سئل شيخنا يحيى حفظه الله، ما حكم من صلى في ثوبه نجس وهو لايدري؟؟
فأجاب حفظه الله : صلاته صحيحة وقد صلى رسول الله في نعليه وفيها خبث وهو لا يدري ثم أخبر فخلع نعله فأتم صلاته.اهـ
3-البدن؛ فلا تصح الصلاة من صاحب بدن فيه نجاسة وذلك لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: « إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ: « لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا »( ).
قال الدكتور الصادق عبد الرحمن الغرياني في كتابه مدونة الفقه المالكي: فلولم تكن إزالة النجاسة واجبة ماستوجب تركها العذاب ولأن المصلي يناجي ربه فينبغي أن يتأهب لذلك في أحسن أحواله من الطهارة الحسية والمعنوية إلاإن لم يكن يعلم بهذه النجاسة فصلاته صحيحة.
قال ابن عثيمين: فإن صلى وبدنه نجس أي قد أصابته نجاسة لم يغسلها أو ثوبه نجس أوبقعته نجسة ولكنه لايعلم بهذه النجاسة أو علم بها ثم نسي أن يغسلها حتى تمت الصلاة فإن صلاته صحيحة ولايلزمه أن يعيد إذاً اجتناب النجاسة في البدن والثوب والبقعة شروط لصحة الصلاة لكن إن لم يجتنب النجاسة جاهلا أونا سياً فصلى فصلاته صحيحة اهـ.( )
عن أنس أن النبي قال:« تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه».( )
والنجاسات تنقسم إلى ثلاثة أقسام.
1- نجاسة مغلظة وهي نجاسة الكلب ونحوه.
2- مخففة وهي نجاسة الغلام الذي لا يأكل الطعام.
3- ونجاسة بين ذلك وهي بقية النجاسات .
والسادس استرعورتك وصـلي * إن لم تجـــد ثوبـا فلا تخــلي
الشرح .................................................. ............
العورة لغةً الخلل والعيب يتعرض منه الشي للفساد وكذلك الخلل في البيت يخشى دخول العدو منه قال الله تعالى:﴿ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ﴾( ).
والمراد بالعورة من الإنسان كل ما يستر عن غيره استنكافاً وحياءً
كالسوأتين وما كان في حكمهمامما يجب ستره . قال الله تعالى:﴿ يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾( ).
قال ابن قدامة كما في الشرح الكبير (ج 1 / ص 490):
باب ستر العورة
ستر العورة شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم قال ابن عبد البر : أجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به وصلى عريانا وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي وقال إسحاق وبعض أصحاب مالك : وهو شرط مع الذكر وقال بعضهم وهو واجب وليس بشرط لأن وجوبه غير مختص بالصلاة فلم يكن شرطا فيها كقضاء الدين
ولنا : قول النبي : «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار».
مسألة : وسترها عن النظر بما لا يصف البشرة واجب:
لأن الستر إنما يحصل بذلك فإن كان خفيفا يصف لون البشرة فيبين من ورائه بياض الجلد وحمرته لم تجز الصلاة فيه وإن كان يستر اللون ويصف الخلقة جازت الصلاة فيه لأن البشرة مستورة وهذا لا يمكن التحرز منه وإن كان الساتر صفيقا.
مسألة : وعورة الرجل والأمة، ما بين السرة والركبة:
عورة الرجل ما بين السرة والركبة في ظاهر المذهب نص عليه في رواية الجماعة وهو قول مالك و الشافعي وأصحاب الرأي وأكثر العلماء وروي عنه أنها الفرجان نقله عنه مهنا وهو قول ابن ابي ذئب لما روى أنس أن النبي يوم خيبر حسر الأزار عن فخذه ( ).
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي قال : «إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته فإن ما تحت السرة إلى ركبته عورة». يريد الأمة( ).
وعن عائشة قالت : كان رسول الله في بيته كاشفا عن فخذيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على ذلك ثم استأذن عمر فأذن له وهو على ذلك( ) . ولأنه ليس بمخرج فلم يكن عورة كالساق ووجه الأولى ماروى جرهد الأسلمي أن رسول الله قال له : «غط فخذك فإن الفخذ من العورة».( )
وعن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله : «لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت»( ).
وعن ابن عباس قال : " مر رسول الله على رجل وفخذه خارجة فقال : «غط فخذك فإن فخذ الرجل من عورته»( ).
والسرة والركبتان ليست من العورة وهو قول مالك و الشافعي وقال أبو حنيفة : الركبة من العورة لأنه روي أن النبي قال : «الركبة من العورة».
ولنا : ما روي أبو أيوب أن النبي قال : « أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة».
ولأن الركبة حد العورة فلم تكن منها كالسرة والعبد والحر في ذلك سواء لعموم الأخبار فيهما وحديثهم يرويه أبو الجنوب ولا يثبته أهل النقل
فصل : وأما الأمة قال ابن حامد: عروتها كعورة الرجل ما بين السرة والركبة حكاه القاضي في المجرد و ابن عقيل.
قال القاضي: وقد لوح إليه أحمد وهو ظاهر مذهب الشافعي لحديث عمرو بن شعيب والمراد به الأمة فإن الأجير والعبد لا تختلف حاله بالتزويج وعدمه.
وقال القاضي: في الجامع عورة الأمة ما عدا الرأس واليدين إلى المرفقين والرجلين إلى الركبتين، وهو قول بعض الشافعية لأن هذا يظهر عادة عند التقليب والخدمة فهو كالرأس وما سواه لا يظهر غالبًا ولا تدعو الحاجة إلى كشفه أشبه ما بين السرة والركبة والأول أولى لما كرنا ولأن من لم يكن رأسه عورة لم يكن صدره عورة كالرجل وقال الحسن في الأمة إذا تزوجت أو إتخذها الرجل لنفسه يجب عليها الخمار.
ولنا : أن عمر كان ينهى الإماء عن التقنع وقال إنما القناع للحوائر وإشتهر ذلك ولم ينكر فكان إجماعا ولأنها أمة أشبهت التي لم تتزوج وفيه رواية ثالثة أن عورتها الفرجان كالرجل ذكرها أبو الخطاب وشيخنا في الكتاب المشروح والصحيح خلافها إن شاء الله تعالى والمكاتبة والمدبرة والمعلق عتقها بصفة كالأمة القن فيما ذكرنا لأنهن إماء يجوز بيعهن وعتقهن أشبهن القن وقال ابن البنا: هن كأم الولد.
قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (ج 2 / ص 124): ولهذا نقول: إنَّ سَتْرَ العورة شرط لصحَّة الصَّلاة، وأنَّ من صَلَّى من غير أن يلبس ما يستر به العورة، أو ما يجب ستره على الأصحِّ، فإن صلاتَه باطلةٌ. ونقل ابنُ عبد البَرِّ إجماعَ العُلماء على أنَّ من صَلَّى عُرياناً مع قُدْرَته على اللباس فصلاتُه باطلة وكذلك نقل شيخ الإسلام ابن تيمية أن العلماء اتفقوا على أن الإنسان الذي يصلِّي عُرياناً وهو قادر على اللباس فصلاته باطلة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني(ج 3 / ص 36): ( 822 )
مسألة : قال : ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالسا يومئ إيماء وجملة ذلك ، أن العادم للسترة الأولى له أن يصلي قاعدا.
وروي ذلك عن ابن عمر وقال به عطاء ، وعكرمة ، وقتادة ، والأوزاعي ، وأصحاب الرأي . ويومئ بالركوع والسجود . وهذا مذهب أبي حنيفة .
وقال مجاهد ، ومالك ، والشافعي وابن المنذر يصلي قائما ، بركوع وسجود ؛ لقوله عليه السلام : «صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب»( ).
ولأنه مستطيع للقيام من غير ضرر ، فلم يجز تركه له كالقادر على الستر .
الصلاة في الثوب الواحد:
قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني.
مَسْأَلَةٌ : قَالَ : وَمَنْ كَانَ مِنْ الرِّجَالِ وَعَلَيْهِ مَا يَسْتُرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ عَنْ النَّظَرِ بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ وَاجِبٌ ، وَشَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ .وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ : سَتْرُهَا وَاجِبٌ.
عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ .( )
إذا ثبت هذا ، فالكلام في حد العورة ، والصالح في المذهب ، أنها من الرجل ما بين السرة والركبة .
نص عليه أحمد في رواية جماعة ، وهو قول مالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء ، وفيه رواية أخرى أنها الفرجان .
وهذا قول ابن أبي ذئب وداود لما روى أنس ، أن النبي يوم خيبر ، حسر الإزار. ( )
وعن أبي هريرة قَالَ قَالَ النَّبِيُّ :" لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ."( )
أما إذا كان الثوب ضيقاً فليشتمل به وليصلي إلى جانبه لحديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ مَا السُّرَى يَا جَابِرُ فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ :" مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ قُلْتُ كَانَ ثَوْبٌ يَعْنِي ضَاقَ قَالَ فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ."( )
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة قال: أن سائلا سأل رسول الله عن الصلاة في الثوب الواحد قال:«أولكلكم ثوبان؟».( ) قال النووي عند شرح هذا الحديث: فيه جواز الصلاة في الثوب الوا حد ولا خلاف في هذا لما حكي عن بن مسعود -ولا أعلم صحته- وأجمعوا أن الصلاة في الثوبين أفضل ومعنى الحديث أن الثوبين لا يقدر عليهما كل واحد فلو وجبا لعجز من لايقدر عليهما عن الصلاة ففي ذلك حرج وقد قال: الله ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ ( ).
وأما صلاة النبي والصحابة رضي الله عنهم في ثوب واحد ففي وقت كان لعدم ثوب آخر وفي وقت كان مع وجوده لبيان الجواز كما قال جابر رضي الله عنه ليراني الجهال والا فالثوبان أفضل كما سبق قوله صلى الله عليه و سلم ( لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء ) قال العلماء حكمته أنه إذا ائتزر به ولم يكن على عاتقه منه شيء لم يؤمن أن تنكشف عورته بخلاف ما إذا جعل بعضه على عاتقه ولأنه قد يحتاج إلى إمساكه بيده أو يديه فيشغل بذلك وتفوته سنة وضع اليد اليمنى على اليسرى"اهـ . شرح النووي على مسلم - (4 / 231)
قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 2 / ص 124):
يُشترط في الثَّوب السَّاتر أربعة شروط:
الشَّرط الأول: ألَّا يصفَ البشرة كما قال المؤلِّفُ، فإن وَصَفَها لم يجزئ؛ لأن السَّتر لا يحصُل بدون ذلك، وعلى هذا لو لبس ثوباً من «البلاستيك» يمنع وصولَ الماء والهواء، فإنها لا تصحُّ الصَّلاة به؛ لأن ذلك لا يستر؛ بل هو يصفُ البشرة.
الشَّرط الثاني: أن يكون طاهراً. فإذا كان نجساً فإنه لا يصحُّ أن يصلِّي به، ولو صَلَّى به لا تصح صلاتُه، لا لعدم السَّتر، ولكن لأنَّه لا يجوز حمل النَّجس في الصَّلاة، والدليل ما يلي:
1 - قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ فـ«ثياب» مفعول مُقدَّم لـ«طَهِّر»، يعني «طَهِّرْ ثيابك» وهو ظاهر في أنَّ المراد ثياب اللباس.
2 - أن النبي أُتِيَ بصبيٍ لم يأكل الطَّعام؛ فأجلسه في حِجْرِه، فَبَالَ الصبيُّ في حِجْرِه، فدعا بماءٍ فأتْبَعَهُ إيَّاه وهذا يَدلُّ على أنه لا بُدَّ أن يكون الثَّوبُ طاهراً، ولهذا بادر النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام بتطهيره.
3 - أن النبي كان يُصلِّي ذات يوم بأصحابه؛ فخلع نعليه، فخلع الناسُ نعالَهم، فلما سَلَّمَ سألهم: لماذا خلعوا نِعَالهم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: «إنَّ جبريل أتاني فأخبرني أنَّ فيهما أذى»(3) وهذا يدلُّ على وجوب التَّنزُّه مما فيه نجاسة.
4 - حديث ابن عباس أن النبي مَرَّ بقبرين يُعذَّبان، فقال: «إنَّ أحدهما كان لا يَسْتَتِرُ من البول» وفي رواية «يَسْتَنْزِهُ»، وهذا فيه شيءٌ من النَّظَرِ والمُنَاقَشَةِ.
5 - قوله تعالى: ﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾( )، قالوا: فإذا أمر اللَّهُ تعالى بتطهير المَحَلِّ، وهو منفصل عن المصلِّي، فاللباس الذي هو مُتَّصِلٌ به يكون الأمر بتطهيره من باب أولى.
الشَّرطُ الثَّالثُ: أن يكون مباحاً، أي: ليس بمحرَّمٍ،
والمحرَّمُ ثلاثة أقسام:
1- محرَّم لعينه.
2- محرَّم لوَصْفِهِ.
3- محرَّمٌ لكسبه.
1- أما المحرم لعينه: فكالحرير للرَّجُل، فهو حرام على الرِّجال، فلو صَلَّى رَجُلٌ بثوب حرير، فصلاتُه باطلة بناءً على هذا الشَّرط؛ لأنه سَتَرَ عَوْرَته بثوبٍ غيرِ مأذونٍ فيه، ومن عمل عملاً ليس عليه أمْرُ الله ورسوله فهو رَدٌّ.
2- وأما المحرَّم لوصفه: فكالثوب الذي فيه إسبال، فهذا رَجُل عليه ثوب مباح من قُطْنٍ، ولكنَّه أنزله إلى أسفلَ من الكعبين، فنقول: إن هذا محرَّم لوَصْفه؛ فلا تصحُّ الصَّلاة فيه؛ لأنه غير مأذونٍ فيه، وهو عاصٍ بِلُبْسه، فيبطل حُكمه شرعاً، ومن عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ.
3- وأما المحرَّم لكسبه: فأن يكون مغصوباً أو مسروقاً، مثل: رَجُلٌ سرقَ ثوبَ إنسانٍ وصَلَّى فيه، فنقول: الصَّلاة هنا غيرُ صحيحة؛ لأنك سترت عورتك بثوبٍ محرَّمٍ عليك، فلا تصحُّ صلاتُك.
أما الشَّرطان الأولان فواضحان وأدلتهما ظاهرة.
وأما الثَّالث؛ فمحلُّ خلافٍ بين العلماء فمن أهل العلم من يقول: إن السَّتر يحصُل بالثَوب المحرَّم؛ لأن جهة النَّهي والأمر مختلفة؛ لأن المحرَّم في هذا الثوب ليس هو لُبْسُه في الصَّلاة حتى نقول: إنه يُعارض الأمر بلُبْسِه في الصَّلاة. بل المحرَّم لُبْسُ هذا الثوب مطلقاً، وعلى هذا فيكون مورد النهي غير مورد الأمر، يعني: لو قيل لك: لا تلبس الحرير في الصَّلاة، ثم لَبِستَه، فحينئذ لا تصحُّ صلاتُك؛ لأن مورد الأمر والنهي واحد، والأمر اتِّخاذُ اللباس أو الزِّينة، والنَّهي عن لُبْس الحرير في الصَّلاة، لو كان الأمر كذلك لقلنا: إن الصَّلاة لا تصحُّ لتعارض الأمر والنهي.
لكن في مسألتنا النَّهي خارجٌ عن الصَّلاة، لا تلبس الحرير مطلقاً، وهذا الرَّجُل لَبِسَه، فهو آثم بلُبْسِه لا شكَّ؛ لكنه ليس على وجهٍ يختصُّ بالصَّلاة حتى نقول: إنه ينافيها.
وعلى هذا؛ فإذا صَلَّى بثوبٍ مُحَرَّمٍ فصلاتُه صحيحة؛ لكنه آثمٌ؛ لأنه متلبِّسٌ بثوب محرَّم.
الشَّرط الرابع: يُشترط لوجوب السَّتر ألا يضرُّه، فلو كان الثَّوب فيه مسامير، فهل نُلزِمُه بأن يلبس هذا الثَّوب الذي يأكل جلده أو يُدميه؟
الجواب: لا؛ لأن الله تعالى لَمْ يوجب على عباده ما يَشُقُّ عليهم، ثم هو في أثناء صلاته لا يمكن أن يطمئنَّ أبداً.
ولو أنَّ إنساناً في جلده حَسَاسية لا يمكن أن تقبل أيَّ ثوب، ولو لَبِس ثوباً لكان مشغولاً جداً فماذا يصنع؟
فالجواب: أن يُقال: إن الحرير يُخَفِّفُ هذه الحَسَاسية، وأن الإنسان إذا كان في جلده حَساسية ولبس الحرير، فإن الحَساسية تبرد عليه ما دام عليه هذا الثَّوب. وحينئذ نقول: الْبِسْ ثوباً من حرير إذا تمكَّنت، وإذا لم تتمكَّنْ فصلِّ حَسَبَ الحال. اهـ
وقد قسم العلماء المتقدمين والعصريين العورة إلى ثلاثة أقسام
1- مغلضة
2- مخففة
3- متوسطة
1- أما المغلضة فهي عورة المرأة الحرة المسلمة العاقلة البالغة فجميع جسدها عورة واختلفوا في الكفين والقدمين.
2- المخففة وهي عورة الرجل الصغير من السن السابعة إلى عشر فإن عورته الفرجان القبل والدبر.
3- المتوسطة يدخل في ذلك الرجل البالغ عشر سنوات فمافوق والمرأة التي لم تبلغ والأمة المملوكة والواجب ستر مابين السرة والركبة.
بقي إن لم يجدثوباً أبداً هل يصلي أم يؤخر الصلاة ؟ الجواب نعم يصلي عرياناً ولا يؤخر الصلاة عن وقتها .
قال: ابن قدامة: ومن صلى من الرجال في ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه ذلك، فإن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها، فإن لم يكف جميعها ستر الفرجين، فإن لم يكفهما جميعًا ستر أحدهما، فإن عدم الستر بكل حال صلى جالسًا يومئ بالركوع والسجود، وإن صلى قائمًا جاز، ومن لم يجد إلا ثوبًا نجسًا أو مكانًا نجسًا صلى فيهما ولا إعادة عليه.( )
بقي إذا كانوا جميعا عراة، أين يكون إمامهم ؟؟
إذا كانوا عراة جميعا فيقوم وسطهم إمامهم.
قال ابن قدامة رحمه الله: وكذلك إمام الرجال العراة يقوم وسطهم، وإن اجتمع رجال، وصبيان، وخناثى، ونساء،قدم الرجال ثم الخناثى ثم النساء.
بقي إذا ستتر بثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته ؟؟
عن أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي ).( ) صحيح البخاري -
وكذلك من صلى في فروج حرير:
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: أُهْدِىَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ « لاَ يَنْبَغِى هَذَا لِلْمُتَّقِينَ ».( )
وكذلك الثوب الذي له أعلامٌ
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى فِى خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ وَقَالَ « شَغَلَتْنِى أَعْلاَمُ هَذِهِ فَاذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِى جَهْمٍ وَائْتُونِى بِأَنْبِجَانِيِّتة أبي جهم فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي ». ( )
سابعها دخول وقت كائــن * ثم استـقبال قبلة ذا الثامـــن
الشرح .................................................. ...............
الشرط السابع دخول الوقت:
قال:تعالى﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾( )
عن عبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا .( )
وفي حديث مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَحِيمًا رَقِيقًا فَظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَقْنَا أَهْلَنَا فَسَأَلَنَا عَنْ مَنْ تَرَكْنَا مِنْ أَهْلِنَا فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ « ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ ». صحيح مسلم - (2 / 134)
والصلوات الخمس واجبة على كل مسلم حر بالغ عاقل إلا الحائض والنفساء.
فوقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله.
وثبت من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال: وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني شيطان .( )
وعن جابر " أن النبي جاءه جبريل عليه السلام فقال : قم فصله فصلى الظهر حين زالت الشس ثم جاءه . العصر فقال : قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شئ مثله ثم جاءه المغرب فقال : قم فصله فصلى المغرب حين وجبت الشمس ثم جاءه العشاء فقال : قم فصله فصلى العشاء حين غاب الشفق ثم جاءه الفجر فقال : قم فصله فصلى الفجر حين برق الفجر أو قال : سطع الفجر ثم جاء من الغد للظهر فقال : قم فصله فصلى الظهر حين صار ظل كل شئ مثله ثم جاءه العصر حين صار ظل كل شئ مثليه ثم جاءه المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثلث الليل فصلى العشاء ثم جاء حين أسفر جدا فقال له : قم فصله قصلى الفجر ثم قال : ما بين هذين وقت " . ( )
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال :سئل رسول الله عن وقت الصلوات فقال : " وقت صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأول ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس عن بطن السماء ما لم يحضر العصر ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل .( )
وعن جابر ابن عبد الله قال: كان رسول الله يصلى الظهر بالهاجرة والعصر والشمس نقية والمغرب إذا وجبت والعشاء إذا كثر الناس عجل وإذا قلوا أخر والصبح بغلس.( )
ومن السنة الإبراد بالظهر في شدة الحر:
عنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالظُّهْرِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَبْرِدْ أَبْرِدْ ». أَوْ قَالَ « انْتَظِرِ انْتَظِرْ ». وَقَالَ « إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ ». قَالَ أَبُو ذَرٍّ حَتَّى رَأَيْنَا فَىْءَ التُّلُولِ. صحيح البخاري - (1 / 226) ومسلم - (2 / 108)
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم ). صحيح البخاري - (1 / 199)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ».
صحيح البخاري - (1 / 198) ومسلم - (2 / 107)
وعن أبي برزة الأسلمي سئل كيف كان رسول الله يصلي المكتوبة ؟ فقال: كان يصلي الهجير– التي تدعونها الأولى- حين تدحض الشمس ويصلي العصر ؛ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة ؛والشمس حية ونسيت ما قال في المغرب وكان يستحب أن يؤخر من العشاء-التي تدعونها العتمة-وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الـرجل جليسه ...الحديث.( )
عن أبي مسعود قال سمعت رسول الله يقول نزل جبريل فصليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه يحسب بأصابعه خمس صلوات
رواه البخاري (521) ومسلم (1378)
ووقت العصر - وهي الوسطى ثبت ذلك من حديث عن علي رضي الله عنه قال: قال: رسول الله يوم الأحزاب. «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نــارا»، ثـم صلاها بــين العشاءين المغرب والعشاء .( ) - من آخر وقت الظهر إلى أن تصفر الشمس، ثم يذهب وقت الاختيار، ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس.
ووقت المغرب إلى أن يغيب الشفق الأحمر.
ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل، ثم يبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني.
ووقت الفجر من ذلك إلى طلوع الشمس، والفجر فجران فجر كاذب وفجر صادق الفجر الكاذب في وقت الأذان الأول (خط أبيض يطلع من المشرق إلى نصف السماء له شعاع فذاك وقت ليس فيه فريضه),والفجر الصادق (خط أبيض عريض كبير يطلع معترض من المشرق فذاك وقت صلاة الفجر) ومن كبر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها، والصلاة في أول الوقت أفضل، إلا في العشاء الآخرة وفي شدة الحر الظهر.ومن أخر الصلاة عن وقتها فإن كان لعذر من نوم أونسيان ونحوه فإنه يصليها إذا زال ذلك العذر لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ نَسِىَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ ». ثم تلا : وأقم الصلاة لذكري». ( )
قال ابن عثيمين : ومن ترك الصلاة حتى خرج وقتها لغير عذر فقد صلاها على غير أمر الله ورسوله فتكون مردودة عليه .لحديث عائشة رضي الله عنها - المتفق عليه - أن النبي قال «من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ».
الشرط الثامن استقبال القبلة وهي الكعبة قال: الله تعالى قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ( ).
قال ابن القيم رحمه الله : إن استقبال القبلة شرط في صحة الصلاة وكذا ستر العورة .
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني - (ج 2 / ص 260):
باب استقبال القبلة.
استقبال القبلة شرط في صحة الصلاة إلا في الحالتين اللتين ذكرهما الخرقي ، رحمه الله .
والأصل في ذلك قول الله تعالى:﴿ وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره﴾
يعني نحوه ، كما أنشدوا :
ألا من مبلغ عنا رسولا *** وما تغني الرسالة شطر عمرو
أي نحو عمرو .
وتقول العرب : هؤلاء القوم يشاطروننا .
إذا كانت بيوتهم تقابل بيوتهم .
وقال علي ، : شطره قبله وروي عن البراء قال { قدم رسول الله فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا ، ثم إنه وجه إلى الكعبة فمر رجل ، وكان يصلي مع النبي على قوم من الأنصار ، فقال : إن رسول الله قد وجه إلى الكعبة . فانحرفوا إلى الكعبة " .أخرجه النسائي .
وكانت قبلة النبي قبل بيت المقدس ثم تحول إلى الكعبة ثبت من حديث الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ قِبَلَ مَكَّةَ فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ وَكَانَتْ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ .
قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾.( )
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ».( )
وَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ .( ) (2 / 66)
وثبت من حديث عبد الله بن مسعود قال: صلى النبي فلما سلم قيل له يا رسول الله ، أحدث في الصلاة شيئ؟ قال: وما ذاك قالوا : صليت كذا وكذا ، فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ...) الحديث.( )
وعن عبدالله بن عباس قال : لما دخل النبي البيت دعا في نواحيه كلها، ولم يصل حتى خرج منه فلما خرج ركع ركعتين في قُبُل الكعبة وقال: «هذه القبلة».( )
ولا تصح الصلاة إلا بها ومن صلى إلى غيرها فصلاته باطلة إلا في أحوال أربع:
الحالة الأولى: إذا كان قد أشتبهت عليه القبلة لا يدري إلى أين يصلي فيتحرى القبلة حسب ما يستطيع ويتجه إلى أغلب ظنه ، وإذا تبين له بعد ما صلى أن القبلة هكذا ، لا إعادة عليه ، قال الله تعالى : ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾.
الحالة الثانية: إذا كان خائفاً أو هارباً ، وتجاهه إلى غير القبلة، في هذا الحال تسقط القبلة عليه، إذا لم يستطيع ، لقول الله تعالى : ﴿فإن خفتم فرجالاً أو ركبانا ﴾ الآية .والخائف قد يكون اتجاهه إلى القبلة أو إلى غيرها ، فإنه رخص الله له ، راجلاً أو راكبا ، فمقتضى ذلك أن يرخص الله له في الاتجاه إلى غير القبلة .
الحالة الثالثة: إذا كان مريضاً، فعجز عن استقبال القبلة ووجهه إلى غير القبلة ، فصلاته تصح إلى أي جهة كان ، لقول الله تعالى: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾ هذا وإن كان الرجل لا يستطيع إن يتحول إلى القبلة .
الحالة الرابعة: إذا كان في سفر ، وأراد أن يصلي نافلة على الراحلة يجوز له أن يصلي النافلة على راحلته إلى حيث كان من الجهات ، كان النبي يصلي في السفر حيث كان وجهه ، لحديث جابر قال: كان رسول الله ، يصلي على راحلته حيث توجهت ، فإذا أراد الفريضة ، نزل فاستقبل القبلة) الحديث... ( )
فهذا الحديث يدل على أنه للنافلة دون الفريضة، أما الفريضة يجب عليه أن يستقبل القبلة ، سواء في السفر أو غير السفر .
ولا تجزء الفريضة على النافلة، إلا ما أجمعوا عليه من الصلاة على السفينة، ونظيرها الطائرة، مع تحري القبلة فيها.
والتاسع النيةُ في ذا العلمِ * تم بحمد لله هذا النظمِ
الشرح .................................................. ..............
الشرط التاسع : هو النية . والنية محلها القلب، وهي في اللغة القصد،وفي الشرع العزم على فعل العبادة تقربا إلى الله. فلا يصح أي عمل إلا بنية.
قال ابن قدامة رحمه الله : النية هي شرط لصحة الصلاة.
ولا يتلفظ بالنية لأن التلفظ بالنية بدعة:
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى -(ج 22/ص233):
الْجَهْرُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْبِدَعِ السَّيِّئَةِ لَيْسَ مِنْ الْبِدَعِ الْحَسَنَةِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ الْجَهْرَ بِالنِّيَّةِ مُسْتَحَبٌّ وَلَا هُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ سُنَّةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ . وَقَائِلٌ هَذَا يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا عُوقِبَ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ.اهـ
وقال أيضا في مجموع الفتاوى – (ج 22/ ص231):
التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ . أَمَّا فِي الدِّينِ فَلِأَنَّهُ بِدْعَةٌ . وَأَمَّا فِي الْعَقْلِ فَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ طَعَامًا فَيَقُولُ : نَوَيْت بِوَضْعِ يَدِي فِي هَذَا الْإِنَاءِ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ آخُذَ مِنْهُ لُقْمَةً فَأَضَعُهَا فِي فَمِي فَأَمْضُغُهَا ثُمَّ أَبْلَعُهَا لِأَشْبَعَ . مِثْلَ الْقَائِلِ الَّذِي يَقُولُ : نَوَيْت أُصَلِّي فَرِيضَةَ هَذِهِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيَّ حاضِرَ الْوَقْتِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي جَمَاعَةٍ أَدَاءً لِلَّهِ تَعَالَى . فَهَذَا كُلُّهُ حُمْقٌ وَجَهْلٌ وَذَلِكَ أَنَّ النِّيَّةَ بَلَاغُ الْعِلْمِ فَمَتَى عَلِمَ الْعَبْدُ مَا يَفْعَلُهُ كَانَ قَدْ نَوَاهُ ضَرُورَةً فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَ وُجُودِ الْعِلْمِ بِالْعَقْلِ أَنْ يَفْعَلَ بِلَا نِيَّةٍ ؛ وَلَا يُمْكِنُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ أَنْ تَحْصُلَ نِيَّةٌ . وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ بِالنِّيَّةِ وَتَكْرِيرَهَا لَيْسَ بِمَشْرُوعِ بَلْ مَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَدَّبَ تَأْدِيبًا يَمْنَعُهُ عَنْ ذَلِكَ التَّعَبُّدِ بِالْبِدَعِ وَإِيذَاءِ النَّاسِ بِرَفْعِ صَوْتِهِ اهـ
وقال أيضا في مجموع الفتاوى – (ج 22/ ص235):
وَأَمَّا الْجَهْرُ بِالنِّيَّةِ وَتَكْرِيرُهَا فَبِدْعَةٌ سَيِّئَةٌ لَيْسَتْ مُسْتَحَبَّةً بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ . اهـ
والدليل على أن في كل العبادات نية، حديث عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله يقول: «إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىءٍ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أوإلى امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه».( )
فهذا الحديث يدل على أن كل عبادة لله سبحانه وتعالى لا تجوز ولا تقبل ، إلا بنية والنية محلها القلب . بهذا يكون قد تمت شروط الصلاة بشرحها نسأل الله العظيم بمنه وكرمه وجوده وإحسانه أن يتوفانا على السنة وأن يختم لنا بالحسني إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.
فرغت من كتابتها يوم السبت 17/6/1429هـ
دار الحديث بدماج حرسها الله تعالى
اليـمن - صـعدة - دماج.
تقديم فضيلة الشيخ العلامة المحدث الناصح الأمينِ أَبيْ عَبْدِ الَّرحمن يحْيَى بْن عَلِيٍّ الحَجُوْرِيّْ 3
تقديم الشيخ يحيى بن علي الحجوري خطياً: 4
مقدمة 5
كَلمةُ شُكْر 7
نظم شروط الصلاة 8
حكم تارك الصلاة 9
أخي المسلم إعلم أن تارك الصلاة كافر للأدلة الثابتة في ذالك: 9
حكم تارك الصلاة عمدا 10
فصل في اختلاف القائلين بقتل تارك الصلاة 11
واختلف القائلون بقتله في مسائل : 11
إحداها: أنه هل يستتاب أم لا 11
والمرتد تقبل توبته : 12
بقي إذا أكره على الردة فارتد وقلبه مطمئن بالإيمان: 13
المسألة الثانية : أنه لا يقتل حتى يدعى إلى فعلها فيمتنع . 13
المسألة الثالثة : بماذا يقتل هل بترك صلاة أو صلاتين أو ثلاث صلوات ؟ هذا فيه خلاف بين الناس : 13
متى يعد الرجل تاركًا للصلاة 15
فصل في حكم ترك بعض شروط الصلاة أو ركن منها 17
فصل في حكم تارك الجمعة 18
وأيضا فإنه سبحانه وتعالى أمر بالعيد كما أمر بالجمعة 19
فصل في سياق اقوال العلماء من التابعين ومن بعدهم 20
في كفر تارك الصلاة ومن حكى الإجماع على ذلك. 20
وأما المسألة الرابعة: وهي قوله هل تحبط الأعمال بترك الصلاة أم لا فقد عرف جوابها مما تقدم وإنا نفرد هذه المسألة بالكلام عليها بخصوصيتها فنقول : 21
وأما تركها أحيانا فقد روي البخاري في صحيحه رقم :(553) 22
بقي خلاف بين العلماء وهو أن تارك الصلاة هل يؤمر بقضاء الصلاة أم لا ؟؟. 23
حكم المتهاون بها 28
ذكر الخلاف في شروط الصلاة هل هي تسعة أم أكثر 29
هاك أخي الشروط للصلاة نظمتها في سبعة أبيات 30
«شرح النظم» 30
أولها الإ سلام ثم الثاني * العقل هذا واضح البرهان 32
الشرح. 32
ثالثها التمييز أيضاً سطــروا * رابعها رفع الحدث قد أشـــهروا 34
الشرح. 34
وللبلوغ مميزات يميز بها 34
والحدث نوعان أكبر وأصغر الأكبر: هو ما يوجب الغسل كالجنابة، والأصغر: 35
خامسها إزالة الأنجاس من * بقعة وثوب أيضا والبدن 37
الشرح... 37
والنجاسة من ثلاثة أنواع 1-البقعة 2-الثوب 3- البدن : 38
1-البقعة: 38
ومن البقعة الحش والحمام وأعطان الإبل وقارعة الطريق والمقبرة . 39
2- الثوب: 48
تطهير النعال والخفاف من النجاسة: 52
3-البدن؛ 56
والنجاسات تنقسم إلى ثلاثة أقسام. 57
والسادس استرعورتك وصلي * إن لم تجد ثوبـا فلا تخلي 58
الشرح . 58
باب ستر العورة 58
مسألة : وسترها عن النظر بما لا يصف البشرة واجب: 59
مسألة : وعورة الرجل والأمة، ما بين السرة والركبة: 59
مسألة : قال : ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالسا يومئ إيماء وجملة ذلك ، أن العادم للسترة الأولى له أن يصلي قاعدا. 62
الصلاة في الثوب الواحد: 62
يُشترط في الثَّوب السَّاتر أربعة شروط: 64
الشَّرط الأول: 64
الشَّرط الثاني: 65
الشَّرطُ الثَّالثُ: 65
الشَّرط الرابع: 67
بقي إذا كانوا جميعا عراة، أين يكون إمامهم ؟؟ 68
بقي إذا ستتر بثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته ؟؟ 69
وكذلك من صلى في فروج حرير: 69
وكذلك الثوب الذي له أعلامٌ 69
سابعها دخول وقت كائن * ثم استقبال قبلة ذا الثامن 70
الشرح . 70
الشرط السابع دخول الوقت: 70
فوقت الظهر 70
ومن السنة الإبراد بالظهر في شدة الحر: 72
ووقت العصر 73
ووقت المغرب 73
ووقت العشاء 74
ووقت الفجر 74
الشرط الثامن استقبال القبلة 74
باب استقبال القبلة 75
ولا تصح الصلاة إلا بها ومن صلى إلى غيرها فصلاته باطلة إلا في أحوال أربع: 77
الحالة الأولى: 77
الحالة الثانية: 77
الحالة الثالثة: 77
الحالة الرابعة: 78
والتاسع النيةُ في ذا العلمِ * تم بحمد لله هذا النظمِ 79
الشرح . 79
الشرط التاسع : هو النية 79
ولا يتلفظ بالنية لأن التلفظ بالنية بدعة: 79
فهرس 81
شرح
نظم شروط الصلاة
تأليف
أبي عبد الرحمن يوسف بن يحيى القيسي
تقديم فضيلة الشيخ المحدث
أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله
دار الحديث بدماج
تقديم فضيلة الشيخ العلامة المحدث الناصح الأمين
أَبِيْ عَبْدِ الَّرحمن يحْيَى بْن عَلِيٍّ الحَجُوْرِيّْ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
أما بعد
فقد طلب مني الولد الطالب النبيل، يوسف بن يحيى القيسي،وفقه الله، أن أقرأ ما جمعه من الشرح على نظمه لشروط الصلاة، التي ذكرها أهل العلم في كتبهم منثورة فنظمها ثم شرحها الولد يوسف شرحا طيبا لا بأس به نقله من كتب الفقه ففيه لقارئه فائدة.
ولعله إن شاء الله أن ينظر فيه أكثر فيذكر القول الصواب فيها والله يوفقه لذلك وللإستمرار في طلب العلم.
كتبه: يحيى بن علي الحجوري
في12/ربيع الثاني /1430هـ.
تقديم الشيخ يحيى بن علي الحجوري خطياً:
الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له,وأشهد أن محمد عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( )
وقال: يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ( )
وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا( )
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى رسول الله وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أما بعد.
فإن فضل الصلاة عظيم؛ ومنزلتها كبيرة في الإسلام ولذا النبي رتب على صلاحها صلاح الأعمال وعلى فسادها فساد الأعمال لما صح : عن عبدالله بن مسعود قال:سألت رسول الله أي العمل أفضل؟ قال "الصلاة لوقتها" قال قلت: ثم أي؟ قال "بر الوالدين" قال قلت: ثم أي؟ قال "الجهاد في سبيل الله" فما تركت أستزيده إلا إرعاء عليه.( )
وأيضا مما يزيدها شر فا أنها فرضت في السماء لحديث جبريل الطويل.
ومن فضائلها أنها تنهى عن الفحشاء والمنكرقال الله تعالى إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ ( )
وللصلاة فضائل كثيرة لايسع المكان لذكرها ، فلما كانت الصلاة بهذه المنـزلة شرعت في نظم شروطها التي ذكرها الله في كتابه وذكرها الرسول في سنته مع بعض التعليقات عليها بحمد الله ، وأسميتها التعليقات العلاة شرح نظم شروط الصلاة نسأل الله الإخلاص في القول والعمل وأن يثبتنا على السنة حتى نلقاه أنه ولي ذلك والقادر عليه والحمد لله رب العالمين .
كتبه:
أبو عبد الرحمن يوسف بن يحي القيسي
بدار الحديث بدماج 23/1/1430هـ
كَلمةُ شُكْر
هذا وإني أحمد الله الذي خلقني ورباني وأوجدني من العدم وعلمني مما لم أكن أعلم فله جزيل الشكر والحمد والمنة, وكذالك أشكر والدي الذان ربياني من صغري على السنة وعلى طاعة الله سبحانه وتعالى واجتناب نواهيه فجزاهم الله خيرا, وكذالك أشكر شيخي الكريم الشيخ الفاضل المحدث الناصح الأمين الشيخ يحيى بن علي الحجوري على ما قدم لي وقرأرسالتي فحفظه الله وبارك فيه وأطال في عمره وجعله ذخرا للإسلام والمسلمين وأسكنه فسيح جناته, وكذالك كل من أعانني على جمع هذه الرسالة أو على مراجعتها فجزاهم الله خيراً.
نظم شروط الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
هاك أخي الشروط للصـلاة
نظمتها في سبعةٍ أبيــات
أولها الإسلام ثم الثاني
العقل هذا واضح البرهان
ثالثها التمييز أيضاًسطروا
رابعها رفع الحدث قد أشهروا
خا مسها إزالـة الأنجاس من
بقعة وثوب أيضا والبــدن
سادسها استر عورتـك وصلي
إن لم تجد ثو با فلا تخلي( )
سابعها دخول وقت كائـن
ثم استقبال قبلة ذا الـثامـن
والتا سع النية في ذا العلم
تم بحمد الله هذا النظم
حكم تارك الصلاة
أخي المسلم إعلم أن تارك الصلاة كافر للأدلة الثابتة في ذالك:
قال الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾( )
قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ﴾( )
وقال: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾( )
ثبت من حديث جابر قال : سمعت النبي يقول :" إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة."( )
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ « الْعَهْدُ الَّذِى بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ».( )
قال ابن القيم رحمه الله في الصلاة وحكم تاركها (ج 1 / ص 29):
حكم تارك الصلاة عمدا
لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمه عند الله، أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ، ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة، ثم اختلفوا في قتله وفي كيفية قتله وفي كفره:
فأفتى سفيان بن سعيد الثوري وأبو عمرو الأوزاعي وعبد الله بن المبارك وحماد بن زيد ووكيع بن الجراح ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأصحابهم بأنه يقتل ثم اختلفوا في كيفية قتله .
فقال جمهورهم يقتل بالسيف ضربا في عنقه، وقال بعض الشافعية يضرب بالخشب إلى أن يصلي أو يموت.
وقال ابن سريج ينخس بالسيف حتى يموت لأنه أبلغ في زجره وأرجى لرجوعه.
والجمهور يحتجون بقوله:" إن الله كتب الإحسان في كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة." ( ) العنق بالسيف أحسن القتلات وأسرعها إزهاقا للنفس.
وقد سن الله سبحانه في قتل الكفار المرتدين ضرب الأعناق دون النخس بالسيف وإنما شرع في حق الزاني المحصن القتل بالحجارة ليصل الألم إلى جميع بدنه حيث وصلت إليه اللذة بالحرام ولأن تلك القتلة أشنع القتلات والداعي إلى الزنا داع قوي في الطباع فجعلت غلظة هذه العقوبة في مقابلة قوة الداعي ولأن في هذه العقوبة تذكيرا لعقوبة الله لقوم لوط بالرجم بالحجارة على ارتكاب الفاحشة.
وقال:عبدالله بن شقيق : كان أصحاب النبي لايرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة وقد نقل إجماعهم إسحاق بن راهويه : على أن تارك الصلاة كافر .
فصل في اختلاف القائلين بقتل تارك الصلاة
واختلف القائلون بقتله في مسائل :
إحداها: أنه هل يستتاب أم لا ، فالمشهور أنه يستتاب ؛ فإن تاب ترك وإلا قتل هذا قول الشافعي وأحمد وأحد القولين في مذهب مالك .
وقال أبو بكر الطرطوشي في تعليقه مذهب مالك إنه يقال له: صل ما دام الوقت باقيا، فإن فعل ترك وإن امتنع حتى خرج الوقت قتل وهل يستتاب أم لا ؟؟ قال بعض أصحابنا : يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وقال بعضهم : لا يستتاب؛ لأن هذا حد من الحدود يقام عليه فلا تسقطه التوبة كالزاني والسارق ، وهذا القول يلزم من قال يقتل حدا ، فإنه إذا كان حده على ترك الصلاة القتل كان كمن حده القتل على الزنا والمحاربة والحدود تجب بأسبابها المتقدمة ولا تسقطها التوبة بعد الرفع إلى الإمام وأما من قال يقتل لكفره فلا يلزمه هذا لأنه جعله كالمرتد وإذا أسلم سقط عنه القتل.
قال الطرطوشي وهكذا حكم الطهارة والغسل من الجنابة والصيام عندنا ، فإذا قال لا أتوضأ ولا اغتسل من الجنابة ولا أصوم قتل ولم يستتب سواء. قال: هي فرض علي أو جحد فرضها .
قلت : هذا الذي حكاه الطرطوشي عن بعض أصحابه أنه يقتل من غير استتابة ، هو رواية عن مالك وفي استتابه المرتد روايتان عن أحمد وقولان للشافعي، ومن فرق بين المرتد وبين تارك الصلاة في الاستتابة فاستتاب المرتد دون تارك الصلاة كإحدى الروايتين عن مالك، يقول: الظاهر أن المسلم لا يترك دينه إلا لشبهة عرضت له تمنعه البقاء عليه فيستتاب رجاء زوالها والتارك للصلاة مع إقراره بوجوبها عليه لا مانع له فلا يمهل .
قال المستتيبون له: هذا قتل لترك واجب شرعت له الاستتابة فكانت واجبة كقتل الردة .
قالوا: بل الاستتابة هاهنا أولى لأن احتمال رجوعه أقرب لأن التزامه للإسلام يحمله على التوبة مما يخلصه من العقوبة في الدنيا والآخرة .
- قال بن القيم-: وهذا القول هو الصحيح لأن أسوأ أحواله أن يكون كالمرتد ، وقد اتفق الصحابة على قبول توبة المرتدين ومانعي الزكاة وقد قال الله تعالى : قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ ( ) وهذا يعم المرتد وغيره .
والفرق بين قتل هذا حدا وقتل الزاني والمحارب أن قتل تارك الصلاة إنما هو على إصراره على الترك في المستقبل وعلى الترك في الماضي بخلاف المقتول في الحد، فإن سبب قتله الجناية المتقدمة على الحد لأنه لم يبق له سبيل إلى تداركها، وهذا له سبيل الاستدراك بفعلها بعد خروج وقتها عند الأئمة الأربعة وغيرهم، ومن يقول من أصحاب أحمد لا سبيل له إلى الاستدراك كما هو قول طائفة من السلف يقول القتل ها هنا على ترك فيزول الترك بالفعل، فأما الزنا والمحاربة فالقتل فيهما على فعل والفعل الذي مضى لا يزول بالترك .
والمرتد تقبل توبته :
ثبت عند البيهقي في الكبرى - (8 / 197) من حديث ابن عباس قال : ارتد رجل من الأنصار فلحق بالمشركين قال فأنزل الله عز و جل { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق } إلى قوله { إلا الذين تابوا } قال فكتب بها قومه إليه فلما قرئت عليه قال والله ما كذبني قومي على رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا كذب رسول الله صلى الله عليه و سلم على الله عز و جل والله أصدق الثلاثة قال فرجع تائبا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقبل ذلك منه وخلى سبيله. قال الشيخ يحيى حفظه الله عند شرح هذا الحديث هذا برهان على أن المرتد تقبل توبته.
قلت: الصحيح أن المرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل لقول رسول الله : «من بدل دينه فاقتلوه».
بقي إذا أكره على الردة فارتد وقلبه مطمئن بالإيمان:
قال الله تعالى: +مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ_ [النحل : 106].
وثبت عند البيهقي في الكبرى - (8 / 209) من حديث ابن عباس في قوله : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان قال أخبر الله سبحانه إنه من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم فأما من أكره فتكلم بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه فلا حرج عليه وإن الله سبحانه إنما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم.
المسألة الثانية : أنه لا يقتل حتى يدعى إلى فعلها فيمتنع .
فالدعاء إليها لا يستمر ولذلك أذن النبي في الصلاة نافلة خلف الأمراء الذين يؤخرون الصلاة حتى يخرج الوقت ، ولم يأمر بقتالهم ولم يأذن في قتلهم لأنهم لم يصروا على الترك ، فإذا دعي فامتنع لا من عذر حتى يخرج الوقت تحقق تركه وإصراره.
المسألة الثالثة : بماذا يقتل هل بترك صلاة أو صلاتين أو ثلاث صلوات ؟ هذا فيه خلاف بين الناس :
قال سفيان الثوري ومالك وأحمد: في إحدى الروايات يقتل بترك صلاة واحدة ، وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد، وحجة هذا القول ما تقدم من الأحاديث الدالة على قتل تارك الصلاة. ولأنه إذا دعي إلى فعلها في وقتها فقال لا أصلي ولا عذر له فقد ظهر إصراره فتعين إيجاب قتله وإهدار دمه واعتبار التكرار ثلاثا ليس عليه دليل من نص ولا إجماع ولا قول صاحب وليس أولى من اثنتين.
وقال إسحاق بن منصور المعروف بالكوسج من أصحاب أحمد: إن كانت الصلاة المتروكة تجمع إلى ما بعدها كالظهر والعصر والمغرب والعشاء لم يقتل حتى يخرج وقت الثانية؛ لأن وقتها وقت الأولى في حال الجمع فأورث شبهة هاهنا وإن كانت لا تجمع إلى ما بعدها كالفجر والعصر وعشاء الآخرة قتل بتركها وحدها إذ لا شبهة ها هنا في التأخير . وهذا القول حكاه إسحاق عن عبدالله بن المبارك او عن وكيع بن الجراح الشك من اسحاق في تعيينه .
قال أبو البركات عبد السلام بن عبد الله ابن تيمية: والتسوية أصح ، وإلحاق التارك ها هنا بأهل الأعذار في الوقت لا يصح كما لم يصح إلحاقه بهم في أصل الترك .
قال بن القيم: وقول إسحاق أقوى وأفقه؛ لأنه قد ثبت أن هذا الوقت للصلاتين في الجملة، فأورث ذلك شبهة في إسقاط القتل، ولأن النبي منع من قتل الأمراء المؤخرين الصلاة عن وقتها، وإنما كانوا يؤخرون الظهر إلى وقت العصر وقد يؤخرون العصر إلى آخر وقتها ولما قيل له ألا نقاتلهم قال:" لا ما صلوا "( ) فدل على أن ما فعلوه صلاة يعصمون بها دماءهم .
متى يعد الرجل تاركًا للصلاة
ومن دعي إلى الصلاة في وقتها فقال:" لا أصلي " وامتنع حتى فاتت وجب قتله وإن لم يتضيق وقت الثانية نص عليه الإمام أحمد .
وقال القاضي محمد بن الحسين أبو يعلى وأصحابه كأبي الخطاب محفوظ بن محمد الكلواذاني وابن عقيل لا يقتل حتى يتضايق وقت التي بعدها .
قال الشيخ أبو البركات ابن تيمية: من دعي إلى صلاة في وقتها فقال لا أصلي وامتنع حتى فاتت وجب قتله وإن لم يتضيق وقت الثانية نص عليه .
قال وإنما اعتبرنا تضايق وقت الثانية في المثال الذي ذكره- يعني أبا الخطاب -لأن القتل بتركها دون الأولى ، لأنه لما دعي إليها كانت فائتة والفوائت لا يقتل تاركها .
ولفظ أبي الخطاب الذي أشار إليه فإن أخر الصلاة حتى خرج وقتها جاحدا لوجوبها كفر ووجب قتله ؛ فإن أخرها تهاونا لا جحودا لوجوبها دعي إلى فعلها فإن لم يفعلها حتى تضايق وقت التي بعدها، وجب قتله فالتي أخرها تهاونا هي التي أخرها حتى خرج وقتها فدعي إليها بعد خروج وقتها فإذا امتنع من فعلها حتى تضايق وقت الآخرة التي بعدها كان قتله بتأخير الصلاة التي دعي إليها حتى تضايق وقتها هذا تقرير ما ذكره الشيخ .
وعن أحمد رواية أخرى أنه إنما يجب قتله إذا ترك ثلاث صلوات وتضايق وقت الرابعة وهذا اختيار الاصطخري من الشافعية .
ووجه هذا القول أن الموجب للقتل هو الإصرار على ترك الصلاة والإنسان قد يترك الصلاتين لكسل أو ضجر أو شغل يزول قريبا ولا يدوم فلا يسمى بذلك تاركا للصلاة فإذا كرر الترك مع الدعاء إلى الفعل علم أنه إصرار .
وقدسمعت شيخنا يحيى حفظه الله يقول: "المتهاون بالصلاة كافر حتى ولو تهاون بصلاة واحدة ".
وعن أحمد رواية ثالثة أنه يجب قتله بترك صلاتين ولهذه الرواية مأخذان :
أحدهما : أن الترك الموجب للقتل هو الترك المتكرر لا مطلق الترك حتى يطلق عليه أنه تارك الصلاة وأقل ما يثبت به الترك المتكرر مرتان.
المأخذ الثاني : أن من الصلاة ما تجمع إحداهن إلى الأخرى فلا يتحقق تركها إلا بخروج وقت الثانية فجعل ترك الصلاتين موجبا للقتل وإسحاق وافق هذه الرواية في المجموعتين .اهـ بتصرف.
فصل في حكم ترك بعض شروط الصلاة أو ركن منها
وحكم ترك الوضوء والغسل من الجنابة واستقبال القبلة وستر العورة حكم تارك الصلاة وكذلك حكم ترك القيام للقادر عليه هو كترك الصلاة وكذلك ترك الركوع والسجود .
وإن ترك ركنا أو شرطا مختلفا فيه وهو يعتقد وجوبه فقال ابن عقيل حكمه حكم تارك الصلاة ولا بأس أن نقول بوجوب قتله وقال الشيخ أبو البركات ابن تيمية عليه الإعادة ولا يقتل من أجل ذلك بحال.
فوجه قول ابن عقيل أنه تارك للصلاة عند نفسه وفي عقيدته فصار كتارك الزكاة والشرط المجمع عليه .
ووجه قول أبي البركات ابن تيمية أنه لا يباح الدم بترك المختلف في وجوبه أقرب إلى مأخذ الفقه وقول ابن عقيل أقرب إلى الأصول فإن تارك ذلك عازم وجازم على الإتيان بصلاة باطلة فهو كما لو ترك مجمعا عليه وللمسألة غور بعيد يتعلق بأصول الإيمان وأنه من اعمال القلوب واعتقادها .
فصل في حكم تارك الجمعة
روى مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود أن النبي قال :" لقوم يتخلفون عن الجمعة لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم احرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم."
وعن أبي هريرة وابن عمر أنهما سمعا رسول الله يقول على أعواد منبره لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات:" أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين."
وفي السنن كلها (1) من حديث أبي الجعد الضمري وله صحبة أن النبي قال :" من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه."
وأخطأ على الشافعي من نسب إليه القول بأن صلاة الجمعة فرض على الكفاية إذا قام بها قوم سقطت عن الباقين فلم يقل الشافعي هذا قط فإنما غلط عليه من نسب ذلك إليه بسبب قوله في صلاة العيد ، إنها تجب على من تجب عليه صلاة الجمعة بل هذا نص من الشافعي أن صلاة العيد واجبة على الأعيان ، وهذا هو الصحيح في الدليل فإن صلاة العيد من أعاظم شعائر الإسلام الظاهرة ولم يكن يتخلف عنها أحد من أصحاب رسول الله ولا تركها رسول الله مرة واحدة ولو كانت سنة لتركها ولو مرة واحدة كما ترك قيام رمضان بيانا لعدم وجوبه وترك الوضوء لكل صلاة بيانا لعدم وجوبه وغير ذلك .
وأيضا فإنه سبحانه وتعالى أمر بالعيد كما أمر بالجمعة
فقال : ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾( ) فأمر النبي الصحابة أن يغدوا إلى مصلاهم لصلاة العيد معه إن فات وقتها وثبت الشهر بعد الزوال. ( )
وأمر النبي العواتق وذوات الخدور وذوات الحيض ان يخرجن إلى العبد وتعتزل الحيض المصلي. ( ) ولم يأمر بذلك في الجمعة
قال ابن تيمية رحمه الله: فهذا يدل على إن العيد آكد من الجمعة.
فصل في سياق اقوال العلماء من التابعين ومن بعدهم
في كفر تارك الصلاة ومن حكى الإجماع على ذلك.
قال محمد بن نصر في ( )حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال : ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه .
وحكى محمد بن نصررقم: عن ابن المبارك قال: من أخر صلاة حتى يفوت وقتها متعمدا من غير عذر فقد كفر.
وقال علي بن الحسن بن شقيق سمعت عبد الله بن المبارك يقول: من قال إني لا أصلي المكتوبة اليوم فهو أكفر من حمار .
وقال يحيى بن معين قيل لعبد الله بن المبارك إن هؤلاء يقولون من لم يصم ولم يصل بعد أن يقر به فهو مؤمن مستكمل الإيمان فقال عبد الله لا نقول نحن ما يقول هؤلاء من ترك الصلاة متعمدا من غير علة حتى أدخل وقتا في وقت فهو كافر.
وقال ابن أبي شيبة قال النبي:" من ترك الصلاة فقد كفر فيقال له ارجع عن الكفر فإن فعل وإلا قتل بعد أن يؤجله الوالي ثلاثة أيام".
وقال أحمد بن يسار: سمعت صدقة بن الفضل وسئل عن تارك الصلاة فقال كافر فقال له السائل أتبين منه امرأته فقال صدقة وأين الكفر من الطلاق لو أن رجلا كفر ولم تطلق منه امرأته .
وقال أيضا رقم : (990) ] سمعت إسحاق يقول صح عن النبي أن تارك الصلاة كافر وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي إلى يومنا هذا أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر .
وأما المسألة الرابعة: وهي قوله هل تحبط الأعمال بترك الصلاة أم لا فقد عرف جوابها مما تقدم وإنا نفرد هذه المسألة بالكلام عليها بخصوصيتها فنقول :
أما تركها بالكلية فإنه لا يقبل معه عمل ، كما لا يقبل مع الشرك عمل فإن الصلاة عمود الإسلام كما صح عن النبي وسائر الشرائع كالأطناب والأوتاد ونحوها ، وإذا لم يكن للفسطاط عمود لم ينتفع بشيء من اجزائه فقبول سائر الاعمال موقوف على قبول الصلاة فإذا ردت ردت عليه سائر الأعمال وقد تقدم الدليل على ذلك .
وأما تركها أحيانا فقد روي البخاري في صحيحه رقم :(553)
من حديث بريدة قال قال رسول الله :" بكروا بصلاة العصر فإن من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ".
وقد تكلم قوم في معنى هذا الحديث ؛ فأتوا بما لا حاصل له .
قال المهلب: معناه من تركها مضيفا لها متهاونا بفضل وقتها مع قدرته على أدائها حبط عمله في الصلاة خاصة أي لا يحصل له أجر المصلي في وقتها ولا يكون له عمل ترفعه الملائكة .
وحاصل هذا القول: إن من تركها فاته أجرها ولفظ الحديث ومعناه يأبى ذلك ولا يفيد حبوط عمل قد ثبت وفعل وهذا حقيقة الحبوط في اللغة والشرع ولا يقال لمن فاته ثواب عمل من الأعمال إنه قد حبط عمله وإنما يقال فاته أجر ذلك العمل .
وقالت طائفة: يحبط عمل ذلك اليوم لا جميع عمله فكأنهم استصعبوا حبوط الأعمال الماضية كلها بترك الصلاة واحدة وتركها عنده ليس بردة تحبط الأعمال فهذا الذي استشكله هؤلاء هو وارد عليهم بعينه في حبوط عمل ذلك اليوم .
والذي يظهر في الحديث والله أعلم بمراد رسوله أن الترك نوعان ترك كلي لا يصليها أبدا فهذا يحبط العمل جميعه وترك معين في يوم معين فهذا يحبط عمل ذلك اليوم فالحبوط العام في مقابلة الترك العام والحبوط المعين في مقابلة الترك المعين.
فإن قيل كيف تحبط الأعمال بغير الردة ؟؟
قيل: نعم قد دل القرآن والسنة والمنقول عن الصحابة أن السيئات تحبط الحسنات كما الحسنات يذهبن السيئات؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى وقال الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُون ( )
وقالت عائشة: لأم زيد بن أرقم أخبري زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله إلا أن يتوب لما باع بالعينة.
بقي خلاف بين العلماء وهو أن تارك الصلاة هل يؤمر بقضاء الصلاة أم لا ؟؟.
قال ابن القيم رحمه الله في الصلاة وحكم تاركها(ج 1 / ص 118):
حدثنا إسحاق حدثنا النضر عن الأشعت عن الحسن قال إذا ترك الرجل صلاة واحدة متعمدا فإنه لا يقضيها.
قال محمد وقول الحسن هذا يحتمل معنيين :
أحدهما: إنه كان يكفره بترك الصلاة متعمدا فلذلك لم يرد عليه القضاء لأن الكافر لا يؤمر بقضاء ما ترك من الفرائض في كفره.
والثاني : أنه لم يكفره بتركها وأنه ذهب إلى أن الله عز و جل إنما فرض أن يأتي بالصلاة في وقت معلوم ، فإذا تركها حتى ذهب وقتها فقد لزمته المعصية لتركه الفرض في الوقت المأمور بإتيانه فيه فإذا اتى به بعد ذلك فإنما أتى به في وقت لم يؤمر بإتيانه فيه فلا ينفعه أن يأتي بغير المأمور. به عن المأمور به وهذا قول غير مستنكر في النظر لولا أن العلماء قد أجمعت على خلافه .
وقال الله تعالى في كتابه الكريم : قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِين [الأنفال/38].
قال : ومن ذهب إلى هذا قال في الناسي للصلاة حتى يذهب وقتها وفي النائم أيضا لو لم يأت الخبر عن النبي أنه قال:" من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا استيقظ."( )
وذكر أنه نام عن صلاة الغداة فقضاها بعد ذهاب الوقت لما وجب عليه في النظر قضاؤها أيضا فلما جاء الخبر عن النبي بذلك وجب عليه قضاؤها وبطل حظ النظر .
فقد نقل محمد الخلاف صريحا وظن أن الأمة أجمعت على خلافه وهذا يحتمل معنيين :
أحدهما: أنه يرى أن الإجماع ينعقد بعد الخلاف .
والثاني: أنه لايرى خلاف الواحد قادحا في الإجماع
وفي المسألتين نزاع معروف .
وأما قوله: إن القياس يقتضي أن لا يقتضي النائم والناسي لولا الخبر فليس كما زعمتم لأن وقت النائم والناسي هو وقت ذكره وانتباهه لا وقت له غير ذلك كما تقدم والله أعلم
وأما قولكم: إن الكافة نقلت والأمة أجمعت أن من لم يصم شهر رمضان اشرا وبطرا أن عليه قضاءه فأين النقل بذلك إذا جاء عن أصحاب رسول الله وقد روى عنه أهل السنن (1) من حديث أبي هريرة :" من أفطر يوما من رمضان من غير عذر الصلاة لم يقضه عنه صيام الدهر وإن صامه فهذه الرواية المعروفة فأين الرواية عنه او عن أصحابه من افطر رمضان او بعضعه اجزأ عنه ان يصوم مثله .
وأما قولكم إن الصلاة والصيام دين ثابت يؤدي أبدا وإن خرج الوقت المؤجل لما يقول رسول الله "دين الله أحق أن يقضي" .( )
فنقول هذا الدليل مبني على مقدمتين:
إحداهما: إن الصلاة والصيام دين ثابت في ذمة من تركهما عمدا والمقدمة الثانية أن هذا الدين قابل للأداء فيجب أداؤه
فأما المقدمة الأولى فلا نزاع فيها ولا نعلم أن أحدا من أهل العلم قال بسقوطها من ذمته بالتأخير ولعلكم توهمتم علينا أنا نقول بذلك وأخذتم في الشناعة علينا وفي التشغيب ونحن لم نقل ذلك ولا أحد من أهل الإسلام.
وأما المقدمة الثانية: ففيها وقع النزاع وأنتم لم تقيموا عليها دليلا فادعاؤكم لها هو دعوى محل النزاع بعينه ، جعلتموه مقدمة من مقدمات الدليل وأثبتم الحكم بنفسه فمنازعوكم يقولون لم يبق للمكلف طريق إلى استدراك هذا الفائت، وإن الله تعالى لا يقبل أداء هذا الحق إلا في وقته وعلى صفته التي شرعه عليها وقد أقاموا على ذلك من الأدلة ما قد سمعتم فما الدليل على أن هذا الحق قابل للأداء في غير وقته المحدود له شرعا وأنه يكون عبادة بعد خروج وقته .
وأما قوله :« اقضوا الله فالله أحق بالقضاء».( ) فهذا إنما قاله في حق المعذور لا المفرط .
ونحن نقول في مثل هذا الدين يقبل القضاء وأيضا فهذا إنما قاله رسول الله في النذر المطلق الذي ليس له وقت محدود الطرفين .
ففي الصحيحين من حديث ابن عباس أن امرأة قالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟؟ قال:" أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها؟؟" قالت: نعم . قال:" فصومي عن أمك.")( )
وفي رواية: أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن نجاها الله أن تصوم شهرا فأنجاها الله سبحانه وتعالى فلم تصم حتى ماتت فجاءت قرابة لها إلى رسول الله فذكرت ذلك فقال صومي عنها رواه أهل السنن ( )
وكذلك جاء منه الأمر بقضاء هذا الدين في الحج الذي لا يفوت وقته إلا بنفاد العمر ففي المسند (4 / 5) وسنن النسائي رقم : (3635) من حديث عبدالله بن الزبير قال جاء رجل من خثعم إلى رسول الله فقال: إن أبي أدركه الإسلام وهو شيخ لا يستطيع ركوب رحل والحج مكتوب عليه أفأحج عنه؟؟ قال:" أنت أكبر ولده ؟؟" قال :نعم. قال:" أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أكان ذلك يجزيء عنه؟" قال :نعم. قال:"فحج عنه ".
وعن ابن عباس : أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها ؟؟ قال:" نعم حجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته اقضوا الله فالله أحق بالوفاء."
وعن ابن عباس أيضا قال أتى النبي رجل فقال: إن أبي مات وعليه حجة الإسلام أفأحج عنه قال :" أرأيت لو أن أباك ترك دينا عليه فقضيته أكان يجزيء عنه قال نعم قال فحج عن أبيك." ( )
ونحن نقول في مثل هذا الدين القابل للأداء دين الله أحق أن يقضى فالقضاء المذكور في هذه الأحاديث ليس بقضاء عبادة مؤقتة محدودة الطرفين وقد جاهر بمعصيته الله سبحانه وتعالى بتفويتها بطرا وعدوانا فهذا الدين مستحقه لا يعتد به ولا يقبله إلا على صفته التي شرعه عليها ولهذا لو قضاه على غير تلك الصفة لم تنفعه.
حكم المتهاون بها
قال الله تعالى : ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ ( )
قال ابن قدامة رحمه الله : فإن تركها تهاونًا بها استتيب ثلاثًا، فإن تاب وإلا قتل.
وقال:الإمام محمد بن علي العمري في الفيته:
وتارك الصلاة حتى كسلا
يقتل كفرا إن دعي وقال لا
وما له فئ ولا يغسل
وصحح الشيخان حدا يقتل
والمراد بالشيخين ابن تيمية وابن قد امة.
وقال:شيخنا حفظه الله المتهاون بالصلاة كافر حتى ولو تهاون بصلاة واحدة.
ذكر الخلاف في شروط الصلاة هل هي تسعة أم أكثر
اختلف الفقهاء في شروط الصلاة فبعضهم وصلها إلى خمسة عشر 15/ كأحمد بن حجر الهيثمي في كتابه المنهاج القويم ص111/.
والصواب أنها تسعة 9/ لا زيادة وهي عند أكثر أهل العلم كابن قدامة، وبن القيم، وابن تيمية، وابن عثيمين، والشافعي، ومالك، وغيرهم من أهل العلم رضوان الله عليهم .
هاك أخي الشروط للصلاة نظمتها في سبعة أبيات
«شرح النظم» ..................................
هاك أخي الشروط للصلاة :هاك اسم فعل أمر بمعنى : خذ أي خذ هذه الشروط.
والشرط لغة العلامة ومنه قوله تعالى:فَقَدْ جَاءَ أشراطها فَأَنَّى لَهُمْ إذاجاءتهم ذِكْرَاهُمْ( ).
وشرعا ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته .والصلاة لغة, الدعاء، قال الله تعالى: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ( )
قال:البخاري : دعاؤكم أي صلاتكم . وقوله : وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ( )
وشرعا ذات أقوال وأفعال تفتتح بالتكبير وتنتهي بالتسليم .
نظمتها في سبعة أبيات :واضحة لقصد تسهيل حفظها وفهمها كما قال: السفاريني :
وصار من عادة أهل العلــم
أن يعتنوا في سبر ذا بالنظـم
لأنه يسهل للحفظ كما
يروق للسمع ويشفي من ظما
وقال العمريطي في نظم الورقات:
....................................
مسهلا لحفظه وفهمه
أولها الإ سلام ثم الثاني * العقل هذا واضح البرهان
الشرح............................................. ................
أولها الإسلام ثم الثاني: الأول من هذه الشروط التسعة هو الإسلام فلا تقبل الصلاة إلا من مسلم لقول الله تعالى فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ( ).
وأما الكافر فلا يقبل الله منه أي عمل لقوله تعالى:﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ ( ).
وقال : ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ ( ).
وقال : ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ المُهْتَدِينَ﴾ ( ).
ومن أهل العلم من قال أن الكافر إذا أقام الصلاة بصفتها وشروطها وواجباتها وأركانها فقد دخل في الإسلام ففي مذهب الحنابلة أن الكافر إذا صلى أسلم قال: الإمام محمد بن علي العُمَري المقدسي : في ألفيته:
وكافر فباالصلاة يسلم
في كل حال وبهذا يحكم
حتى ولو منفردا قد صلى
أوخارج المسجد ليس إلا
بالجزءمن وقت الصلاة تلزم
إن يطر منع فالقضا محتم
وقاله جمع من المتقدمين والمتأخرين فمن المتقدمين شيخ الإسلام ابن تيمية ومن المتأخرين شيخنا يحي حفظه الله.
الشرط الثاني هو العقل فلا تصح الصلاة إلابه فضد العقل الجنون والمجنون مرفوع عنه القلم لحديث عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يكبر " .( )
ثالثها التمييز أيضاً سطــروا * رابعها رفع الحدث قد أشـــهروا
الشرح............................................. ................
ثالثها : التمييز أيضاً سطروا: وسطروا أي كتبوا قال الله تعالى : ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَـــغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾( )
الثالث: هو التمييز والتمييز لغة التنحية ويقال: العزلة والإفرازوالفصل يقال ميزت الشيء بعضه عن بعض أي ميزته، والصغير ليس مكلفا لأنه مرفوع عنه القلم لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم : أن رسول الله قال: " رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المبتلى حتى يبرأ وعن الصبي حتى يكبر "وفي لفظ حتى يبلغ . ( )
وللبلوغ مميزات يميز بها، منها: الاحتلام ومنها بلوغ خمسة عشر سنة وإنبات العانة وللأنثى رابع وهو الحيض.
ويُعَلم للصلاة وهو ابن سبع ويضرب عليها لعشر لحديث عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ « مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرِ سِنِينَ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِى الْمَضَاجِعِ وَإِذَا أَنْكَحَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلاَ يَنْظُرَنَّ إِلَى شَيءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ فَإِنَّمَا أَسْفَلُ مِنْ سُرَّتِهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ عَوْرَتِهِ ». ( )
رابعها: رفع الحدث قد أشهروا :الرابع هورفع الحدث فلا تصح الصلاة إلابطهارة لحديث ابن عمر قال: إني سمعت رسول الله يقول "لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول". ( )
والحدث نوعان أكبر وأصغر الأكبر: هو ما يوجب الغسل كالجنابة، والأصغر: هو ما يوجب الوضوء لمن أراد الصلاة ومنه الفساء والضراط ثبت من حديث أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ " لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ قَالَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ فُسَاءٌ أَوْ ضُرَاطٌ".( )
ونواقض الوضوء سبعة وهي:
1- الردة.
2- وأكل لحم الإبل.
3- والخارج من السبيلين.
4- النوم.
5- ومس الفرج.
6- والجنابة.
7- زوال العقل. بجنون أو غيره.
وإذا كان في الصلاة فحس بشيء لا يذهب حتى يسمع صوتاً أويجد ريحا- كما في حديث أبي هريرة قَالَ قَالَ النَّبِيُّ :"لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يُحْدِثْ فَقَالَ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ مَا الْحَدَثُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ الصَّوْتُ يَعْنِي الضَّرْطَةَ ."( )
ولحديث عباد بن تميم عن عمه أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ: " لَا يَنْفَتِلْ أَوْ لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا".( )
خامسها إزالة الأنجاس من * بقعة وثوب أيضا والبدن
الشرح............................................. ................
قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (ج 2 / ص 187):
وجمهور أهل العلم على أنَّ التنزُّهَ من النَّجاسة شَرطٌ لصحَّةِ الصَّلاة، وأنَّه إذا لم يتنزَّه من ذلك فصلاتُه باطلة.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنها ليست شرطاً للصِّحَّةِ، ولكنها واجبة، فلو صَلَّى وعليه نجاسة فهو آثم، وصلاته صحيحة.
والقول الرَّاجح: هو قول الجمهور؛ لأنَّ هذا الواجب خاصٌ بالصَّلاة، وكلُّ ما وجب في العِبَادة، فإن فواته مبطل لها إذا كان عمداً، وعلى هذا فنقول: إن القول الرَّاجح أنَّ صلاتَه باطلةٌ، فكأنه قيل: لا تُصلِّ وأنت متلبِّس بهذه النَّجاسة، فإذا صَلَّى وهو متلبِّسٌ بها، فقد صَلَّى على وجه ما أراده الله ورسوله، ولا أمره به الله ورسوله، وقد ثَبَتَ عنه عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّه قال: «مَنْ عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنَا فهو رَدٌّ» فهذا وجه تقرير كون اجتناب النَّجَاسة من شُروط الصَّلاة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (ج 3 / ص 212):
مسألة : قال : وإذا لم تكن ثيابه طاهرة ، وموضع صلاته طاهرا ، أعاد ) وجملة ذلك ، أن الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم ؛ منهم ابن عباس وسعيد بن المسيب وقتادة ومالك والشافعي ، وأصحاب الرأي .
ويروى عن ابن عباس أنه قال : ليس على ثوب جنابة .
الشرط الخامس إزالة النجاسة والإزالة في اللغة التنحية ولا تصح الصلاة إلابإزالتها وإزالة النجاسات فرض قال ابن حزم : وكل ماأمر الله تعالى بإزالته فرض.
قال يحيى العمراني في البيان (2/90) : وأما الطهارة عن النجس في البدن والبقعة والثوب التي يصلي عليها فهي شرط لصحة الصلاة عندنا وهو قول كافة العلماء .
والنجاسة من ثلاثة أنواع 1-البقعة 2-الثوب 3- البدن :
1-البقعة: فلا تصح الصلاة إلا على أرض طاهرة والأرض طاهرة لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : " أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ".( )
وقول الله تعالى:﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾.( )
وكل الأرض طاهرة إلا أماكن النجاسة وهي معروفة فلا تصلي عليهاوقد ثبت في حديث أبي سعيد الخدري عند الترمذي أن النبي قال "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" .
والمزبلة اعتمادا على ما أخرجه الترمذي في سننه (2 / 177) 346-
عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهي أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله
قال الشيخ الألباني : ضعيف.
قال شيخنا يحيى حفظه الله وهو ضعيف.
وفي حديث أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَتَنَاوَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ "دَعُوهُ وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ".
ومن البقعة الحش والحمام وأعطان الإبل وقارعة الطريق والمقبرة .
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني - (ج 3 / ص 218) : ( 957 ) مسألة : قال : ( وكذلك إن صلى في المقبرة أو الحش أو الحمام أو في أعطان الإبل ؛ أعاد ) اختلفت الرواية عن أحمد ، رحمه الله ، في الصلاة في هذه المواضع ، فروي أن الصلاة لا تصح فيها بحال .
وممن روي عنه أنه كره الصلاة في المقبرة علي ، وابن عباس ، وابن عمر وعطاء ، والنخعي ، وابن المنذر .
وممن رأى أن يصلى في مرابض الغنم ولا يصلى في مبارك الإبل ابن عمر وجابر بن سمرة ، والحسن ، ومالك ، وإسحاق ، وأبو ثور .
وعن أحمد رواية أخرى ، أن الصلاة في هذه صحيحة ما لم تكن نجسة .وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي ؛ لقوله عليه السلام:" جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ." وفي لفظ :" فحيثما أدركتك الصلاة فصل ، فإنه مسجد." وفي لفظ :" أينما أدركتك الصلاة فصل ، فإنه مسجد " . متفق عليها ، ولأنه موضع طاهر ، فصحت الصلاة فيه ، كالصحراء .
ولنا ، قول النبي :" الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة ." رواه أبو داود . وهذا خاص مقدم على عموم ما رووه .
وعن جابر بن سمرة ، أن رجلا سأل رسول الله : أنصلي في في مرابض الغنم ؟ قال : "نعم" . قال : أنصلي في مبارك الإبل ؟ قال :" لا " . رواه مسلم.
وعن البراء تقال : قال رسول الله :" لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين". .رواه أبو داود .
وعن أسيد بن حضير ، أن رسول الله قال : " صلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في مبارك الإبل ". رواه الإمام أحمد في " مسنده " .
والنهي يقتضي التحريم ، وهذا خاص يقدم على عموم ما رووه ، وروي هذا الحديث عن ابن عمر ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن مغفل ، رواهن الأثرم .
فأما الحش فإن الحكم يثبت فيه بالتنبيه ؛ لأنه إذا منع من الصلاة في هذه المواضع لكونها مظان النجاسة ، فالحش معد للنجاسة ومقصود لها ، فهو أولى بالمنع فيه .
وقال بعض أصحابنا : إن كان المصلي عالما بالنهي في هذه المواضع ، لم تصح صلاته فيها ؛ لأنه عاص بصلاته فيها ، والمعصية لا تكون قربة ولا طاعة ، وإن لم يكن عالما فهل تصح صلاته ؟ على روايتين :
إحداهما : لا تصح لأنه صلى فيما لا تصح الصلاة فيه مع العلم ، فلا تصح مع الجهل ، كالصلاة في محل نجس .
والثانية : تصح لأنه معذور .
وذكر بعض أصحابنا مع هذه المواضع المزبلة ، والمجزرة ، ومحجة الطريق ، وظهر بيت الله الحرام ، والموضع المغصوب لما روى ابن عمر ، أن رسول الله :" سبع مواطن لا تجوز فيها الصلاة ؛ ظهر بيت الله ، والمقبرة ، والمزبلة ، والمجزرة ، والحمام ، وعطن الإبل ، ومحجة الطريق ." رواه ابن ماجه .
وعن ابن عمر قال : نهى رسول الله أن يصلى في سبع مواطن . وذكرها ، وقال : وقارعة الطريق ، ومعاطن الإبل ، وفوق الكعبة ." .
وقال : الحكم في هذه المواضع السبعة كالحكم في الأربعة سواء . ولأن المواضع مظنة النجاسات ، فعلق الحكم عليها دون حقيقتها ، كما يثبت حكم نقض الطهارة بالنوم ، ووجوب الغسل بالتقاء الختانين .
قال القاضي : المنع من هذه المواضع تعبد ، لا لعلة معقولة ، فعلى هذا يتناول النهي كل ما وقع عليه الاسم فلا فرق في المقبرة بين القديمة والحديثة ، وما تقلبت أتربتها أو لم تتقلب ؛ لتناول الاسم لها ، فإن كان في الموضع قبر أو قبران ، لم يمنع من الصلاة فيها . لأنها لا يتناولها اسم المقبرة .
وإن نقلت القبور منها ، جازت الصلاة فيها ؛ لأن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت فيه قبور المشركين ، فنبشت . متفق عليه .
ولا فرق في الحمام بين مكان الغسل وصب الماء ، وبين بيت المسلخ - الذي ينزع فيه الثياب - والأتون وكل ما يغلق عليه باب الحمام ؛ لتناول الاسم له .
وأما المعاطن ، فقال أحمد : هي التي تقيم فيها الإبل وتأوي إليها .
وقيل : هي المواضع التي تناخ فيها إذا وردت . والأول أجود ؛ لأنه جعله مقابلة مراح الغنم .
والحش : المكان الذي يتخذ للغائط والبول فيمنع من الصلاة فيما هو داخل بابه .
ولا أعلم في منع الصلاة فيه إلا أنه قد منع من ذكر الله تعالى فيه والكلام ، فمنع الصلاة فيه أولى ، ولأنه إذا منع الصلاة في هذه المواضع لكونها مظان للنجاسات ، فهذا أولى ؛ فإنه بني لها ويحتمل أن المنع في هذه المواضع معلل بأنها مظان للنجاسات ، فإن المقبرة تنبش ويظهر التراب الذي فيه صديد الموتى ودماؤهم ولحومهم ، ومعاطن الإبل يبال فيها ، فإن البعير البارك كالجدار يمكن أن يستتر به ويبول ، كما روي عن ابن عمر ، أنه أناخ بعيره مستقبل القبلة ، ثم جلس يبول إليه . ولا يتحقق هذا في حيوان سواها ؛ لأنه في حال ربضه لا يستر ، وفي حال قيامه لا يثبت ولا يستر .
والحمام موضع الأوساخ والبول ، فنهي عن الصلاة فيها لذلك . وتعلق الحكم بها وإن كانت طاهرة لأن المظنة يتعلق الحكم بها وإن خفيت الحكمة فيها ، ومتى أمكن تعليل الحكم تعين تعليله ، وكان أولى من قهر التعبد ومرارة التحكم ، يدل على صحة هذا تعدية الحكم إلى الحش المسكوت عنه ، بالتنبيه من وجود معنى المنطوق فيه ، وإلا لم يكن ذلك تنبيها ، فعلى هذا يمكن قصر الحكم على ما هو مظنة منها ، فلا يثبت حكم المنع في موضع المسلخ من الحمام ، ولا في وسطه ، لعدم المظنة فيه ، وكذلك ما أشبهه والله أعلم .
وزاد أصحابنا المجزرة ، والمزبلة ، ومحجة الطريق ، وظهر الكعبة ؛ لأنها في خبر عمر وابنه .
وقالوا : لا يجوز فيها الصلاة .
ولم يذكرها الخرقي فيحتمل أنه جوز الصلاة فيها ، وهو قول أكثر أهل العلم ؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام « : جعلت لي الأرض مسجدا » وهو صحيح متفق عليه .
واستثنى منه المقبرة ، والحمام ، ومعاطن الإبل ، بأحاديث صحيحة خاصة ، ففيما عدا ذلك يبقى على العموم .
وحديث عمر وابنه يرويهما العمري ، وزيد بن جبير ؛ وقد تكلم فيهما من قبل حفظهما ، فلا يترك الحديث الصحيح بحديثهما .
وهذا أصح ، وأكثر أصحابنا ، فيما علمت ، عملوا بخبر عمر وابنه في المنع من الصلاة في المواضع السبعة .
ومعنى محجة الطريق : الجادة المسلوكة التي تسلكها السابلة .
وقارعة الطريق : يعني التي تقرعها الأقدام ، فاعلة بمعنى مفعولة ، مثل الأسواق والمشارع والجادة للسفر .
ولا بأس بالصلاة فيما علا منها يمنة ويسرة ولم يكثر قرع الأقدام فيه . وكذلك لا بأس بالصلاة في الطريق التي يقل سالكوها ، كطرق الأبيات اليسيرة .
والمجزرة : الموضع الذي يذبح القصابون فيه البهائم ، وشبههم معروفا بذلك معدا .
والمزبلة : الموضع الذي يجمع فيه الزبل .
ولا فرق في هذه المواضع بين ما كان منها طاهرا ونجسا ، ولا بين كون الطريق فيها سالكًا أو لم يكن ؛ ولا في المعاطن بين أن يكون فيها إبل في الوقت أو لم يكن .
وأما المواضع التي تبيت فيها الإبل في مسيرها ، أو تناخ فيها لعلفها أو وردها ، فلا يمنع الصلاة فيها .
قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن موضع فيه أبعار الإبل يصلى فيه ؟ فرخص فيه ، ثم قال : إذا لم يكن من معاطن الإبل ، التي نهي عن الصلاة فيها ، التي تأوي إليها الإبل .
ويكره أن يصلي إلى هذه المواضع فإن فعل صحت صلاته نص عليه أحمد في رواية أبي طالب وقد سئل عن الصلاة إلى المقبرة والحمام والحش ؟ قال : لا ينبغي أن يكون في القبلة قبر ، ولا حش ولا حمام .
وقال أبو بكر : يتوجه في الإعادة قولان ؛ أحدهما : يعيد ؛ لموضع النهي ، وبه أقول -يعني ابن قدامة- .
والثاني : يصح ؛ لأنه لم يصل في شيء من المواضع المنهي عنها .
وقال أبو عبد الله بن حامد : إن صلى إلى المقبرة والحش فحكمه حكم المصلي فيهما إذا لم يكن بينه وبينهما حائل ؛ لما روى أبو مرثد الغنوي ، أنه سمع رسول الله يقول : " لا تصلوا إلى القبور ، ولا تجلسوا إليها " . متفق عليه .
وقال الأثرم : ذكر أحمد حديث أبي مرثد ، ثم قال : إسناده جيد .
وقال أنس : رآني عمر ، وأنا أصلي إلى قبر ، فجعل يشير إلي : القبر ، القبر .
قال القاضي : وفي هذا تنبيه على نظائره من المواضع التي نهي عن الصلاة فيها .
والصحيح أنه لا بأس بالصلاة إلى شيء من هذه المواضع إلا المقبرة ؛والحمام لحديث أبي سعيد المتقدم ……… لأن قوله عليه الصلاة والسلام :" جعلت الأرض مسجدا ." يتناول الموضع الذي يصلي فيه من هي في قبلته ، وقياس ذلك على الصلاة إلى المقبرة لا يصح لأن النهي إن كان تعبدا غير معقول المعنى امتنع تعديته ودخول القياس فيه ، وإن كان لمعنى مختص بها ، وهو اتخاذ القبور مسجدا ، والتشبه بمن يعظمها ويصلي إليها ، فلا يتعداها الحكم ؛ لعدم وجود المعنى في غيرها ، وقد قال النبي :" إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، إني أنهاكم عن ذلك " .
وقال :" لعنة الله على اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " . يحذر ما صنعوا . متفق عليهما .
وإن صلى على سطح الحش أو الحمام أو عطن الإبل أو غيرها ، فذكر القاضي : أن حكمه حكم المصلي فيها ؛ لأن الهواء تابع للقرار ، فيثبت فيه حكمه ، ولذلك لو حلف لا يدخل دارا ، فدخل سطحها ، حنث ، ولو خرج المعتكف إلى سطح المسجد كان له ذلك ؛ لأن حكمه حكم المسجد .
والصحيح ، إن شاء الله ، قصر النهي على ما تناوله ، وأنه لا يعدى إلى غيره ؛ لأن الحكم إن كان تعبديا فالقياس فيه ممتنع ، وإن علل فإنما تعلل بكونه للنجاسة ، ولا يتخيل هذا في سطحها .
وإن بنى مسجدا في المقبرة بين القبور ، فحكمه حكمها ؛ لأنه لا يخرج بذلك عن أن يكون في المقبرة .
وقد روى قتادة : أن أنسا مر على مقبرة ، وهم يبنون فيها مسجدا ، فقال أنس : كان يكره أن يبنى مسجد في وسط القبور .
ولا تصح الفريضة في جوف الكعبة ، ولا على ظهرها:
وجوزه الشافعي وأبو حنيفة ؛ لأنه مسجد ، ولأنه محل لصلاة النفل ، فكان محلا للفرض ، كخارجها .
ولنا : قول الله تعالى وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه ( ).
والمصلي فيها أو على ظهرها غير مستقبل لجهتها ، والنافلة مبناها على التخفيف والمسامحة ، بدليل صلاتها قاعدا ، وإلى غير القبلة ، في السفر على الراحلة .
وتصح النافلة في الكعبة وعلى ظهرها:
لا نعلم فيه خلافًا ؛ لأن النبي صلى في البيت ركعتين . إلا أنه إن صلى تلقاء الباب أو على ظهرها ، وكان بين يديه شيء من بناء الكعبة متصل بها ، صحت صلاته ، فإن لم يكن بين يديه شيء شاخص ، أو كان بين يديه آجر معبأ غير مبني ، أو خشب غير مسمور فيها ، فقال أصحابنا : لا تصح صلاته لأنه غير مستقبل لشيء منها .
وإن كان الخشب مسمورا والآخر مبنيا ، صحت صلاته ؛ لأن ذلك تابع لها:
والأولى: أنه لا يشترط كون شيء منها بين يديه ؛ لأن الواجب استقبال موضعها وهوائها ، دون حيطانها ، بدليل ما لو انهدمت الكعبة ، صحت الصلاة إلى موضعها ، ولو صلى على جبل عال يخرج عن مسامتتها ، صحت صلاته إلى هوائها ، كذا هاهنا .اهـ
وقال الإمام محمد بن علي العمري رحمه الله في ألفيته:
....................................
مـواطن النهي على المشهور
مزبلة معاطن ومقبرة
قارعة الطريق ثم المجزرة
وظهر بيت الله والحمام
وألحق الحش بها الإمام
في ظهر بيت الله لكن فرقوا
فصححوا النفل فقط لم يطلقوا
ومالك في ذا على الوفاق
ومانع في الصور البواقي
قال ابن المنذر رحمه الله في الأوسط - (ج 3 / ص 4):
وقد اختلف أهل العلم في الصلاة في المقبرة فكرهت طائفة ذلك وممن روي عنه أنه كره علي وابن عباس وابن عمرو بن العاص وعطاء والنخعي.
وعن علي ، قال : « من شرار الناس من يتخذ القبور مساجد ».
وعن ابن عباس ، قال: « لا تصلين إلى حش ولا في حمام ولا في مقبرة »
وعن عبد الله بن عمرو ، قال : « تكره الصلاة إلى حش وفي حمام وفي مقبرة ».
وكان الشافعي يقول : لا يصلي أحد على أرض نجسة وذكر المقبرة فقال : لأن المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم قال : ولو صلى رجل إلى جنب قبر لم ينبش أو فوقه كرهت له ولم آمره أن يعيد وكان أحمد وإسحاق يكرهان الصلاة في المقبرة والحش وكل أرض قذرة . وقال أبو ثور : لا يصلي في حمام ولا مقبرة وكان الشافعي يقول : إذا صلى في موضع نظيف من الحمام فلا إعادة عليه ورخصت طائفة في الصلاة في المقبرة قال نافع مولى ابن عمر : صلينا على عائشة وأم سلمة وسط البقيع والإمام يوم صلينا على عائشة أبو هريرة وحضر ذلك ابن عمر وروينا أن واثلة بن الأسقع كان يصلي في المقبرة غير أنه لا يستتر بقبر.
حدثنا محمد بن علي ، ثنا سعيد ، ثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك الدمشقي ، عن أبيه ، قال : كان واثلة : « يصلي بنا صلاة الفريضة في المقبرة غير أنه لا يستتر بقبر ».
وصلى الحسن البصري في المقابر واختلف في هذه المسألة عن مالك فحكى ابن القاسم عنه أنه قال : لا بأس بالصلاة في المقابر وحكي عن أبي مصعب عن مالك أنه قال : لا أحب الصلاة في المقابر .
قال أبو بكر : الذي عليه الأكثر من أهل العلم كراهية الصلاة في المقبرة لحديث أبي سعيد وكذلك نقول .
وقال قائل : كل من صلى في موضع طاهر فصلاته مجزية وكل من صلى على موضع نجس فعليه الإعادة لاتفاق الأمة على فساد صلاته وذكر نهي النبي عن الصلاة في المقبرة والحمام وحديثه الذي فيه : « أينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد » وقوله : « جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا » .
وقال : فهذه الأخبار متعارضة فالصلاة في كل موضع لا يدرى طاهر هو أو نجس جائز ما لم يتيقن بالنجاسة . قال أبو بكر : وقد روينا عن النبي أنه نهى عن الصلاة إلى القبور . وكره الصلاة إلى القبور عمر وأنس.
2- الثوب: قال الله تعالى في كتابه الكريم وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ( )
وقوله: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(1) اختلف المفسرون في تفسير هذه الآية :
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره(ج 8 / ص 263): قال الأجلح الكندي، عن عكرمة، عن ابن عباس: أنه أتاه رجل فسأله عن هذه الآية: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (1) قال: لا تلبسها على معصية ولا على غَدْرَة. ثم قال: أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي:
فَإني بحمد الله لا ثوبَ فَاجر ... لبستُ ولا من غَدْرَة أتَقَنَّعُ
وقال ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس في هذه الآية وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ قال: في كلام العرب: نَقِي الثياب. وفي رواية بهذا الإسناد: فطهر من الذنوب. وكذا قال إبراهيم، والشعبي، وعطاء.
وقال الثوري، عن رجل، عن عطاء، عن ابن عباس في هذه الآية: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْقال: من الإثم. وكذا قال إبراهيم النخعي.
وقال مجاهد: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْقال: نفسك، ليس ثيابه. وفي رواية عنه: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ عملك فأصلح، وكذا قال أبو رَزِين. وقال في رواية أخرى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ أي: لست بكاهن ولا ساحر، فأعرض عما قالوا.
وقال قتادة: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ أي: طهرها من المعاصي، وكانت العرب تسمي الرجل إذا نكث ولم يف بعهد الله إنه لَمُدنَس الثياب. وإذا وفى وأصلح: إنه لمطهر الثياب.
وقال عكرمة، والضحاك: لا تلبسها على معصية.
وقال العوفي ، عن ابن عباسوَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ يعني لا تك ثيابك التي تلبس من مكسب غير طائب، ويقال: لا تلبس ثيابك على معصية.
وقال محمد بن كعب القرظي، والحسن البصري: وخُلقَك فَحسّن.
وقال محمد بن سيرين: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ أي: اغسلها بالماء.
وقال ابن زيد: كان المشركون لا يتطهرون، فأمره الله أن يتطهر، وأن يطهر ثيابه.
وهذا القول اختاره ابن جرير، وقد تشمل الآية جميع ذلك مع طهارة القلب، فإن العرب تطلق الثياب عليه، كما قال امرؤ القيس:
أفاطمَ مَهلا بعض هَذا التدَلُّل
وَإن كُنت قَد أزْمَعْت هَجْري فأجْمِلي
وَإن تَكُ قَد سَاءتك مني خَليقَةٌ
فَسُلّي ثِيَابي مِن ثيابك تَنْسُلِ
وقال سعيد بن جبير: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وقلبك ونيتك فطهر.
ولا تصح الصلاة إلا بثوب طاهر أمر النبي إذا أصاب الحيض ثوب المرأةأن تغسله ثم تصلي فيه
عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ إِحْدَانَا تَحِيضُ فِي الثَّوْبِ كَيْفَ تَصْنَعُ قَالَ« تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ وَتَنْضَحُهُ وَتُصَلِّي فِيهِ»( ).
وحديث الطفل الذي بال على ثوب النبي :
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ .( )
وعن أم قيس بنت محصن أنها أتت رسول الله بابن لها لم يأكل الطعام ، فوضعته في حجره قال فلم يزد على أن نضح بالماء ".( )
قال ابن المنذر رحمه الله في الأوسط(ج 2 / ص 424):
وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب فقالت طائفة : ينضح بول الغلام ما لم يأكل الطعام ويغسل بول الجارية روي هذا القول عن علي وأم سلمة وعطاء والحسن وبه قال أحمد وإسحاق.
عن علي قال :كان النبي « يغسل بول الجارية وينضح بول الغلام ما لم يطعم ».
عن الحسن ، عن أمه ، قالت : رأيت أم سلمة : « تغسل بول الجارية في ذلك ولا تغسل بول الغلام ».
وقالت طائفة : لا فرق بين بول الغلام والجارية في ذلك هذا قول النخعي وكان يرى أن يغسل ذلك وبه قال سفيان في بول الغلام والجارية قال : يصب عليه الماء وكان أبو ثور يقول : يغسل بول الغلام والجارية وإن ثبت حديث الرش عن النبي : كان الرش جائزا في بول الغلام وقد روينا عن الحسن والنخعي قولا ثالثا وهو أن بول الغلام والجارية ينضحان جميعا ما لم يطعما قال أبو بكر : يجب رش بول الغلام بحديث أم قيس وغسل بول الجارية.
عن أم قيس بنت محصن الأسدية ، أخت عكاشة قالت : « جاءت بابن لها فأخذ النبي صبيها فوضعه في حجره فبال عليه فدعا بماء فنضحه ولم يكن الصبي بلغ أن يأكل الطعام ».
قال الزهري : فمضت السنة أن يرش بول الصبي ويغسل بول الجارية . قال أبو بكر : وقد روينا عن النبي في هذا الباب حديثا مفسرا وقد تكلم بعض أهل العلم في إسناده.
عن علي أن النبي الله قال في بول الرضيع : « يغسل بول الجارية وينضح على بول الغلام » .
قال قتادة : « هذا إذا لم يطعم فإذا طعم غسلا جميعا » .
وقد روينا في هذا الباب غير هذا الحديث وقد ذكرته في غير هذا الموضع ، وحديث قتادة لم يرفعه سعيد بن أبي عروبة رواه إسحاق بن راهويه ، عن عبدة ، عن ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن محمد بن علي بن الحسين ، أن النبي ذكر النجاسة من البول والمذي وغير ذلك يصيب الثوب ويخفى مكانه اختلف أهل العلم في الثوب يصيبه النجاسة ويخفى مكانه فقالت طائفة : ينضحه كذلك قال عطاء وقال الحكم وحماد في الرجل يحتلم في الثوب يخفى مكانه ينضحه وإن رآه غسله وقال أحمد في المذي : ينضحه وفيه قول ثان وهو أن يتحرى ذلك المكان فيغسله هكذا قال ابن شبرمة في البول يخفى مكانه وفيه قول ثالث وهو أن يغسل الثوب كله روي هذا القول عن النخعي وهكذا قال الشافعي غير أنه لا يوجب غسل المني من الثوب وقال مالك في المني أو الودي أو البول يصيب الثوب لا يصيب موضعه قال : يغسل تلك الجهة من الثوب فإن خفي عليه غسل الثوب كله قال أبو بكر : يغسل الثوب كله .
وعن أبي السمح أن النبي يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام.
[أخرجه أبوداود(ج/1 /376) النسائي (ج/1 158)وهو في الجامع الصحيح لشيخنا الوادعي رحمه الله].
تطهير النعال والخفاف من النجاسة:
قال ابن المنذر رحمه الله في الأوسط - (ج 2 / ص 469):
اختلف أهل العلم في الرجل يطأ بنعله أو خفه القذر الرطب فقالت طائفة : يجزيه أن يمسح بذلك بالتراب ويصلي فيه هذا قول الأوزاعي وفرق بين أن يطأ بقدميه أو بخفه ونعله فقال في الخف والنعل : التراب لهما طهور ، وقال في القدمين : لا يجزي إلا غسلهما بالماء وقال أحمد في السيف يصيبه الدم يمسحه الرجل وهو حار يصلي فيه إذا لم يبق فيه أثر وكان إسحاق يقول في الأقذار : جائز مسحهما بالأرض إلا أن يكون غائطا أو بولا.
وقال أبو ثور في الخف والنعل : إذا مسحه بالأرض ، حتى لا يجد له ريحا ولا أثرا رجوت أن يجزيه والغسل أحب إلي وكان النخعي يمسح النعل أو الخف يكون في الساقين عند باب المسجد فيصلي بالقوم ، وهكذا قال عروة في النعل يصيبها الروث يمسحها ويصلي فيها .
وقال سفيان في رجل توضأ ثم انغمست رجله في نتن ولم يجد ماء قال : يتيمم وهو بمنزلة رجل لم يتم وضوءه قال : وإذا أصاب شيئا من مواضع الوضوء والتيمم نتن مسحه بالتراب وكان بمنزلة الماء .
قال أبو بكر : ومن حجة من قال هذا القول حديث أبي سعيد وقد ذكرته بإسناد في باب قبل ، وحديث أبي هريرة .
عن أبي هريرة أن رسول الله قال : « إذا وطئ أحدكم بنعليه في الأذى فإن التراب لهما طهور ».
عن عائشةرضي الله عنها قالت : قال رسول الله : « إذا وطئ أحدكم بنعليه في الأذى فإن التراب لهما طهور ».
قال أبو بكر : قد يجوز أن يقال : إن النجاسات لا تطهر إلا بالماء لأن الله تعالى قال:﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾( )، وقال: وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به الآية والأخبار الثابتة عن النبي أنه أمر بصب دلو من ماء على بول الأعرابي ولأنه أمر بغسل دم الحيضة فوجب إزالة النجاسات بالماء لا تقع طهارة لشيء من النجاسات إلا بالماء إلا موضع دلت عليه السنة فإن ما دلت عليه السنة يطهر بغير الماء وذلك : الاستنجاء بالأحجار الثلاثة لأن الحديث يدل على أن النبي جعل ذلك طهورا لموضع الاستنجاء وللخفاف والنعال فإن طهارة ما يصيبها مسحها بالتراب بحديث أبي سعيد وحديث أبي هريرة ، وقد ذكرناهما فأما سائر النجاسات فلا تطهر إلا بالماء ومن حيث وجب أن نجعل الأحجار في موضع الاستنجاء مطهرة لذلك الموضع يجب كذلك أن نجعل طهارة الخفاف والنعال مسحها بالتراب لا فرق بينهما أو يكون سائر الأنجاس يطهرها الماء والله أعلم .
وقالت طائفة : النجاسات كلها تطهر بالماء لا تطهر بغيره كذلك قال الشافعي وكان الثوري يقول في البول في النعل والثوب سواء وقال النعمان في الخف يصيبه الروث أو العذرة أو الدم أو المني فيبس فحكه قال : يجزيه وإن كان رطبا لم يجزه حتى يغسله والثوب لا يجزيه حتى يغسله وإن يبس إلا في المني خاصة .
وقال محمد : لا يجزيه في اليبس أيضا حتى يغسل موضعه في الخف وغيره إلا في المني خاصة.
وقال أبو حنيفة في الخف يصيبه البول : لا يجزيه حتى يغسله وإن يبس .
وفي كتاب محمد في الثوب يصيبه العذرة أو الدم فيحته قال : لا يجزيه ذلك وكذلك روث الحمار والبغل مثل العذرة فإن أصاب النعل أو الخف الدم أو العذرة أو الروث فجف فمسحه الرجل بالأرض يجزيه ذلك وله أن يصلي فيه ، قال : قلت له : فمن أين اختلف النعل والثوب ؟ قال : لأن النعل جلد فإذا مسحه بالأرض ذهب القذر منه والثوب ليس هكذا لأن الثوب ينشفه فيبقى فيه .
وقال محمد في الدم والعذرة : إذا أصاب الخف والنعل لا يجزيه أن يمسحه من الخف والنعل حتى يغسله من موضعه وإن كان يابسًا .
وقال أبو يوسف ومحمد : إذا أصاب الخف أو النعل أو الثوب الروث فصلى فيه وهو رطب وهو أكثر من قدر الدرهم إن صلاته تامة وإن كان كثيرا فاحشا فصلى فيه أعاد الصلاة .
قال أبو بكر : وقد روينا عن النبي حديثا يدخل في هذا الباب وفي إسناده مقال وذلك أنه عن امرأة مجهولة أم ولد إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف غير معروفة برواية الحديث.
عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن قالت : « كنت أطيل ذيلي فأمر في المكان القذر والمكان الطيب فدخلت على أم سلمة فسألتها قالت : قال رسول الله : » يطهره ما بعده « قال أبو بكر : وقد اختلف أهل العلم في معناه فكان أحمد يقول : ليس معناه إذا أصابه بول ثم مر بعده على الأرض أنها تطهره ولكنه يمر بالمكان فيقذره فيمر بمكان أطيب منه فيطهر هذا ذاك ليس على أنه يصيبه شيء .
وكان مالك يقول : في قوله : الأرض تطهر بعضها بعضا إنما هو أن يطأ الأرض القذرة ثم يطأ الأرض اليابسة النظيفة قال : يطهر بعضها بعضا فأما النجاسة الرطبة مثل البول وغيره يصيب الثوب أو بعض الجسد حتى يرطبه فإن ذلك لا يجزيه ولا يطهره إلا الغسل وهذا إجماع الأمة .
والنعل يجب تطهيرها لحديث النبي أنه صلى في نعليه ثم خلع نعليه وخلع الصحابة نعالهم وسألهم حين انصرف من الصلاة لماذا خلعتم نعالكم ، قالوا : رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نحن نعالنا......الحديث وهذا يدل على التخلي من النجاسة حال الصلاة في الثوب
وقد سئل شيخنا يحيى حفظه الله، ما حكم من صلى في ثوبه نجس وهو لايدري؟؟
فأجاب حفظه الله : صلاته صحيحة وقد صلى رسول الله في نعليه وفيها خبث وهو لا يدري ثم أخبر فخلع نعله فأتم صلاته.اهـ
3-البدن؛ فلا تصح الصلاة من صاحب بدن فيه نجاسة وذلك لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: « إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ: « لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا »( ).
قال الدكتور الصادق عبد الرحمن الغرياني في كتابه مدونة الفقه المالكي: فلولم تكن إزالة النجاسة واجبة ماستوجب تركها العذاب ولأن المصلي يناجي ربه فينبغي أن يتأهب لذلك في أحسن أحواله من الطهارة الحسية والمعنوية إلاإن لم يكن يعلم بهذه النجاسة فصلاته صحيحة.
قال ابن عثيمين: فإن صلى وبدنه نجس أي قد أصابته نجاسة لم يغسلها أو ثوبه نجس أوبقعته نجسة ولكنه لايعلم بهذه النجاسة أو علم بها ثم نسي أن يغسلها حتى تمت الصلاة فإن صلاته صحيحة ولايلزمه أن يعيد إذاً اجتناب النجاسة في البدن والثوب والبقعة شروط لصحة الصلاة لكن إن لم يجتنب النجاسة جاهلا أونا سياً فصلى فصلاته صحيحة اهـ.( )
عن أنس أن النبي قال:« تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه».( )
والنجاسات تنقسم إلى ثلاثة أقسام.
1- نجاسة مغلظة وهي نجاسة الكلب ونحوه.
2- مخففة وهي نجاسة الغلام الذي لا يأكل الطعام.
3- ونجاسة بين ذلك وهي بقية النجاسات .
والسادس استرعورتك وصـلي * إن لم تجـــد ثوبـا فلا تخــلي
الشرح .................................................. ............
العورة لغةً الخلل والعيب يتعرض منه الشي للفساد وكذلك الخلل في البيت يخشى دخول العدو منه قال الله تعالى:﴿ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ ﴾( ).
والمراد بالعورة من الإنسان كل ما يستر عن غيره استنكافاً وحياءً
كالسوأتين وما كان في حكمهمامما يجب ستره . قال الله تعالى:﴿ يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾( ).
قال ابن قدامة كما في الشرح الكبير (ج 1 / ص 490):
باب ستر العورة
ستر العورة شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم قال ابن عبد البر : أجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به وصلى عريانا وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي وقال إسحاق وبعض أصحاب مالك : وهو شرط مع الذكر وقال بعضهم وهو واجب وليس بشرط لأن وجوبه غير مختص بالصلاة فلم يكن شرطا فيها كقضاء الدين
ولنا : قول النبي : «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار».
مسألة : وسترها عن النظر بما لا يصف البشرة واجب:
لأن الستر إنما يحصل بذلك فإن كان خفيفا يصف لون البشرة فيبين من ورائه بياض الجلد وحمرته لم تجز الصلاة فيه وإن كان يستر اللون ويصف الخلقة جازت الصلاة فيه لأن البشرة مستورة وهذا لا يمكن التحرز منه وإن كان الساتر صفيقا.
مسألة : وعورة الرجل والأمة، ما بين السرة والركبة:
عورة الرجل ما بين السرة والركبة في ظاهر المذهب نص عليه في رواية الجماعة وهو قول مالك و الشافعي وأصحاب الرأي وأكثر العلماء وروي عنه أنها الفرجان نقله عنه مهنا وهو قول ابن ابي ذئب لما روى أنس أن النبي يوم خيبر حسر الأزار عن فخذه ( ).
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي قال : «إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته فإن ما تحت السرة إلى ركبته عورة». يريد الأمة( ).
وعن عائشة قالت : كان رسول الله في بيته كاشفا عن فخذيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على ذلك ثم استأذن عمر فأذن له وهو على ذلك( ) . ولأنه ليس بمخرج فلم يكن عورة كالساق ووجه الأولى ماروى جرهد الأسلمي أن رسول الله قال له : «غط فخذك فإن الفخذ من العورة».( )
وعن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله : «لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت»( ).
وعن ابن عباس قال : " مر رسول الله على رجل وفخذه خارجة فقال : «غط فخذك فإن فخذ الرجل من عورته»( ).
والسرة والركبتان ليست من العورة وهو قول مالك و الشافعي وقال أبو حنيفة : الركبة من العورة لأنه روي أن النبي قال : «الركبة من العورة».
ولنا : ما روي أبو أيوب أن النبي قال : « أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة».
ولأن الركبة حد العورة فلم تكن منها كالسرة والعبد والحر في ذلك سواء لعموم الأخبار فيهما وحديثهم يرويه أبو الجنوب ولا يثبته أهل النقل
فصل : وأما الأمة قال ابن حامد: عروتها كعورة الرجل ما بين السرة والركبة حكاه القاضي في المجرد و ابن عقيل.
قال القاضي: وقد لوح إليه أحمد وهو ظاهر مذهب الشافعي لحديث عمرو بن شعيب والمراد به الأمة فإن الأجير والعبد لا تختلف حاله بالتزويج وعدمه.
وقال القاضي: في الجامع عورة الأمة ما عدا الرأس واليدين إلى المرفقين والرجلين إلى الركبتين، وهو قول بعض الشافعية لأن هذا يظهر عادة عند التقليب والخدمة فهو كالرأس وما سواه لا يظهر غالبًا ولا تدعو الحاجة إلى كشفه أشبه ما بين السرة والركبة والأول أولى لما كرنا ولأن من لم يكن رأسه عورة لم يكن صدره عورة كالرجل وقال الحسن في الأمة إذا تزوجت أو إتخذها الرجل لنفسه يجب عليها الخمار.
ولنا : أن عمر كان ينهى الإماء عن التقنع وقال إنما القناع للحوائر وإشتهر ذلك ولم ينكر فكان إجماعا ولأنها أمة أشبهت التي لم تتزوج وفيه رواية ثالثة أن عورتها الفرجان كالرجل ذكرها أبو الخطاب وشيخنا في الكتاب المشروح والصحيح خلافها إن شاء الله تعالى والمكاتبة والمدبرة والمعلق عتقها بصفة كالأمة القن فيما ذكرنا لأنهن إماء يجوز بيعهن وعتقهن أشبهن القن وقال ابن البنا: هن كأم الولد.
قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (ج 2 / ص 124): ولهذا نقول: إنَّ سَتْرَ العورة شرط لصحَّة الصَّلاة، وأنَّ من صَلَّى من غير أن يلبس ما يستر به العورة، أو ما يجب ستره على الأصحِّ، فإن صلاتَه باطلةٌ. ونقل ابنُ عبد البَرِّ إجماعَ العُلماء على أنَّ من صَلَّى عُرياناً مع قُدْرَته على اللباس فصلاتُه باطلة وكذلك نقل شيخ الإسلام ابن تيمية أن العلماء اتفقوا على أن الإنسان الذي يصلِّي عُرياناً وهو قادر على اللباس فصلاته باطلة.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني(ج 3 / ص 36): ( 822 )
مسألة : قال : ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالسا يومئ إيماء وجملة ذلك ، أن العادم للسترة الأولى له أن يصلي قاعدا.
وروي ذلك عن ابن عمر وقال به عطاء ، وعكرمة ، وقتادة ، والأوزاعي ، وأصحاب الرأي . ويومئ بالركوع والسجود . وهذا مذهب أبي حنيفة .
وقال مجاهد ، ومالك ، والشافعي وابن المنذر يصلي قائما ، بركوع وسجود ؛ لقوله عليه السلام : «صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب»( ).
ولأنه مستطيع للقيام من غير ضرر ، فلم يجز تركه له كالقادر على الستر .
الصلاة في الثوب الواحد:
قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني.
مَسْأَلَةٌ : قَالَ : وَمَنْ كَانَ مِنْ الرِّجَالِ وَعَلَيْهِ مَا يَسْتُرُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ ، أَجْزَأَهُ ذَلِكَ . وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ عَنْ النَّظَرِ بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ وَاجِبٌ ، وَشَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ .وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ : سَتْرُهَا وَاجِبٌ.
عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ .( )
إذا ثبت هذا ، فالكلام في حد العورة ، والصالح في المذهب ، أنها من الرجل ما بين السرة والركبة .
نص عليه أحمد في رواية جماعة ، وهو قول مالك ، والشافعي ، وأبي حنيفة وأكثر الفقهاء ، وفيه رواية أخرى أنها الفرجان .
وهذا قول ابن أبي ذئب وداود لما روى أنس ، أن النبي يوم خيبر ، حسر الإزار. ( )
وعن أبي هريرة قَالَ قَالَ النَّبِيُّ :" لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ."( )
أما إذا كان الثوب ضيقاً فليشتمل به وليصلي إلى جانبه لحديث جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَجِئْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ أَمْرِي فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي وَعَلَيَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَاشْتَمَلْتُ بِهِ وَصَلَّيْتُ إِلَى جَانِبِهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ مَا السُّرَى يَا جَابِرُ فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ :" مَا هَذَا الِاشْتِمَالُ الَّذِي رَأَيْتُ قُلْتُ كَانَ ثَوْبٌ يَعْنِي ضَاقَ قَالَ فَإِنْ كَانَ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ."( )
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة قال: أن سائلا سأل رسول الله عن الصلاة في الثوب الواحد قال:«أولكلكم ثوبان؟».( ) قال النووي عند شرح هذا الحديث: فيه جواز الصلاة في الثوب الوا حد ولا خلاف في هذا لما حكي عن بن مسعود -ولا أعلم صحته- وأجمعوا أن الصلاة في الثوبين أفضل ومعنى الحديث أن الثوبين لا يقدر عليهما كل واحد فلو وجبا لعجز من لايقدر عليهما عن الصلاة ففي ذلك حرج وقد قال: الله ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ ( ).
وأما صلاة النبي والصحابة رضي الله عنهم في ثوب واحد ففي وقت كان لعدم ثوب آخر وفي وقت كان مع وجوده لبيان الجواز كما قال جابر رضي الله عنه ليراني الجهال والا فالثوبان أفضل كما سبق قوله صلى الله عليه و سلم ( لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء ) قال العلماء حكمته أنه إذا ائتزر به ولم يكن على عاتقه منه شيء لم يؤمن أن تنكشف عورته بخلاف ما إذا جعل بعضه على عاتقه ولأنه قد يحتاج إلى إمساكه بيده أو يديه فيشغل بذلك وتفوته سنة وضع اليد اليمنى على اليسرى"اهـ . شرح النووي على مسلم - (4 / 231)
قال ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع على زاد المستقنع - (ج 2 / ص 124):
يُشترط في الثَّوب السَّاتر أربعة شروط:
الشَّرط الأول: ألَّا يصفَ البشرة كما قال المؤلِّفُ، فإن وَصَفَها لم يجزئ؛ لأن السَّتر لا يحصُل بدون ذلك، وعلى هذا لو لبس ثوباً من «البلاستيك» يمنع وصولَ الماء والهواء، فإنها لا تصحُّ الصَّلاة به؛ لأن ذلك لا يستر؛ بل هو يصفُ البشرة.
الشَّرط الثاني: أن يكون طاهراً. فإذا كان نجساً فإنه لا يصحُّ أن يصلِّي به، ولو صَلَّى به لا تصح صلاتُه، لا لعدم السَّتر، ولكن لأنَّه لا يجوز حمل النَّجس في الصَّلاة، والدليل ما يلي:
1 - قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ فـ«ثياب» مفعول مُقدَّم لـ«طَهِّر»، يعني «طَهِّرْ ثيابك» وهو ظاهر في أنَّ المراد ثياب اللباس.
2 - أن النبي أُتِيَ بصبيٍ لم يأكل الطَّعام؛ فأجلسه في حِجْرِه، فَبَالَ الصبيُّ في حِجْرِه، فدعا بماءٍ فأتْبَعَهُ إيَّاه وهذا يَدلُّ على أنه لا بُدَّ أن يكون الثَّوبُ طاهراً، ولهذا بادر النبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام بتطهيره.
3 - أن النبي كان يُصلِّي ذات يوم بأصحابه؛ فخلع نعليه، فخلع الناسُ نعالَهم، فلما سَلَّمَ سألهم: لماذا خلعوا نِعَالهم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: «إنَّ جبريل أتاني فأخبرني أنَّ فيهما أذى»(3) وهذا يدلُّ على وجوب التَّنزُّه مما فيه نجاسة.
4 - حديث ابن عباس أن النبي مَرَّ بقبرين يُعذَّبان، فقال: «إنَّ أحدهما كان لا يَسْتَتِرُ من البول» وفي رواية «يَسْتَنْزِهُ»، وهذا فيه شيءٌ من النَّظَرِ والمُنَاقَشَةِ.
5 - قوله تعالى: ﴿ وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾( )، قالوا: فإذا أمر اللَّهُ تعالى بتطهير المَحَلِّ، وهو منفصل عن المصلِّي، فاللباس الذي هو مُتَّصِلٌ به يكون الأمر بتطهيره من باب أولى.
الشَّرطُ الثَّالثُ: أن يكون مباحاً، أي: ليس بمحرَّمٍ،
والمحرَّمُ ثلاثة أقسام:
1- محرَّم لعينه.
2- محرَّم لوَصْفِهِ.
3- محرَّمٌ لكسبه.
1- أما المحرم لعينه: فكالحرير للرَّجُل، فهو حرام على الرِّجال، فلو صَلَّى رَجُلٌ بثوب حرير، فصلاتُه باطلة بناءً على هذا الشَّرط؛ لأنه سَتَرَ عَوْرَته بثوبٍ غيرِ مأذونٍ فيه، ومن عمل عملاً ليس عليه أمْرُ الله ورسوله فهو رَدٌّ.
2- وأما المحرَّم لوصفه: فكالثوب الذي فيه إسبال، فهذا رَجُل عليه ثوب مباح من قُطْنٍ، ولكنَّه أنزله إلى أسفلَ من الكعبين، فنقول: إن هذا محرَّم لوَصْفه؛ فلا تصحُّ الصَّلاة فيه؛ لأنه غير مأذونٍ فيه، وهو عاصٍ بِلُبْسه، فيبطل حُكمه شرعاً، ومن عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ.
3- وأما المحرَّم لكسبه: فأن يكون مغصوباً أو مسروقاً، مثل: رَجُلٌ سرقَ ثوبَ إنسانٍ وصَلَّى فيه، فنقول: الصَّلاة هنا غيرُ صحيحة؛ لأنك سترت عورتك بثوبٍ محرَّمٍ عليك، فلا تصحُّ صلاتُك.
أما الشَّرطان الأولان فواضحان وأدلتهما ظاهرة.
وأما الثَّالث؛ فمحلُّ خلافٍ بين العلماء فمن أهل العلم من يقول: إن السَّتر يحصُل بالثَوب المحرَّم؛ لأن جهة النَّهي والأمر مختلفة؛ لأن المحرَّم في هذا الثوب ليس هو لُبْسُه في الصَّلاة حتى نقول: إنه يُعارض الأمر بلُبْسِه في الصَّلاة. بل المحرَّم لُبْسُ هذا الثوب مطلقاً، وعلى هذا فيكون مورد النهي غير مورد الأمر، يعني: لو قيل لك: لا تلبس الحرير في الصَّلاة، ثم لَبِستَه، فحينئذ لا تصحُّ صلاتُك؛ لأن مورد الأمر والنهي واحد، والأمر اتِّخاذُ اللباس أو الزِّينة، والنَّهي عن لُبْس الحرير في الصَّلاة، لو كان الأمر كذلك لقلنا: إن الصَّلاة لا تصحُّ لتعارض الأمر والنهي.
لكن في مسألتنا النَّهي خارجٌ عن الصَّلاة، لا تلبس الحرير مطلقاً، وهذا الرَّجُل لَبِسَه، فهو آثم بلُبْسِه لا شكَّ؛ لكنه ليس على وجهٍ يختصُّ بالصَّلاة حتى نقول: إنه ينافيها.
وعلى هذا؛ فإذا صَلَّى بثوبٍ مُحَرَّمٍ فصلاتُه صحيحة؛ لكنه آثمٌ؛ لأنه متلبِّسٌ بثوب محرَّم.
الشَّرط الرابع: يُشترط لوجوب السَّتر ألا يضرُّه، فلو كان الثَّوب فيه مسامير، فهل نُلزِمُه بأن يلبس هذا الثَّوب الذي يأكل جلده أو يُدميه؟
الجواب: لا؛ لأن الله تعالى لَمْ يوجب على عباده ما يَشُقُّ عليهم، ثم هو في أثناء صلاته لا يمكن أن يطمئنَّ أبداً.
ولو أنَّ إنساناً في جلده حَسَاسية لا يمكن أن تقبل أيَّ ثوب، ولو لَبِس ثوباً لكان مشغولاً جداً فماذا يصنع؟
فالجواب: أن يُقال: إن الحرير يُخَفِّفُ هذه الحَسَاسية، وأن الإنسان إذا كان في جلده حَساسية ولبس الحرير، فإن الحَساسية تبرد عليه ما دام عليه هذا الثَّوب. وحينئذ نقول: الْبِسْ ثوباً من حرير إذا تمكَّنت، وإذا لم تتمكَّنْ فصلِّ حَسَبَ الحال. اهـ
وقد قسم العلماء المتقدمين والعصريين العورة إلى ثلاثة أقسام
1- مغلضة
2- مخففة
3- متوسطة
1- أما المغلضة فهي عورة المرأة الحرة المسلمة العاقلة البالغة فجميع جسدها عورة واختلفوا في الكفين والقدمين.
2- المخففة وهي عورة الرجل الصغير من السن السابعة إلى عشر فإن عورته الفرجان القبل والدبر.
3- المتوسطة يدخل في ذلك الرجل البالغ عشر سنوات فمافوق والمرأة التي لم تبلغ والأمة المملوكة والواجب ستر مابين السرة والركبة.
بقي إن لم يجدثوباً أبداً هل يصلي أم يؤخر الصلاة ؟ الجواب نعم يصلي عرياناً ولا يؤخر الصلاة عن وقتها .
قال: ابن قدامة: ومن صلى من الرجال في ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزأه ذلك، فإن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها، فإن لم يكف جميعها ستر الفرجين، فإن لم يكفهما جميعًا ستر أحدهما، فإن عدم الستر بكل حال صلى جالسًا يومئ بالركوع والسجود، وإن صلى قائمًا جاز، ومن لم يجد إلا ثوبًا نجسًا أو مكانًا نجسًا صلى فيهما ولا إعادة عليه.( )
بقي إذا كانوا جميعا عراة، أين يكون إمامهم ؟؟
إذا كانوا عراة جميعا فيقوم وسطهم إمامهم.
قال ابن قدامة رحمه الله: وكذلك إمام الرجال العراة يقوم وسطهم، وإن اجتمع رجال، وصبيان، وخناثى، ونساء،قدم الرجال ثم الخناثى ثم النساء.
بقي إذا ستتر بثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته ؟؟
عن أنس قال: كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي ).( ) صحيح البخاري -
وكذلك من صلى في فروج حرير:
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: أُهْدِىَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعًا شَدِيدًا كَالْكَارِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ « لاَ يَنْبَغِى هَذَا لِلْمُتَّقِينَ ».( )
وكذلك الثوب الذي له أعلامٌ
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى فِى خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلاَمٌ وَقَالَ « شَغَلَتْنِى أَعْلاَمُ هَذِهِ فَاذْهَبُوا بِهَا إِلَى أَبِى جَهْمٍ وَائْتُونِى بِأَنْبِجَانِيِّتة أبي جهم فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي ». ( )
سابعها دخول وقت كائــن * ثم استـقبال قبلة ذا الثامـــن
الشرح .................................................. ...............
الشرط السابع دخول الوقت:
قال:تعالى﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾( )
عن عبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا .( )
وفي حديث مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَحِيمًا رَقِيقًا فَظَنَّ أَنَّا قَدِ اشْتَقْنَا أَهْلَنَا فَسَأَلَنَا عَنْ مَنْ تَرَكْنَا مِنْ أَهْلِنَا فَأَخْبَرْنَاهُ فَقَالَ « ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ ». صحيح مسلم - (2 / 134)
والصلوات الخمس واجبة على كل مسلم حر بالغ عاقل إلا الحائض والنفساء.
فوقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله.
وثبت من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال: وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فإنها تطلع بين قرني شيطان .( )
وعن جابر " أن النبي جاءه جبريل عليه السلام فقال : قم فصله فصلى الظهر حين زالت الشس ثم جاءه . العصر فقال : قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شئ مثله ثم جاءه المغرب فقال : قم فصله فصلى المغرب حين وجبت الشمس ثم جاءه العشاء فقال : قم فصله فصلى العشاء حين غاب الشفق ثم جاءه الفجر فقال : قم فصله فصلى الفجر حين برق الفجر أو قال : سطع الفجر ثم جاء من الغد للظهر فقال : قم فصله فصلى الظهر حين صار ظل كل شئ مثله ثم جاءه العصر حين صار ظل كل شئ مثليه ثم جاءه المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثلث الليل فصلى العشاء ثم جاء حين أسفر جدا فقال له : قم فصله قصلى الفجر ثم قال : ما بين هذين وقت " . ( )
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال :سئل رسول الله عن وقت الصلوات فقال : " وقت صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأول ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس عن بطن السماء ما لم يحضر العصر ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل .( )
وعن جابر ابن عبد الله قال: كان رسول الله يصلى الظهر بالهاجرة والعصر والشمس نقية والمغرب إذا وجبت والعشاء إذا كثر الناس عجل وإذا قلوا أخر والصبح بغلس.( )
ومن السنة الإبراد بالظهر في شدة الحر:
عنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالظُّهْرِ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَبْرِدْ أَبْرِدْ ». أَوْ قَالَ « انْتَظِرِ انْتَظِرْ ». وَقَالَ « إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ ». قَالَ أَبُو ذَرٍّ حَتَّى رَأَيْنَا فَىْءَ التُّلُولِ. صحيح البخاري - (1 / 226) ومسلم - (2 / 108)
عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم ). صحيح البخاري - (1 / 199)
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ».
صحيح البخاري - (1 / 198) ومسلم - (2 / 107)
وعن أبي برزة الأسلمي سئل كيف كان رسول الله يصلي المكتوبة ؟ فقال: كان يصلي الهجير– التي تدعونها الأولى- حين تدحض الشمس ويصلي العصر ؛ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة ؛والشمس حية ونسيت ما قال في المغرب وكان يستحب أن يؤخر من العشاء-التي تدعونها العتمة-وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الـرجل جليسه ...الحديث.( )
عن أبي مسعود قال سمعت رسول الله يقول نزل جبريل فصليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه يحسب بأصابعه خمس صلوات
رواه البخاري (521) ومسلم (1378)
ووقت العصر - وهي الوسطى ثبت ذلك من حديث عن علي رضي الله عنه قال: قال: رسول الله يوم الأحزاب. «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نــارا»، ثـم صلاها بــين العشاءين المغرب والعشاء .( ) - من آخر وقت الظهر إلى أن تصفر الشمس، ثم يذهب وقت الاختيار، ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس.
ووقت المغرب إلى أن يغيب الشفق الأحمر.
ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل، ثم يبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني.
ووقت الفجر من ذلك إلى طلوع الشمس، والفجر فجران فجر كاذب وفجر صادق الفجر الكاذب في وقت الأذان الأول (خط أبيض يطلع من المشرق إلى نصف السماء له شعاع فذاك وقت ليس فيه فريضه),والفجر الصادق (خط أبيض عريض كبير يطلع معترض من المشرق فذاك وقت صلاة الفجر) ومن كبر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها، والصلاة في أول الوقت أفضل، إلا في العشاء الآخرة وفي شدة الحر الظهر.ومن أخر الصلاة عن وقتها فإن كان لعذر من نوم أونسيان ونحوه فإنه يصليها إذا زال ذلك العذر لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ نَسِىَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ ». ثم تلا : وأقم الصلاة لذكري». ( )
قال ابن عثيمين : ومن ترك الصلاة حتى خرج وقتها لغير عذر فقد صلاها على غير أمر الله ورسوله فتكون مردودة عليه .لحديث عائشة رضي الله عنها - المتفق عليه - أن النبي قال «من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ».
الشرط الثامن استقبال القبلة وهي الكعبة قال: الله تعالى قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ( ).
قال ابن القيم رحمه الله : إن استقبال القبلة شرط في صحة الصلاة وكذا ستر العورة .
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني - (ج 2 / ص 260):
باب استقبال القبلة.
استقبال القبلة شرط في صحة الصلاة إلا في الحالتين اللتين ذكرهما الخرقي ، رحمه الله .
والأصل في ذلك قول الله تعالى:﴿ وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره﴾
يعني نحوه ، كما أنشدوا :
ألا من مبلغ عنا رسولا *** وما تغني الرسالة شطر عمرو
أي نحو عمرو .
وتقول العرب : هؤلاء القوم يشاطروننا .
إذا كانت بيوتهم تقابل بيوتهم .
وقال علي ، : شطره قبله وروي عن البراء قال { قدم رسول الله فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا ، ثم إنه وجه إلى الكعبة فمر رجل ، وكان يصلي مع النبي على قوم من الأنصار ، فقال : إن رسول الله قد وجه إلى الكعبة . فانحرفوا إلى الكعبة " .أخرجه النسائي .
وكانت قبلة النبي قبل بيت المقدس ثم تحول إلى الكعبة ثبت من حديث الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ وَأَنَّهُ صَلَّى أَوَّلَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ صَلَّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ فَقَالَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ قِبَلَ مَكَّةَ فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ وَكَانَتْ الْيَهُودُ قَدْ أَعْجَبَهُمْ إِذْ كَانَ يُصَلِّي قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ فَلَمَّا وَلَّى وَجْهَهُ قِبَلَ الْبَيْتِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ .
قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ فِي حَدِيثِهِ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ رِجَالٌ وَقُتِلُوا فَلَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾.( )
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ».( )
وَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ .( ) (2 / 66)
وثبت من حديث عبد الله بن مسعود قال: صلى النبي فلما سلم قيل له يا رسول الله ، أحدث في الصلاة شيئ؟ قال: وما ذاك قالوا : صليت كذا وكذا ، فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ...) الحديث.( )
وعن عبدالله بن عباس قال : لما دخل النبي البيت دعا في نواحيه كلها، ولم يصل حتى خرج منه فلما خرج ركع ركعتين في قُبُل الكعبة وقال: «هذه القبلة».( )
ولا تصح الصلاة إلا بها ومن صلى إلى غيرها فصلاته باطلة إلا في أحوال أربع:
الحالة الأولى: إذا كان قد أشتبهت عليه القبلة لا يدري إلى أين يصلي فيتحرى القبلة حسب ما يستطيع ويتجه إلى أغلب ظنه ، وإذا تبين له بعد ما صلى أن القبلة هكذا ، لا إعادة عليه ، قال الله تعالى : ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾.
الحالة الثانية: إذا كان خائفاً أو هارباً ، وتجاهه إلى غير القبلة، في هذا الحال تسقط القبلة عليه، إذا لم يستطيع ، لقول الله تعالى : ﴿فإن خفتم فرجالاً أو ركبانا ﴾ الآية .والخائف قد يكون اتجاهه إلى القبلة أو إلى غيرها ، فإنه رخص الله له ، راجلاً أو راكبا ، فمقتضى ذلك أن يرخص الله له في الاتجاه إلى غير القبلة .
الحالة الثالثة: إذا كان مريضاً، فعجز عن استقبال القبلة ووجهه إلى غير القبلة ، فصلاته تصح إلى أي جهة كان ، لقول الله تعالى: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾ هذا وإن كان الرجل لا يستطيع إن يتحول إلى القبلة .
الحالة الرابعة: إذا كان في سفر ، وأراد أن يصلي نافلة على الراحلة يجوز له أن يصلي النافلة على راحلته إلى حيث كان من الجهات ، كان النبي يصلي في السفر حيث كان وجهه ، لحديث جابر قال: كان رسول الله ، يصلي على راحلته حيث توجهت ، فإذا أراد الفريضة ، نزل فاستقبل القبلة) الحديث... ( )
فهذا الحديث يدل على أنه للنافلة دون الفريضة، أما الفريضة يجب عليه أن يستقبل القبلة ، سواء في السفر أو غير السفر .
ولا تجزء الفريضة على النافلة، إلا ما أجمعوا عليه من الصلاة على السفينة، ونظيرها الطائرة، مع تحري القبلة فيها.
والتاسع النيةُ في ذا العلمِ * تم بحمد لله هذا النظمِ
الشرح .................................................. ..............
الشرط التاسع : هو النية . والنية محلها القلب، وهي في اللغة القصد،وفي الشرع العزم على فعل العبادة تقربا إلى الله. فلا يصح أي عمل إلا بنية.
قال ابن قدامة رحمه الله : النية هي شرط لصحة الصلاة.
ولا يتلفظ بالنية لأن التلفظ بالنية بدعة:
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى -(ج 22/ص233):
الْجَهْرُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْبِدَعِ السَّيِّئَةِ لَيْسَ مِنْ الْبِدَعِ الْحَسَنَةِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ الْجَهْرَ بِالنِّيَّةِ مُسْتَحَبٌّ وَلَا هُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفَ سُنَّةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ . وَقَائِلٌ هَذَا يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا عُوقِبَ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ.اهـ
وقال أيضا في مجموع الفتاوى – (ج 22/ ص231):
التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ نَقْصٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ . أَمَّا فِي الدِّينِ فَلِأَنَّهُ بِدْعَةٌ . وَأَمَّا فِي الْعَقْلِ فَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ طَعَامًا فَيَقُولُ : نَوَيْت بِوَضْعِ يَدِي فِي هَذَا الْإِنَاءِ أَنِّي أُرِيدُ أَنْ آخُذَ مِنْهُ لُقْمَةً فَأَضَعُهَا فِي فَمِي فَأَمْضُغُهَا ثُمَّ أَبْلَعُهَا لِأَشْبَعَ . مِثْلَ الْقَائِلِ الَّذِي يَقُولُ : نَوَيْت أُصَلِّي فَرِيضَةَ هَذِهِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيَّ حاضِرَ الْوَقْتِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي جَمَاعَةٍ أَدَاءً لِلَّهِ تَعَالَى . فَهَذَا كُلُّهُ حُمْقٌ وَجَهْلٌ وَذَلِكَ أَنَّ النِّيَّةَ بَلَاغُ الْعِلْمِ فَمَتَى عَلِمَ الْعَبْدُ مَا يَفْعَلُهُ كَانَ قَدْ نَوَاهُ ضَرُورَةً فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَ وُجُودِ الْعِلْمِ بِالْعَقْلِ أَنْ يَفْعَلَ بِلَا نِيَّةٍ ؛ وَلَا يُمْكِنُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ أَنْ تَحْصُلَ نِيَّةٌ . وَقَدْ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ بِالنِّيَّةِ وَتَكْرِيرَهَا لَيْسَ بِمَشْرُوعِ بَلْ مَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَدَّبَ تَأْدِيبًا يَمْنَعُهُ عَنْ ذَلِكَ التَّعَبُّدِ بِالْبِدَعِ وَإِيذَاءِ النَّاسِ بِرَفْعِ صَوْتِهِ اهـ
وقال أيضا في مجموع الفتاوى – (ج 22/ ص235):
وَأَمَّا الْجَهْرُ بِالنِّيَّةِ وَتَكْرِيرُهَا فَبِدْعَةٌ سَيِّئَةٌ لَيْسَتْ مُسْتَحَبَّةً بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ . اهـ
والدليل على أن في كل العبادات نية، حديث عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله يقول: «إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىءٍ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها ، أوإلى امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه».( )
فهذا الحديث يدل على أن كل عبادة لله سبحانه وتعالى لا تجوز ولا تقبل ، إلا بنية والنية محلها القلب . بهذا يكون قد تمت شروط الصلاة بشرحها نسأل الله العظيم بمنه وكرمه وجوده وإحسانه أن يتوفانا على السنة وأن يختم لنا بالحسني إنه ولي ذلك والقادر عليه، والحمد لله رب العالمين.
فرغت من كتابتها يوم السبت 17/6/1429هـ
دار الحديث بدماج حرسها الله تعالى
اليـمن - صـعدة - دماج.
تقديم فضيلة الشيخ العلامة المحدث الناصح الأمينِ أَبيْ عَبْدِ الَّرحمن يحْيَى بْن عَلِيٍّ الحَجُوْرِيّْ 3
تقديم الشيخ يحيى بن علي الحجوري خطياً: 4
مقدمة 5
كَلمةُ شُكْر 7
نظم شروط الصلاة 8
حكم تارك الصلاة 9
أخي المسلم إعلم أن تارك الصلاة كافر للأدلة الثابتة في ذالك: 9
حكم تارك الصلاة عمدا 10
فصل في اختلاف القائلين بقتل تارك الصلاة 11
واختلف القائلون بقتله في مسائل : 11
إحداها: أنه هل يستتاب أم لا 11
والمرتد تقبل توبته : 12
بقي إذا أكره على الردة فارتد وقلبه مطمئن بالإيمان: 13
المسألة الثانية : أنه لا يقتل حتى يدعى إلى فعلها فيمتنع . 13
المسألة الثالثة : بماذا يقتل هل بترك صلاة أو صلاتين أو ثلاث صلوات ؟ هذا فيه خلاف بين الناس : 13
متى يعد الرجل تاركًا للصلاة 15
فصل في حكم ترك بعض شروط الصلاة أو ركن منها 17
فصل في حكم تارك الجمعة 18
وأيضا فإنه سبحانه وتعالى أمر بالعيد كما أمر بالجمعة 19
فصل في سياق اقوال العلماء من التابعين ومن بعدهم 20
في كفر تارك الصلاة ومن حكى الإجماع على ذلك. 20
وأما المسألة الرابعة: وهي قوله هل تحبط الأعمال بترك الصلاة أم لا فقد عرف جوابها مما تقدم وإنا نفرد هذه المسألة بالكلام عليها بخصوصيتها فنقول : 21
وأما تركها أحيانا فقد روي البخاري في صحيحه رقم :(553) 22
بقي خلاف بين العلماء وهو أن تارك الصلاة هل يؤمر بقضاء الصلاة أم لا ؟؟. 23
حكم المتهاون بها 28
ذكر الخلاف في شروط الصلاة هل هي تسعة أم أكثر 29
هاك أخي الشروط للصلاة نظمتها في سبعة أبيات 30
«شرح النظم» 30
أولها الإ سلام ثم الثاني * العقل هذا واضح البرهان 32
الشرح. 32
ثالثها التمييز أيضاً سطــروا * رابعها رفع الحدث قد أشـــهروا 34
الشرح. 34
وللبلوغ مميزات يميز بها 34
والحدث نوعان أكبر وأصغر الأكبر: هو ما يوجب الغسل كالجنابة، والأصغر: 35
خامسها إزالة الأنجاس من * بقعة وثوب أيضا والبدن 37
الشرح... 37
والنجاسة من ثلاثة أنواع 1-البقعة 2-الثوب 3- البدن : 38
1-البقعة: 38
ومن البقعة الحش والحمام وأعطان الإبل وقارعة الطريق والمقبرة . 39
2- الثوب: 48
تطهير النعال والخفاف من النجاسة: 52
3-البدن؛ 56
والنجاسات تنقسم إلى ثلاثة أقسام. 57
والسادس استرعورتك وصلي * إن لم تجد ثوبـا فلا تخلي 58
الشرح . 58
باب ستر العورة 58
مسألة : وسترها عن النظر بما لا يصف البشرة واجب: 59
مسألة : وعورة الرجل والأمة، ما بين السرة والركبة: 59
مسألة : قال : ومن لم يقدر على ستر العورة صلى جالسا يومئ إيماء وجملة ذلك ، أن العادم للسترة الأولى له أن يصلي قاعدا. 62
الصلاة في الثوب الواحد: 62
يُشترط في الثَّوب السَّاتر أربعة شروط: 64
الشَّرط الأول: 64
الشَّرط الثاني: 65
الشَّرطُ الثَّالثُ: 65
الشَّرط الرابع: 67
بقي إذا كانوا جميعا عراة، أين يكون إمامهم ؟؟ 68
بقي إذا ستتر بثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته ؟؟ 69
وكذلك من صلى في فروج حرير: 69
وكذلك الثوب الذي له أعلامٌ 69
سابعها دخول وقت كائن * ثم استقبال قبلة ذا الثامن 70
الشرح . 70
الشرط السابع دخول الوقت: 70
فوقت الظهر 70
ومن السنة الإبراد بالظهر في شدة الحر: 72
ووقت العصر 73
ووقت المغرب 73
ووقت العشاء 74
ووقت الفجر 74
الشرط الثامن استقبال القبلة 74
باب استقبال القبلة 75
ولا تصح الصلاة إلا بها ومن صلى إلى غيرها فصلاته باطلة إلا في أحوال أربع: 77
الحالة الأولى: 77
الحالة الثانية: 77
الحالة الثالثة: 77
الحالة الرابعة: 78
والتاسع النيةُ في ذا العلمِ * تم بحمد لله هذا النظمِ 79
الشرح . 79
الشرط التاسع : هو النية 79
ولا يتلفظ بالنية لأن التلفظ بالنية بدعة: 79
فهرس 81