إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مختصر تفسير سورة الفاتحة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مختصر تفسير سورة الفاتحة

    مختصر تفسير سورة الفاتحة
    ويليها
    مسائل مهمة في البدع والمخالفات فيها





    تأليف أبي يوسف حميد بن علي بن حمود الجمالي


    تقديم :
    فضيلة الشيخ العلامة المحدث الناصح الأمين
    أبي عبد الرحمن يحي بن علي الحجوري
    حفظه الله تعالى







    بسم الله الرحمن الرحيم



    تقدم فضيلة الشيخ العلامة المحدث الناصح الأمين أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري –حفظه الله تعالى –


    الحمد لله على توفيقه

    هذه أربع رسائل لأخينا الفاضل الداعي إلى الله حميد بن علي الجمالي المحويتي
    الأولى : السيف البتار على ساب الصحابة الأطهار ...
    والثانية : تحذير المسلمين من فتنة القرآنيين .
    والثالثة :مختصر تفسير سورة الفاتحة.
    والرابعة :حكم تارك الصلاة .

    تصفحتها كلها فرأيتها رسائل مفيدة في بابها على قدر اختصارها
    نسأل الله أن ينفع بها وبكاتبها وبالله التوفيق

    كتبه يحي بن علي الحجوري
    في 25رجب 1434هجرية









    بسم الله الرحمن الرحيم
    المقدمة

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنتُم مُسْلِمُونَ}[آل عمران: 102] .
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكَمْ رَقِيبًا} [النساء: 11] .
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيماً} [الأحزاب: 70 - 71]
    أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
    أما بعد فهذه الرسالة بين يديك أخي القارئ الكريم وهي المسماة: (مختصر([1]) تفسير سورة الفاتحة، ويليها مسائل مهمة في البدع والمخالفات فيها) وإني لما رأيت كثرة المخالفات والبدع في هذه السورة عزمت واستعنت بالله على جمع ما تيسر لي في ذلك، وأيضاً رأيت حاجة الناس إلى معرفة تفسير هذه السورة وما فيها من الأحكام والمسائل والفضائل.
    أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعله في ميزان الحسنات، وأسأله أن ينفع بها الإسلام والمسلمين، ونسأله عز وجل أن يثبتنا على مواصلة طلب العلم الشرعي. والحمد لله رب العالمين. وكتب أبو يوسف حميد بن علي بن حمود الجمالي
    "الاستعاذة"

    الاستعاذة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
    هذا ليس من القرآن إجماعاً([2])، وإنما تعرضت له لأنه واجب في أول القراءة أو مندوب، وقيل واجبة على النبي صلى الله عليه وسلم. وأصح كيفيات اللفظ هذا اللفظ المشهور لموافقته قوله تعالى: { فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98]([3])
    "وقت الاستعادة"

    اتفق الأكثرون على أن وقت الاستعاذة قبل قراءة الفاتحة([4]).
    وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    "والمشهور الذي عليه الجمهور أن الاستعاذة لدفع الوسواس فيها، وإنما تكون قبل التلاوة"
    "حكم الاستعاذة"

    قال صديق حسن خان رحمه الله في "فتح البيان" (1/30):
    "الاستعاذة عند القراءة سنة عند الجمهور لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } [النحل: 98]"
    وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره:
    "مسألة: وجمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة ليست بمحتمة؛ يأثم تاركها"
    "معنى الاستعاذة"

    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    " ومعنى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أي أستجير بجناب الله من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياي أو يصدني عن فعل ما أمرت به، أو يحثني على فعل ما نهيت عنه فإن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله، ولهذا أمر تعالى بمصانعة شيطان الإنس ومداراته بإسداء الجميل إليه ليرده طبعه عما هو فيه من الأذى"
    وقال الإمام الطبري في "تفسيره" (1/109):
    " تأويل قوله: {أعوذ} والاستعاذة: الاستجارة
    وتأويل قول القائل: {أعوذ بالله من الشيطان الرجيم} أستجير بالله دون غيره من سائر خلقه من الشيطان، أن يضرني في ديني، أو يصدني عن حق يلزمني لربي
    تأويل قوله: {من الشيطان} ... كل متمرد من الجن والإنس والدواب وكل شيء
    تأويل قوله: {الرجيم}: الملعون، المشتوم".
    وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في "تفسير سورة الفاتحة":
    "فمعنى "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" ألوذ وأعتصم بالله وأستجير بجنابه من شر العدو أن يضرني في ديني ودنياي ويصدني عن فعل ما أمرت به او يحثني على فعل ما نهيت عنه".
    "الاستعاذة والبسملة"

    سئل العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (13/107):
    س: هل تكفي الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عند قراءة الفاتحة في الصلاة أو لابد من الإتيان بالبسملة؟ وإذا استعذت وبسملت للفاتحة هل أبسمل للسورة التي بعدها في الصلاة وإن تعددت السور؟
    فأجاب فضيلته بقوله: التعوذ بالله من الشيطان الرجيم مشروع عند كل قراءة، كلما أراد الإنسان أن يقرأ شيئا من القرآن في الصلاة أو غير الصلاة فإنه مشروع له أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لقوله سبحانه وتعالى:{فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (النحل:98) .
    أما البسملة، فإن كان القارئ يريد أن يبتدئ السورة من أولها فبسمل؛ لأن البسملة آية فاصلة بين السور يؤتى بها في ابتداء كل سورة ما عدا سورة البراءة؛ فإن سورة براءة ليس في أولها بسملة.
    وعلى هذا فإذا أراد الإنسان قراءة الفاتحة في الصلاة فيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم أولا ثم يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم.
    وقد اختلف أهل العلم في البسملة في الفاتحة هل هي من الفاتحة أو لا؟
    فذهب بعض أهل العلم إلى أنها من الفاتحة، ولكن الصحيح أنها ليست منها، وأن أول سورة الفاتحة (الحمد لله رب العالمين) ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيح أن الله سبحانه وتعالى قال: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: (الحمد لله رب العالمين) قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله تعالى: أثنى علي عبدي. وإذا قال: (مالك يوم الدين) قال الله تعالى: مجدني عبدي، وإذا قال: (إياك نعبد وإياك نستعين) قال الله: هذا بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، وإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم) قال الله تعالى: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل".
    وعلى هذا فتكون الفاتحة أولها: (الحمد لله رب العالمين) وهي سبع آيات، الأولى: (الحمد لله رب العالمين) ، الثانية: (الرحمن الرحيم) ، الثالثة: (مالك يوم الدين) ، والرابعة: (إياك نعبد وإياك نستعين) ، الخامسة: (اهدنا الصراط المستقيم) ، السادسة: (صراط الذين أنعمت عليهم) . السابعة: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) .
    أما على القول بأن البسملة منها؛ فأول آية هي البسملة والثانية هي: (الحمد لله رب العالمين) . والثالثة: (الرحمن الرحيم) . والرابعة: (مالك يوم الدين) . الخامسة: (إياك نعبد وإياك نستعين) . والسادسة: (اهدنا الصراط المستقيم) . والسابعة: (صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) .
    ولكن الراجح أن البسملة ليست من الفاتحة، كما أنها ليست من غيرها من السور إلا في سورة النمل؛ فإنها بعض آية منها".
    وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في "تصحيح الدعاء" ص(274):
    "في البسملة نحت لقولك: "بسم الله الرحمن الرحيم" بخلاف "التسمية" فهي عبارة عن قول: "بسم الله" وقيل: عن ذكر الله بأي لفظ كان، وحصل تسمح في الإطالة.
    18- وعقد ابن عبد السلام رحمه الله فائدة جامعة، فقال: "أفعال العبد على ثلاثة أقسام: ما سنت فيه التسمية، وما لم تسن، وما تكره فيه.
    الأول: كالوضوء والغسل والتيمم وذبح المناسك وقراءة القرآن، ومنه أيضاً مباحات: كالأكل والشرب والجماع.
    والثاني: كالصلاة والأذان والحج والعمرة والاذكار والدعوات.
    والثالث: المحرمات؛ لأن الغرض من البسملة التبرك في الفعل المشتمل عليه، والحرام لا يراد كثرته وبركته، وكذلك المكروه، قال: والفرق بين ما سنت فيه البسملة من القربات وبين ما لم تسن فيه عسير، فإن قيل: إنما لم تسن البسملة في ذلك القسم؛ لأنه بركة في نفسه فلا يحتاج إلى التبريك، قلنا: هذا مشكل بما سنت فيه البسملة: كقراءة القرآن، فإنه بركة في نفسه ولو بسمل على ذلك لجاز، وإنما الكلام في كونه سنة ولو كانت سنة لنقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، كما نقل غيره من السنن والنوافل" انتهى
    19- ترتيب قراءة البسملة عند النوم إحدى وعشرين مرة بدعة لا أصل لها".
    قلت: قد وردت مشروعية التسمية في عدة مواطن.
    1- شرعت التسمية عند ابتداء الطعام. انظر "البخاري" مع الفتح (9/521)، ومسلم (13/192) مع النووي حديث عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه وأحمد في المسند (40/62)، ومسلم (13/187) مع النووي.
    2- التسمية على الذبيحة
    قال الله: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) }[الأنعام: 118،119]
    وقال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}[الأنعام: 121]
    وانظر: "البخاري" مع الفتح (9/931)، و"مسلم" (13/122) مع النووي، "البخاري (9/630) مع الفتح، و"مسلم" (3/109)، و"مسلم (31/120) مع النووي عن أنس، و"البخاري" مع الفتح (4/294).
    3- وشرعت التسمية على القوس الذي يرمي به الصيد.
    انظر: "البخاري" مع الفتح (9/612)، و"مسلم" مع النووي (13/79)، و"البخاري" (9/603) مع الفتح، و"مسلم" (13/76) مع النووي.
    4- وتشرع التسمية في الصباح والمساء.
    انظر: "ابن ماجة" (3869)، و"الترمذي" مع التحفة (9/331)، و"أبو داود" الأدب رقم (5088)، و"أحمد" 01/62)ز
    5- وتشرع كذلك عند دخول البيت.
    انظر: "مسلم" مع النووي (13/190)
    6- وتشرع عند إغلاق الباب وتخمير الآنية.
    انظر: "البخاري" مع الفتح (10/88)، و"مسلم" مع النووي (13/183).
    7- وتشرع التسمية عند الوضوء.
    انظر: "ابن ماجة" (397).
    8- وتشرع التسمية عند الجماع كذلك.
    انظر: "البخاري" مع الفتح (9/228)، و"مسلم" (10/5) مع النووي.
    9- وتشرع عند النوم.
    انظر: "البخاري" مع الفتح (11/125)، و"مسلم" (17/37) من حديث أبي هريرة.
    10- وتشرع التسمية عند الرقية.
    انظر: "مسلم" (14/168) مع النووي، و"مسلم" (14/168) مع النووي.
    11- وتشرع التسمية عند وضع الميت في قبره.
    انظر: أحمد في "المسند" (2/27)، وأبو داود (3/546) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
    12- وتشرع التسمية في صدور الرسائل والاتفاقيات.
    انظر: البخاري" مع الفتح (11/47)، و"مسلم" (12/103) مع النووي، و"مسلم" (12/138) مع النووي.
    13- وتشرع التسمية عند ركوب الدابة.
    قال تعالى: {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } [هود: 41]
    14- وتشرع التسمية عند الوقوع عن الدابة.
    انظر: أبو داود (5/260)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" ص(510)، وأحمد (5/71،59).
    وكذلك اثبتت التسمية في أوائل سور القرآن الكريم، وأول ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } [العلق: 1]([5]).
    سبب نزول "بسم الله الرحمن الرحيم"

    قال صاحبا([6]) "الاستيعاب في بيان الأسباب" (1/15):
    بيان سبب نزول "بسم الله الرحمن الرحيم" وأنها للفصل بين السور.
    عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم"([7])
    "معنى البسملة"

    قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في "تفسير سورة الفاتحة":
    "وأما البسملة فمعناها أدخل في هذا الأمر من قراءة أو دعاء أو غير ذلك (بسم الله) لا بحولي ولا بقوتي , بل أفعل هذا الأمر مستعيناً بالله , ومتبركاً باسمه تبارك وتعالى , هذا في كل أمر تسمى في أوله من أمر الدين أو أمر الدنيا , فإذا أحضرت في نفسك أن دخولك في القراءة بالله مستعيناً به , متبرئاً من الحول والقول كان هذا أكبر الأسباب في حضور القلب , وطرد الموانع من كل خير.
    وقال العلامة الفقيه المفسر محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في "تفسيره" (1/7):
    "مسألة: هل البسملة آية من الفاتحة؛ أو لا؟

    في هذا خلاف بين العلماء([8])؛ فمنهم من يقول: إنها آية من الفاتحة، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة؛ لأنها من الفاتحة؛ ومنهم من يقول: إنها ليست من الفاتحة؛ ولكنها آية مستقلة من كتاب الله؛ وهذا القول هو الحق .."
    قال الإمام ابن العربي([9]) رحمه الله في "أحكام القرآن" (1/2):
    "اتفق الناس على أنها آية من كتاب الله تعالى في سورة النمل"
    وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    "بسم الله الرحمن الرحيم: افتتح بها الصحابة كتاب الله، واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة النمل.




















    "سورة الفاتحة"

    {ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
    الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)}
    "معنى الفاتحة"

    قال العلامة صديق حسن خان رحمه الله في "فتح البيان" (1/26):
    "معناها أول ما من شأنه أن يفتتح به الكتاب، ثم أطلقت على أول كل شيء كالكلام، والتاء للنقل من الوصفية إلى الاسمية أو هي مصدر بمعنى الفتح أطلقت عليه تسمية للمفعول باسم المصدر"([10])
    "سورة فاتحة الكتاب مكية"

    وهي مكية في قول الأكثرين، وهي سبع آيات وتسع وعشرون كلمة ومائة واثنان وأربعون حرفاً([11]).
    وقال الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (1/49) ط: طيبة:
    "وهي مكية على قول الأكثرين"
    وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    "وهي مكية"
    "لماذا سميت بالفاتحة"

    1- قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في "تفسيره":
    "وسميت فاتحة الكتاب، لأنها يُفتح بكتابتها المصاحف وبقراءتها الصلوات فهي فواتح لما يتلوها من سور القرآن في الكتابة والقراءة"
    2- وقال الإمام القرطبي رحمه الله في "تفسيره":
    "لأنها تفتتح قراءة القرآن بها لفظاً، وتفتح بها الكتابة في المصحف خطاً، وتفتح بها الصلوات"
    3- وقال العز بن عبد السلام رحمه الله في "تفسيره":
    "سميت الفاتحة لأنها يُفتح بها القرآن تلاوةً وخطاً"
    4- وقال الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (1/49):
    "سميت فاتحة الكتاب: لأن الله بها افتتح القرآن"
    5- وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في "تفسيره":
    "لكونه افتتح بها، إذ هي أول ما يكتبه الكاتب من المصحف، وأول ما يتلوه التالي من الكتاب العزيز"
    6- وقال العلامة الفقيه المفسر محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في "تفسيره":
    "سورة الفاتحة سميت بذلك لأنه افتتح بها القرآن الكريم، وقد قيل: إنها أول سورة نزلت كاملة"
    7- وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله في "شرح سورة الفاتحة":
    "سميت بالفاتحة لأنها افتتح بها المصحف الشريف، فهي اول سورة فيه، وتسمى بالسبع المثاني، لأنها سبع آيات، قال الله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } [الحجر: 87] فهي السبع المثاني"
    "سميت بأم القرآن"

    1- قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في "تفسيره":
    "لتقدمها على سائر سور القرآن غيرها، وتأخر ما سواها خلفها في القراءة والكتابة"
    2- وقال الإمام البخاري رحمه الله في التفسير من "صحيحه":
    "وسميت أم الكتاب: أنه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة"
    3- وقال الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (1/49):
    "وسميت أم القرآن وأم الكتاب: لأنها أصل القرآن منها بدئ القرآن وأم الشيء: أصله، ويقال لمكة: أم القرى لأنها أصل البلاد دحيت الأرض من تحتها، وقيل: لأنها مقدمة وإمام لما يتلوها من السور يبدأ بكتابتها في المصحف وبقراءتها في الصلاة"
    4- وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله في "شرح سورة الفاتحة":
    "وتسمى أم القرآن([12])، لأن أم الشيء: الأصل الذي يرجع إليه الشيء، القرآن يرجع في معانيه إلى ما تضمنته هذه السورة"
    "سميت بالمثاني"

    1- قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في "تفسيره":
    "وأما وصف النبي صلى الله عليه وسلم آياتها السبع بأنهن مثانٍ فلأنها تُثنى قراءتها في كل صلاة تطوع ومكتوبة"
    2- وقال الإمام القرطبي رحمه الله في "تفسيره":
    "سميت بالمثاني لأنها تُثنى في كل ركعة"
    3- وقال الإمام ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    "وصح تسميتها بالسبع المثاني، قالو: لأنها تثنى في الصلاة فتقرأ في كل ركعة"
    4- وقال الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (1/49):
    " وسميت مثاني لأنها تثنى في الصلاة، فتقرأ في كل ركعة، وقال مجاهد سميت مثاني لأن الله تعالى استثناها لهذه الأمة فذخرها لهم"
    5- وقال العز بن عبد السلام رحمه الله في "تفسيره":
    "المثاني: تثنى في كل صلاة فرض أو تطوع"
    6- وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله في "تفسير سورة الفاتحة":
    "سميت بالمثاني لأنها تُكرر قراءتها في كل ركعة"
    "من أسمائها"

    قال الإمام القرطبي رحمه الله في "تفسيره":
    أسماؤها: وهي اثنا عشر اسماً.
    الصلاة، سورة الحمد، فاتحة الكتاب، أم الكتاب، أم القرآن، المثاني، القرآن العظيم، الشفاء، الرقية، الأساس، الوافية، الكافية"
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (14/5):
    " وهذه السورة هي أم القرآن وهي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني والقرآن العظيم وهي الشافية وهي الواجبة في الصلوات لا صلاة إلا بها وهي الكافية تكفي من غيرها ولا يكفي غيرها عنها"
    وقال الإمام السيوطي رحمه الله في "الإتقان في علوم القرآن" (1/167):
    "ومن أسمائها سورة الفاتحة المأثورة: فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني، والقرآن العظيم، والصلاة.
    ومن أوصافها: أنها نور، ورقية ..."
    وقال الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (1/49):
    "ولها ثلاثة أسماء معروفة: فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني"
    "إنها السبع"

    1- قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في "تفسيره":
    "وأما تأويل اسمها أنها السبع فإنها سبع آيات لا خلاف بين الجميع من القراء والعلماء في ذلك"
    2- وقال الإمام القرطبي رحمه الله في "تفسيره":
    "أجمعت الأمة على أن فاتحة الكتاب سبع آيات ... وأجمعت الأمة أيضاً على أنها من القرآن"
    3- وقال الإمام ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (1/101) ط طيبة:
    "وهي سبع آيات بلا خلاف" اهـ
    4- وقال الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (1/49):
    "إنها سبع آيات باتفاق العلماء"
    5- وقال صديق حسن خان رحمه الله في "فتح البيان" (1/27):
    "وهي سبع آيات بلا خلاف"
    6- وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله في "شرح سورة الفاتحة":
    "وسورة الفاتحة سبع آيات، ثلاث آيات ونصف منها لله، وثناء على الله عز وجل، وثلاث ونصف منها للعبد من قوله: {وإياك نستعين} إلى آخر السورة"
    "الحمد لله"

    الحمد: الثناء على الجميل سواء كانت نعمة مبتدأة إلى أحد أو لا.([13])
    قال الإمام الشنقيطي رحمه الله في "تفسيره":
    "لاستغراق جميع المحامد، وهو ثناء أثنى به تعالى على نفسه، وهو في ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه به"
    وقال ابن جرير الطبري رحمه الله:
    "ومعنى (الحمد لله) : الشكر خالصا لله جل ثناؤه دون سائر ما يعبد من دونه، ودون كل ما برأ من خلقه، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد، ولا يحيط بعددها غيره أحد، في تصحيح الآلات لطاعته، وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق، وغذاهم به من نعيم العيش، من غير استحقاق منهم لذلك عليه، ومع ما نبههم عليه ودعاهم إليه، من الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم. فلربنا الحمد على ذلك كله أولا وآخرا"
    وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله في "شروط الصلاة":
    "(الحمد لله) الحمد: ثناء، والألف واللام لاستغراق جميع المحامد، وأما الجميل الذي لا صنع له فيه مثل: الجمال ونحوه، فالثناء به يسمى مدحاً لا حمداً"
    وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في "فتح القدير":
    "(الحمد لله) الحمد: هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري، وبقيد الاختياري فارق المدح، فإنه يكون على الجميل وإن لم يكن الممدوح مختاراً، كمدح الرجل على جماله وقوته وشجاعته"
    قوله: "لله"

    قال الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (1/52):
    "قوله (لله) اللام فيه للاستحقاق كما يقال: الدار لزيد"
    "رب"

    1- قال القرطبي رحمه الله في "تفسيره":
    "والرب: السيد ومنه قوله تعالى {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ } [يوسف: 42]"
    2- وقال الإمام ابن كثير رحمه الله:
    "والرب: هو المالك المتصرف"
    3- وقال الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (1/52):
    "فالرب: يكون بمعنى المالك"
    4- وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله:
    "الرب: هو المعبود الخالق الرازق المالك المتصرف مربي جميع الخلق بالنعم"
    5- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (14/13):
    "والرب: هو الخالق الرازق المربي الناصر الهادي، وهذا الاسم أحق باسم الاستعانة والمسألة"
    6- وقال العلامة السعدي رحمه الله:
    " الرب، هو المربي جميع العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه إياهم، وإعداده لهم الآلات، وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة، التي لو فقدوها، لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة، فمنه تعالى.
    وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة.
    فالعامة: هي خلقه للمخلوقين، ورزقهم، وهدايتهم لما فيه مصالحهم، التي فيها بقاؤهم في الدنيا.
    والخاصة: تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان، ويوفقهم له، ويكمله لهم، ويدفع عنهم الصوارف، والعوائق الحائلة بينهم وبينه، وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير، والعصمة عن كل شر. ولعل هذا المعنى هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب. فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة"
    7- وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله في "شرح سورة الفاتحة":
    "والرب معناه: الخالق المربي لجميع الخلق بالنعم، والمصلح والمالك، كل هذه تدخل في معاني الرب سبحانه، ففيها الرد على الملاحدة المعطلة، وفيها الرد على المشركين الذين يعبدون غير الله سبحانه وتعالى.
    "العالمين"

    1- قال ابن الجوزي رحمه الله في "زاد المسير" (1/12):
    "وللمفسرين في المراد ب «العالمين» هاهنا خمسة أقوال:
    أحدها: الخلق كله، السماوات والأرضون وما فيهن وما بينهن. رواه الضحاك عن ابن عباس.
    والثاني: كل ذي روح دب على وجه الأرض. رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: أنهم الجن والإنس. روي أيضاً عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، ومقاتل.
    والرابع: أنهم الجن والإنس ، نقل عن ابن عباس أيضا، واختاره ابن قتيبة.
    والخامس: أنهم الملائكة، وهو مروي عن ابن عباس أيضا".
    2- وقال الإمام ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    "(والعالمين) جمع عالم: وهو كل موجود سوى الله عز وجل".
    3- وقال ابن جرير الطبري رحمه الله في "تفسيره":
    "(العالمين) والعالمون جمع عالم، والعالم: جمع لا واحد له من لفظه كالأنام والرهط والجيش، ونحو ذلك من الأسماء".
    4- وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله:
    "و(العالمين): كل ما سوى الله عالم، وهو رب الجميع".
    5- وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في "تفسيره":
    "و(العالمين) جمع عالم، وهو كل موجود سوى الله".
    6- وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في "تفسيره":
    "و {العالمين} : قال العلماء: كل ما سوى الله فهو من العالَم؛ وُصفوا بذلك؛ لأنهم عَلَم على خالقهم سبحانه وتعالى؛ ففي كل شيء من المخلوقات آية تدل على الخالق: على قدرته، وحكمته، ورحمته، وعزته، وغير ذلك من معاني ربوبيته".
    "الرحمن الرحيم"

    1- قال الإمام ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    "(الرحمن الرحيم) اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشد مبالغة من رحيم".
    2- وقال الإمام البخاري رحمه الله في أول كتاب التفسير من "صحيحه":
    "(الرحمن الرحيم) اسمان من الرحمة، الرحيم والراحم بمعنى واحد، كالعليم والعالم".
    3- وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في "شروط الصلاة":
    "(الرحمن) رحمة عامة جميع المخلوقات. (الرحيم) رحمة خاصة بالمؤمنين. والدليل قوله تعالى:{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43]"
    وقال أيضاً في "تفسير سورة الفاتحة":
    "(الرحمن الرحيم) : اسمان مشتقان من الرحمة أحدهما أبلغ من الآخر، مثل العلام والعليم، قال ابن عباس: هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر، أي أكثر من الآخر رحمةً".
    4- وقال العلامة السعدي رحمه الله:
    "(الرحمن الرحيم): اسمان دالان على أنه تعالى ذو الرحمة الواسعة العظيمة التي وسعت كل شيء، وعمت كل مخلوق، وكتب الرحمة الكاملة للمتقين المتبعين لأنبيائه ورسله، فهؤلاء لهم الرحمة المطلقة المتصلة بالسعادة الأبدية، ومن عداهم محروم من هذه الرحمة الكاملة، لأنه الذي دفع هذه الرحمة وأباها بتكذيبه للخبر وتوليه عن الأمر فلا يلومن إلا نفسه.
    واعلم أن من القواعد المتفق عليها بين سلف الأمة وأئمتها ما دل عليه الكتاب والسنة من الإيمان بأسماء الله كلها وصفاته جميعها وبأحكام تلك الصفات.
    فيؤمنون مثلاً بأنه رحمن رحيم ذو الرحمة العظيمة التي اتصف بها المتعلقة بالمرحوم، فالنعم كلها من آثار رحمته، وهكذا يقال في سائر الأسماء الحسنى.
    فيقال عليم: ذو علم عظيم يعلم به كل شيء.
    قدير: ذو قدرة يقدر على كل شيء".
    "مالك يوم الدين"

    1- قال ابن الجوزي رحمه الله في "تفسيره":
    "وفي (الدين) هاهنا قولان:
    أحدهما: أنه الحساب، قاله ابن مسعود.
    والثاني: الجزاء، قاله ابن عباس".
    2- قال الإمام ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    "والدين: الجزاء والحساب".
    3- وقال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله:
    "والدين في هذا الموضع، بتأويل الحساب والمجازاة بالأعمال".
    4- وقال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب التفسير من "صحيحه":
    "والدين: الجزاء في الخير والشر، كما تدين تدان".
    5- وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
    "قوله (مالك يوم الدين) يوم الجزاء والحساب، يوم كل يجازى بعمله، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر".
    6- وقال العلامة الشوكاني رحمه الله:
    "ويوم الدين: يوم الجزاء من الرب سبحانه لعباده، كما قال: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار: 17 - 19]
    7- وقال العلامة السعدي رحمه الله:
    "(مالك يوم الدين) المالك: هو من اتصف بصفة الملك التي من آثارها أنه يأمر وينهى، ويثيب ويعاقب، ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات، وأضاف الملك ليوم الدين، وهو يوم القيامة، يوم يدان الناس فيه بأعمالهم، خيرها وشرها، لأن في ذلك اليوم، يظهر للخلق تمام الظهور، كمال ملكه وعدله وحكمته، وانقطاع أملاك الخلائق. حتى إنه يستوي في ذلك اليوم، الملوك والرعايا والعبيد والأحرار.
    كلهم مذعنون لعظمته، خاضعون لعزته، منتظرون لمجازاته، راجون ثوابه، خائفون من عقابه، فلذلك خصه بالذكر، وإلا فهو المالك ليوم الدين ولغيره من الأيام".
    "إياك نعبد وإياك نستعين"

    وهذه الآية تشمتل على أنفع الدعاء وأجمعه.
    قال ابن تيمية رحمه الله: "تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته، ثم رأيته في الفاتحة: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [الفاتحة: 5]([14])".
    1- قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    "(إياك) أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نتوكل إلا عليك، وهذا هو كمال الطاعة. والدين يرجع كله إلى هذين المعنيين، وهذا كما قال بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة، والتفويض إلى الله عز وجل".
    2- وقال الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (1/54):
    "قوله {نعبد} أي نوحدك ونطيعك خاضعين، والعبادة الطاعة مع التذلل والخضوع وسمي العبد عبداً لذلته وانقياده يقال: طريق معبد أي مذلل {وإياك نستعين} نطلب منك المعونة على عبادتك وعلى جميع أمورنا".
    3- وقال ابن جرير الطبري رحمه الله:
    " وتأويل قوله (إياك نعبد) : لك اللهم نخشع ونذل ونستكين، إقراراً لك يا ربنا بالربوبية لا لغيرك.
    ومعنى قوله: (وإياك نستعين) : وإياك ربنا نستعين على عبادتنا إياك وطاعتنا لك وفي أمورنا كلها لا أحداً سواك، إذ كان من يكفر بك يستعين في أموره معبوده الذي يعبده من الأوثان دونك، ونحن بك نستعين في جميع أمورنا مخلصين لك العبادة".
    4- وقال الإمام الشنقيطي رحمه الله:
    "أي لا نطلب العون إلا منك وحدك، لأن الأمر كله بيدك وحدك لا يملك أحد منه معك مثقال ذرة".
    5- وقال الإمام ابن العربي رحمه الله في "أحكام القرآن" (1/2):
    "( إياك نعبد وإياك نستعين)
    يعني من العبد العبادة، ومن الله سبحانه العون"
    6- وقال ابن القيم رحمه الله:
    "(إياك نعبد وإياك نستعين) يتضمن معرفة الطريق الموصلة إليه وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه واستعانته على عبادته".
    وقال ابن القيم رحمه الله كما أيضاً في "بدائع التفسير" (1/157):
    "وكثيرا ما كنت أسمع شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: {إياك نعبد} تدفع الرياء {وإياك نستعين} تدفع الكبرياء.
    فإذا عوفي من مرض الرياء ب {إياك نعبد} ومن مرض الكبرياء والعجب بـ {إياك نستعين} ومن مرض الضلال والجهل بـ {اهدنا الصراط المستقيم} عوفي من أمراضه وأسقامه، ورفل في أثواب العافية، وتمت عليه النعمة، وكان من المنعم عليهم غير المغضوب عليهم وهم أهل فساد القصد، الذين عرفوا الحق وعدلوا عنه والضالين وهم أهل فساد العلم، الذين جهلوا الحق ولم يعرفوه.
    وحق لسورة تشتمل على هذين الشفاءين أن يستشفى بها من كل مرض، ولهذا لما اشتملت على هذا الشفاء الذي هو أعظم الشفاءين، كان حصول الشفاء الأدنى بها أولى، كما سنبينه، فلا شيء أشفى للقلوب التي عقلت عن الله وكلامه، وفهمت عنه فهما خاصا، اختصها به من معنى هذه السورة".
    7- وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
    "قوله (إياك نعبد) أي لا نعبد غيرك، عهد بين العبد وبين ربه ألا يعبد إلا إياه.
    (وإياك نستعين): عهد بين العبد وبين ربه ألا يستعين بأحد غير الله".
    8- وقال ابن الجوزي في رحمه الله "تفسيره":
    " وفي المراد بالعبادة ثلاثة أقوال:
    أحدها: أنها بمعنى التوحيد. روي عن علي، وابن عباس في آخرين.
    والثاني: أنها بمعنى الطاعة، كقوله: { لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ } [يس: 60].
    والثالث: أنها بمعنى الدعاء كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي } [غافر: 60]".
    9- وقال العلامة الشوكاني رحمه الله:
    "(إياك نعبد) يعني: إياك نوحد ونخاف يا ربنا لا غيرك، (وإياك نستعين) على طاعتك وأمورنا كلها".
    10- وقال العلامة السعدي رحمه الله:
    " نخصك وحدك بالعبادة
    والاستعانة، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر، وهو إثبات الحكم للمذكور، ونفيه عما عداه. فكأنه يقول: نعبدك، ولا نعبد غيرك، ونستعين بك، ولا نستعين بغيرك.
    وقدم العبادة على الاستعانة، من باب تقديم العام على الخاص، واهتماما بتقديم حقه تعالى على حق عبده.
    و {العبادة} اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال، والأقوال الظاهرة والباطنة. و {الاستعانة} هي الاعتماد على الله تعالى في جلب المنافع، ودفع المضار، مع الثقة به في تحصيل ذلك.
    والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية، والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما. وإنما تكون العبادة عبادة، إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله. فبهذين الأمرين تكون عبادة، وذكر {الاستعانة} بعد {العبادة} مع دخولها فيها، لاحتياج العبد في جميع عباداته إلى الاستعانة بالله تعالى. فإنه إن لم يعنه الله، لم يحصل له ما يريده من فعل الأوامر، واجتناب النواهي".
    11- وقال العلامة الفقيه المفسر محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
    "والعبادة: تتضمن فعل كل ما أمر الله به وترك كل ما نهى الله عنه، أن من لم يكن كذلك فليس بعابد".
    12- وقال العلامة الفوزان حفظه الله في "شرح سورة الفاتحة":
    "(إياك نعبد) أي: أعبدك يا رب بما مضى بهذه الثلاث: بمحبتك، ورجائك، وخوفك. فهذه الثلاث أركان العبادة، وصرفها لغير الله شرك".
    "اهدنا الصراط المستقيم"

    1- قال ابن الجوزي رحمه الله في "تفسيره":
    " قوله: (اهدنا) فيه أربعة أقوال:
    أحدها: ثبتنا. قاله علي، وأبي.
    والثاني: أرشدنا.
    والثالث: وفقنا.
    والرابع: ألهمنا. رويت هذه الثلاثة عن ابن عباس".
    2- وقال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله:
    "(اهدنا الصراط المستقيم) في هذا الموضع عندنا: وفقنا للثبات عليه، كما روي ذلك عن ابن عباس".
    3- وقال ابن كثير رحمه الله:
    "(اهدنا الصراط المستقيم) لأنه أنجح للحاجة وأنجع للإجابة، ولهذا أرشد الله تعالى إليه لأنه الأكمل".
    س: كيف يسأل المؤمن ربه عز وجل الهداية في كل وقت من صلاة وغيرها، وهو متصف بذلك؟ فهل هذا من تحصيل الحاصل؟
    الجواب: أجاب عن هذا ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    "الحواب: أن لا ولولا احتياجه ليلاً ونهاراً إلى سؤال الهداية لما أرشده الله إلى ذلك؛ فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية، ورسوخه فيها، وتبصره، وازدياده منها، واستمراره عليها، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، فأرشده تعالى إلى أن يسأله في كل وقت أن يمده بالمعونة والثبات والتوفيق، فالسعيد من وفقه الله تعالى لسؤاله؛ فإنه تعالى قد تكفل بإجابة الداعي إذا دعاه، ولا سيما المضطر المحتاج المفتقر إليه آناء الليل وأطراف النهار، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ } [النساء: 136]، فقد أمر الذين آمنوا بالإيمان، وليس في ذلك تحصيل الحاصل؛ لأن المراد الثبات والاستمرار والمداومة على الأعمال المعينة على ذلك، والله أعلم".
    4- وقال العلامة السعدي رحمه الله:
    "قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} أي: دلنا وأرشدنا، ووفقنا للصراط المستقيم، وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله، وإلى جنته، وهو معرفة الحق والعمل به ... فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته، لضرورته إلى ذلك".
    "الصراط المستقيم"

    1- قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله:
    "أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعاً على أن (الصراط المستقيم) هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه".
    2- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (14/39):
    "و(الصراط المستقيم) قد فسر بالقرآن والإسلام وطريق العبودية، وكل هذا حق، فهو موصوف بهذا وبغيره".
    3- وقال العز بن عبد السلام رحمه الله في "تفسيره":
    "فالصراط: القرآن أو الإسلام أو الطريق الهادي إلى دين الله".
    4- وقال ابن الجوزي رحمه الله في تفسيره "زاد المسير":
    " المراد بالصراط ها هنا أربعة أقوال:
    أحدها: أنه كتاب الله، رواه علي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
    والثاني: أنه دين الاسلام. قاله ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، وأبو العالية في آخرين.
    والثالث: أنه الطريق الهادي إلى دين الله، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد.
    والرابع: أنه طريق الجنة، نقل عن ابن عباس أيضا.
    فإن قيل: ما معنى سؤال المسلمين الهداية وهم مهتدون؟
    ففيه ثلاثة أجوبة:
    أحدها: أن المعنى: اهدنا لزوم الصراط، فحذف اللزوم. قاله ابن الأنباري.
    والثاني: أن المعنى: ثبتنا على الهدى، تقول العرب للقائم: قم حتى آتيك، أي: اثبت على حالك.
    والثالث: أن المعنى: زدنا هداية".
    5- وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله في "شروط الصلاة":
    "(والصراط) الإسلام، وقيل: الرسول، وقيل: القرآن، والكل حق, و(المستقيم) الذي لا عوج فيه"
    "صراط الذين أنعمت عليهم"

    1- قال ابن الجوزي رحمه الله في "زاد المسير":
    "قوله تعالى (الذين أنعمت عليهم)
    قال ابن عباس: هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون".
    2- وقال الإمام ابن كثير رحمه الله في "تفسيره" (1/25):
    " قوله تعالى (الذين أنعمت عليهم) ... والذين أنعم الله عليهم هم المذكورون في سورة النساء، حيث قال: {مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]
    وقال الضحاك، عن ابن عباس: صراط الذين أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك، من ملائكتك، وأنبيائك، والصديقين، والشهداء، والصالحين؛ وذلك نظير ما قال ربنا تعالى: {مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] ... وتفسير ابن عباس رضي الله عنهما أعم، وأشمل، والله أعلم".
    3- وقال الإمام ابن جرير الطبري:
    " إبانة عن الصراط المستقيم، أي الصراط هو؟ إذ كان كل طريق من طرق الحق صراطاً مستقيماً. فقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد: اهدنا يا ربنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، بطاعتك وعبادتك، من ملائكتك وأنبيائك والصديقين والشهداء والصالحين".
    4- وقال الإمام الشنقيطي رحمه الله في "تفسيره":
    "وقوله تعالى: (صراط الذين أنعمت عليهم)"
    لم يبين هنا من هؤلاء الذين أنعم عليهم. وبين ذلك في موضع آخر بقوله: { فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]".
    5- وقال العلامة السعدي رحمه الله في "تفسيره":
    "(صراط الذين أنعمت عليهم) من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين".
    6- وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "تفسيره":
    "والذين أنعم الله عليهم هم المذكورون في قوله {مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]".
    "غير المغضوب عليهم ولا الضالين"

    1- قال ابن أبي حاتم رحمه الله:
    "لا أعلم بين المفسرين خلافاً في هذا أن (المغضوب عليهم): اليهود، وأن (الضالين) النصارى". نقله ابن كثير في "تفسيره".
    وقال ابن القيم رحمه الله كما في بدائع "التفسير" (1/109):
    " وقوله {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} يتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحراف إلى الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد والانحراف إلى الطرف الآخر انحراف إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل".
    2- وقال الإمام الشنقيطي رحمه الله في "تفسيره":
    "قال جماهير علماء التفسير (المغضوب عليهم): اليهود، (والضالين): النصارى".
    3- وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله في "شروط الصلاة":
    "(غير المغضوب عليهم) وهم اليهود، معهم علم ولم يعملوا به. تسأل الله أن يجنبك طريقهم. (ولا الضالين) وهم النصارى، يعبدون الله على جهل وضلال، نسأل الله أن يجنبك طريقهم".
    4- وقال العلامة السعدي رحمه الله في "تفسيره":
    "(المغضوب عليهم) الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم. وغير صراط (الضالين) الذين تركوا الحق على جهل وضلال، كالنصارى ونحوهم".
    5- وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "تفسيره":
    "قوله تعالى: {غير المغضوب عليهم} : هم اليهود، وكل من علم بالحق ولم يعمل به.
    قوله تعالى: {ولا الضالين} : هم النصارى قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكل من عمل بغير الحق جاهلاً به"
    وقال أيضاً رحمه الله:
    "وأسباب الخروج عن الصراط المستقيم: إما الجهل؛ أو العناد؛ والذين سببُ خروجهم العناد هم المغضوب عليهم. وعلى رأسهم اليهود؛ والآخرون الذين سبب خروجهم الجهل كل من لا يعلم الحق. وعلى رأسهم النصارى؛ وهذا بالنسبة لحالهم قبل البعثة. أعني النصارى؛ أما بعد البعثة فقد علموا الحق، وخالفوه؛ فصاروا هم واليهود سواءً. كلهم مغضوب عليهم".
    قلت: قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضُلال".
    رواه الترمذي عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، وصححه الألباني رحمه الله في "صحيح الجامع" رقم (8202).
    "آمين"

    قال الإمام ابن كثير رحمه الله في "تفسيره":
    "يستحب لمن يقرأ الفاتحة أن يقول: آمين.
    ومعناها: اللهم استجب".
    وقال الإمام البغوي رحمه الله في "معالم التنزيل" (1/55):
    "والسنة للقارئ أن يقول بعد فراغه من قراءة الفاتحة: "آمين".
    وقال الإمام القرطبي رحمه الله في "تفسيره" (1/127)([15]):
    "ويسن لقارئ القرآن أن يقول بعد الفراغ من الفاتحة بعد سكتة على نون "ولا الضالين": آمين، ليتميز ما هو قرآن مما ليس بقرآن.
    معنى آمين عند أكثر أهل العلم: اللهم استجب لنا".
    وقال صديق حسن خان رحمه الله في "فتح البيان" (1/45):
    "واعلم أن السنة الصحيحة الصريحة الثابتة تواتراً قد دلت على مشروعية التأمين بعد قراءة الفاتحة". وذكر جملة من الأحاديث.
    وقال ابن الجوزي رحمه الله في "تفسيره" (1/16):
    "ومن السنة في حق قارئ الفاتحة أن يعقبها بـ (آمين). قال شيخنا أبو الحسن علي بن عبيد الله: وسواء كان خارج الصلاة أو فيها. لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا قال الامام {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فقال من خلفه: آمين، فوافق ذلك قول أهل السماء، غفر له ما تقدم من ذنبه". متفق عليه.
    وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله في "شرح سورة الفاتحة":
    "لذلك يستحب بعد الفراغ من قراءتها أن يقول: (آمين) أي: اللهم استجب، والتأمين إنما يكون على دعاء، وسورة الفاتحة كلها دعاء، دعاء عبادة ودعاء مسألة".
    قلت: يشرع في الصلاة التأمين للأمام والمأموم والمنفرد. وقد ورد في فضل التأمين قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمن الإمام فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه"([16]).
    فاحرص أخي: على إدراك التأمين، أكثر من حرصك على الركعة الأولى والثانية، في صلاة ثلاثية أو رباعية، لتدرك هذا الفضل العظيم([17]).
    بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في فضل سورة الفاتحة

    1- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ، ثلاثاً غير تمام" أخرجه مسلم رقم (395).
    2- قال النبي صلى الله عليه وسلم: "السبع المثاني فاتحة الكتاب"
    رواه الحاكم عن أبُي، وعند أبي داود وأحمد والترمذي عن أبي هريرة. الحديث: صحيح، صححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (3681).
    3- قال النبي صلى الله عليه وسلم: " قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرحمن الرحيم}، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: {مالك يوم الدين}، قال: مجدني عبدي - وقال مرة فوض إلي عبدي - فإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين} قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل "
    رواه مسلم (395) عن أبي هريرة.
    4- عن أبي سعيد الخدري أنه قال: إن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم فلم يضيفوهم، فقالوا لهم: هل فيكم راق؟ فإن سيد الحي لديغ أو مصاب، فقال رجل منهم: نعم، فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب، فبرأ الرجل، فأعطي قطيعا من غنم، فأبى أن يقبلها، وقال: حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب فتبسم وقال: "وما أدراك أنها رقية؟" ثم قال: "خذوا منهم، واضربوا لي بسهم معكم".
    البخاري رقم (4721)، ومسلم رقم (2201).
    5- عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"
    البخاري (756) ومسلم (394).
    6- عن ابن عباس، قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، سمع نقيضاً من فوقه، فرفع رأسه، فقال: "هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته"
    رواه مسلم رقم (254).
    7- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "السبع المثاني فاتحة الكتاب"
    رواه البخاري رقم (4427)، (4704).
    8- عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال كنت أصلي في المسجد، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أصلي، فقال: " ألم يقل الله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]. ثم قال لي: "لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد". ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: "ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن"، قال: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] "هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته"
    البخاري رقم (4647) ورقم (2474).
    9- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه قال: "لأم القرآن: هي أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي القرآن العظيم"
    أخرجه أحمد (4/448) رقم الحديث (9496) وإسناده صحيح.
    10- وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "هي أم القرآن، وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني"
    أخرجه الترمذي (3124) والطبري (134) وإسناده صحيح.
    11- عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلها؟ ثم أخبره أنها الفاتحة"
    أخرجه الترمذي (3125)، والنسائي (2/139) وغيرهما.
    12- عن عبد الله بن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: اقرأ: الحمد لله رب العالمين حتى تختمها"
    أخرجه أحمد (4/177). قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره": هذا إسناد جيد.
    13- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا قرأتم: (الحمد لله) فاقرءوا: (بسم الله الرحمن الرحيم) إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني و(بسم الله الرحمن الرحيم) إحداها "
    أخرجه الدارقطني والبيهقي والديلمي.
    قال الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" رقم (1183): هذا إسناد صحيح مرفوعاً وموقوفاً.
    14- وعن أنس رضي الله عنه قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم في سير فنزل، ونزل رجل إلى جانبه، قال: فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " ألا أخبرك بأفضل القرآن؟ فتلا عليه: الحمد لله رب العالمين "
    أخرجه الحاكم، وصححه الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" رقم (1499).
    15- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن تقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر"
    رواه أحمد (3/3)، وأبو داود (3/34)، وعبد بن حُميد في "المنتخب" (2/64)
    قال الشيخ مقبل رحمه الله في "الجامع الصحيح" (5/482): هذا حديث صحيح.
    16- وعن أنس رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه، فلما قضى صلاته أقبل عليهم بوجهه فقال: "أتقرؤون في صلاتكم خلف الإمام والإمام يقرأ؟" فسكتوا، فقالها ثلاث مرات، فقال قائل - أو قال قائلون - إنا لنفعل، قال: "فلا تفعلوا ليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه"
    رواه أبو يعلى (5/187)، قال الشيخ مقبل رحمه الله في "الجامع الصحيح" (5/483): هذا حديث حسن.
    17- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام"
    رواه أحمد (6/275)، قال الشيخ مقبل رحمه الله في "الجامع الصحيح" (5/108): هذا حديث حسن.
    18- وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم"
    رواه البخاري. "صحيح الجامع" للألباني رقم (1394).
    19- عن عبد الله بن جابر البياضي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن (الحمد لله رب العالمين)"([18]) رواه أحمد.
    وصححه الألباني رحمه الله في "صحيح الجامع" رقم (2592)
    وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: (ولا الضالين) قال: "آمين" ورفع بها صوته"
    رواه أبو داود (3/205)، قال الشيخ مقبل رحمه الله في "الجامع الصحيح" (5/483): هذا حديث صحيح.
    وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين"
    رواه ابن ماجه (1/187)، قال الشيخ مقبل رحمه الله في "الجامع الصحيح" (5/484): هذا حديث حسن على شرط مسلم.
    قلت: الأدلة كثيرة في فضل التأمين، فأين يذهب الروافض من هذه السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد صدق شيخ الإسلام رحمه الله كما في "الفتاوى" (4/471):
    الرافضة أعظم الطوائف كذباً وجهلاً.
    الأحاديث الضعيفة في فضل سورة الفاتحة

    1- حديث "فاتحة الكتاب شفاء من السم"
    موضوع. "الضعيفة" للعلامة الألباني رقم (3997).
    2- حديث: "فاتحة الكتاب تجزي ما لا يجزي شيء من القرآن، ولو أن فاتحة الكتاب جعلت في كفة الميزان، وجعل القرآن في الكفة الأخرى، لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات".
    ضعيف جداً. ضعفه العلامة الألباني في "الضعيفة" رقم (3996).
    3- حديث: "فاتحة الكتاب تعدل بثلثي القرآن"
    ضعيف. ضعفه الألباني رحمه الله في "ضعيف الجامع" رقم (3949)
    4- حديث: "فاتحة الكتاب شفاء من كل داء"
    ضعفه العلامة الألباني رحمه الله في "ضعيف الجامع" رقم (3951)
    5- حديث: "فاتحة الكتاب وآية الكرسي لا يقرؤهما عبد في دار، فيصيبهم ذلك اليوم عين إنس أو جن"
    ضعيف. ضعفه العلامة الألباني رحمه الله في "ضعيف الجامع" رقم (3952)
    6- حديث: "فاتحة الكتاب أنزلت من كنز تحت العرش"
    ضعيف. ضعفه الألباني في "الضعيفة" رقم (4024)
    7- حديث: "حديث إن الله أعطاني فيما منّ الله به عليّ فاتحة الكتاب، وقال: من كنوز عرشي"
    رواه البيهقي في "الشعب" )2/448) عن أنس، وإسناده ضعيف، وفيه: صالح بن بشير المري.
    8- حديث: "إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب و(قل هو الله أحد) فقد أمنت من كل شيء إلا الموت"
    ضعيف. أخرجه البزار عن أنس، وفي إسناده: غسان بن عبيد، وهو ضعيف.
    9- حديث: "من قرأ أم القرآن و(قل هو الله أحد) فكأنما قرأ ثلث القرآن"
    ضعيف. أخرجه الطبراني في "الأوسط" وفيه: سليمان بن أحمد متروك.
    10- حديث: "من قرأ فاتحة الكتاب فكأنما قرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان"
    ضعيف جداً. أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص(33) عن الحسن مرسلاً، وله علتان: الإرسال، وكون مراسيل الحسن واهية، لأنه يحدث عن كل أحد كما هو مقرر في ترجمته، والراوي عنه وهو مسلم بن عبيد وثقه أحمد وقال الدارقطني: لا يحتج به.
    وقد أخرجه البيهقي (2371) عن الحسن من قوله، وهو أصح.
    تنبيه: هذه الأحاديث الضعيفة ليست ناسخة للأحاديث الصحيحة، إنما ذكرتها لنا وعلينا، ولكي يحذرها الناس ولا يحدثون بها.
    "كرامة لابن القيم في سورة الفاتحة"

    قال في كتابه "الطب النبوي" ص(132):
    " ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بها (يعني الفاتحة)، آخذ شربة من ماء زمزم، وأقرؤها عليها مراراً، ثم أشربه، فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع، فأنتفع بها غاية الانتفاع"([19]).
    فائدة:

    قال ابن القيم رحمه الله كما في "بدائع التفسير" (1/109):
    "فأول السورة رحمة، وأوسطها هداية، وآخرها نعمة، وحظ العبد من النعمة على قدر حظه من الهداية، وحظه منها على قدر حظه من الرحمة، فعاد الأمر كله إلى نعمته ورحمته، والنعمة والرحمة من لوازم ربوبيته؛ فلا يكون إلا رحيماً منعماً، وذلك من موجبات إلهيته، فهو الإله الحق، وإن جحده الجاحدون وعدل به المشركون، فمن تحقق بمعاني الفاتحة علماً ومعرفة وعملاً وحالاً فقد فاز من كماله بأوفر نصيب، وصارت عبوديته عبودية الخاصة الذين ارتفعت درجتهم عن عوام المتعبدين، والله المستعان".
    وقال ابن القيم رحمه الله أيضاً في "الفوائد":
    " والأسماء المذكورة في هذه السورة هي أصول الأسماء الحسنى، وهي اسم الله والرب والرحمن، فاسم الله: متضمن لصفات الألوهية، واسم الرب: متضمن لصفات الربوبية، واسم الرحمن: متضمن لصفات الإحسان والجود والبر، ومعاني أسمائه تدور على هذا".
    فائدة:

    قال العلامة السعدي رحمه الله:
    " فهذه السورة على إيجازها، قد احتوت على ما لم تحتو عليه سورة من سور القرآن، فتضمنت أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية يؤخذ من قوله: {رب العالمين}. وتوحيد الإلهية وهو إفراد الله بالعبادة، يؤخذ من لفظ: {الله} ومن قوله: {إياك نعبد} وتوحيد الأسماء والصفات، وهو إثبات صفات الكمال لله تعالى، التي أثبتها لنفسه، وأثبتها له رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه، وقد دل على ذلك لفظ {الحمد}".
    وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله كما في "كتبه ورسائله" (1/149):
    "سورة الفاتحة أعظم سورة في القرآن؛ لحديث أبي سعيد بن المعلى، أخرجه البخاري (4474)، وهي مشتملة على أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات".
    وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله في "شرح سورة الفاتحة":
    "وهي تتضمن معاني جليلة، ففيها أنواع التوحيد الثلاثة في أولها: (الحمد لله رب العالمين) هذا فيه توحيد الربوبية، (الرحمن الرحيم* مالك يوم الدين) هذا فيه توحيد الأسماء والصفات، (إياك نعبد وإياك نستعين) هذا فيه توحيد العبودية، فتضمنت إذن أنواع التوحيد الثلاثة".
    وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره"
    "اشتملت هذه السورة الكريمة وهي سبع آيات، على حمد الله وتمجيده والثناء عليه، بذكر أسمائه الحسنى المستلزمة لصفاته العليا، وعلى ذكر المعاد وهو يوم الدين، وعلى إرشاده عبيده إلى سؤاله والتضرع إليه، والتبرؤ من حولهم وقوتهم، وإلى إخلاص العبادة له وتوحيده بالألوهية تبارك وتعالى، وتنزيهه أن يكون له شريك أو نظير أو مماثل، وإلى سؤالهم إياه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الدين القويم، وتثبيتهم عليه حتى يفضي بهم ذلك إلى جواز الصراط الحسي يوم القيامة، المفضي بهم إلى جنات النعيم في جوار النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين.
    واشتملت على الترغيب في الأعمال الصالحة، ليكونوا مع أهلها يوم القيامة، والتحذير من مسالك الباطل؛ لئلا يحشروا مع سالكيها يوم القيامة، وهم المغضوب عليهم والضالون. وما أحسن ما جاء إسناد الإنعام إليه في قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} وحذف الفاعل في الغضب في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وإن كان هو الفاعل لذلك في الحقيقة، كما قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} الآية [المجادلة: 14] ، وكذلك إسناد الضلال إلى من قام به، وإن كان هو الذي أضلهم بقدره، كما قال تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا} [الكهف: 17] . وقال: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأعراف: 186]. إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه سبحانه هو المنفرد بالهداية والإضلال".
    أخطاء شائعة في سورة الفاتحة

    فمن ذلك أن أحدهم يقرأ "أنعمت عليهم" فيخطئ ويقول: "أنعمتُ عليهم" فيضم التاء وهذا خطأ. أو "إياك نعبدوا" هكذا بواو الجماعة، وهذا خطأ، والصواب أن يقول: "إياك نعبد" بضم الدال. ومن ذلك أن يقول: "اهدنا الشراط" بدلاً من "اهدنا الصراط" لأن الكثير من الناس إذا أراد أحدهم أن ينطق (الصاد) نطقاً جيداً فإنه يحولها إلى شين، وهذا كله خطأ واضح وشائع.
    قراءتها في الصلاة على الجنائز

    سئلت اللجنة الدائمة (8/420) رقم الفتوى (6744):
    8: هل في صلاة الجنازة يلزم قراءة فاتحة الكتاب بعد أول تكبيرة، أو يكفي الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء للميت؟
    الجواب: تجب قراءة فاتحة الكتاب في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الأولى، تكبيرة الإحرام؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" ولعمل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ثبت عنه أنه كان يقرؤها بعد التكبيرة الأولى، وتجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التكبيرة الثانية، ويجب الدعاء للميت وغيره بعد التكبيرة الثالثة، ثم السلام بعد الرابعة.
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    قراءتها في صلاة الكسوف

    سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما في "فتاوى نور على الدرب":
    س: قراءة الفاتحة في صلاة الخسوف والكسوف مرتين أو أربع مرات ما الحكمة في هذا؟
    الجواب: أن نقول إن الأحكام الشرعية كلها لا شك أن لها حكمة؛ لأنها صدرت من عليم حكيم يضع الأشياء مواضعها، ولكن لقصور علومنا وأفهامنا لا يمكننا أن ندرك جميع الحكم في كل ما شرعه الله عز وجل فإن الله تعالى يقول (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) [الإسراء: 85]، فإذا كانت هذه الروح التي بين أضلاعنا والتي هي قيام حياتنا إذا كانت مجهولة لنا فما كان أبعد منها فنحن أولى بالجهل فيه من الروح، وإذا كان كذلك فإنه لا يمكننا أن نحيط حكمة بكل ما شرعه الله عز وجل، فلو قال قائل: ما الحكمة من كون الصلوات خمساً في اليوم والليلة؟ ما الحكمة من كون صلاة الظهر أربعاً والعصر والعشاء؟ لماذا لم تكن ثمانياً أو ستاً؟ ولماذا لم تكن الصلوات عشراً بدلاً من خمس أو ثلاثاً بدلاً عن خمس؟ كل هذا أمر لا يمكننا إدراك حكمته، وموقف كل مؤمن فيما شرعه الله ورسوله أن يكون متبعاً حكم الله ورسوله؛ ولهذا لما سئلت عائشة رضي الله عنها ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت: كان يصيبنا ذلك، وكنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" فبينت أن الحكمة أمر الله ورسوله، وهو كذلك لكل مؤمن؛ كما قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب: 36]، وبناء على هذه القاعدة المهمة العظيمة يتبين الجواب عن سؤال السائل، وهو: ما الحكمة في تكرار الفاتحة والقراءة والركوع في صلاة الكسوف؟ ولا مانع من أن نلتمس حكمة لذلك؛ فإن وفقنا للصواب فذلك من فضل الله ورحمته، وإن أخطأنا فذلك من عند أنفسنا، والذي يظهر لي - والله أعلم - أن الحكمة في ذلك أنه لما كان هذا السبب لهذه الصلاة وهو الكسوف أو الخسوف سبب غير عادي شرع له عبادة تكون غير عادية؛ فإن صلاة الكسوف خارجة عن هيئات الصلاة المعتادة، كما أن الكسوف خارج عن جريان الشمس والقمر المعتاد، هذه حكمة، وحكمة أخرى؛ أنه كرر فيها الركوع والقراءة محافظة على الاقتصار على ركعتين؛ فإن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، ولما كان زمن الكسوف يطول غالباً كرر الركوع والقراءة حتى لا يمل الناس بقراءة طويلة؛ فجعل بين أجزاء القراءة جعل ركوعاً يخضع فيه الإنسان لربه ويعظمه ثم يقوم فيقرأ يعيد القراءة مرة أخرى ... ".
    قراءتها في الاستسقاء

    سئل العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله كما في "فتاوى نور على الدرب" (13/ 399):
    س: ما كيفية صلاة الاستسقاء؟
    الجواب: صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد، يصلي ركعتين، ويكبر في الأولى سبعا، وفي الأخرى خمسا، يكبر تكبيرة الإحرام، وستا بعدها، ثم يستفتح، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يركع، ثم يرفع، ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم للثانية ويصليها مثل صلاة العيد، يكبر خمس تكبيرات إذا اعتدل، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يقرأ التحيات، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو، ثم يسلم مثل صلاة العيد؛ لأنه صلاها كما كان يصلي في العيد عليه الصلاة والسلام ..."



























    مسائل مهمة في البدع والمخالفات في سورة الفاتحة






    (1) حكم قراءتها عند زيارة القبور

    قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (9/91) رقم الفتوى (4023):
    " ...لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ سورة الفاتحة أو غيرها من القرآن على أرواح الشهداء، أو غيرهم من الأموات، وهو بالمؤمنين رءوف رحيم، وقد كان كثيرا ما يزور القبور، ولم يثبت أنه قرأ على من فيها قرآنا، إنما كان يستغفر للمؤمنين، ويدعو لهم بالرحمة ويعتبر بأحوال الأموات".
    وسئل العلامة ابن باز رحمه الله كما في "فتاوى إسلامية" (2/27):
    س: هل يجوز قراءة الفاتحة أو شيء من القرآن للميت عند زيارة قبره وهل ينفعه ذلك؟.
    الجواب: ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يزور القبور ويدعو للأموات بأدعية علمها أصحابه وتعلموها منه، من ذلك، السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية. ولم يثبت عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قرأ سورة من القرآن أو آيات منه للأموات مع كثرة زيارته لقبورهم ولو كان ذلك مشروعاً لفعله، وبينه لأصحابه، رغبة في الثواب ورحمة بالأمة، وأداء لواجب البلاغ، فإنه كما وصفه تعالى بقوله {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]. فلما لم يفعل ذلك مع وجود أسبابه دل على أنه غير مشروع وقد عرف ذلك أصحابه رضي الله عنهم فاقتفوا أثره، واكتفوا بالعبرة والدعاء للأموات عند زيارتهم ولم يثبت عنهم أنهم قرأوا قرآناً للأموات فكانت القراءة لهم بدعة محدثة وقد ثبت عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
    وقال أيضاً كما في "مجموع الفتاوى" (5/346):
    " ... ولم يكن حال الزيارة عليه الصلاة والسلام يقرأ سورة الفاتحة ولا غيرها من القرآن، فقراءتها وقت الزيارة بدعة، وهكذا قراءة غيرها من القرآن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" متفق على صحته، وفي رواية مسلم رحمه الله يقول صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد".
    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (17/285):
    " .. ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ الفاتحة عند زيارة القبور، وعلى هذا فقراءة الفاتحة عند زيارة القبور خلاف المشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم".
    وقال العلامة الألباني رحمه الله في "أحكم الجنائز" ص(241):
    " وأما قراءة القرآن عند زيارتها (أي القبور)، فمما لا أصل له في السنة، بل الأحاديث المذكورة في المسألة السابقة تشعر بعدم مشروعيتها، إذ لو كانت مشروعة، لفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمها أصحابه، لا سيما وقد سألته عائشة رضي الله عنها وهي من أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم عما تقول إذا زارت القبور؟ فعلمها السلام والدعاء.
    ولم يعلمها أن تقرأ الفاتحة أو غيرها من القرآن، فلو أن القراءة كانت مشروعة لما كتم ذلك عنها".
    وقال الشيخ عبد الله بن حُميد رحمه الله كما في "الفتاوى" ص(370):
    "قراءة الفاتحة في المقبر أو على القبر كل هذا مما لا أصل له في الشرع".
    وسئل الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع رحمه الله كما في "مجموع فتاوى وبحوث" (1/120):
    س: عندما نمر على المقابر أو نذكر أحد الأموات يقول بعض الناس: الفاتحة للمتوفى، فهل هذا يجوز؟
    الجواب: الحمد لله، في الصحيح([20]) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي رواية([21]) "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" وقد حذر صلى الله عليه وسلم من الابتداع في الدين، وأكد على ضرورة التمسك بسنته صلى الله عليه وسلم فقال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" أخرجه الخمسة إلا النسائي، وفي رواية النسائي "وكل ضلالة في النار". ولم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ سورة الفاتحة على أرواح الموتى، سواء كان ذلك في زيارته أم حين يذكرهم بعد موتهم، ولم يكن أحد من أصحابه أو من التابعين يفعل شيئاً من ذلك، وإنما المشروع عند ذكر الموتى أو زيارتهم في مقابرهم الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، كأن يقول عند زيارته الموتى في قبورهم: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم. وأما قراءة الفاتحة لأرواحهم فهي بدعة محدثة مردودة على أهلها، تعود عليهم بالوزر لا بالأجر، لأن كل محدثة في النار، محدثها والعامل بها، والله أعلم.
    وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله كما في "المنتقى" من فتاواه (1/231):
    " وأمَّا قراءة الفاتحة لأرواح الأموات؛ فهذا من البدع، وأرواح الأموات لا تُقرأ لها الفاتحة؛ لأنَّ هذا لم يَرِد من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من عمل سلف هذه الأمة، وإنما هو شيء مبتدع؛ لا في المسجد، ولا في المقبرة، ولا في البيت، ولا في غيره، وإنما المشروع للأموات الدُّعاء لهم إذا كانوا مسلمين بالمغفرة والرحمة، والتصدُّقُ عنهم، والحجُّ عنهم، هذا هو الذي وردت به الأدلَّةُ"
    وسئل العلامة يحيى بن علي الحجوري حفظه الله في "الكنز الثمين" (3/178):
    س: ما حكم قراءة الفاتحة عند زيارة القبور للميت الذي أراد زيارة قبره كالأب أو الأم وغير ذلك، وما هي السنة عند زيارة القبور أو زيارة قبر بعينه؟
    الجواب: السنة في زيارة القبور ما جاء في حديث بريدة وعائشة وأحاديث في الباب نحوها عن النبي صلى الله عليه قال: من زار مقبرة فليقل: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية" وفي رواية "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وأنتم سلفنا ونحن بالأثر، يغفر الله لنا ولكم"
    هذه هي السنة أن يسلم عليهم وأن يدعو لهم بهذا الدعاء، وأما قراءة الفاتحة أو قراءة شيء من القرآن فإن هذا محدث، وقد أنكره الإمام أحمد وسئل عنه كما في "مراسيل أبي داود" فقال: بدعة، ولو كان لقصد المذاكرة فهو بدعة ولا يجوز.
    فخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام: "تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك" وقال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور" فقد حذرنا من محدثات الأمور، وهذا من محدثات الأمور.
    ونسأل الله السداد والتوفيق للمسلمين، وأن يرشدهم إلى كل خير ويبعدهم عن كل
    شر.


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (24/326)، (26/148):
    "زيارة القبور على نوعين: زيارة شرعية، وبدعية.
    فالشرعية المقصود بها السلام على الميت والدعاء له كما يقصد بالصلاة على الجنازة، من غير شد رحل.
    والبدعية: أن يكون قصد الزائر أن يطلب([22]) حوائجه من ذلك الميت، وهذا شرك أكبر، أو يقصد الدعاء عند قبره، أو الدعاء به، وهذا بدعة منكرة ووسيلة إلى الشرك، وليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا استحبه أحد من سلف الأمة وأئمتها" اهـ
    الخلاصة:
    أن قراءة الفاتحة عند زيارة المقابر بدعة؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
    (2) حكم قراءتها إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم.

    سئل العلامة السعدي رحمه الله كما في "الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة" ص(58):
    س: ما حكم قراءة الفاتحة عند عقد المعاملة من بيع وإجارة ونحوها كما يفعله أهل الحجاز وغيرهم، يقولون عند ذلك الفاتحة للنبي صلى الله عليه وسلم؟
    الجواب: هذا من البدع المخالفة بلا شك لهدي الصحابة ومن بعدهم من سلف الأمة فهو من البدع التي أقل أحوالها الكراهة الشديدة أو التحريم لما فيها من البدعة واعتقاد أنها سنة، وفيها ترك توقير النبي صلى الله عليه وسلم، فإن توسط اسمه عند المعاملات الدنيوية يشمئز منه القلب، فإنه لا يذكر إلا في مقام التعظيم والاحترام، وكذلك قراءة الفاتحة في هذه الأشياء ينبغي تنزيه كلام الله عن ذلك، ومن تهاونهم بها أن كثيراً منهم يقرؤون البسملة ثم يقول ولا الضالين آمين، وهذا من ترك تعظيم كلام الله ما يوجب تحريم ذلك، مع أن إهداء القرب للنبي صلى الله عليه وسلم يقطع النظر عن هذه الحالة، الأصح فيها أنها غير مشروعة. والله أعلم".
    وسئلت اللجنة الدائمة (9/58): رقم الفتوى (3582):
    س: في آخر ليلة من شهر رمضان المبارك 1400هـ كان الإمام يقرأ بالمصلين وختم القرآن وقال: ختمة هذا القرآن مهداة إلى روح مولانا سيدنا ونبينا محمد الطاهر. فما رأي الشرع في ذلك؟
    الجواب: لا يجوز إهداء الثواب للرسول صلى الله عليه وسلم، لا ختم القرآن ولا غيره؛ لأن السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم، لم يفعلوا ذلك، والعبادات توقيفية، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، وهو صلى الله عليه وسلم له مثل أجور أمته في كل عمل صالح تعمله؛ لأنه هو الذي دعاها إلى ذلك، وأرشدها إليه، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" خرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه.
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    وسئل العلامة ابن باز رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (13/278):
    س: ما حكم إهداء قراءة القرآن الكريم للرسول صلى الله عليه وسلم أو لغيره؟
    الجواب: إهداء قراءة القرآن الكريم لروح الرسول صلى الله عليه وسلم والأموات لا أصل له وليس بمشروع، ولا فعله الصحابة رضي الله عنهم، والخير في اتباعهم. ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعطى مثل أجورنا عما فعلناه من الخير فله مثل أجورنا؛ لأنه الدال عليه، عليه الصلاة والسلام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" فهو الذي دل أمته على الخير وأرشدهم إليه، فإذا قرأ الإنسان أو صلى أو صام أو تصدق، فالرسول يعطى مثل أجور هؤلاء من أمته؛ لأنه هو الذي دلهم على الخير وأرشدهم إليه عليه الصلاة والسلام، فلا حاجة به إلى أن تهدى له القراءة أو غيرها؛ لأن ذلك ليس له أصل، كما تقدم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وهكذا القراءة للأموات أيضا ليس لها أصل والواجب ترك ذلك.
    أما الصدقة عن أموات المسلمين والدعاء لهم، فكل ذلك مشروع، كما قال الله عز وجل في صفة عباده الصالحين التابعين للسلف الصالح: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ } [الحشر: 10]، وقد شرع الله صلاة الجنازة للدعاء والترحم عليهم، وهكذا الصدقة عن الميت تنفعه كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا الحج عنهم، والعمرة، وقضاء الدين، كل ذلك ينفع الميت المسلم.
    وقال أيضاً (13/280):
    "...أما قراءة الفاتحة أو غيرها من القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم أو لغيره فغير مشروعة في أصح قولي العلماء؛ للحديث المذكور، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" والله ولي التوفيق.
    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
    " "بعض المحبِّين للرَّسُول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ يهدون إليه القُرَب؛ كالختمة والفاتحة على روح محمَّد كما يقولون وما أشبه ذلك، فنقول: هذا من البدع ومن الضلال. أسألك أيُّها المُهْدي للرسول عبادة، هل أنت أشدُّ حُبًّا للرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ من أبي بكر وعُمر وعُثمان وعليّ؟ إن قال: نعم، قلنا: كذبت، ثم كذبت، ثم كذبت. وإن قال: لا، قلنا: لماذا لم يُهْدِ أبو بكر والخلفاء بعده للرسول صلّى الله عليه وسلّم ختمة ولا فاتحة ولا غيرها؟ فهذا بدعة. ثم إن عملك الآن وإن لم تُهْدِ ثوابه سيكون للرَّسول صلّى الله عليه وسلّم مثله. فإذا أهديت الثَّوابَ، فمعناه أنك حرمت نفسك من الثواب فقط، وإلاَّ فللرسول صلّى الله عليه وسلّم مثل عملك أهديت أم لم تُهْدِ".
    وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في "معجم المناهي اللفظية" ص(405):
    "الفاتحة زيادة في شرف النبي صلى الله عليه وسلم"
    إهداء قراءة القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم لا يشرع ومنه إهداء قراءة الفاتحة، وقول بعضهم: (الفاتحة: زيادة في شرف النبي صلى الله عليه وسلم) أي: اقرؤوا الفاتحة ليزداد شرفاً صلى الله عليه وسلم وهذا إهداء غير مشروع كما تقدم؛ لعدم الدليل عليه ..."
    وقال الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله كما في "فتح الرب الودود في الفتاوى والرسائل والردود" (1/271):
    "... وأن قول الفاتحة لروح النبي صلى الله عليه وسلم بدعة.
    وسئل الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله في "الكنز الثمين" (4/377):
    س: ما حكم قراءة الفاتحة على روح النبي صلى الله عليه وسلم وأرواح الأموات ...؟
    الجواب: قراءة الفاتحة وإهداء ثوابها إلى الأموات ليس عليه دليل، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فهو من البدع ..."
    قلت: المطلوب منا للنبي صلى الله عليه وسلم أن نصلي عليه، والدليل على ذلك قال الله: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب: 56].
    وجاء في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو، وأبي هريرة، رضي الله عنهما مرفوعاً: "من صلى عليّ صلاةً واحدة صلى الله عليه بها عشراً"
    فالأحاديث كثيرة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
    فهذا الذي أمرنا الله ورسوله أن نصلي عليه، أما قراءة الفاتحة إلى روح النبي فبدعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "وكل بدعة ضلالة"، ويقول عليه الصلاة والسلام: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" فلم يثبت عن السلف الصالح، وهم الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يفعلون هذا، فيا مسلم انقد للحق واعمل به، لا تتعصب لهواك، تعصب للدليل وللحق.
    نسأل الله أن يفقهنا في الدين.
    (3) حكم قراءتها إلى روح الأموات

    سئلت اللجنة الدائمة (2/ 538) رقم الفتوى(8946) :
    س: ما حكم القول: الفاتحة على روح فلان، أو الفاتحة إن الله ييسر لنا ذلك الأمر، وبعد ذلك يقرؤون سورة الفاتحة، أو بعد أن يقرأ القرآن، وينتهي من قراءته يقول الفاتحة ويقرؤها الحاضرون، وكذلك جرى العرف على قراءة الفاتحة قبل الزواج، فما حكم ذلك؟
    الجواب: قراءة الحاضر الفاتحة بعد الدعاء أو بعد قراءة القرآن، أو قبل الزواج بدعة؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته رضي الله عنهم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".
    وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
    وسئل العلامة ابن باز رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (9/324):
    س: ما حكم قراءة الفاتحة للميت، وذبح المواشي، ودفع الفلوس إلى أهل الميت؟
    الجواب: التقرب إلى الأموات بالذبائح أو بالفلوس أو بالنذور وغير ذلك من العبادات كطلب الشفاء منهم أو الغوث أو المدد شرك أكبر لا يجوز لأحد فعله؛ لأن الشرك أعظم الذنوب وأكبر الجرائم لقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ولقوله سبحانه: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} وقوله تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} والآيات في هذا المعنى كثيرة، فالواجب إخلاص العبادات لله وحده سواء كانت ذبحا أو نذرا أو دعاء أو صلاة أو صوما أو غير ذلك من العبادات، ومن ذلك التقرب إلى أصحاب القبور بالنذور أو بالطعام، للآيات السابقة ولقوله سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}
    أما إهداء الفاتحة أو غيرها من القرآن إلى الأموات فليس عليه دليل فالواجب تركه؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم ما يدل على ذلك لكن يشرع الدعاء للأموات المسلمين والصدقة عنهم وذلك بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، يتقرب العبد بذلك إلى الله سبحانه ويسأله أن يجعل ثواب ذلك لأبيه أو أمه أو غيرهما من الأموات أو الأحياء؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له» ولأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال له: «يا رسول الله إن أمي ماتت ولم توص وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها قال: نعم» متفق على صحته. وهكذا الحج عن الميت والعمرة عنه وقضاء دينه كل ذلك ينفعه حسبما ورد في الأدلة الشرعية، أما إن كان السائل يقصد الإحسان إلى أهل الميت والصدقة بالنقود والذبائح فهذا لا بأس به إذا كانوا فقراء، والأفضل أن يصنع الجيران والأقارب الطعام في بيوتهم ثم يهدوه إلى أهل الميت. لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «لما بلغه موت ابن عمه جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه في غزوة مؤتة أمر أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعاما وقال: لأنهم قد أتاهم ما يشغلهم» وأما كون أهل الميت يصنعون طعاما للناس من أجل الميت فهذا لا يجوز وهو من عمل الجاهلية سواء كان ذلك يوم الموت أو في اليوم الرابع أو العاشر أو على رأس السنة، كل ذلك لا يجوز لما ثبت عن جرير بن عبد الله البجلي - أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة» أما إن نزل بأهل الميت ضيوف زمن العزاء فلا بأس أن يصنعوا لهم الطعام من أجل الضيافة، كما أنه لا حرج على أهل الميت أن يدعوا من شاءوا من الجيران والأقارب ليتناولوا معهم ما أهدي لهم من الطعام، والله ولي التوفيق.
    وقال أيضاً رحمه الله كما في "فتاوى نور على الدرب" (2/1126):
    ".. فأما قراءة الفاتحة فهي بدعة، فقراءة الفاتحة للأموات أو على قبورهم هذا من البدع، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، فلا يجوز أن يقرأ على الموتى الفاتحة ولا غيرها .."
    سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى كما في "مجموع الفتاوى" (17/219):
    س: هل تجوز قراءة الفاتحة على الموتى؟ وهل تصل إليهم؟
    فأجاب فضيلته بقوله: قراءة الفاتحة على الموتى لا أعلم فيها نصا من السنة، وعلى هذا فلا تقرأ، لأن الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم دليل على ثبوتها، وأنها من شرع الله عز وجل، ودليل ذلك أن الله أنكر على من شرعوا في دين الله ما لم يأذن به الله، فقال تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى: 21].
    وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وإذا كان مردودا كان باطلا وعبثا ينزه الله عز وجل أن يتقرب به إليه.
    وأما استئجار قارئ يقرأ القرآن ليكون ثوابه للميت فإنه حرام، ولا يصح أخذ الأجرة على قراءة القرآن، ومن أخذ أجرة على قراءة القرآن فهو آثم ولا ثواب له؛ لأن قراءة القرآن عبادة، ولا يجوز أن تكون العبادة وسيلة إلى شيء من الدنيا، قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ } [هود: 15].
    وقال العلامة الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز" ص(47):
    "تعلم أن قول الناس اليوم في بعض البلاد: " الفاتحة على روح فلان " مخالف للسنة المذكورة، فهو بدعة بلا شك، لا سيما والقراءة لا تصل إلى الموتى على القول الصحيح".
    وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في كتابه "معجم المناهي اللفظية"(ص: 399):
    "الفاتحة على روح فلان:
    من البدع المحدثة: قولهم عند إخبار أحدهم بالوفاة: الفاتحة على روح فلان لاسيما والقراءة لا تصل إلى الموتى على أحد القولين في المسألة. والله أعلم.
    وقال الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله في "الكنز الثمين" (3/153):
    "... وقراءة الفاتحة على الميت أو قول الفاتحة إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم هذا أيضاً من المحدثات ما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ولا على زوجته خديجة ولا على أبنائه الذين ماتوا، ولا على بناته اللائي متن ولا على أحد، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله قال تقدس اسمه {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [الحشر: 7] وقال جل وعلا وتقدس {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] أي: عن طريقته وحكمه وشرعه {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63]، أخطأ بعض أهل العلم فجوز هذه المسألة وهي قراءة الفاتحة وإهداء الفاتحة إلى أرواح الموتى وبدون دليل، والعبرة بالدليل، من أدلى بالسنة قويت حجته ومن أتى بالسنة فقد أبلج، وقد أرشدنا ربنا جل وعلا إلى الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفنا فيه، قال تبارك وتعالى {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10] وقال جل وعلا {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء: 59].
    وسئل العلامة صالح الفوزان حفظه الله كما في "فتاوى نور على الدرب" (3/65):
    س: في كل وقت من أوقات الصلاة أقوم بقراءة سورة الفاتحة لوالدي المتوفى، وأنا على سجادة الصلاة، هل يجوز هذا؟
    الجواب: قراءة الفاتحة للأموات الوالدين او غيرهما بدعة؛ حيث لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها تقرأ للأموات أو لأرواح الأموات، لا للوالدين ولا لغيرهما، ولكن المشروع لهما أن تدعو لوالديك في الصلاة أو بعد الصلاة، وأن تستغفر لهما وأن تدعو لهما بالمغفرة والرحمة وغير ذلك من الأدعية الصالحة النافعة.
    وقال أيضاً كما في "المنتقى" (1/231):
    ".. وأمَّا قراءة الفاتحة لأرواح الأموات؛ فهذا من البدع، وأرواح الأموات لا تُقرأ لها الفاتحة؛ لأنَّ هذا لم يَرِد من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من عمل سلف هذه الأمة، وإنما هو شيء مبتدع؛ لا في المسجد، ولا في المقبرة، ولا في البيت، ولا في غيره، وإنما المشروع للأموات الدُّعاء لهم إذا كانوا مسلمين بالمغفرة والرحمة، والتصدُّقُ عنهم، والحجُّ عنهم، هذا هو الذي وردت به الأدلَّةُ، أمَّا قراءة القرآن الكريم لأرواح الأموات، أو قراءة الفاتحة لأرواح الأموات؛ فهذا شيء مُحدَثٌ وبدعة .
    قلت: الخلاصة أن قراءة الفاتحة إلى روح الميت من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان فالمطلوب شرعاً مع الميت الدعاء والصدقة عنه والحج عنه والصيام عنه، بدليل حديث أبي هريرة عند مسلم مرفوعاً: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جاري أو ولد صالح يدعو له أو علم ينتفع به" وجاء عند أحمد عن أبي هريرة مرفوعاً "يرفع العبد درجة في الجنة فيقول العبد: من أين لي هذه الرفعة؟ فيقول: بسبب دعاء ولدك لك"
    فالواجب علينا أمام أمواتنا الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة والتصدق عنهم، فهذا الذي يصل إليهم والله أعلم.
    (4) حكم قراءتها عند عيادة المريض.

    فإن قراءتها عند المريض من البدع، فإنه لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يقرؤون الفاتحة إذا عادوا المريض، فخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم.
    قال ابن القيم في "زاد المعاد" (1/475):
    "كان صلى الله عليه وسلم يعود من مرض من أصحابه، وعاد غلاماً كان يخدمه من أهل الكتاب، وعاد عمه وهو مشرك وعرض عليهما الإسلام فأسلم اليهودي ولم يسلم عمه.
    وكان يدنو من المريض، ويجلس عند رأسه ويسأله عن حاله فيقول: (كيف تجدك؟)
    وذكر أنه كان يسأل المريض عما يشتهيه، فيقول: (هل تشتهي شيئاً؟) فإن اشتهى شيئاً وعلم أنه لا يضره أمر له به.
    وكان يمسح بيده اليمنى على المريض ويقول: «اللهم رب الناس أذهب البأس، واشفه أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً»
    وكان يقول: «امسح البأس رب الناس، بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت».
    وكان يدعو للمريض ثلاثا كما قاله لسعد: «اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً»
    وكان إذا دخل على المريض يقول له: «لا بأس طهور إن شاء الله»
    وربما كان يقول: (كفارة وطهور) . وكان يرقي من به قرحة، أو جرح أو شكوى، فيضع سبابته بالأرض، ثم يرفعها ويقول: «بسم الله، تربة أرضنا، بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا» هذا في " الصحيحين "، وهو يبطل اللفظة التي جاءت في حديث السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وأنهم لا يرقون ولا يسترقون. فقوله في الحديث " لا يرقون " غلط من الراوي، سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول ذلك. قال: وإنما الحديث " «هم الذين لا يسترقون» ". قلت: وذلك لأن هؤلاء دخلوا الجنة بغير حساب، لكمال توحيدهم، ولهذا نفى عنهم الاسترقاء، وهو سؤال الناس أن يرقوهم. ولهذا قال: «وعلى ربهم يتوكلون»، فلكمال توكلهم على ربهم وسكونهم إليه، وثقتهم به، ورضاهم عنه، وإنزال حوائجهم به لا يسألون الناس شيئا لا رقية ولا غيرها، ولا يحصل لهم طيرة تصدهم عما يقصدونه، فإن الطيرة تنقص التوحيد وتضعفه.
    قال: والراقي متصدق محسن، والمسترقي سائل والنبي صلى الله عليه وسلم رقى، ولم يسترق، وقال: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه»
    فإن قيل: فما تصنعون بالحديث الذي في " الصحيحين " عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] ويمسح بهما ما استطاع من جسده ويبدأ بهما على رأسه ووجهه ما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات قالت عائشة: فلما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يأمرني أن أفعل ذلك به».
    فالجواب: أن هذا الحديث قد روي بثلاثة ألفاظ. أحدها: هذا.
    والثاني: أنه كان ينفث على نفسه.
    والثالث: قالت كنت أنفث عليه بهن، وأمسح بيد نفسه لبركتها.
    وفي لفظ رابع: كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، وهذه الألفاظ يفسر بعضها بعضاً. وكان صلى الله عليه وسلم ينفث على نفسه، وضعفه ووجعه يمنعه من إمرار يده على جسده كله. فكان يأمر عائشة أن تمر يده على جسده بعد نفثه هو، وليس ذلك من الاسترقاء في شيء وهي لم تقل كان يأمرني أن أرقيه، وإنما ذكرت المسح بيده بعد النفث على جسده، ثم قالت: كان يأمرني أن أفعل ذلك به، أي: أن أمسح جسده بيده كما كان هو يفعل.
    ولم يكن من هديه عليه الصلاة والسلام أن يخص يوماً من الأيام بعيادة المريض، ولا وقتاً من الأوقات بل شرع لأمته عيادة المرضى ليلاً ونهاراً وفي سائر الأوقات. وفي " المسند " عنه «إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرفة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة، صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح» وفي لفظ «ما من مسلم يعود مسلما إلا بعث الله له سبعين ألف ملك يصلون عليه أي ساعة من النهار كانت حتى يمسي، وأي ساعة من الليل كانت حتى يصبح»
    وكان يعود من الرمد وغيره، وكان أحيانا يضع يده على جبهة المريض، ثم يمسح صدره وبطنه ويقول (اللهم اشفه) وكان يمسح وجهه أيضا.
    «وكان إذا يئس من المريض قال: إنا لله وإنا إليه راجعون».
    السنة الواردة عنه صلى الله عليه وسلم عند عيادة المريض الدعاء للمريض.

    · عن عائشة، رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: «اللهم رب الناس أذهب الباس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً» متفق عليه.
    · وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً، اللهم اشف سعداً» رواه مسلم.
    · وعن أبي عبد الله عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل باسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر» رواه مسلم.
    · عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " من عاد مريضا، لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض" رواه أبو داود والترمذي([23]).
    · عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال: «لا بأس، طهور إن شاء الله» رواه البخاري.
    إلى غير ذلك من الأدلة التي يدعى بها للمريض([24]).
    (5) حكم قراءتها بعد الدعاء

    سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2/384) السؤال الثامن من الفتوى رقم (8946):
    سؤال: ما حكم القول: الفاتحة على روح فلان، أو الفاتحة إن الله ييسر لنا ذلك الأمر، وبعد ذلك يقرؤون سورة الفاتحة، أو بعد أن يقرأ القرآن، وينتهي من قراءته يقول الفاتحة ويقرؤها الحاضرون، وكذلك جرى العرف على قراءة الفاتحة قبل الزواج، فما حكم ذلك؟
    الجواب: قراءة الحاضر الفاتحة بعد الدعاء أو بعد قراءة القرآن، أو قبل الزواج بدعة؛ لأن ذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من صحابته رضي الله عنهم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»
    التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
    وسئلت أيضاً (2/376) السؤال الثالث رقم (5881):
    سؤال: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ الفاتحة بعد الدعاء؟
    الجواب: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ الفاتحة بعد الدعاء فيما نعلم، فقراءتها بعد الدعاء بدعة.
    وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
    وسئلت أيضاً (2/358) رقم (9572):
    س: عندنا بعض العادات بعد الدعاء يقول الإمام سورة الفاتحة ويرفع الإمام يديه مع المأمومين ويقرأ واحد منهم سورة الفاتحة، وعند الختام يقولون: آمين بوضع أيديهم على وجوههم؟
    الجواب: لا يشرع قراءة الفاتحة بعد الدعاء؛ لأن ذلك لم يرد.
    وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في "تفسيره"
    "وقد ابتدع بعض الناس اليوم في هذه السورة بدعة، فصاروا يختمون بها الدعاء، ويبتدئون بها الخُطب ويقرؤونها عند بعض المناسبات.، وهذا غلط: تجده مثلاً إذا دعا، ثم دعا قال لمن حوله: "الفاتحة"، يعني اقرؤوا الفاتحة؛ وبعض الناس يبتدئ بها في خطبه، أو في أحواله. وهذا أيضاً غلط؛ لأن العبادات مبناها على التوقيت، والاتِّباع"([25]).
    (6) حكم قراءتها بعد الصلاة المفروضة

    سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2/384) رقم الفتوى (9509) السؤال الثاني:
    س: هل من السنة أو يجوز قراءة الفاتحة بعد الصلاة - يعني: الفريضة - فرادى أو جماعة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
    الجواب: ليس من السنة قراءة الفاتحة بعد الفريضة لا فرادى ولا جماعة.
    وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    وسئل العلامة محمد بن صالح العثيمين كما في "مجموع الفتاوى" (13/ 269):
    س: في بعض البلاد وبعد الصلوات المفروضة يقرأون الفاتحة، والذكر، وآية الكرسي بصوت جماعي، فما الحكم في هذا العمل؟
    الجواب: قراءة الفاتحة، وآية الكرسي، والذكر بعد الصلاة بصوت مرتفع جماعي من البدع، فإن المعروف عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه أنهم بعد الصلاة يذكرون الله بصوت مرتفع، ولكن كل واحد منهم يذكر الله تعالى على انفراده دون أن يشتركوا، فرفع الصوت بالذكر بعد الصلاة المفروضة سنة كما ثبت ذلك في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
    وأما قراءة الفاتحة بعد الصلاة سواء كان ذلك سراً أو جهراً فلا أعلم فيه حديثاً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنما ورد الحديث بقراءة آية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين فقط".
    وقال الإمام النووي رحمه الله في "الأذكار (1/176) بتحقيق الشيخ سليم الهلالي:
    باب: الأذكار بعد الصلاة
    أجمع العلماءُ على استحباب الذكر بعد الصلاة، وجاءت فيه أحاديث كثيرة صحيحة في أنواع متعدّدة"
    السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفريضة:

    1- قراءة سورة الكرسي.([26])
    2- قراءة المعوذات دبر كل صلاة.([27])
    3- قول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام»([28])
    4- قول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد»([29])
    5- وقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون»([30])
    6- وقول: «اللهم إني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر»([31])
    7- وقول: "رب قني عذابك يوم تبعث أو تجمع عبادك"([32])
    8- وقول: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"([33])
    9- وقول: "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام"([34])
    10- وقول: "سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر أربعاً وثلاثين"([35])
    إلى غير ذلك من الأدلة؛ فإنه لم يكن صلى الله عليه وسلم يقرأ الفاتحة ولا صحابته، فقراءتها بدعة.
    (7) حكم قراءتها عند الخِطبة

    سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (19/ 146) رقم الفتوى (6337):
    السؤال السابع: هل قراءة الفاتحة عند خطبة الرجل للمرأة بدعة، وهل الهدايا التي يهديها لها في أيام معينة تسمى عندنا: (مواسم) كالأعياد ونصف شعبان وعاشوراء وما نحو ذلك، هل تخصيصها في هذه الأيام بالذات بدعة؟
    الجواب: قراءة الفاتحة عند خطبة الرجل امرأة أو عقد نكاحه عليها بدعة، وكذا تخصيص أيام للهدية إلى الزوجة بدعة، وخاصة إذا كان ذلك في مواسم غير إسلامية.
    وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    (8) حكم قراءتها عند عقد الزواج

    سئل العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في كتاب "سؤال وجواب من برنامج نور على الدرب" (2/84):
    س: قراءة الفاتحة عند عقد الزواج([36]) حتى قد أصبح البعض يطلق عليها قراءة الفاتحة وليست العقد، ويقول قرأت فاتحتي على فلانة هل هذا مشروع؟
    الجواب: هذا ليس بمشروع، بل هذا بدعة، وقراءة الفاتحة أو غيرها من السور المعينة لا تقرأ إلا في الأماكن التي شرعها الشرع؛ فإن قرئت في غير الأماكن تعبداً؛ فإنها تعتبر من البدع، وقد رأينا كثيراً من الناس يقرؤون الفاتحة في كل المناسبات حتى أننا سمعنا من يقول اقرأوا الفاتحة على الميت وعلى كذا وعلى كذا، وهذا كله من الأمور المبتدعة ومنكرة، فالفاتحة وغيرها من السور لا تقرأ في أي حال، وفي أي مكان، وفي أي زمان، إلا إذا كان ذلك مشروعاً بكتاب الله أو بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلا فهي بدعة ينكر على فاعلها.
    وسئلت اللجنة الدائمة (18/ 83) رقم الفتوى (18200):
    س: ما هي الطريقة المسنونة في عقد النكاح؟ هل ورد في الأحاديث كيفية كلمات خطبة النكاح؟ أي المكان أفضل لخطبة النكاح؟ من أحق بخطبة النكاح؟ ما حكم المعمول في جنوب أفريقيا من أن يقرأ قارئ ما تيسر له من القرآن الكريم قبل خطبة النكاح؟ ما حكم الدعاء على هيئة الجماعة بعد خطبة النكاح؟ أي: الخطيب يدعو جهرا رافعا يديه والحاضرون يؤمنون على دعائه رافعين أيديهم.
    الجواب: عقد النكاح يتم بالإيجاب، وهو اللفظ الصادر من ولي المرأة أو وكيله بقوله: أنكحتك أو زوجتك، أو ما أشبه ذلك،
    {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} الآية، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} الآية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين "الشرح الممتع" (12/ 33)
    "ويسن العقد ... بخطبة ابن مسعود"
    قوله: «بخُطبة ابن مسعود» التي رواها عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهي: «إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره» ، وزاد في الروض: «ونتوب إليه» ولكنها لم ترد، فيقتصر على «ونستغفره» ، «ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله»
    ويقرأ ثلاثة آيات وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران] ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء] ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب] .
    هذه هي خطبة الحاجة التي كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلمها أصحابه، أي: التي تقدم بين يدي الحاجة.
    كثير من الإخوان يقول: من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، فينقلون الآية إلى هذا الحديث؛ والأليق بالإنسان والأكمل في الأدب أن يتمشى على ما جاء به الحديث، لأن كونه يضع لفظاً مكان اللفظ النبوي شبه اعتراض على الرسول صلّى الله عليه وسلّم كأنه قال: لماذا لم تقل الذي في الآية؟
    وهذه المسألة لا يتفطن لها إلا القليل من الناس، فالشيء الذي جاءت به السنة يقال كما جاءت به السنة، ولا يستبدل كلام الرسول صلّى الله عليه وسلّم بغيره أبداً، حتى لو كان من القرآن؛ لأننا نقول له: هل أنت أحفظ للقرآن من الرسول صلّى الله عليه وسلّم؟ وهل أنت أكثر تعظيماً لله ولكتابه من الرسول صلّى الله عليه وسلّم؟ قل كما قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من يهدِه الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له» ، وأما قوله: «ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً» ، ففي هذا الموضع لا يقال.
    ثم يقال للولي: زوِّج الرجل، فيقول: زوجتك بنتي فلانة، ولا حاجة أن يقول: على سنة الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن الأصل في المسلم أنه على سنة الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ويقول الزوج: قبلت، ثم يقال للزوج: بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير، وبعض الناس يقول ما يقوله أهل الجاهلية: «بالرفاء والبنين» ، نسأل الله ألا يعمي قلوبنا، يأتي لفظ عن الرسول عليه الصلاة والسلام خير وبركة ونعدل عنه، ربما لا يكون هذا رفاء، فربما يحصل من الخروق أكثر من الرفاء بين الزوج والزوجة، وقد تكون البنت خيراً من الابن بكثير([37]).
    وسئل أيضاً كما في "الفتاوى" (16/ 94)
    س: عن المناسبات التي تقال فيها هذه الخطبة غير النكاح؟
    الجواب: تقال هذه الخطبة عند كل حاجة، تقال مثلاً في مجلس الصلح، إذا أردت أن تصلح بين اثنين أو بين زوجين، فاقرأ هذه الخطبة، وتقال أيضاً إذا أردت أن تتكلم في الناس بأمر هام، فاجعل هذه الخطبة بين يدي كلامك، وكذلك تقال في خطب الجمعة والعيدين، لأنها مشروعة عند كل أمرٍ هام.
    وقال الإمام النووي رحمه الله في "الأذكار" (2/615):
    (بابُ: ما يقولُه عند عَقْدِ النِّكَاح)
    يُستحبُّ أن يخطبَ بين يدي العقد خطبةً تشتملُ على ما ذكرناهُ في الباب الذي قبلَ هذا، وتكونُ أطولَ من تلك، وسواء خطبَ العاقدُ أو غيرُه.
    وأفضلُها ما روينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرها بالأسانيد الصحيحة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: علَّمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطبة الحاجة: "الحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه، {يا أيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها، وَبَثَّ مِنْهُما رِجَالاً كَثِيراً وَنِساءً، واتَّقُوا اللَّهَ الذي تَساءَلُونَ بِهِ والأرْحامَ، إنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1] ، {يا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وأَنْتُمْ مُسْلِمُون} [آل عمران: 102] ، {يا أيُّهَا الَّذين آمَنوا اتَّقُوا اللَّه وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أعْمالَكُمْ، ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً} [الأحزاب: 71] هذا لفظ إحدى روايات أبي داود" الحديث صحيح.
    وقال العلامة صالح الفوزان حفظه الله في "الملخص الفقهي" (2/264):
    "يستحب عند إرادة عقد النكاح تقديم خطبة قبله تسمى خطبة ابن مسعود يخطبها العاقد أو غيره من الحاضرين، ولفظها: "إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، واشهد أن محمدًا عبده ورسوله"، رواه الخمسة، وحسنة الترمذي.
    ويقرأ بعد هذه الخطبة ثلاث آيات من كتاب الله:
    الأولى: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
    الثانية: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} .
    الثالثة: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}([38])
    (9) حكم قراءتها بين خطبتي الجمعة

    سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال السادس من الفتوى رقم (5611):
    سؤال: هل قراءة الفاتحة بين خطبتي الجمعة سنة أو بدعة؟
    جواب: لم تثبت قراءتها بين خطبتي الجمعة، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم فيما نعلم، فقراءتها بينهما بدعة([39]).
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    وقال الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله في "أحكام الجمعة وبدعها" ص(464):
    "بدعية قراءة الفاتحة بين الخطبتين".
    (10) حكم قراءة الطلاب أو الطالبات لها عادة في طابور الصباح في المدارس

    سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2/344) رقم (8777):
    س: نفيد سماحتكم بأنه يردنا بعض الاستفسارات من بعض المدارس عن حكم قراءة سورة الفاتحة من قبل جميع الطالبات بمدارس البنات بصوت مرتفع في طابور الصباح ولأهمية معرفة حكم الشرع في هذه المسألة، أرجو تفضل سماحتكم بإفادتي بذلك حتى نتمكن من إبلاغ المدارس به.
    الجواب: لا يجوز اتخاذ ما ذكر من قراءة الطلاب أو الطالبات سورة الفاتحة عادة في طابور الصباح بالمدارس، بل هو بدعة محدثة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» رواه البخاري ومسلم.
    ولا مانع من تنويع ما يلقى عند الطابور، فمرة تقرأ آيات، ومرة الفاتحة، وتارة أحاديث صحيحة، وتارة حكم وأمثال ليس فيها محظور شرعي، وتارة أناشيد إسلامية.
    وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
    (11) تخصيص قراءتها بالليل بعد الوتر مرات

    سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (2/343) فتوى رقم (7012):
    س: أرجو من فضيلتكم إفتائي عن قراءة سورة الفاتحة بعد صلاة العشاء - أي: بعد الوتر - وذلك لعدد غير محدد مثل: مائة مرة أو أقل أو أكثر بدون تحديد عدد معين أو وقت معين، علما بأنني أقرأ القرآن دائما راجيا من المولى جل وعلا زيادة في الأجر والثواب، فهل هذا يعتبر بدعة أم لا، وأنا بعد قراءة الفاتحة أطلب من الله التوبة والمغفرة والهداية؟ وفقكم الله لخدمة الإسلام والمسلمين.
    الجواب: القرآن كلام الله تعالى، وفضل كلامه تعالى على كلام البشر كفضل الله على عباده، وفضل قراءة القرآن عظيم لا يقدر قدره إلا الله سبحانه لكن ليس للقارئ أن يخص سورة أو آية بالتلاوة في وقت معين أو لغرض معين إلا ما خصه الرسول صلى الله عليه وسلم: كفاتحة الكتاب للرقية، أو في الصلاة في كل ركعة، وكقراءة آية الكرسي عندما يأخذ مضجعه من فراشه للنوم رجاء أن يحفظه الله من الشيطان، وكقراءة المعوذات {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} للرقية.
    وكذلك ليس له أن يلتزم تكرار سورة أو آية مرات محدودة إلا إذا ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن ذلك عبادة فيراعى فيها التوقيف من الشرع.
    ومن هذا يتبين أن تخصيص قراءة سورة الفاتحة بالليل بعد الوتر مرات بدعة، ولو لم يحدد العدد؛ لأنه لم يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من خلفائه الراشدين رضي الله عنهم فالخير في القراءة دون تقيد بالفاتحة ولا تخصيص للقراءة بالليل بعد الوتر، بل يشرع الإكثار من قراءة القرآن الكريم للفاتحة وغيرها من غير تحديد لعدد معين أو وقت معين إلا ما جاء في الشرع المطهر كما سبق بيانه.
    وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
    (12) حكم قراءتها وسورة الإخلاص في مكان ومسكن المتوفى بعد ثلاثة أيام

    سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السؤال الثاني عشر من الفتوى رقم (5005):
    س: هل يجوز قراءة سورة الفاتحة وسورة الإخلاص في مكان وسكن متوفى بعد ثلاثة أيام أم هي بدعة سيئة؟
    الجواب: لا نعلم دليلا لا من الكتاب ولا من السنة يدل على مشروعية قراءة سورة الفاتحة وسورة الإخلاص أو غيرهما في مكان أو سكن المتوفى بعد ثلاثة أيام، ولا نعلم أن أحداً من الصحابة أو التابعين أو تابعي التابعين نقل عنه ذلك، والأصل منعه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» ومن ادعى مشروعيته فعليه الدليل.
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    (13) حكم قراءتها في الاجتماع للعزاء على الميت

    قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في "لقاء الباب المفتوح" (12/16):
    "العزاء مشروع لكل مصيبة، فيعزى المصاب وليس الأقارب فقط، قد يصاب الإنسان بموت صديقه أكثر مما يصاب بموت قريبه، وقد يموت القريب للشخص ولا يصاب به ولا يهتم به، وربما يفرح بموته إذا كان بينهما مشاكل، فالعزاء في الأصل إنما هو لمن أصيب، ويعزى يعني: يقوى على التمسك بالصبر، وأحسن ما يعزى به ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث أرسل إلى إحدى بناته، فقال: "مرها فلتصبر ولتحتسب فإن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى".
    وأما اجتماع الناس للعزاء في بيت واحد فإن ذلك من البدع؛ فإن انضم إلى ذلك صنع الطعام في هذا البيت كان من النياحة كما كان الصحابة رضي الله عنهم يعدون ذلك، أي: الاجتماع عند أهل البيت وصنع الطعام يرونه من النياحة، والنياحة -كما يعلمه الكثير من طلبة العلم- من كبائر الذنوب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة.
    وعلى هذا فيجب على طلبة العلم أن يبينوا للعامة أن هذا أمر غير مشروع، وأنهم إلى الإثم أقرب منهم إلى السلامة، وأن الواجب على خلف هذه الأمة أن يتبعوا سلفها، فهل جلس النبي صلى الله عليه وسلم للعزاء في بناته؟ في أولاده؟ في زوجته خديجة؟ وزوجته زينب بنت خزيمة؟ هل جلس أبو بكر؟ هل جلس عمر؟ هل جلس عثمان؟ هل جلس علي؟ هل جلس أحد من الصحابة ينتظرون من يعزيهم؟ أبداً.
    لم يفعل هذا، ولا شك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
    وأما ما تلقي عن الآباء وجرت به العادات، فهذا يعرض على الكتاب والسنة وهدي السلف، فإن وافقها فهو مقبول لا لأنه عادة ولكن لأنه وافق السنة، وما خالفها فيجب أن يرفض.
    ولا ينبغي لطلبة العلم أن يخضعوا للعادات، وأن يقولوا: كيف ننكر على آبائنا وأمهاتنا وإخواننا شيئاً معتاداً؟ لأننا لو أخذنا بهذا الطريق ما صلح شيء، وبقيت الأمور على ما هي عليه من الفساد.
    وأما قراءة الفاتحة فهي بدعة على بدعة، فما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعزي بقراءة الفاتحة ولا بغيرها من القرآن".
    (14) حكم قراءتها عندما يتزوج الشخص بالمرأة، فيضع يده على رأسها عند دخولها

    هذا من البدع، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله مع أزواجه، أو أمر الصحابة رضي الله عنهم، فخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم.
    وإليك أخي المسلم الكريم السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم.
    عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادماً، فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك».
    قال أبو داود: زاد أبو سعيد، "ثم ليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة في المرأة والخادم"
    أخرجه أبو داود (2160)، وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود"
    قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (12/ 35):
    "ثم إذا زفت إليه يأخذ بناصيتها، ويقول: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه، لكن هل يقول ذلك جهراً أم سراً؟ نرى التفصيل في هذا، إن كانت امرأة متعلمة تدري أن هذا من المشروع فليقل ذلك جهراً، وربما تؤمِّن على دعائه، وإن كانت جاهلة فأخشى إن قال ذلك أن تنفر منه، وعلى كل حال لكل مقام مقال".
    وقال الإمام النووي رحمه الله في "الأذكار" (2/618) بتحقيق الشيخ سليم الهلالي.
    باب: ما يقول الزوج إذا دخلت عليه امرأته ليلة الزفاف
    يستحب أن يسمي الله تعالى ويأخذ بناصيتها أول ما يلقاها ويقول: بارك الله لكل واحد منا في صاحبه، ويقول معه: ما رويناه بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود وابن ماجه وابن السني وغيرها عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا تزوج أحدكم امرأة، أو اشترى خادماً فليقل: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه([40])، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها ما جبلتها عليه. وإذا اشترى بعيراً فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك " وفي رواية: " ثم ليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة في المرأة والخادم"([41]).
    حكم قراءة الفاتحة في الصلاة

    سئل العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (13/ 119):
    س: ما حكم قراءة الفاتحة في الصلاة؟
    الجواب: اختلف العلماء في قراءة الفاتحة على أقوال متعددة:
    القول الأول: أن الفاتحة لا تجب لا على الإمام، ولا المأموم، ولا المنفرد، لا في الصلاة السرية، ولا الجهرية، وأن الواجب قراءة ما تيسر من القرآن ويستدلون بقول الله تعالى في سورة المزمل: { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]. وبقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للرجل: "اقرأ ما تيسر معك من القرآن".
    القول الثاني: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام، والمأموم، والمنفرد، في الصلاة السرية والجهرية، وعلى المسبوق وعلى الداخل في جماعة من أول الصلاة.
    القول الثالث: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام والمنفرد، وليست واجبة على المأموم مطلقاً لا في السرية، ولا في الجهرية.
    القول الرابع: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية، وركن في حق المأموم في الصلاة السرية دون الجهرية.
    والراجح عندي: أن قراءة الفاتحة ركن في حق الإمام، والمأموم، والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية، إلا المسبوق إذا أدرك الإمام راكعاً فإن قراءة الفاتحة تسقط عنه في هذه الحال، ويدل لذلك عموم قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج" - بمعنى فاسدة - وهذا عام، ويدل لذلك أيضاً حديث عبادة بن الصامت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انصرف من صلاة الصبح فقال لأصحابه: "لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
    قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في كتابه المفيد "تصحيح الدعاء" ص(275):
    "في سورة الفاتحة
    من المحدثات فيها:

    1- قولهم بعد الصلاة: الفاتحة لفلان: تأني في الصلاة.
    2- قراءة الفاتحة بعد السلام من صلاة الوتر، أو مرات متعددة.
    3- قراءة الفاتحة والمعوذتين سبع مرات بعد صلاة الجمعة.
    4- ترك قراءة الفاتحة في الصلاة على الجنازة.
    5- الفاتحة لجميع سكان هذه البلدة، والولي فلان.
    6- قراءة الفاتحة للموتى.
    7- قراءة الفاتحة جهراً جماعة بعد التسليم من صلاة الجنازة.
    8- قولهم: الفاتحة على روح فلان عند أي مناسبة.
    9- قراءة الفاتحة عند رأس الميت، وفاتحة البقرة عند رجليه.
    10- المناداة بقراءة الفاتحة عند المرور بالمقابر.
    11- قولهم: الفاتحة، بعد الطعام مع تصرفات أخرى مثل: تقبيل باطن اليد وظاهرها.
    12- وقوله: الفاتحة للي طبخت، واللي غرفت ... إلخ.
    13- ترتيب قراءة الفاتحة بعد صلاة الصبح في شرف النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد صلاة الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، للخلفاء الراشدين على الترتيب، وأن من فعل ذلك حضروا عند غسله إذا مات، وفي قبره عند سؤال منكر ونكير له.
    14- قراءتها عند النوم بالنية للشيخ الملقن.
    15- قراءتها بعد العطاس، مواصلة لقول العاطس: "الحمد لله".
    16- قراءتها بنفس واحد في الصلاة مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الوقوف على رؤوس الآي.











    الخاتمة

    ونكتفي بهذا القدر القليل، وعلى الله قصد السبيل، ونحمد المولى على التسهيل، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، فما كان فيه من صواب فمن الله تعالى وحده، فله النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان من ذلك.
    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


    كتبه: أبو يوسف حميد بن على بن حمود الجمالي
    غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين، وثبته الله على دينه وعلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم

    تم الانتهاء منها 15/ شوال/1433هـ يوم الأحد










    المحتويات

    المقدمة 3
    "الاستعاذة" 3
    "وقت الاستعادة" 4
    "حكم الاستعاذة" 4
    "معنى الاستعاذة" 4
    "الاستعاذة والبسملة" 4
    سبب نزول "بسم الله الرحمن الرحيم" 7
    "معنى البسملة" 7
    "مسألة: هل البسملة آية من الفاتحة؛ أو لا؟ 8
    "سورة الفاتحة" 9
    "معنى الفاتحة" 9
    "سورة فاتحة الكتاب مكية" 9
    "لماذا سميت بالفاتحة" 9
    "سميت بأم القرآن" 10
    "سميت بالمثاني" 11
    "من أسمائها" 11
    "إنها السبع" 11
    "الحمد لله" 12
    قوله: "لله" 12
    "رب" 13
    "العالمين" 13
    "الرحمن الرحيم" 14
    "مالك يوم الدين" 15
    "إياك نعبد وإياك نستعين" 15
    "اهدنا الصراط المستقيم" 18
    "الصراط المستقيم" 18
    "صراط الذين أنعمت عليهم" 19
    "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" 20
    "آمين" 21
    بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في فضل سورة الفاتحة 22
    الأحاديث الضعيفة في فضل سورة الفاتحة 25
    "كرامة لابن القيم في سورة الفاتحة" 26
    فائدة: 26
    فائدة: 26
    أخطاء شائعة في سورة الفاتحة 27
    قراءتها في الصلاة على الجنائز 28
    قراءتها في صلاة الكسوف.. 28
    قراءتها في الاستسقاء 29
    مسائل مهمة في البدع والمخالفات في سورة الفاتحة 30
    (1) حكم قراءتها عند زيارة القبور 30
    (2) حكم قراءتها إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم. 33
    (3) حكم قراءتها إلى روح الأموات. 36
    (4) حكم قراءتها عند عيادة المريض. 39
    السنة الواردة عنه صلى الله عليه وسلم عند عيادة المريض الدعاء للمريض. 40
    (5) حكم قراءتها بعد الدعاء 41
    (6) حكم قراءتها بعد الصلاة المفروضة 42
    السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفريضة: 43
    (7) حكم قراءتها عند الخِطبة 44
    (8) حكم قراءتها عند عقد الزواج. 44
    (9) حكم قراءتها بين خطبتي الجمعة 47
    (10) حكم قراءة الطلاب أو الطالبات لها عادة في طابور الصباح في المدارس. 47
    (11) تخصيص قراءتها بالليل بعد الوتر مرات. 48
    (12) حكم قراءتها وسورة الإخلاص في مكان ومسكن المتوفى بعد ثلاثة أيام 48
    (13) حكم قراءتها في الاجتماع للعزاء على الميت.. 49
    (14) حكم قراءتها عندما يتزوج الشخص بالمرأة، فيضع يده على رأسها عند دخولها 49
    حكم قراءة الفاتحة في الصلاة 50
    من المحدثات فيها.............................................. ...............74
    الخاتمة 52




    ([1]) وهذا المختصر لجمع من أئمة أهل العلم رحمهم الله

    ([2]) قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في تصحيح الدعاء ص(273: (وهي ليست آية من القرآن بإجماع، والإجماع أيضاً على مشروعية ابتداء القارئ لكتاب الله بالاستعاذة فيقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم")

    ([3]) "اللباب في علوم الكتاب" (1/80/81)

    ([4]) "اللباب في علوم الكتاب" (1/80/81)

    ([5]) يتضح ذلك من الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (3) من حديث عائشة رضي الله عنها.

    ([6]) هما الشيخ سليم الهلالي ومحمد بن موسى آل نصر حفظهما الله تعالى.

    ([7]) أخرجه أبو داود في "سننه" (1/209) رقم (788) وغيره، قال الألباني في "صحيح أبي داود" (707): صحيح.

    ([8]) قلت: اختلف العلماء في البسملة هل هي آية من كل سورة افتتحت بها أو هي آية مستقلة أنزلت للفصل بين السور، وللتبرك بالابتداء بها، والمختار القول الثاني، واتفقوا أنها جزء من سورة النمل وعلى تركها في أول سورة براءة لأنها جعلت هي والأنفال كسورة واحدة.

    ([9]) هناك ابن عربي زنديق من زنادقة الصوفية، أما ابن العربي المذكور في هذا المكان إمام من أئمة أهل السنة، إذاً الفرق بينهما "أل" ابن عربي أحد الزنادقة، ابن العربي أحد أئمة أهل السنة.

    ([10]) ذكر نفس الكلام هذا الشوكاني في "فتح القدير"

    ([11]) "اللباب في علوم الكتاب" (1/159)
    قلت: وهذا القول هو الراجح من أقوال أهل العلم أنها مكية، والدليل على ذلك قوله تعالى: { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [الحجر: 87]، وهذه في سورة الحجر، وسورة الحجر مكية بالإجماع (نقل ذلك القرطبي) وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم "السبع المثاني والقرآن العظيم" بالفاتحة، وكذلك كان فرض الصلاة بمكة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"

    ([12]) كما في حديث "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن" رواه مسلم (394/35) عن عبادة رضي الله عنه.

    ([13]) ينظر "المفردات" للراغب (130)

    ([14]) نقله ابن القيم عن شيخه رحمهما الله "بدائع التفسير" (1/180).

    ([15]) يراجع رسالتنا في التأمين التي هي بعنوان "ثلاث مسائل مهمة في الصلاة: الضم، والتأمين، والتأذين بـ حي على خير العمل" فقد توسعنا في كل مسألة، وذكرنا أدلة كل مسألة.

    ([16]) رواه البخاري رقم (782)، ومسلم (915) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

    ([17]) فهذه السنة خالف فيها الرافضة، فإنهم لا يؤمِّنون بعد قراءة الفاتحة، فلو أمَّن أحد من الناس بجوار رافضي ربما قام يضاربه! نعوذ بالله من الفتن.

    ([18]) اختصت الفاتحة بأنها مبدأ القرآن وحاوية لجميع علومه، لاحتوائها على الثناء على الله تعالى، والإقرار بعبادته، والإخلاص له، وسؤال الهداية منه، والإشارة إلى الاعتراف بالعجز عن القيام بنعمه، وإلى شأن المعاد وبيان عاقبة الجاحدين، إلى غير ذلك مما يقتضي أنها أخير.

    ([19]) وقد ذكر هذه الكرامة الشيخ الفاضل عبد الرقيب الإبي عافاه الله وحفظه من كل سوء ومكروه في كتاب "كرامات الأولياء" ص(483) ط: دار الأثار.

    ([20]) الصواب في الصحيحين

    ([21]) هذه الرواية عند مسلم

    ([22]) قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "شرح رياض الصالحين" (2/256):
    " وأما ما يفعله بعض الجهال من البقاء هناك، والتمرغ على التراب، والطواف بالقبر، وما أشبه ذلك، فكله أمر منكر؛ وبدعة محظورة، فإن اعتقد أن هؤلاء الأموات ينفعون أو يضرون؛ كان مشركاً والعياذ بالله خارجاً عن الإسلام؛ لأن هؤلاء الأموات لا ينفعون ولا يضرّون، لا يستطيعون الدعاء لك، ولا يشفعون لك إلا بأذن الله.

    وليس هذا وقت الشفاعة أيضاً، وقت الشفاعة يوم القيامة، فلا ينفعك شيء منهم إذا دعوتهم أو سألتهم الشفاعة أو ما أشبه ذلك.
    والواجب على إخواننا الذين يوجد مثل هذا في بلادهم الواجب عليهم أن ينصحوا هؤلاء الجهال، وأن يبينوا لهم أن الأموال لا ينفعونهم، حتى الرسول عليه الصلاة والسلام لا ينفع الناس وهو ميت، وكان الصحابة رضي اله عنهم إذا أصابهم الجدب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي حياته جاءوا إليه وقالوا: استسق الله لنا، فيستقي الله لهم.
    لكن لما مات لم يأتِ الصحابة إلى قبره يقولون: ادعُ الله أن يسقينا، وقبره إلى جانب المسجد ليس بعيداً، لكن لما أجدبت الأرض في عهد عمر، وحصل القحط قال: اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا، يعني أنهم كانوا يسألون الرسول أن يدعو له بالسقا فيسقون، وإنا نستسقي إليك بعم نبينا فاسقنا، ثم يقوم العباس فيدعو الله. ولم يقل: يا رسول الله، ادعُ الله أن يسقينا، ادعُ الله أن يرفع عنا القحط؛ لأنه رضي الله عنه يعلم أن ذلك غير ممكن، والإنسان إذا مات انقطع علمه، ولا يمكن أن يعمل إي عمل كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: "إذا مات الإنسان أنقطع عمله إلا من ثلاث"، فلا يستطيع الميت أن يستغفر لك، ولا أن يدعو لك؛ لأنه انقطع عن العمل.
    فالحاصل أن زيارة القبور لمنفعة أهل القبور لا لمنفعة الزائر، إلا فيما يناله من الأجر عند الله عزّ وجلَّ، أما أن ينتفع بهم بزيارته إياهم فلا؛ لكن ينتفع بالأجر الذي يحصل له، وينتفع بالموعظة التي تحصل لقلبه إذا وفقه الله تعالى للاتعاظ".


    ([23]) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (6388)، وقال الشيخ مقبل رحمه الله في "الجامع الصحيح" (4/487): حديث حسن.

    ([24]) فقد بوب الإمام النووي رحمه الله في "رياض الصالحين"
    باب: ما يدعى به للمريض. وذكر أحاديث.

    ([25]) مسألة: مسح الوجه باليدين بعد الدعاء.
    سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (13/260):
    س: عن حكم مسح الوجه باليدين بعد الدعاء؟
    الجواب: مسح الوجه باليدين بعد الدعاء الأقرب أنه غير مشروع؛ لأن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة، حتى قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: إنها لا تقوم بها الحجة.
    وإذا لم نتأكد أو يغلب على ظننا أن هذا الشيء مشروع فإن الأولى تركه؛ لأن الشرع لا يثبت بمجرد الظن إلا إذا كان الظن غالباً.
    فالذي أرى في مسح الوجه باليدين بعد الدعاء أنه ليس بسنة، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما هو معروف دعا في خطبة الجمعة بالاستسقاء ورفع يديه ولم يرد أنه مسح بهما وجهه، وكذلك في عدة أحاديث جاءت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه دعا ورفع يديه ولم يثبت أنه مسح وجهه.
    وقال العلامة الألباني رحمه الله في حاشية "صفة الصلاة" ص(178) معلقاً على جملة (يرفع يديه) أي في الدعاء:
    "وأما مسح الوجه بهما فلم يرد في هذا الموطن فهو بدعة.
    وأما خارج الصلاة؛ فلم يصح، وكل ما روي في ذلك ضعيف، وبعضه أشد ضعفاً من بعض؛ ولذلك قال العز بن
    عبد السلام في بعض فتاويه: " لا يفعله إلا الجهال ".
    وقال الألباني رحمه الله أيضاً في "الصحيحة" (2/144):
    وقد ضعف الأحاديث التي فيها الأمر بمسح الوجه باليدين بعد الدعاء.
    وقال أيضاً في "الإرواء" (2/180-182):
    " عن أبي داود قال: سمعت أحمد , وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ في الوتر؟ فقال: لم أسمع فيه بشيء , ورأيت أحمد لا يفعله.
    وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء , فأنكر ذلك وقال: ما علمت.
    وقال النووي في "المجموع": لا يندب تبعاً لابن عبد السلام، وقال: لا يفعله إلا جاهل.
    وقال الألباني أيضاً في "المشكاة" (2/696) تحت حديث رقم (2255):
    "ولا يصح حديث في مسح الوجه باليدين بعد الدعاء كما حققته في "إرواء الغليل" رقم (433،433)"
    قلت: هذه المسألة أكثر ما يفعلها الناس بعد الدعاء، وكذلك بعد قراءة الفاتحة. نسأل الله السداد في القول والعمل.

    ([26]) انظر: النسائي في "عمل اليوم والليلة" (100)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (972)، وحسنه الشيخ مقبل رحمه الله في "الجامع الصحيح" (2/130) عن أبي أمامة.

    ([27]) أخرجه أبو داود (1523)، وصححه الأباني في "صحيح أبي داود" عن عقبة بن عامر.

    ([28]) رواه مسلم (591) عن ثوبان رضي الله عنه.

    ([29]) رواه البخاري (6473)، ومسلم (593) عن المغيرة بن شعبة.

    ([30]) أخرجه مسلم (594) عن عبد الله بن الزبير.

    ([31]) أخرجه البخاري (282) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

    ([32]) أخرجه مسلم (709) عن البراء رضي الله عنه.

    ([33]) أخرجه أبو داود (1522) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، وصححه الشيخ مقبل رحمه الله في "الجامع الصحيح" (2/130)

    ([34]) أخرجه مسلم (592) عن عائشة رضي الله عنها.

    ([35]) أخرجه البخاري (843)، ومسلم (595) عن أبي هريرة، ومسلم (597).

    ([36]) وتسمى عند بعض الناس "الملكة"

    ([37]) وقال الشيخ رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (16/94):
    "إذاً، فخطبة الحاجة المتقدمة تقرأ عند عقد النكاح على وجه الاستحباب، فلو لم تقرأ، وقال أبو الزوجة: زوجتك ابنتي، فقال الزوج: قبلت؛ صح العقد.

    ([38]) وقال نفس الكلام في "الشرح المختصر على متن زاد المستقنع" (3/440).

    ([39]) قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في "تصحيح الدعاء" ص(458):
    "بعد صلاة الجمعة:
    محدثات، منها: * قول بعضهم مع رفع الصوت بعد صلاة الجمعة: الفاتحة لسيدي فلان: البدوي أو الدسوقي ..."

    ([40]) أي: خلقتها وطبعتها عليه "النهاية"

    ([41]) أخرجه أبو داود (2160)، وابن ماجة (1918)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (600)، والحاكم (2/185) قال الشيخ سليم الهلالي: وإسناده حسن، وصححه جماعة من أهل العلم.
    الملفات المرفقة
يعمل...
X