{{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}}
العلم وخشية الله تعالى متلازمان لهذا قال تعالى
{{وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ}}
فان احدهما يورث الأخر، ومن كان عالما ولم يخشى الله تعالى قسا قلبه وغلظ طبعه وغلب عليه الظلم، ومن كان يخشى الله ويعبده بلا علم ضل في عبادته وحار ولم يهتد إلى الصواب.
((قال ابن مسعود-رضي الله عنه-[كفى بخشية الله علما].
وقال قتادة-رحمه الله-[كفى بالرهبة علما].
قال ابن كثير-رحمه الله-[أي:إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى، كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر].
قال ابن عباس-رضي الله عنهما-[العالم بالرحمن من عباده:من لم يشرك به شيئا، واحل حلاله، وحرم حرامه، وحفظ وصيته، وأيقن انه ملاقيه ومحاسب بعلمه].
وقال سعيد بن جبير-رحمه الله-[الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل].
قال حسن البصري-رحمه الله-[العالم من خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب الله فيه، وزهد فيما سخط الله فيه، ثم تلا الحسن{{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء }}.))تفسير ابن كثير.
هذا كله من عظيم فضل العلم وجلالة قدره حيث رفع صاحبه إلى هذا الشرف العظيم، إلا وهو خشية الله تعالى، وهذا لا يكون إلا لمن اخلص في طلب العلم لله تعالى وحده، ووفى حق هذا العلم في نفسه وغيره، فكمل إيمانه وزادت رفعته فإيمان العلماء أتم وأكمل من إيمان غيرهم من المؤمنين؛ لأنهم يزدادون أيمانا وخشية وتقوى لله تعالى فكان إيمانهم أكمل وأرجح، ولهذا قال تعالى{{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}}ومعلوم إن المؤمنين يخشون الله تعالى، ولكن الآية بينت إن كمال الخشية إنما هي للعلماء ولهذا قيل:[من كان بالله اعرف كان منه أخوف]فلو لم يكن للعلم اثر في كمال الخشية وزيادتها لما كان لذكره في الآية فائدة.
قال الرازي في تفسيره\6\236\((وهذا دليل على إن العالم أعلى درجة من العابد؛ لان الله تعالى قال:{{إن أكرمكم عند الله اتقاكم}}فبين إن الكرامة بقدر التقوى، والتقوى بقدر العلم، فالكرامة بقدر العلم لا بقدر العمل)).
وقد أخطا الزمخشري حينما حصر وقصر خشية الله على العلماء فقال في الكشاف\9\236\((فان قلت:هل يختلف المعنى إذا قدم المفعول في هذا الكلام أو أخر؟؟قلت:لابد من ذلك، فانك إذا قدمت اسم الله وأخرت العلماء كان المعنى إن الذين يخشون الله من بين عباده هم العلماء دون غيرهم، وإذا عملت على العكس انقلب المعنى إلى أنهم لا يخشون إلا الله كقوله تعالى{{وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}}، وهما معنيان مختلفان)).
وما ذهب إليه الزمخشري من انه[[لا يخشى الله إلا العلماء]]مردود، فهذا أبو محمد عبد الحق بن عطية الاندلسي-رحمه الله-قال:((إن [إنما] قد تكون للحصر وقد تكون دون ذلك))، وهي هنا قطعا دون الحصر، ولا يراد بها قصر الخشية لله تعالى على العلماء؛ لأننا نعلم بطلان معنى الحصر الذي ذكره الزمخشري من نصوص الكتاب والسنة بالضرورة، فلا يمكن أحدا إن يقول انه لا يخشى الله إلا العلماء، فهذا باطل معلوم بطلانه عند جميع المسلمين خاصتهم وعامتهم، ولا يسوغ ادعاؤه إلا على مذهب من يجوز التكليف بما لا يطاق، وهو مذهب باطل مردود لمخالفته صراحة لنصوص الشارع الناطقة بان الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وقد كلف الله العباد جميعا بتقواه وخشيته فقال:{{ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ}}، {{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُ}}، {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}}. فقد كلف الله تعالى العباد جميعهم عالمهم وجاهلهم بتقوى الله وخشيته، ولا تكليف من الله تعالى إلا بمستطاع مقدور في وسع المكلفين، فالقول بان تأويل الآية انه لا يخشى الله احد إلا العلماء وغيرهم لا يخشاه يتضمن في زواياه تقرير مذهب جواز التكليف بما لا يطاق ويستطاع لأنه لا يخلو إن يكون قد كلف الجميع بتقواه ولم يقم بها إلا العلماء، وهذا باطل لا يمكن لأحد إن يدعيه، وإما إن يكون كلف الجميع وهو يعلم انه ليس بوسع غير العلماء القيام به وهذا هو التكليف بما لا يطاق، وإما قد كلف العلماء فقط بالتقوى، وهذا مناقض لصريح القران الذي يأمر العباد جميعهم بها، وهذه كلها باطلة، فإذا تبين هذا علم مبلغ بطلان وكذب دعوى الزمخشري في تأويل الآية، والذي أفضى به إلى هذا التأويل الفاسد هو اعتزاله، فان بعض طوائف المعتزلة يجوزون التكليف بما لا يطاق.
فانه من عادته في تفسيره إن لا يصرح بمذهبه كله وإنما يبث غالب آراء المعتزلة وينفذها بخفاء بين ثنايا تفسيره للآيات حتى قال البلقيني)):أخرجت من الكشاف اعتزاليات بالمناقيش))يقصد لدقتها وخفائها، وألا فلا يخفى على من هو مثل الزمخشري ممن له يد وباع طويل في العربية وعلومها وأسرارها كون((إلا))قد تكون للحصر وقد لا تكون، وان هذا إنما هو بحسب معنى الكلام الذي تضمنها، ومعنى الآية يأبى إن تكون ((إلا))فيها للحصر كل الإباء.
إذا إن((ما))في قوله((إنما))بمعنى الذي، فيكون المعنى:إن الذي يخشى الله من عباده العلماء، وهذا على المعنى الذي سبق هو إن الذي يخشاه حق الخشية وكمالها هم العلماء بفضل علمهم، والمؤمنون أدنى منهم في الخشية من هذا الباب، فأين الحصر إذا؟؟؟؟؟.
ومن معاني الخشية:
قال علي بن سيده في المحكم\5\147\((خشيه خشيا وخشية وخشاة ومخشاة ومخشية وخشية وتخشاه كلاهما:خافه)).
وقال ابن منضور في اللسان\14\228\((الخشية:الخوف)).
وقال الراغب في المفردات ص149((الخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم من يخشى منه)).
فاصل لفظ الخشية هو الخوف الذي يشوبه ويخالطه تعظيم وليس التعظيم الذي يخالطه خوف فضلا عن إن يكون معناها في اللغة مجرد التعظيم فهذا بعيدا جدا وهذا المعنى لاتجوز نسبته إلى الله جل وعلا ووصفه به.
شبهه[هو إن الخشية بمعنى التعظيم] وبيانها:
ربما يعترض على هذا المعنى احد ويقول إن الله تعالى أطلق على نفسه لفظ الخشية فقال: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً }الكهف80، وفي قراءة ابن مسعود-رضي الله عنه-(فخاف ربك إن يرهقهما)، بيان ذلك من وجوه:
الأول:إن الخشية هنا ليست من كلام الله تعالى، وإنما هو حكاية كلام الخضر-عليه السلام-بدليل ما بعده وهو قوله(فأردنا إن يبدلهما ربهما خيرا منه...)وهذا قول أكثر المفسرين كما قال القرطبي في الجامع\11\36\‘وصحح الشوكاني في الفتح\3\378\انه من كلام الخضر-عليه السلام-.
الثاني:إن الكلام لله تعالى والخشية منه معناها الكراهة بخلاف الآدميين فأنها منهم بمعنى الخوف.نسب هذا القول الطبري لبعض نحاة البصرة كما في تفسيره\8\266\.((وإما خشينا فمعناه كرهنا، لان الله لا يخشى)).
الثالث:إن الخشية من الله تعالى بمعنى ((العلم))، وهي كذلك في لغة العرب.قال ابن فارس في مجمل اللغة\1\290\((وقد تكون الخشية بمعنى العلم))واحتج بقول الشاعر:
ولقد خشيت بان من تبع الهدى**سكن الجنان مع النبي محمد
أي علمت
وقال الطبري\8\266\((والخشية والخوف توجههما العرب إلى معنى الظن وتوجه هذه الحروف-أي نسبة الخشية والخوف لله تعالى- إلى معنى العلم بالشيء الذي يدرك من غير جهة الحس والعيان))، وقال الفراء في معاني القران\2\157\((وقوله:[فخشينا]فعلمنا، وهي في قراءة أبي((فخاف ربك إن يرهقهما))على معنى:علم ربك وهو مثل قوله:[إلا إن يخافا]قال:إلا إن يعلما ويظنا، والخوف والظن يذهب بهما مذهب العلم)).
هذه بعض أقوال أهل العلم باللغة ومعاني القران ليس فيها إن الخشية بمعنى التعظيم.
قال تعالى:{{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ. جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }}.
هنا بين المولى عز وجل إن خير البرية والذين يجازون بالجنات والرضوان هم أهل الخشية لله تعالى، وأية{{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء }}أثبتت إن أكمل الناس خشية هم العلماء، فينتج من هذا إن أفضل البرية على الإطلاق وأحقها بجنات الله ورضوانه هم العلماء وهذا هو الفضل العظيم.
أخوكم: أبو عبد الله الحديدي
العلم وخشية الله تعالى متلازمان لهذا قال تعالى
{{وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ}}
فان احدهما يورث الأخر، ومن كان عالما ولم يخشى الله تعالى قسا قلبه وغلظ طبعه وغلب عليه الظلم، ومن كان يخشى الله ويعبده بلا علم ضل في عبادته وحار ولم يهتد إلى الصواب.
((قال ابن مسعود-رضي الله عنه-[كفى بخشية الله علما].
وقال قتادة-رحمه الله-[كفى بالرهبة علما].
قال ابن كثير-رحمه الله-[أي:إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى، كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل، كانت الخشية له أعظم وأكثر].
قال ابن عباس-رضي الله عنهما-[العالم بالرحمن من عباده:من لم يشرك به شيئا، واحل حلاله، وحرم حرامه، وحفظ وصيته، وأيقن انه ملاقيه ومحاسب بعلمه].
وقال سعيد بن جبير-رحمه الله-[الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عز وجل].
قال حسن البصري-رحمه الله-[العالم من خشي الرحمن بالغيب، ورغب فيما رغب الله فيه، وزهد فيما سخط الله فيه، ثم تلا الحسن{{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء }}.))تفسير ابن كثير.
هذا كله من عظيم فضل العلم وجلالة قدره حيث رفع صاحبه إلى هذا الشرف العظيم، إلا وهو خشية الله تعالى، وهذا لا يكون إلا لمن اخلص في طلب العلم لله تعالى وحده، ووفى حق هذا العلم في نفسه وغيره، فكمل إيمانه وزادت رفعته فإيمان العلماء أتم وأكمل من إيمان غيرهم من المؤمنين؛ لأنهم يزدادون أيمانا وخشية وتقوى لله تعالى فكان إيمانهم أكمل وأرجح، ولهذا قال تعالى{{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}}ومعلوم إن المؤمنين يخشون الله تعالى، ولكن الآية بينت إن كمال الخشية إنما هي للعلماء ولهذا قيل:[من كان بالله اعرف كان منه أخوف]فلو لم يكن للعلم اثر في كمال الخشية وزيادتها لما كان لذكره في الآية فائدة.
قال الرازي في تفسيره\6\236\((وهذا دليل على إن العالم أعلى درجة من العابد؛ لان الله تعالى قال:{{إن أكرمكم عند الله اتقاكم}}فبين إن الكرامة بقدر التقوى، والتقوى بقدر العلم، فالكرامة بقدر العلم لا بقدر العمل)).
وقد أخطا الزمخشري حينما حصر وقصر خشية الله على العلماء فقال في الكشاف\9\236\((فان قلت:هل يختلف المعنى إذا قدم المفعول في هذا الكلام أو أخر؟؟قلت:لابد من ذلك، فانك إذا قدمت اسم الله وأخرت العلماء كان المعنى إن الذين يخشون الله من بين عباده هم العلماء دون غيرهم، وإذا عملت على العكس انقلب المعنى إلى أنهم لا يخشون إلا الله كقوله تعالى{{وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}}، وهما معنيان مختلفان)).
وما ذهب إليه الزمخشري من انه[[لا يخشى الله إلا العلماء]]مردود، فهذا أبو محمد عبد الحق بن عطية الاندلسي-رحمه الله-قال:((إن [إنما] قد تكون للحصر وقد تكون دون ذلك))، وهي هنا قطعا دون الحصر، ولا يراد بها قصر الخشية لله تعالى على العلماء؛ لأننا نعلم بطلان معنى الحصر الذي ذكره الزمخشري من نصوص الكتاب والسنة بالضرورة، فلا يمكن أحدا إن يقول انه لا يخشى الله إلا العلماء، فهذا باطل معلوم بطلانه عند جميع المسلمين خاصتهم وعامتهم، ولا يسوغ ادعاؤه إلا على مذهب من يجوز التكليف بما لا يطاق، وهو مذهب باطل مردود لمخالفته صراحة لنصوص الشارع الناطقة بان الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وقد كلف الله العباد جميعا بتقواه وخشيته فقال:{{ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ}}، {{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُ}}، {{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}}. فقد كلف الله تعالى العباد جميعهم عالمهم وجاهلهم بتقوى الله وخشيته، ولا تكليف من الله تعالى إلا بمستطاع مقدور في وسع المكلفين، فالقول بان تأويل الآية انه لا يخشى الله احد إلا العلماء وغيرهم لا يخشاه يتضمن في زواياه تقرير مذهب جواز التكليف بما لا يطاق ويستطاع لأنه لا يخلو إن يكون قد كلف الجميع بتقواه ولم يقم بها إلا العلماء، وهذا باطل لا يمكن لأحد إن يدعيه، وإما إن يكون كلف الجميع وهو يعلم انه ليس بوسع غير العلماء القيام به وهذا هو التكليف بما لا يطاق، وإما قد كلف العلماء فقط بالتقوى، وهذا مناقض لصريح القران الذي يأمر العباد جميعهم بها، وهذه كلها باطلة، فإذا تبين هذا علم مبلغ بطلان وكذب دعوى الزمخشري في تأويل الآية، والذي أفضى به إلى هذا التأويل الفاسد هو اعتزاله، فان بعض طوائف المعتزلة يجوزون التكليف بما لا يطاق.
فانه من عادته في تفسيره إن لا يصرح بمذهبه كله وإنما يبث غالب آراء المعتزلة وينفذها بخفاء بين ثنايا تفسيره للآيات حتى قال البلقيني)):أخرجت من الكشاف اعتزاليات بالمناقيش))يقصد لدقتها وخفائها، وألا فلا يخفى على من هو مثل الزمخشري ممن له يد وباع طويل في العربية وعلومها وأسرارها كون((إلا))قد تكون للحصر وقد لا تكون، وان هذا إنما هو بحسب معنى الكلام الذي تضمنها، ومعنى الآية يأبى إن تكون ((إلا))فيها للحصر كل الإباء.
إذا إن((ما))في قوله((إنما))بمعنى الذي، فيكون المعنى:إن الذي يخشى الله من عباده العلماء، وهذا على المعنى الذي سبق هو إن الذي يخشاه حق الخشية وكمالها هم العلماء بفضل علمهم، والمؤمنون أدنى منهم في الخشية من هذا الباب، فأين الحصر إذا؟؟؟؟؟.
ومن معاني الخشية:
قال علي بن سيده في المحكم\5\147\((خشيه خشيا وخشية وخشاة ومخشاة ومخشية وخشية وتخشاه كلاهما:خافه)).
وقال ابن منضور في اللسان\14\228\((الخشية:الخوف)).
وقال الراغب في المفردات ص149((الخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم من يخشى منه)).
فاصل لفظ الخشية هو الخوف الذي يشوبه ويخالطه تعظيم وليس التعظيم الذي يخالطه خوف فضلا عن إن يكون معناها في اللغة مجرد التعظيم فهذا بعيدا جدا وهذا المعنى لاتجوز نسبته إلى الله جل وعلا ووصفه به.
شبهه[هو إن الخشية بمعنى التعظيم] وبيانها:
ربما يعترض على هذا المعنى احد ويقول إن الله تعالى أطلق على نفسه لفظ الخشية فقال: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً }الكهف80، وفي قراءة ابن مسعود-رضي الله عنه-(فخاف ربك إن يرهقهما)، بيان ذلك من وجوه:
الأول:إن الخشية هنا ليست من كلام الله تعالى، وإنما هو حكاية كلام الخضر-عليه السلام-بدليل ما بعده وهو قوله(فأردنا إن يبدلهما ربهما خيرا منه...)وهذا قول أكثر المفسرين كما قال القرطبي في الجامع\11\36\‘وصحح الشوكاني في الفتح\3\378\انه من كلام الخضر-عليه السلام-.
الثاني:إن الكلام لله تعالى والخشية منه معناها الكراهة بخلاف الآدميين فأنها منهم بمعنى الخوف.نسب هذا القول الطبري لبعض نحاة البصرة كما في تفسيره\8\266\.((وإما خشينا فمعناه كرهنا، لان الله لا يخشى)).
الثالث:إن الخشية من الله تعالى بمعنى ((العلم))، وهي كذلك في لغة العرب.قال ابن فارس في مجمل اللغة\1\290\((وقد تكون الخشية بمعنى العلم))واحتج بقول الشاعر:
ولقد خشيت بان من تبع الهدى**سكن الجنان مع النبي محمد
أي علمت
وقال الطبري\8\266\((والخشية والخوف توجههما العرب إلى معنى الظن وتوجه هذه الحروف-أي نسبة الخشية والخوف لله تعالى- إلى معنى العلم بالشيء الذي يدرك من غير جهة الحس والعيان))، وقال الفراء في معاني القران\2\157\((وقوله:[فخشينا]فعلمنا، وهي في قراءة أبي((فخاف ربك إن يرهقهما))على معنى:علم ربك وهو مثل قوله:[إلا إن يخافا]قال:إلا إن يعلما ويظنا، والخوف والظن يذهب بهما مذهب العلم)).
هذه بعض أقوال أهل العلم باللغة ومعاني القران ليس فيها إن الخشية بمعنى التعظيم.
قال تعالى:{{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ. جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ }}.
هنا بين المولى عز وجل إن خير البرية والذين يجازون بالجنات والرضوان هم أهل الخشية لله تعالى، وأية{{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء }}أثبتت إن أكمل الناس خشية هم العلماء، فينتج من هذا إن أفضل البرية على الإطلاق وأحقها بجنات الله ورضوانه هم العلماء وهذا هو الفضل العظيم.
أخوكم: أبو عبد الله الحديدي