قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وقوله { فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال إلا تأكلون } :
متضمن وجوها من المدح وآداب الضيافة وإكرام الضيف . منها قوله: { فراغ إلى أهله } والروغان الذهاب بسرعة واختفاء وهو يتضمن المبادرة إلى إكرام الضيف، والاختفاء يتضمن ترك تخجيله وألا يعرض للحياء ، وهذا بخلاف من يتثاقل ويتبارد على ضيفه ثم يبرز بمرأى منه ويحل صرة النفقة ويزن ما يأخذ ، ويتناول الإناء بمرأى منه ونحوذلك مما يتضمن تخجيل الضيف وحياءه فلفظة ( راغ ) تنفي هذين الأمرين .
وفي قوله تعالى: { إلى أهله } مدح آخر لما فيه من الإشعار أن كرامة الضيف معدة حاصلة عند أهله ، وأنه لا يحتاج أن يستقرض من جيرانه ، ولا يذهب إلى غير أهله إذ قرى الضيف حاصل عندهم .
وقوله : { فجاء بعجل سمين } يتضمن ثلاثة أنواع من المدح :
أحدها : خدمة ضيفه بنفسه فإنه لم يرسل بهوإنما جاء به بنفسه .
الثاني : انه جاءهم بحيوان تام لم ياتهم ببعضه .
ليتخيروا من أطيب لحمه ما شاءوا .
الثالث : انه سمين ليس بهمزول ، وهذا من نفائس الأموال ، ولد البقر السمين فإنهم يعجبون به ، فمن كرمه هان عليه ذبحه وإحضاره.
وقوله { إليهم } متضمن المدح وآداباً أخرى وهو إحضار الطعام إلى بين يدي الضيف ،بخلاف من يهيئ الطعام في موضع ثم يقيم ضيفه فيورده عليه .
وقوله { ألا تأكلون } فيه مدح وآداب أخر، فإنه عرض عليهم الأكل بقوله : { ألا تأكلون } وهذه صيغة عرض مؤذنة بالتلطف بخلاف من يقول : : ضعوا أيديكم في الطعام ، كلوا ، تقدموا ، ونحو هذا .
وقوله : { فأوجس منهم خيفة } لأنه لما رآهم لا يأكلون من طعامه أضمر منهم خوفاً أن يكون معهم شر ، فإن الضيف إذا أكل من طعام رب المنزل اطمأن إليه وأنس به ، فلما علموا منه ذلك قالوا : { لا تخف وبشروه بغلام عليم} وهذا الغلام اسحق لا إسماعيل ، لأن امرأته عجبت من ذلك فقالت : عجوز عقيم ، لا يولد لمثلي ، فأنى لي بالولد ؟ وأما إسماعيل فإنه من سريته هاجر وكان بكره وأول ولده .
وقد بين سبحانه هذا في سورة هود في قوله تعالى : { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} وهذه هي القصة نفسها .
وقوله تعالى : { فأقبلت امرأته في صرة فصك توجهها } فيه بيان ضعف عقل المرأة وعدم ثباتها ، إذ بادرت إلى الندبة فصكت الوجه عندهذا الإخبار .
وقوله : { عجوز عقيم } فيه حسن أدب المرأة عند خطاب الرجال واقتصارها من الكلام على ما يتأدى به الحاجة ، فإنها حذفت المبتدأ ولم تقل أنا عجوز عقيم ، واقتصرت على ذكر السبب الدال على عدم الولادة لم تذكر غيره ، وأما في سورة هود فذكرت السبب المانع منها ومن إبراهيم وصرحت بالعجب .اهـ المراد
متضمن وجوها من المدح وآداب الضيافة وإكرام الضيف . منها قوله: { فراغ إلى أهله } والروغان الذهاب بسرعة واختفاء وهو يتضمن المبادرة إلى إكرام الضيف، والاختفاء يتضمن ترك تخجيله وألا يعرض للحياء ، وهذا بخلاف من يتثاقل ويتبارد على ضيفه ثم يبرز بمرأى منه ويحل صرة النفقة ويزن ما يأخذ ، ويتناول الإناء بمرأى منه ونحوذلك مما يتضمن تخجيل الضيف وحياءه فلفظة ( راغ ) تنفي هذين الأمرين .
وفي قوله تعالى: { إلى أهله } مدح آخر لما فيه من الإشعار أن كرامة الضيف معدة حاصلة عند أهله ، وأنه لا يحتاج أن يستقرض من جيرانه ، ولا يذهب إلى غير أهله إذ قرى الضيف حاصل عندهم .
وقوله : { فجاء بعجل سمين } يتضمن ثلاثة أنواع من المدح :
أحدها : خدمة ضيفه بنفسه فإنه لم يرسل بهوإنما جاء به بنفسه .
الثاني : انه جاءهم بحيوان تام لم ياتهم ببعضه .
ليتخيروا من أطيب لحمه ما شاءوا .
الثالث : انه سمين ليس بهمزول ، وهذا من نفائس الأموال ، ولد البقر السمين فإنهم يعجبون به ، فمن كرمه هان عليه ذبحه وإحضاره.
وقوله { إليهم } متضمن المدح وآداباً أخرى وهو إحضار الطعام إلى بين يدي الضيف ،بخلاف من يهيئ الطعام في موضع ثم يقيم ضيفه فيورده عليه .
وقوله { ألا تأكلون } فيه مدح وآداب أخر، فإنه عرض عليهم الأكل بقوله : { ألا تأكلون } وهذه صيغة عرض مؤذنة بالتلطف بخلاف من يقول : : ضعوا أيديكم في الطعام ، كلوا ، تقدموا ، ونحو هذا .
وقوله : { فأوجس منهم خيفة } لأنه لما رآهم لا يأكلون من طعامه أضمر منهم خوفاً أن يكون معهم شر ، فإن الضيف إذا أكل من طعام رب المنزل اطمأن إليه وأنس به ، فلما علموا منه ذلك قالوا : { لا تخف وبشروه بغلام عليم} وهذا الغلام اسحق لا إسماعيل ، لأن امرأته عجبت من ذلك فقالت : عجوز عقيم ، لا يولد لمثلي ، فأنى لي بالولد ؟ وأما إسماعيل فإنه من سريته هاجر وكان بكره وأول ولده .
وقد بين سبحانه هذا في سورة هود في قوله تعالى : { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} وهذه هي القصة نفسها .
وقوله تعالى : { فأقبلت امرأته في صرة فصك توجهها } فيه بيان ضعف عقل المرأة وعدم ثباتها ، إذ بادرت إلى الندبة فصكت الوجه عندهذا الإخبار .
وقوله : { عجوز عقيم } فيه حسن أدب المرأة عند خطاب الرجال واقتصارها من الكلام على ما يتأدى به الحاجة ، فإنها حذفت المبتدأ ولم تقل أنا عجوز عقيم ، واقتصرت على ذكر السبب الدال على عدم الولادة لم تذكر غيره ، وأما في سورة هود فذكرت السبب المانع منها ومن إبراهيم وصرحت بالعجب .اهـ المراد
الرسالة التبوكية [ص 37- 38]