أَجْوِبَة على أسئلة بعض
إخواننا السلفيين
في
"أبو ظبي "
فضيلة الشيخ العلامة
مُقْبِل بن هَادِي الوادِعيِّ
سؤال: هل يدلس الحسن عن التابعين أو على التابعين ؟
جواب : الذي أعرف أن تدليسه عن الصحابة وإرساله كذلك عن الصحابة، ثم إن الحسن من الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين " أي الذين لا تضر عند الحافظ ابن حجر عنعنتهم .
سؤال : هل لأبي هريرة رضي الله عنه مولى يقال له : أبو وهب ؟ وما حاله ؟
جواب : لا أعرف إلا ولده محررا ، وهو مقبل يعني إذا توبع وإلا فلين .
سؤال : إذا جزم واحد او أكثر من علماء الجرح كالإمام أحمد وابن معين ، بأن رجلاً لم يسمع من آخر وكلاهما ثقة وقد صرح هذا الرجل في كتاب من كتب السنة بالسماع من ذلك الآخر ، وكان السند غليه مقبولا ، فهل يجوز وقوع هذا ؟ وما الحكم ؟
جواب : إذا صرح حافظ من الحفاظ انه سمع منه فالمثبت مقد على النافي .
أما إذا كان مجرد السند فيخشى أنه حصل منه أو فيه تصحيف لا سيما في هذه الأزمنة الأخيرة التي أصبح العلماء يعتمدون على الوجادة .
سؤال : ما معنى قولنا : يقوى المرسل الصحيح برواية ضعيفة ؟
جواب : إذا لم يشتد ضعفه وهو مرسل كمراسيل سعيد ابن المسيب . . وأما الذين مراسيلهم شديدة الضعف كقتادة والزهري وعطاء بن أبي رباح ويحي بن أبي كثير ، فمثل هؤلاء لا تصلح مراسيلهم في الشواهد والمتابعات ، لأنها شديدة الضعف عند المحدثين .
فإذا كانت مثل مراسيل سعيد ابن المسيب ، ووجد حديث ضعيف وليس المخرج واحدا فيمكن أن يرقى إلى الحسن لغيره .
سؤال : إذا قال البخاري في رجل ضعيف ، ولم يزد ولم يذكر سبب تضعيفه ، ولم يذكر غيره ، فما الحكم فيه ؟ أو قال عن حديث بأنه ضعيف من غير ذكر السبب فما الحكم ؟
جواب : إذا لم يوثقه معتبر فيقبل قول البخاري فيه ، فهو إمام عارف بأسباب الجرح والتعديل ، ثم ابن الصلاح يقول : لو لم نقبل التضعيف لتوقفنا فيه لأنه ليس بموثق معناه : أننا لا نحتج به لأنه ليس موثقا فيقبل قول البخاري: ضعيف ، إذا لم يعارضه توثيق .
أما ّا عارضه توثيق ممن يعتبر بتوثيقه كيحيى بن معين وأحمد بن حنبل وأبي داود ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم ممن يعتبر بتوثيقه، فالتوثيق مقد على جرح غير مفسر .
سؤال : هل يكتفي طالب العلم بحكم الحافظ ابن حجر في "التقريب" أو بحكم الذهبي في "الميزان" ؟
جواب : أما حكم الحافظ ابن حجر في "التقريب" فقد تتبع ووجد أحكام ليست بالمرضية ، فعند أن كنا بالجامعة الاسلامـية أمرنا شيخنا " محمد الأمين المصري" أن يأخذ كل طالب منا عشرة من الرواة ، فأخذت عشرة من المقبولين ، وآخرون كذلك من المقبولين إلا أنها من حروف شتى ووجدت بعضهم يستحق أن يكون ثقة وقد وثق، وبعضهم مجهولا لا يستحق رتبة مقبول .
فأنا لا أرجع إلى "تقريب التهذيب" في بحوثي المتأخرة إلا إذا تعارض على كلام أهل العلم، ولم أستطع التوفيق بين كلامهم رجعت إلى " تقريب التهذيب ".
وبحمد الله اخونا "أبو الحسن !" حفظه الله قائم بهذا العمل وهو تتبع كلام الحافظ في " تقريب التهذيب " .
أما "ميزان الاعتدال" فهو من أحسن كتب الذهبي ، وقد غاظ المبتدعة فعل الحافظ الذهبي حتى قال بعض الشيعة :
في كـفـة الميزان مـيل راجـح
عـن مـثل ما في سورة الرحمن
فاجزم بخـفض النصب وارفع رتبة
للآل واكـسر شـوكة الميزان
وهكذا قال السبكي فإنه ينتقد على شيخه الذهبي ، وهو مرجع لا يستغني عنه باحث، فربما تقرأ في "تهذيب التهذيب" ويقول : فلان روى عن فلان ، وثقه ابن حبان ، ولا يأتيك بالقول الفصل لكنك إذا رجعت إلى "ميزان الاعتدال" يقول : ما روى عنه إلا فلان ولا يعرف، أو يقول : ما روى عنه إلا فلان وهو مجهول ، ورب حديث تبحث عنه فتجده في ترجمة الراوي .
بقي تنبيه : وهو أن الحافظ الذهبي رحمه الله ـ وهو قليل في هذا الكتاب ـ ربما يعتمد على توثيق ابن حبان ويقول : وثق ، فنحن نتوقف في هذا .
وهكذا في كتابه"الكاشف" ربما يعتمد على توثيق ابن حبان ويقول : وثق. فينبغي أن تتنبه لهذا .
سؤال : يقول الشيخ أحمد شاكر في مقدمته على كتاب " المسح على الجوربين" تأليف القاسمي : ترجم له البخاري في " التاريخ الكبير "، ولم يذكر فيه جرحاً ، وهـذا أمـارة توثيق عنده . فـما مدى صحة هذا ؟
جواب : هذا ليس بصحيح ، بل الذين سكت عنهم البخاري ربما يكونون ثقات ، أو يكونون ممن يحسن حديثهم، أو يكونون ضعفاء، أو يكونون متروكين ، والحمد لله فما زلنا ننكر هذا ، وهو قول بعضهم ومنهم أحمد شاكر: إذا سكت البخاري أو ابن أبي حاتم ، أو سكتا معا عن الراوي فمعناه أنه حسن ، فهذا ليس بصحيح .
ولأخينا في الله (عدّاب) رسالة يشكر عليها فيها رد هذا القول، أعني رد قول من يقول: ان البخاري وابن أبي حاتم، إذا سكتا عن الراوي فهو حسن الحديث، أو سكت أحدهما فهو حسن الحديث .
سؤال : هل يحكم لحديث بالصحة إذا تلقاه العلماء بالقبول، وغن لم يكن له إسناد صحيح مثل الاستثناء في حديث : " الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه"؟ وما معنى تلقاه العلماء بالقبول ؟
جواب : معنى تلقاه العلماء بالقبول بأنهم بين عامل به ومؤول له، والصحيح أنه لا بد من النظر في السند، فصاحبا " الصحيحين" يعتمدان على السند.
ورُبّ حديث يشاع ويذاع ويقال : تلقاه العلماء بالقبول وهو ضعيف، ومن الأمثلة على هذا حديث معاذ أن النبي < قال له : " بم تقضي فيهم؟" قال : بكتاب الله، قال : "فإن لم تجد؟" قال: أجتهد رأيي ولا آلو.
هذا الحديث ذكره الجوزقاني في " الأباطيل" ، ومع هذا فبعض أهل أصول الفقه يقولون : هذا الحديث تلقته الأمة بالقبول .
وهكذا حديث: " لا يمس القرآن إلا طاهر" الذي هو من صحيفة محمد بن عمرو بن حزم وهو مرسل، يقول بعضهم : تلقاه العلماء بالقبول فهو اشبه بالمتواتر.
فلا بد من وجود سند والنظر فيه والبحث فيه .
والحافظ بن كثير يقول في " الباعث الحثيث" ، : إن شيخ الاسلام ابن تيمية وغير واحد يقولون : إن العلماء إذا تلقوا الحديث بالقبول يجب قبوله ، ولكن صنيع الشيخين وغيرهما من العلماء المتقدمين يدل على أنه لا بد من النظر في السند، وهذا هو الصحيح .
سؤال : هل حديث مجهولالعين إذا لم يرو عنه غير الضعيف اتفاقا لا يصح به الاستشهاد ؟ وماذا لو كان هذا الضعيف مختلفا فيه ؟ فهل يصلح للاستشهاد؟
جواب : الذي يظهر أن مجهول العين لا يصلح في الشواهد والمتابعات سواء أرواه عنه ضعيف أم رواه عنه ثقة.
ومجهول الحال يصلح في الشواهد والمتابعات. والله أعلم .
سؤال : من من العلماء إذا جرح وتفرد بالتجريح لا يؤبه به ؟ ولماذا ؟ ومن منهم إذا تفرد بالتوثيق لا يؤبه به ؟ ولماذا ؟
جواب : ابو الفتح الأزدي متشدد، وكذلك أبو الحسن بن القطان متشدد أيضا ، فربما يجرح بما ليس بجارح، وربما يقول الحافظ الذهبي في بعض من جرحه أبو الفتح الأزدي : إن المجروح خير من المؤلف ـ يعني أنه خير من الأزدي محمد بن الحسين ـ وسيأتي في المحمدين .
والعقيلي ربما يضعف أعلام الحديث فقد ضعف علي بن المديني وعبد الرزاق وغيرهما من أعلام الحديث حتى قال الذهبي :
أفما لك عقل يا عقيلي؟ تعمد إلى حفاظ الاسلام وتجرحهم وأحدهم خير منك ؟ ! ذكر هذا في ترجمة علي بن المديني من "الميزان" .
وفي بعض التراجم يقول الحافظ الذهبي في ابن حبا ن ـ لأن ابن حبان شديد التجريح ـ : كأن ابن حبان لا يدري ما يخرج من رأسه إذا تحامل على بعض الأفاضل وبعضهم من رجال الشيخين، فيقول ابن حبان : يروي المعضلات عن الأثبات فاستحق الترك .
أما مسالة التوثيق ، فابن حبان في نوع واحد وهو توثيق المجهولين، وأما توثيق غير المجهولين الذي شاركه فيه غيره فوثيقه معتبر، أما المجهولين ، فعنه قاعدة: أن الشخص إذا روى عنه ثقة وروى عن ثقة ولم يأت بما ينكر فإن حديثه يقبل .
وهذا لم يقبله العلماء ، كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في مقدمة " لسان الميزان" .
وقال: إن هذا مذهب ابن خزيمة وتلميذه ابن حبان .
أي أنه لا بد من معرفة حفظ الشخص ومعرفة عدالته، وربما يذكر في كتابه "الثقات" : فلان لا أدري من هو ولا ابن من هو ؟
سؤال: ذكرتم في تحقيقكم لـ "تفسير ابن كثير" "ص552" في التعليق الرابع أن حميد ابن أبي حميد الطويل وهو ثقة مدلس كما في " التقريب" لم يضر حديثه ذاك مع عدم تصريحه بأن الراوي عنه يحيى القطان فهل هذه قاعدة مطلقة فيما يروي عنهم يحيى القطان؟
جواب: لا ، وهذا وهم ففيما بعد اتضح أنه مقيد ، بيحيى بن سعيد القطان عن زهير أو عن أبي إسحاق، فليس مطلقاً ، وتراجعإن شاء الله مقدمة " الفتح" من أجل التأكد في الكلام على حديث ابن مسعود الذي فيه : " ائتني بثلاثة أحجار" ، فأتاه بحجرين وروثة.
سؤال: قول الحافظ في "التهذيب" في ترجمة رجل فيمن روى عنه وروى عنه فلان وفلان وغيرهم او آخرون فما معنى : وغيرهم وآخرون ؟
جواب : اختلاف التعبير والمعنى واحد، ويبين هذا من " تهذيب الكمال" و" تهذيب الكمال" لم يستوعب، بل يستوعبون ما روى له في الامهات الست ، وربما نقلوا غير ذلك .
سؤال: الحديث المذكور في "تحفة الذاكرين" للشوكاني: مايقوله إذا خدرت رجله ومن طنت أذنه ، فما مدى صحتهما؟ وهل الشوكاني يعتبر من أئمة الشأن يضعف ويصحح ويتكلم في الرجال؟
جواب: أعرف أنهما ضعيفان، بل حديث: " إذا طنت أذن أحدكم فليصل على النبي < " ، أورده ابن الجوزي في " الموضوعات" .
فأقل أحوالهما أن يكونا ضعيفين.
والشوكاني يستفيد من كتب الحافظ ابن حجر ، وأنا أنصح بمراجعة أحكام الشوكاني في مثل "التلخيص الحبير" إذا كان في "نيل الأوطار" و"فتح الباري" أو الكتاب نفسه.
ولسنا نقول: إنه لا يعتمد عليه أصلاً، وفي النفس شيء من أحكامه ـ رحمه الله – فيحتاج إلى أن يرجع إلى كتب الرجال ، والله المستعان .
سؤال :نعلم بأن زيادة الثقة تقبل إذا لم يخالف من هو اوثق منه فكيف تكون الزيادة مخالفة ؟ هل إذا زادت حكماً أم فهم منها التحريم وأصل الحديث يفهم منه الاباحة ؟
جواب : مجرد الزيادة تعتبر مخالفة ، فما أكثر الزيادات التي حكم العلماء عليها بالشذوذ لمجرد زيادتها، ومن الامثلة على هذا حديث أبي موسى الأشعري في " صحيح مسلم" في صفة صلاة رسول الله < وفيه : " وإذا قرأ فأنصتوا " .
فزيادة : " فإذا قرأ فأنصتوا " ، انتقدها الدارقطني مع أنها ليست مخالفة في نفي او إثبات، ويقول الدارقطني : تفرد بها سليمان التيمي .
والامام النووي رحمه الله تعالى يقول : والحفاظ ينكرونها على مسلم .
فالقصد انه لا يشترط نفي وإثبات وأمر ونهي ، بل بل مجرد الزيادة ينظر أقبلها العلماء المتقدمون لأنه ليس لهم قاعدة مطردة كما كما ذكر هذا الحافظ ابن حجر في "فتح الباري " ونقلناه عنه في مقدمة " الالزامات والتتبع" أم لم يتكلموا عليها ؟
فبقي لعجزنا وقلة بضاعتنا أن نرجع إلى الشاذ وهو من الذي زادها ؟ أهو مماثل لمن لم يزدها فيحمل الحديث على الوجهين ، أي تقبل الزيادة ويحمل أن الراوي تارة يحدث بها وأخرى يحذفها، أو أن شيخه حدث شخصاً بها وآخر لم يحدثه بها، أم أن الذي حذفها أرجح فتكون شاذة ، أو الذي ذكرها أرجح فتكون مقبولة كما هو في مقدمة " الالزامات والتتبع" وملحق" شرح علل الترمذي"و "توضيح الافكار" للصنعاني.
سؤال : ما رأيكم في موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف" التي أخرجها محمد السيد زغلول البسيوني؟ وما جدواها في البحث العلمي؟
جواب: هي مفيدة، ويحتاج إليها الباحث فجزاه الله خيرا .
سؤال: إذا قال الحافظ ابن حجر في حديث : إنه حسن فقط ثم نرى غيره مثلاً كالبصيري قال على نفسه الحديث : ضعيف، فالسند فيه فلان وهو ضعيف ثم رجعنا إلى " التقريب" فوجدناه ضعيفاً وللحديث سند آخر ولكن في كتاب غير موجود فهل نقول: إن الحافظ معروف بجمع الطرق فهو رأي ذلك السند الآخر ثم حسن الحديث به ؟
جواب : تقدم أن قلنا : إن الحافظ ربما يتساهل في "فتح الباري"، من أجل هذا فاخونا أبو الحسن[1] حفظه الله تعالى يتتبع بعض تساهلات الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، فإذا أبان غيره ضعف الحديث نأخذ بقول من أبان العلة، والسند أو الحديث الذي في كتاب آخر يحتمل أن يكون بذلك السند ويحتمل أن يكون بغيره .
فينبغي أن ترجع إلى الموضوع الذي يتعلق به الحديث ، فإن كان في الزهد راجعت كتاب الزهد، وإن كان في العقيدة راجعت كتب العقيدة ، وإن كان في الصلاة رجعت إلى الكتب المؤلفة في الصلاة.
وهكذا بقية الأمور، فإذا قال الحافظ بأن له طريقاً أخرى وهي صالحة للحجية ، ولم تستطع الوقوف عليها فهو ثقة نقبل قوله ، ( يا أيها الذين ىمنوا إن جاءكم فاسق بنبأٍ فتبينوا)[2] ، مفهومه :إذا جاءنا العدل فنأخذ به، أما إذا حكم عليه حسن فقط ثم ظهرت به علة أو وقفت على السند ووجدته ضعيفاً حكمت بما عندك.
سؤال: يحيى بن أبي المطاع القرشي ترجم له الحافظ في "التقريب" أنه صدوق وأشار دحيم أن روايته عن العرباض مرسلة وذكره البخاري في " تاريخه" أنه سمع من العرباض وأنه يعد من الشاميين ولكن قال ابن رجب الحنبلي في " جامع العلوم والحكم" "ص244" في حديث العرباض على أن حفاظ الشام انكروا ذلك وقالوا : إن يحيى بن أبي المطاع لم يسمع من العرباض ولم يلقه وهذه الرواية غلط، وممن ذكر ذلك أبو زرعة وحكاه عنه دحيم، وهؤلاء أعرف بشيوخهم من غيرهم، والبخاري رحمه الله يقع له في "تاريخه" اوهام في أخبار أهل الشام، فما مدى صحة
هذا الكلام وخاصة أن يحيى صدوق وقال : سمعت العرباض؟
جواب : الأمر كما يقول ابن رجب رحمه الله تعالى ، فأهل البلد أعرف بحديث بلديهم، أما كون الحافظ أو الامام البخاري يهم في الشاميين فلا أعلم هذا ، نعم إن للبخاري أوهاماً تعقبه عليها ابن أبي حاتم وأبوه وأبو زرعة في مجلد صغير " أخطاء محمد بن إسماعيل" وهكذا تعقبه الحافظ الخطيب في كتابه "موضح أوهام الجمع والتفريق".
لكن تلك الأوهام لا تنـزل من منـزلة الكتاب أعني " تاريخ البخاري" فهو تاريخ تراجم وتوثيق وتجريح وتاريخ علل، فرب علة نستفيدها ويستفيدها الباحثون واستفادها العلماء قبلنا ، بل استفادها الترمذي من "تاريخ البخاري" وقد قالوا : لو أن شخصاً جمع من الكتب ما جمع لم يستغن عن "تاريخ البخاري"، والأمر كما يقولون.
أما يحيى بن أبي المطاع فأهل بلده أعرف به، والحديث الذي رواه عن العرباض بن سارية الذي فيه : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين عضوا عليها بالنواجذ" وقد توبع على ذلك فتابعه حجر بن حجر وعبد الله بن بلال وعبد الرحمن بن عمرو بن عبسة.
وألف بعض إخواننا رسالة في هذا الحديث.
فالحديث صحيح بمجموع طرقه .
سؤال: كيف تثبت صحبة الصحابي ؟ وهل إن قال البخاري عنه : له صحبة ، وقال أبو حاتم : لا صحبة له . فالمثبت مقدم على الناقي؟
جواب : نعم المثبت مقدم على النافي، بقي أن ترجع إلى الحديث الذي رواه ذلك الصحابي ، فربما يكونون معتدين على حديث ضعيف، وبذلك الحديث الذي لا يرتقي إلى الحجية ففي هذا يتوقف فيه.
وتثبت صحبة الصـحابي بالاستفاضة وبالشـهرة وبقوله: حدثنا رسول الله < وإن كان شهادة له بالتزكية وبشرف الصحبة إذا كان مما يجوز، لأنه لو ادعى الصحبة بعد مائة سنة فقد قال العلماء : لا تثبت لأن النبي < يقول : "لا يأتي على الأرض مائة سنة وعلى الارض نفس منفوسة" .
أي ممن هو عليها في ذلك الوقت، ومن ثم ادعى بعضهم الصحبة والعلماء يردون دعواه ، فمتن الأمثلة على هذا أن رتـناً الهندي ادعى الصحبة بعد ستمائة سنة، فقال الذهبي في "ميزان الاعتدال": رتن وما رتن ؟دجال من الدجاجلة ادعى الصحبة بعد ستمائة سنة .
فالمهم أن تنظر الحديث الذي رواه ، والذي أثبتوا صحبته، فربما يكون ضعيفاً، فعلى هذا لا تثبت صحبته وإلا فالمثبت مقدم على النافي.
سؤال: ما معنى قول البخاري في ترجمة أبي الجوزاء : في إسناده نظر؟
جواب : الظاهر أنه يعني إسناداً بعينه، لأن أبا الجوزاء ثقة أو أرفع من ثقة ، واسمه أوس بن عبد الله .
سؤال: ما معنى قول الحافظ أخرج مسلم من نسخة العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ما لم يتفرد به فلا يحسن أن يقال : إن باقي النسخة على شرط مسلم ، لأنه ما خرج بعضها إلا بعد ما تبين ذلك مما لم يتفرد به ؟
جواب: يحتاج إلى نظر فإن هناك أحاديث في "صحيح مسلم" تفرد بها العلاء عن أبيه، وأما كون مسلم لم يخرجها كلها فهو لم يلتزم أن يخرج كل حديث صحيح ، وهكذا ترجـمة أبـي الزبير عـن جابر، فقـد قـال الدارقطني في "التتبع" : إن مسلما لم يستوعبها.
فلا يضر إذا ثبت السند إلى أبي الزبير أو إلى العلاء ، وصرح أبو الزبير بالتحديث خارج مسلم، أما في مسلم فلو لم يصرح بالتحديث فيقبل.
سؤال : نعيم بن حماد رماه بعضهم بسرقة الحديث، فهل يؤخذ هذا على أنه جرح مفسر؟
جواب : الذي يظهر أنه ضعيف وإن كان البخاري أخرج له حديثا أو حديثين في المتابعة فلا يعتمد عليه، وتراجع مقدمة "الفتح"و"ميزان الاعتدال"، فلا يعتمد عليه ولا يرتقي حديثه إلى الحجية، لكن يصلح في الشواهد والمتابعات .
وقد تحامل عليه الدولابي، لأن نعيما كان شديداً على أهل الرأي فتحامل عليه الدولابي فلم يقبل منه تحامله، لكنه ضعفه غيره لسوء حفظه.
سؤال: كيف يكون توجيه الأحاديث التي رويت بالمعنى، والإعجاز إنما يكون باللفظ النبوي لا في غيره ؟
جواب : المعنى جائز وأداؤه بلفظه أفضل : " نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها ".
وتصرف علمائنا ومنهم البخاري رحمه الله يدل على جواز الرواية بالمعنى لعارف باللغة العربية ويكون مما لا يتعبد به فمثلاً :
الله أكبر، لا يصح أن ترويها وتقول : الله أعظم، وهكذا الأدعية تبقى على ما هي عليه ، فإن الصـحابي عند أن قال: وبرسولك الذي أرسلت ، قال لـه النبي < : " وبنبيك الذي أرسلت".
سؤال : هل إذا قال أبو هريرة مما لا يقال بالرأي مثل حديث :"أوقد على النار ألف عام حتى ابيضت"، ويكون له حكم المرفوع أم أن أبا هريرة مشهور بالأخذ من الإسرائيليات؟ومن هم الذين اشتهروا بذلك فحديثهم له حكم الرفع؟ وما ضابط ذلك؟
جواب : الأولى أن يروى الحديث كما جاء فالموقوف موقوف، والمرفوع مرفوع، والترمذي نفسه يقول في هذا الحديث: الصحيح الموقوف.
فإذا كان الترمذي وهو مخرجه يقول : الصحيح الموقوف، ونحن نقول له حكم الرفع ، فلا .
وهكذا الأحاديـث الـتي جاءت موقـوفة نرويها كما جاءت، والاحتياط للدين ألا نعزو للنبي < شيئاً إلا ونحن متأكدون أنه قاله أو فعله أو أقره: " من حدّث عني بحديث يُرى أنه كذب فـهو أحـد الكاذبين" .
وهكذا الموقوفات لا تعزى إلى النبي < إلا إذا عزاها الصحابي، وإلا فلترو كما جاءت، نعم إن أبا هريرة أخذ عن كعب الأحبار.
وهكذا ابن عباس مر بي في "تفسير الطبري" في تفسير سورة الكهف أنه سأل رجلاً من أهل الكتاب أو أخذ عن أهل الكتاب.
سؤال : ما هو أفضل كتاب مختصر في أصول الفقه ؟
جواب : أن ما قرأت في أصول الفقه إلا في مذكرة الشيخ الشنقيطي، ولكن أخونا أبو حفص حفظه الله يقول : إن أفضل كتاب مختصر في أصول الفقه هو كتاب " مختصر التحرير " .
سؤال :هل الانبياء معصومون قبل مبعثهم ؟
جواب : ليسوا معصومين قبل مبعثهم ، إلا أنهم كانوا لا يقعون في شيء من الشركيات ولا في شيء يخل بالمروءة، وإلا فرب العزة يقول في كتابه الكريم : ( لِيَغْفر لَكَ اللهُ مَا تَقدَّمَ مِن ذَنْبِكَ ومَا تَأَخّر ) [3]. فهذا دليل على أن له ذنباً حتى بعد البعثة.
والنبي < يقول كما في " الصحيح" : "اللهم اغفر لي خطئي وعمدي وجدي وهزلي وكل ذلك عندي" فهو يخطئ، لكن إذا كان خطؤه يتعلق بالتبليغ فإن الله لا يقره على ذلك.
*************************
[1] لكن أبو الحسن شغلته البدع عن العلم !
[2] (الحجرات 6 ) .
[3] ( الفتح 2)