رسالة مفتوحة ونصيحة مشروحة
لأصحاب المواقع الالكترونية ومسؤولي المنتديات (السلفية)
بقلم فضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالي
لأصحاب المواقع الالكترونية ومسؤولي المنتديات (السلفية)
بقلم فضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد الله، نحمده، ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
من سليم بن عيد الهلالي -كان الله له– إلى من يبلغه من إخوانه أصحاب المواقع الالكترونية ومسؤولي المنتديات (السلفية) -وفقهم الله-.
أما بعد: فلا يخفى عليكم: أن الشبكة العنكبوتية (الانترنت) أصبحت في واقعنا المعاصر من أهم وسائل المعرفة، ونشرها على مساحات شاسعة من العالم، وأنها تسهم في تبادل الخبرات، وتمد جسور التواصل بين الناس، ولذلك؛ فهي -بحق- أسرع وسيلة، وهي -بصدق- أخطر طريقة في نشر الأخبار والتقارير.
ولما كانت وسيلة تعليمية قوية تغزو كل مرافق حياتنا، وغيرت كثيراً من أوجه الحياة، فقد استعملها كل إنسان بما يريد، واستخدمها بما تهواه نفسه، ونشر فيها ما يؤمن به في هذه الحياة.
ولا يخفى عليكم –أحبائي الكرام بارك الله فيكم– أنكم اخترتم الجانب الايجابي في هذه النعمة الربانية:
اخترتم نشر الإسلام الذي ارتضاه الله لنا: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾ [المائدة: 3].
اخترتم -وفقكم الله– مجال الدعوة إلى الله على بصيرة: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِين﴾ [فُصِّلَت: 33].
اخترتم -سددكم الله- نشر العلوم الإسلامية من: توحيد، ومنهج، وفقه، وأصول، وسيرة، وتاريخ، وأخلاق، وتفسير، وحديث .. إلخ.
. . نعم لقد اخترتم الخير . . ونعم الاختيار اختياركم.
وحتى يبلغ هذا الخير محله، ويحقق هذا الاختيار أهله، فلا بد أن يزداد حرصكم –زادكم الله حرصاً– فتجعلوا من هذه المواقع وتلك المنتديات وسائل ناجحة في نشر علوم الكتاب والسنة في ضوء منهج السلف الصالح على الوجه الذي يرضاه ربنا عز وجل، ويحبه رسولنا صلى الله عليه وسلم، وتنتفع به أمتنا الإسلامية المرحومة.
. . ولذلك لا تمكنوا من هذه المنابر إلا الأكفاء من علماء الدعوة السلفية، والمسترشدين المخلصين من طلبة العلم، والمستبصرين من الدعاة إلى الله عز وجل، وبخاصة أهل الاختصاص؛ فمن كان مختصاً في القرآن وعلومه؛ فليكتب في القراءات، التجويد، والتفسير، وعلوم القرآن وفنونه، ومن كان متخصصاً في الحديث؛ فليغترف من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مبيناً صحيحها من سقيمها، وليقرب فهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعموم الأمة؛ لتنتفع بها، وتعمل بها، وتدعو إليها، وتحييها في حياتها.
وليفعل ذلك كل صاحب اختصاص في اختصاصه سواء كان في الفقه أم في أصوله أم في التاريخ أم في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم في اللغة.
وليتصدى علماء الجرح والتعديل لنقد البدع، والتحذير من دعاتها، وتفنيد الدعوات المخالفة لأهل السنة والجماعة، ونقض الأهواء المباينة لمنهج السلف، والرد على شبهاتها.
واعلموا –وفقكم الله لمراضيه– أن مهمتكم ليست باليسيرة؛ لكنها -والله- يسيرة على من يسرها الله عليه، ووفقه لخدمة هذا الدين العظيم؛ فإن كل صعب من أجله يهون، وكل عسير في سبيله يسهل.
واعلموا –علمكم الله ما ينفعكم– أن هذه الطريق محتضرة تحضرها شياطين الإنس والجن؛ للتشويش على دعاتها، أو لتعكير الخير الذي فيها، أو لتعيق سير سالكيها . . فيدسوا بينكم من ليس منكم؛ ليفتحوا أبواب الشر، ويسعوا بنشر الفضائح، ويجرؤوا الناشئة الأغمار والتلاميذ الصغار على التطاول على أهل العلم الكبار، وطلاب العلم المشاهير في الأمصار: الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الدعوة السلفية المباركة، والدفاع عنها، وكذلك بنقل الأخبار الملفقة التي تفرق صفهم، أو تضخيم أخطائهم، أو نشر عثراتهم . . ويستخدمون في سبيل ذلك أساليب عدة؛ أذكر بعضها؛ لتكونوا منها على حذر:
1- التستر وراء بعض أهل العلم وطلابه للطعن في العلماء الآخرين، وترويج بضاعتهم الكاسدة، ولو لم يفعلوا ذلك لما راجت أكاذيبهم، وانتشرت شائعاتهم . . وعلى فرض وجود أو اختلاف بين أهل العلم أو خلاف بين طلابه ودعاته فلو ترك هذا الخلاف لهم لحل سريعاً، وانتهى على خير؛ فقد اختلف علماؤنا في مسائل كثيرة؛ لقد اختلف الشيخ الإمام الألباني مع الشيخ الإمام ابن باز في بعض المسائل فهل رأيتم تجريحاً أو تشهيراً أو تحذيراً أو تنفيراً . . بل رأيتم حباً وتعاوناً وذباً عن أعراض بعضهم بعضاً وحثا لطلابهم أن ينتفعوا بالجميع.
لقد رَدَّ الشيخ الأمام الألباني على الشيخ الجليل حمود التويجرى وبالعكس فهل رأيتم قطيعة؟ هل رأيتم شماثة؟! هل رأيتم تربصاً؟! هل رأيتم تثويراًَ للصغار على الكبار؟! إنكم رأيتم الحفاوة المنقطعة النظير التي استقبل بها الشيخ حمود التويجري أخاه الإمام الألباني لما زاره في بيته في الرياض!
وسمعتم الشيخ الجليل حمود التويجري عندما جاءه بعض أهل البدع والأهواء من مدينة الجهراء في الكويت يحضه على الرد ويخطط للوقيعة بالإمام الألباني فقال: الألباني علم على السنة، الطعن فيه طعن في السنة.
ولما صدرت جائزة الملك فيصل؛ قال الشيخ حمود: إن الشيخ ناصراً من أحق يعطاها لخدمة السنة.
والأمثلة تفوق الحصر؛ لكنها إشارة أصبع للذين أصيبوا بعمى الألوان، فأصبحوا أبواقاً مأجورة لأعداء الدعوة السلفية وخصومها.
2- الكتابة بأسماء وهمية سواء كانت كنى أو أسماء مستعارة أو ألقاب صاخبة؛ لأنهم يعلمون أنهم لو عرفوا يأعيانهم لصاح بهم السلفيون في أقطار الأرض لينزووا في جحورهم .. ولأنهم لو عرفوا على حقيقتهم لظهرت سيئاتهم التي بيتوها للكيد في الدعوة السلفية وعلمائها ودعائها، وأخذوا على عاتقهم تفريق كلمتها، وتشتيت جمعها حتى صار الأمر إلى ما ترون والحال إلى ما تعلمونه.
3- إنشاء مواقع بأسماء سلفية؛ ليوهموا الناس أنهم أنصار لهذه الدعوة وأنهم حريصون على نشرها والدفاع عنها . . ولكن عندما تدخلها، وتتجول في مرافقها لا تجد إلا خبث الطوية، وفساد النية، وجهالة الهوية . . بل إن كثيرا من هذه المواقع وتلك المنتديات تدار من قبل جهات معادية للإسلام بعامة والدعوة السلفية بخاصة، أو تمول من جهات حزبية أو شخصيات معروفة بكيدها وكرهها للدعوة السلفية وعلمائها ودعائها، ولكن أوراقهم مكشوفة محروقة . . ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: 30]، ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ [المنافقون: 4]، ﴿وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾ [المنافقون: 4].
وما في الجَعْبَة كثير؛ لكن اللبيب بالإشارة يفهم . . وفي التلميح ما يغني عن كثير من التصريح، والمعصوم من عصمه الله . . والمحفوظ من حفظه الله!!
فيا أخوة العقيدة المنهج: عليكم بإشاعة العلم النافع، والحض على العمل الصالح، والتحريض على الدعوة إلى الله على بصيرة !!
وتمسكوا بغرز الناصحين، وانشروا ثقافة الحب والتسامح والتعاون والتآخي . . عززوا أخلاق السلف الصالح بين الشباب والناشئة والعامة . . كونوا قدوة صالحة في التخلص من آثار الفرقة وآصار الحزبية . . فالمسلم أخو المسلم لا يحقره، ولا يخذله، ولا يظلمه، ولا يسلمه.
يا أحبائي في الله: كونوا مفاتيح خير . . مغاليق شر . . فلا تنشروا إلا لمن عرف عينه وحاله . . ولا تسمعوا إلا للعلماء الناصحين . . ولا تثقوا إلا بمن شَبَّث وشابت نواصيهم ورؤوسهم في خدمة دعوة الكتاب والسنة . . ومات علماء الدعوة السلفية وهم عنهم راضون.
أيها الموفقون انشروا أسباب المحبة بين العلماء -بصدق- وقووا أواصر الأخوة بين طلاب العلم -بعمق-، وكونوا أنصارا لهذه الدعوة المباركة -بحق-.
أيها الخَيّرون . . أنتم على ثغرة من الإسلام . . فلا تؤتى الدعوة السلفية المباركة من قبلكم . . ولا تخترق من مواقعكم . . ولا يفتك بها من منتدياتكم . . وتذكروا أنكم على الله ستعرضون، لا تخفى عليه منكم خافية . . ولا يفوته هارب!!
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون *وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون * تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِين﴾ [آل عمران: 102-108].
عمان البلقاء عاصمة جند الأردن
من بلاد الشام المحروسة
فجر الثلاثاء الموافق 22 /شوال /1432هـ
(منقول)