إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاستعانة بالجن في التداوي ونحوه / الشيخ يحيى الحجوري حفظه الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاستعانة بالجن في التداوي ونحوه / الشيخ يحيى الحجوري حفظه الله

    الاستعانة بالجن في التداوي ونحوه(1)
    السؤال: يوجد في منطقتنا لودر رجل فيه سحر، فقرأ عليه بعض الشباب فلم يخرج الجني من هذا الرجل، ثم زعم أنه أسلم وجعل يدلهم على علاجات الأمراض العضوية بالأعشاب والعسل، فمنها ما نفع، وكذلك يعالج المس والسحر، كأن يقولون: ماذا في فلان؟ فيقول: فيه كذا وفيه كذا ويعطيهم العلاج..
    والتف حوله كثير من العوام، يسمعون منه ويطبقون ما يقول لهم من علاجات، حيث زعم بعض طلاب العلم أن شيخ الإسلام قد أباح الاستعانة بالجني المسلم، وأيضًا سمى الناس هذا الجني بالجني الحكيم، فما هو الحل؟ وما حكم الشرع فيمن يأتيه ويسأله وجزاكم الله خيرًا؟
    الإجابة:
    الجن يكذبون، ولسنا نعرف منهم العدل من الكذاب، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ; [الأعراف:27]، إذا كان أهل العلم يقولون في رجل من المسلمين: مجهول عين باعتبار أنهم ما عرفوا عينه ولا حاله؛ فلا يقبلون خبره، فالجن لا نراهم نحن، ولا نعرف العدل منهم من غيره، والأصل في الجن الشر قال تعالى: ﴿وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ; [الحجر:27].. وقال عز من قائل: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ; [الناس:1-6].. وقال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ; [المؤمنون:97-98].. وقال جل شأنه: ﴿شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا; [الأنعام:112]، وقال سبحانه: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ الله إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ; [الأنعام:128]، فعندنا الأدلة المبينة أن الجن لا نعرفهم وأننا لا نستطيع أن نأخذ من واحد منهم كلامًا على أنه عدل.
    ولا يستدل بحديث أبي هريرة: «صدقك وهو كذوب»(2) على أن الجن يصدقون، لا، فهذا الشيطان الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (صدقك وهو كذوب) فيه جرح له، الأصل فيه أنه كذوب، وإنما صدق أبا هريرة من أجل التخلص من قبضة أبي هريرة، وقد كان مسكه وقال له: ما تذهب، قال له: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه آخر ثلاث مرات تزعم فيها أنك لا تعود، ثم تعود. فقال: دعني وأدلك على آية تقرؤها لا يقربك شيطان؟! إذا أتيت مضجعك: ﴿اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ.. ; إلى آخر الآية [البقرة:255].
    وهكذا لا ينبغي أن يستدل بهذا الحديث على أننا نأخذ الحق منهم؛ فالشيطان أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن هذه الكلمة منه صدق، فمن يبين لنا صدق خبر الجن حتى نأخذ منهم ذاك الكلام.
    وأيضًا الجن فيهم كفار كثيرون، وأصحاب الأهواء منهم كثير، يريدون الشر للمسلمين، فربما تظاهروا بالخير، وهو نوع من التلبيس، نحن نجد الآن من الإنس العصاة من يغش المسلمين وهو معهم، يغشهم بكلامه بشبهاته بكذبه بزوره، فما بالك بالجن الذين الأصل فيهم أنهم من نار، والأصل فيهم الشر إلا من أثنى الله عليه، قال تبارك اسمه وتعالى جده: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا; [الجن:14-15].. وقال تعالى: ﴿وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا; [الجن:11]، فلا ينبغي أن يتهوك الإنسان ويقول: هذا الجني حكيم، ما يدريك أنه حكيم أو ماكر، ما يدريك أنه حكيم أم يهودي، ما يدريك أنه حكيم أم دجال، ولا شك أنه قد يأتي للإنسان ببعض الأمور يتعاون بها معه، ويظهر له أنها حق، وأنت تعتمد عليه حتى يحصل لك الشرك كما في الآية التي ذكرتها وهي في سورة الأنعام: ﴿اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ﴾; [الأنعام:128]، قال أهل العلم: استمتاع الإنسي بالجني من حيث إنه قد يخبره ببعض الأمور، واستمتاع الجني بالإنسي من حيث إنه قد يضله ويبلغ منه ما يريده منه، فهذا الفعل يبتعد عنه إن شاء الله، يعتمدون على رب العزة والجلال: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ; [يونس:107]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله إِنْ أَرَادَنِيَ الله بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ الله عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ; [الزمر:38] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع ما هو معه من الوحي ما كان يستعين بأولئك الجن المسلمين على إخباره باستطلاعه لمشركي قريش يأتيه الوحي من عند الله، بل ولا أبو بكر ولا عمر ولا أحد من الصحابة كان يستشرف لهذه المسألة، وأن الجني يخبره وما كانوا يثقون بالجن.
    وقد جاءت قصة ضعيفة كما بيناه في رسالة: الأجوبة الحديثية على الأسئلة الشعرية ذكروها في ترجمة سمحج الجني:
    نحن قتلنا مسعرا
    لما طغى واستكبرا
    وحقر الحق
    وعظم المنكرا
    بسبه نبينا المطهرا
    أن بعض الجن قال ذلك، لكن القصة ضعيفة، ولسنا معتمدين عليها.
    على أنها لو صحت فليس فيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعان بهم في قتل ذلك الرجل. والقصة ضعيفة..
    */حاشية/ــــــــــــــــــــــ
    (1) الأجوبة الدرر على أسئلة لودر، بتاريخ: الإثنين 16 شوال 1422ه‍.. دماج - دار الحديث.
    (2) أخرجه البخاري رقم (2311و3275و5010).
يعمل...
X