إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

::نصيحتي لشباب عدن للإمام / مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ::

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ::نصيحتي لشباب عدن للإمام / مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله ::


    الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. أما بعد:

    فهذه رسالتي إلى إخواني في الله أهل السنة، من أهل عدن حفظهم الله ودفع عنهم كل سوء ومكروه.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

    إنني أحمد الله سبحانه وتعالى، ففي عدن إخوان محبون لسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومحبون للعلم النافع، ويعلم الله أنني أتمنى في كثير من الأوقات أنني أسكن عندهم في الأيام الباردة من أجل إفادتهم، ومن أجل المحافظة على الصحة وإننا نستبشر بقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفا ينصرون الله ورسوله هم خير من بيني وبينهم»، فنرجو أن يحقق الله ذلك الحديث في ذلك الشباب المبارك، الذين أنقذهم الله سبحانه وتعالى من الشيوعية، ونحن نفرح لهم إذ أنقذهم الله من الشيوعية.

    والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

    ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾(1). ويقول أيضا: ﴿ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم﴾(2). ويقول أيضا: ﴿ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾(3).

    وبحمد الله فشباب عدن الذين صبروا في السراء والضراء على سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وعلى تعلم القرآن في زمن الشيوعية التي أهلكت الحرث والنسل، في ذلك الوقت الذي لم يكن هناك إخوان مفلسون، ولا جمعية الحكمة ولا الإحسان اللتان يهمهما اختلاس أموال الناس، فقد كان الشباب في ذلك الوقت يدا واحدة وجسدا واحدا، فلما حصل الأمن تاقت بعض النفوس إلى الدنيا وإلى المال، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا﴾(4)، ويقول أيضا في كتابه الكريم: ﴿لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد﴾(5)، ويقول أيضا: ﴿فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا * ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى﴾(6).

    إنك إذا نظرت إلى هذه الحزبيات وجدتها لا تريد إلا الحياة الدنيا، وإذا نظرت كذلك إلى أصحاب الحزبيات المغلفة الذين يختلسون أموال الناس، ثم يحاربون بها سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لوجدتهم مائلين إلى الدنيا.

    وإنني أحمد الله سبحانه وتعالى فالشباب بل والشيوخ في عدن أصبحوا متجهين لسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ولا يريدون إلا سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. ولن أنسى تلك المناظر وتلك الجموع الكثيرة، وبل ذلك الازدحام حتى في الضحى وفي وقت الأكل عند أن زرنا إخواننا في عدن حفظهم الله تعالى.

    فنصيحتي للشباب العدني بل وللشيوخ وللعامة أن يتمسكوا بكتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وأن يبتعدوا عن أهل الدنيا، ولست أقصد ألا تحترف وألا تأكل من الحلال، أو لا تبيع ولا تشتري، أو لا تزرع، بل أقصد أن تبتعد عن أصحاب الحزبيات الذين يعدونكم بالوعود سواء أكانت صادقة أم كاذبة.

    والأمر الذي نصحت به إخواني أهل السنة في شريط (نصيحتي لأهل السنة) هو الأمر الذي أنصح به إخواني في الله أهل عدن، وهو أن نعامل المخالفين معاملة المسلمين لأنهم متأولون حتى وإن كانوا يقولون: نحن ديمقراطيون، إذا كان يعتقد أن الديمقراطية حق ويؤمن بها فهو كافر، لكن إذا كان متأولا لأجل مطامع الدنيا فهو ضال.

    فمثل أولئك أصحاب الحزبيات وأصحاب الجمعيات المغلفة أنصح الأخوة ألا يحضروا محاضراتهم، وألا يمكنوهم من المناقشة معهم، فقد جاء رجل إلى الإمام مالك وقال: إني أريد أن أناظرك! قال الإمام مالك: فإن غلبتني؟ قال: اتبعتني، قال الإمام مالك: فإن جاء رجل آخر وناظرني وغلبني؟ قال: اتبعته، قال: إذا يصير ديننا عرضة للتنقل، اذهب إلى شاك مثلك فإني على ثبات من ديني.

    فالمسألة مسألة مادة، فأصحاب جمعية الحكمة وجمعية الإحسان أكثرهم درسوا عندنا ويعرفون ما نحن عليه، فلماذا مالوا؟ إنهم لم يستطيعوا أن يصبروا على ما صبر عليه طلبة العلم هاهنا، ولا على ما صبر عليه الإخوة العدنيون.

    بل يركضون ركضا من تعز، وإب، وصنعاء، إلى قطر، وإلى أرض الحرمين يقولون: «أنا وكافل اليتيم كهاتين» ويقولون أيضا: ﴿وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا﴾(7)، ولكن الذي يهمهم هو الحصول على الدولارات.

    فأقول: أف لعلم عاقبته الشحاذة؛ من أجل هذا سقطوا، وجمعية الإصلاح أردى وأردى في التلصص حتى لا يظن بعض الناس أننا ساكتون عن جمعية الإصلاح، ولنا رسالة بحمد الله بعنوان «ذم المسألة»، لما رأيناهم يركضون وليس لهم هم إلا جمع الأموال، وبعد ذلك يحاربون بها سنة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

    وإخواننا الذين اجتمعوا معهم في معبر مغفلون(8)، فهل نسوا أننا قد اجتمعنا معهم في دماج وكتبنا معهم ورقة وخرج شريط بعنوان «تمام المنة في اجتماع أهل السنة»؟ وهل نسوا عند أن أتى إلي (عقيل) وأنا في تعز وقال: يا أبا عبدالرحمن أنا لا أخالفك. ثم مشى معي في بقية الرحلة، ثم قام وقال: أنا قد خرجت من جمعية الحكمة.

    فأقول: إنهم إذا رأوا أنفسهم قد احترقوا، قالوا: نريد اجتماعا. فنحن برآء من هذا الاجتماع الفاشل وسيصبح (فسوة سوق) وما له ثمرة. نحن نطالبهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى وأن يرجعوا إلى إخوانهم أهل السنة.

    أما إخواننا في عدن فأنصحهم ألا يحضروا محاضرات واجتماعات الحزبيين، كما تقدم ذلك في (نصيحتي لأهل السنة). وأريد من إخواني في الله أن يعاملوهم معاملة المسلمين: السلام عليكم.. وعليكم السلام.

    وإذا جاء حزبي إلى أخ في الله وقال: أريد أن أناقشك؟ فليقل له: ليس عندي وقت فأنت رجل فارغ. وأنا قد طردتهم عند أن كنت في تعز وقلت لهم: أنا عندي دعوة إلى الله، وعندي تأليف وتعليم وأحب أن أتزود من العلم، وأنتم ما عندكم إلا هذا؟ فما عندي وقت لمناقشتكم، توبوا إلى الله فيما بينكم وبين الله عز وجل وأنتم إخواننا ولا نريد أن نخسركم.

    وكذلك ننصح إخواننا في عدن ألا يكثروا الجدل، بل يقبلوا على طلب العلم، ولينظروا إلى دراستنا في دماج كيف أزعجت الدنيا. ونبشر إخواننا فاليوم هو (30/ جمادى الأولى/ 1416ه) ونحن بحمد الله بخير والمسجد ممتلئ بطلبة العلم، والدعوة مستمرة على أحسن حال والفضل في هذا لله عز وجل.

    أما بالنسبة للصحف السخيفة فأرجو أن يراجع شريط «جلسة قصيرة مع عميان البصيرة» وهذا الشريط مكتوب في كتاب «المصارعة» فلا نحتاج إلى أن نرد كل يوم على هذه الصحف السخيفة. فطالب العلم ليس لديه وقت لهذه المهاترات، فنحن نهيئه للتأليف والتحقيق والدعوة إلى الله عز وجل، وأن يكون الواحد منهم يعدل ألفا ممن مالوا إلى الدنيا. فينبغي أن نقبل على طلب العلم ونترك الجدل.

    وأقول لإخواننا في عدن: اتركوا الجدل، فقد روى الترمذي في «جامعه» عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل» ثم تلا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- هذه الآية ﴿ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون﴾(9). فإن قال قائل: فإن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن﴾(10) فهذا إذا علمت الثمرة، أما أن يأتي شخص ويريد أن يأخذك ويضيعك كما ضاع، فلا، اقرأ سيرة رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم واقرأ قوله سبحانه وتعالى: ﴿ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين﴾(11). وجاء من حديث سعد بن أبي وقاص قال: قلت لرسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أي الناس أشد بلاء؟ قال: فقال: «الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة».

    والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال». فهل تعلم أنهم وإن أعطوك أربعة آلاف، فربما هم يتقاضون ثمانية آلاف، فعليك أن تستغني بالله والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «ومن يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله».

    ورب العزة يقول في كتابه الكريم: ﴿ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون﴾(12).

    أفمن أجل أن تبقى إمام مسجد تدخل معهم في البدع وتصانع أهل البدع؟ تعلم وأقبل على العلم وبعد ذلك لو أردت مائة مسجد من فضل الله، فلا تصانع أهل البدع ولا تدخل معهم من أجل أن يبقوك إماما للصلاة، ولن تبقى وزارة الأوقاف مع (غالب القرشي) بل ستتحول عنه في يوم من الأيام ويكون الناس بإذن الله سواسية.

    وانظروا بارك الله فيكم إلى حالة (عبدالمجيد الريمي) وإلى حالة (محمد البيضاني) وإلى حالة (محمد المهدي) وإلى حالة (عقيل المقطري) فقد كانوا من أبرز طلابنا وبعد ذلك أصبحوا مغلقين على أنفسهم، يقولون: انتبهوا، وهذا جاسوس، وإذا اجتمعنا فليأت كل واحد من شارع، والسيارات لا تبقى عند باب البيت الذي نحن فيه، وهكذا، ضاعوا، والدنيا هي التي ضيعتهم، وصدق النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إذ يقول: «فاتقوا الدنيا واتقوا النساء» وأنا أعرف أنها تأتيهم أموال ضخمة من هاهنا ومن هناك، فلتكن عندنا مثل البعر فإنها لو كانت كرامة لأكرم الله بها نبيه محمدا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولما كان يجوع ويربط الحجر على بطنه، ولما كان أصحابه يخرون على وجوههم ويغشى عليهم ويظن الظان أن بهم جنونا وما بهم من جنون.

    فعلينا أن نرضى بالحالة التي نحن عليها من فضل الله، وانظروا إلى مسجد دماج ولا أقول معهد دماج ولا دار الحديث بدماج بل هو مسجد، لأن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده».

    وأنا أود أن في عدن مسجدا ومكتبة حتى إذا وفق الله وأتينا نبقى في البحث مع إخواننا والاستفادة معهم. وأف لكثير من التجار، فطلبة العلم الذي لا يملك أحدهم ثمن الركوب في الباص للذهاب إلى المحاضرة، والصوفي يعطي الصوفيين، والحزبي يعطي الحزبيين، وأهل السنة حالتهم يعلمها الله، ولكن لعل الله سبحانه وتعالى اختار لنا هذه الحالة، فلو كان عندنا أموال ربما يحصل لنا مثل غيرنا. والله المستعان.

    وبحمد الله فيوجد في عدن طلبة علم مستفيدون منهم الأخ أحمد بن عثمان حفظه الله والأخ عبدالعزيز الدراوردي وغيرهما، أنصح إخواني في الله أهل عدن بالالتفاف حول هؤلاء الإخوة وتجلسون معهم وتفتحون دروسا في اللغة العربية وفي علم الحديث وفي المصطلح وفي العقيدة، وإذا جاءكم من يريد أن يصرفكم عن هذا فقولوا له: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين، وقولوا كما قال ربنا عز وجل: ﴿وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما﴾(13)، وكما قال ربنا عز وجل في صفة عباد الرحمن: ﴿وإذا مروا باللغو مروا كراما﴾(14)، وكما قال ربنا لنبيه محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ﴿خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين﴾(15).

    فإن شاء الله تطلبون العلم، والعلم ميسر من فضل الله وتجلسون لإخوانكم طلبة العلم، ونحن إن شاء الله سنزوركم، ولا بد من أن يسعى إخواننا في إيجاد مكتبة وبيت للقادمين الدعاة إلى الله حتى لا يشغلوا إخوانهم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.


    _______________________

    (1) سورة الحجرات، الآية: 10.

    (2) سورة الحجرات، الآية: 11.

    (3) سورة الحجرات، الآية: 13.

    (4) سورة الكهف، الآية: 28.

    (5) سورة آل عمران، الآية: 196-197.

    (6) سورة النجم، الآية: 29-30.

    (7) سورة المزمل، الآية: 20.

    (8) والشيخ محمد الإمام من مشايخ أهل السنة في اليمن ومن القائمين بالدعوة على علم وبصيرة، ولكنها زلة.

    (9) سورة الزخرف، الآية: 58.

    (10) سورة العنكبوت، الآية: 46.

    (11) سورة العنكبوت، الآية: 1-3.

    (12) سورة آل عمران، الآية: 200.

    (13) سورة الفرقان، الآية: 63.

    (14) سورة الفرقان، الآية: 72.

    (15) سورة الأعراف، الآية: 199.

    منقول من موقع الإمام / مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله :
    http://www.muqbel.net/files.php?file_id=5&item_index=18
    التعديل الأخير تم بواسطة علي بن إبراهيم جحاف; الساعة 13-11-2009, 09:16 AM.
يعمل...
X