إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تقديم العقل على النقل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تقديم العقل على النقل

    تقديم العقل على النقل


    والنقل هو كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال ابن القيم كما في "مختصر الصواعق"(1/293) :(المعارضة بين العقل والنقل هي أصل كل فساد في العالم وهي ضد دعوة الرسل من كل وجه فإنهم دعوا إلى تقديم الوحي على الآراء والعقول وصار خصومهم إلى ضد ذلك فأتباع الرسل قدموا الوحي على الرأي والمعقول وأتباع إبليس ونوابه قدموا العقل على النقل) وذكر أن تقديم العقل على النقل يؤدي إلى إبطال العقل نفسه وإلى إبطال الشرائع السماوية.
    وقال بعض العلماء: (اعلم أن أول شبهة وقعت في الخلق شبهة إبليس ومصدرها استبداده بالرأي في مقابلة النص واختياره الهوى في معارضة الأمر واستكباره بالمادة التي خلق منها ـ وهي النار ـ على مادة آدم ـ وهي الطين ـ وتشعبت عن هذه الشبهة شبهات.
    أخي المسلم: لقد منح الله المخلوق البشري العقل وجعله سبحانه مناط التكليف فلا تكليف إلا بعقل فالشخص بدون عقل لا ينتفع بسمعه ولا ببصره ولكن أهل السنة لا يقدسون العقل بل يجعلونه تابعاً للشرع.
    وبسبب تقديم العقل على النقل وقع من المسلمين من وقع في الردة والإلحاد والشرك والكفر والضلال والاعتراض على القرآن الكريم جهاراً وعلى السنة النبوية استمراراً فكم سمعنا من يتنقص دين الله وهو الناقص بل التافه وكم سمعنا من مستدركين على الله ورسوله صلى اله عليه وسلم وصحابته وعلى القواعد العظيمة، وكم من مثقف أجهل من حمار أهله وما زلنا نسمع من يلمع هؤلاء ويعظم أمرهم ويخلع لهم الألقاب الضخمة كـ(المجدد ـ الفيلسوف ـ المفكر ـ الملهم ـ حجة الإسلام ـ الباحث الحر ـ إلى آخر تلك الألقاب الزائفة وهي شبكة لاصطياد عقول كثير من المسلمين الذين ضيعوا الطريق المستقيم.
    فليعلم الجميع أنا نرفض عقلانية قائمة على الجهل بدين الله والتطاول على الحق وأهله.
    وقد نتج عن تقديم العقل أمور:
    1- أدخل في الشريعة ما ليس منها ألا وهو: (التأويل الفاسد) وذلك بصرف النصوص عن ظواهرها بغير صارف ويعرف أصحاب هذا التأويل بالفلاسفة والمتكلمين والمحققين والعارفين، وقد عمد هذا الصنف إلى توحيد الأسماء والصفات فنقضوه عطلوا ربنا من أسمائه وصفاته، وبهذا ضلوا ضلالاً بعيداً، وقد ذل وضل بشر كثير من دعاة الأحزاب والطوائف بسبب تقديم (العقل على النقل) وإنك لتراهم إخوة لفلاسفة الكفر تارة, وطلبه لهم تارة، وقد اعتمدوا قواعدهم وجعلوها حجة لهم يردون بها الحق, فالقرآن عندهم للاعتضاد لا للاستناد.
    2- القياس الفاسد، وأول من قام به إبليس ـ لعنه الله ـ اعتماداً على الرأي الفاسد حتى عرف أهله بأصحاب الرأي وبأصحاب مدرسة الرأي.
    3- المذهب الباطني الذي ادعى أصحابه أن القرآن له ظاهر وباطن وأن الله خصهم دون الأنبياء والمرسلين بعلم الباطن وقد سعوا إلى هدم الإسلام من أساسه، فلهذا حكم عليهم العلماء بأنهم أكفر من اليهود والنصارى إذ أنهم أرادوا هدم الإسلام بهذه القاعدة فأباحوا كل حرام ونقضوا كل أصل من أصول الإيمان والإسلام، وما الجهمية والمعتزلة والأشاعرة وأصحاب التحزبات في عصرنا كحزب التحرير وحزب الإخوان المسلمين إلا من أبناء المدرسة العقلانية القديمة والحديثة، وكل فرقة من الفرق الضالة كالخوارج والرافضة والصوفية ومن إليها لم تسلم من هذا الانحراف.
    وقد تصدى علماء الإسلام الكبار للرد على العقلانيين ومن أعظم من صاول وجاول وأطاح بهم شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم "درء تعارض العقل والنقل" فقد أبطل هذه القاعدة من أكثر من أربعين وجهاً، وكذا تلميذه ابن القيم. وقد قام أخونا الفاضل الشيخ/ علي بن حسن بن عبد الحميد بكتابة رد على العقلانيين عنوانه " العقلانيون أفراخ المعتزلة العصريون" وهو مفيد، وغيره من علماء الإسلام في عصرنا هذا.
    والخلاص من هذا الانحراف العظيم يكون بالتالي:
    1- بالتسليم الكامل لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً وحالاً وقالاً وله أو عليه. قال الله :{وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} الأحزاب.
    وقال تعالى :{يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله} الحجرات.
    وقال سبحانه :{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً} النساء.
    فاتضح من هذه الآيات أن الله أسس دينه على الإتباع وبناه على اتباع الرسل، فيا ويل من خرج عن ذلك.
    2- على كل مسلم أن يعلم مدى حاجته إلى هداية الله سبحانه فهو الهادي، ولا هادي سواه، ولهذا أمرنا الله في كل ركعة من الصلاة أن نقرأ سورة الفاتحة وفيها {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم}
    ولا ثبات لمسلم على الحق إلا بتوفيق الله وهدايته. قال الله :{وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم} الحج.
    وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء بالهداية إلى الحق الذي اختلف فيه الناس. روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل افتتح صلاته :((اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)) فلعظم الحاجة إلى الهداية توسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه بربوبيته للملائكة المذكورين الذين تقوم عليهم أمور الدين والدنيا.
    3- الرجوع إلى فهم السلف فإن مدارك العقول متفاوتة، والله قد أعطى السلف من الإدراك العميق والمقومات الصحيحة ما لم يكن ذلك لمن بعدهم، وقد زكى الله عقولهم وأقوالهم وأفعالهم ورضي عنهم، وفهموا من أسباب التشريع وعايشوا ذلك ما لم يكن ذلك لمن بعدهم، وقد أمرنا بالإقتداء بهم فيما ساروا عليه وما اختلفوا فيه نظرنا إلى من معه الدليل فكان أولى بالأخذ، والعقلانيون جعلوا أفهامهم هي المقدمة وأفهام السلف في المؤخرة فلهذا قالوا: منهج السلف أسلم ومنهجنا أعلم وأحكم. قاتلهم الله أنى يؤفكون وهل هذه القاعدة إلا بيان لغاية التناقض، فكيف يكون منهج السلف أسلم وهم يجعلونه أقل علماً وحكمة فإن السلامة ملازمة للعلم والحكمة وكيف لا وهذا منهج حياة.
    4- تلقي العلم على أيدي علماء أهل السنة لأن غيرهم تلوثوا بدنس هذا الانحراف، فكم قتيل وكم جريح وكم مسلوب ومطرود بسبب تلقي العلم عند أصحاب العقلانيات قديماً وحديثاً.
    الشيخ محمد بن عبد الله الإمام-حفظه الله-
    (تحذير البشر من أصول الشر-الأصل الثاث والعشرون-تقديم العقل على النقل).
يعمل...
X