{النية شرط لسائر الأعمال}
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أمابعد: فنجمع هنا بعض مسائل هذه القاعدة وتعاريفه اقول مستعينا بالله:
[ أصل القاعدة ]
الأصل في هذه القاعدة قوله صلى الله عليه وسلم :"إنما الأعمال بالنيات" وهذا الحديث صحيح مشهور أخرجه الأئمة الستة وغيرهم من حديث عمر بن الخطاب
معظم الروايات " إنما الأعمال بالنية " بجمع الأعمال وإفراد النية . وفي رواية عند البخاري في بدء الوحي ( إنما الأعمال بالنيات ) بجمع النيات أيضاً ، وفي رواية عنده في الإيمان والعتق والهجرة : " الأعمال بالنية " بالإفراد وحذف " إنما " ، وفي رواية في النكاح : " العمل بالنية " بإفرادهما
أما روايات مسلم السبعة : " إنما الأعمال بالنيات " .* وعند البيهقي في سننه من حديث أنس : " لا عمل لمن لا نية له " .* وفي مسند الشهاب من حديثه : " نية المؤمن جزء من عمله " .* وفي الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص : " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت فيها حتى ما تجعل في فِيّ امرأتك " .* ومن حديث ابن عباس :* " ولكن جهاد ونية " .* وفي مسند أحمد من حديث ابن مسعود :* " رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته " .* وعند ابن ماجه ، من حديث أبي هريرة ، وجابر بن عبدالله :*** " يبعث الناس على نياتهم"
فمعنى القاعدة في اللغة : إن الأفعال والتصرفات تابعة للنيات .
أما المعنى الاصطلاحي : إن أعمال المكلف وتصرفاته من قولية أو فعلية تختلف نتائجها وأحكامها الشرعية التي تترتب عليها باختلاف مقصود الشخص وغايته وهدفه من وراء تلك الأعمال والتصرفات
ويكون معنى القاعدة : أن الحكم الذي يترتب على أمر يكون على مقتضى ما هو المقصود من ذلك الأمر
[ أهمية القاعدة ]
حديث انما الاعمال بالنيات؛ وهو أصل الدين وعليه تدور غالب أحكامه ، قال الإمام أبو داود : إن هذا الحديث نصف الإسلام ، لأن الدين إما ظاهر وهو العمل ، وإما باطن وهو النية
وقال الإمام أحمد والشافعي :* يدخل في حديث " إنما الأعمال بالنيات "* ثلث العلم ، ووجّه البيهقي كونه ثلث العلم : بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه ، فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها ، لأنها قد تكون عبادة مستقلة ، وغيرها يحتاج إليها
وبما أن المعنى المراد من القصد والنية متقاربان ، وكثر استعمال لفظة النية في الدراسة على هذه القاعدة ، كان لابد لنا من البحث فيه .
[ تعريف النية ]
لغة :* النية مصدر نوى الشيء ينويه نية ونواه ، وأصلها نِوْيَة على وزن فعلة ، اجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، فقلبت الواو ياءً ، وأدغمت في الياء ، فصارت "نية"* ومعناها : العزم على الشيء ، يقال : نويت نية أي عزمت
اصطلاحا :* النية لها معنيان
معنى عام و معنى خاص .
1 -* النية بمعناها العام :* ذكر السيوطي في تعريفه للنية ، النية : عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقاً من جلب نفع أو دفع ضر ، حالاً أو مآلاً ، و الشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضا الله تعالى و امتثال حكمه
2- النية بمعناها الخاص : و هو قصد الطاعة و التقرب إلى الله سبحانه و تعالى
{ الفرق بين النية والقصد والعزم والإرادة والاختيار}
وذهب فريق من العلماء إلى تعريف النية بالعزم والقصد ، فقيل : " النية القصد إلى الشيء والعزيمة على فعله
و عرف العزم بأنه عقد القلب على إمضاء الأمر
يقال عزمت الأمر و عزمت عليه و اعتزمت ، قال تعالى : {فإذا عزمت فتوكل على الله } (آل عمران: 195)، وأيضاً : {و لا تعزموا عقدة النكاح } (البقرة: 235). أما القصد فهو إتيان الشيء ، فتقول : قصدته و قصدت له و قصدت إليه بمعنى ، و قصدت قصده نحوت نحوه المقصد بالفتح موضع القصد و المقصد بالكسر يقال إلى مقصدي و جهتي القصد
وحقيقة النية :ربط القصد بمقصود معين ، والمشهور أنها مطلق القصد إلى الفعل
قال الماوردي : هي قصد الشيء مقترناً بفعله ، فإن قصده وتراخى عنه فهو عزم
وخصّ إمام الحرمين العزم بالفعل المستقبل ، والقصد بالفعل الحاضر المتحقق ، يقول في ذلك : " النية إن تعلقت بفعل مستقبل فهي عزم ، وإن تعلقت بفعل حاضر سميت قصداً تحقيقياً
ويرى الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى أن النية هي القصد بعينه ، إلا أن بينها وبين القصد فرقين :
أحدهما :
أن القصد معلق بفعل الفاعل نفسه وبفعل غيره ، والنية لا تتعلق إلا بفعله نفسه . فلا يتصور أن ينوي الرجل فعل غيره ، ويتصور أن يقصده ويريده .
الثاني : أن القصد لا يكون إلا بفعل مقدور يقصده الفاعل ، وأما النية فينوي الإنسان ما يقدر عليه وما يعجز عنه .
ويضيف الإمام ابن القيم : النية تتعلق بالمقدور عليه ، والمعجوز عنه ، بخلاف القصد والإرادة ، فإنهما لا يتعلقان بالمعجوز عنه لا من فعله ولا من فعل غيره
ونخلص من هذا : أن القصد والنية والعزم في درجة واحدة من القوة ، فالمرء ينوي فعل أمر حاضر ، أو فعل أمر مستقبل .
أما ما يخص الإرادة فقد قال القرافي :*
اعلم أن جنس النية هي الإرادة ، والإرادة متنوعة إلى العزم والهم والنية والشهوة والقصد والاختيار والعناية والمشيئة
ونستنتج من كلام الإمام القرافي أن الإرادة تشمل النية وغيرها ، والإرادة إذا أطلقت تشمل النية وغيرها ، فتعريف النية بالإرادة على ذلك تعريف غير مانع ، وبالتالي غير صحيح ؛ لأن الإرادة أعم من النية ، وبالإضافة إلى هذا : أن النية لا تتعلق إلا بفعل الناوي ، أما الإرادة فتتعلق بفعله وفعل غيره
واختلف العلماء في الإخلاص
فمنهم من يرى أنه أمر زائد على النية لا يحصل بدونها وقد تحصل بدونه ويجعلونه صفة في النية .*
بينما يرى آخرون أن النية هي تلك الإرادة التي تقصد الفعل ، أما الإخلاص فهو تلك التي تقصد التوجه بالفعل إلى الله .
فالنية من أعمال المكلفين التي يطيقونها ويقدرون عليها وما على المكلف إلا الأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى إخلاص النية
حكم النية :
النية عبادة مشروعة ، وقد اختلف في كونها ركناً أو شرطاً ، أو هي ركن في بعض العبادات شرط في غيرها .
النية في العبادة المقصودة كالصلاة والحج والصوم ركن من أركانها فلا تصح إلا بها* وأما ما كان وسيلة كالوضوء والغسل ، فقالت الحنفية : هي شرط كمال فيها لتحصيل الثواب* وقالت الشافعية وغيرهم : هي شرط صحة أيضاً ، فلا تصح الوسائل إلا بها
فيما شرعت النية لأجله :
المقصود الأهم من النية :* تمييز العبادات عن العادات ، وتمييز رتب العبادات بعضها عن بعض ، كالوضوء والغسل ، يتردد بين التنظيف والتبرد ، والعبادة ، والإمساك عن المفطرات قد يكون للحمية والتداوي ، أو لعدم الحاجة إليه ، والجلوس في المسجد قد يكون للاستراحة .
ونية التقرب تمتنع من الكافر بخلاف نية التمييز ، ولهذا لو ظاهر صح ويكفر بالعتق ولابد من النية ، وكذا لو حاضت الكافرة واغتسلت لتحل لزوجها المسلم فلابد أن تنوي بإباحة الاستمتاع ، فإن لم تنو لم يباح وطؤها
وهناك مسائل اختلف في اشتراط النية لها ، كالأذان وخطبة الجمعة وغسل الميت والخروج من الصلاة
وتدخل النية جميع القرب ، فيتوقف حصول الثواب على قصد التقرب بها إلى الله تعالى ، فتدخل النية في العبادات
- أما الواجب الذي لم يشرع عبادة كرد المغصوب فلا يشترط فيه لآن القصد وصول الحق إلى مستحقه وذلك حاصل بدونها ، أما المندوبات فتفتقر إلى قصد إيقاعها طاعة ليثاب عليها .
- وأما المباحات فلا تفتقر إلى النية إلا إن أريد الثواب عليها
- والمحرمات لا تفتقر إلى نية للترك
{ النيابة في النية}
مما يترتب على التمييز : الإخلاص ، ومن ثم لم يقبل النيابة ؛ لأن المقصود اختبار سر العبادة* فمنها ما لا يتقبل بالإجماع كالإيمان بالله والصلاة والصوم عن الحي القادر والجهاد عنه .
شروط صحة النية :
1 -الإسلام :
*فلا تصح العبادات من الكافرلأن العبادة تحتاج إلى نية ، والعبادة لا تصح منه لأنه فاقد شرط صحة قبول العبادة ، وهو الإيمان بالله تعالى
وخرج من ذلك صور :
-** الكتابية تحت المسلم ، يصح غسلها من الحيض ليحل وطؤها بلا خلاف ، للضرورة ويشترط نيتهابخلاف الحنفية
2 -التمييز :
ومعناه : القوة التي في الدماغ وبها تستنبط المعاني فلا تصح عبادة صبي لا يميز ولا مجنون
ومن فروع هذا الشرط :
*مسألة عمد الصبي والمجنون في الجنايات ، هل هو عمد أو لا ؟ لأنه لا يتصور منهما القصد ، فيه خلاف عند الشافعية : فمن له نوع تمييز فإن عمده عمد ، وإلا فإن عمده خطأ ، والأصح عندهم أن عمدهما عمد* وعند الحنفية : فإن عمدهما خطأ
3 -العلم بالمنوي :
ومعناه : أن يعلم المكلف حكم ما نواه من فرض أو نفل ، عبادة أو غيرها*
فمن جهل الفرضيّة ، فرضية الوضوء أو الصلاة لم يصح منه فعلها ، وكذا لو علم أن بعض الصلاة فرض ولم يعلم فرضية التي شرع فيها .* وإن علم الفرضية وجهل الأركان ، فإن اعتقد الكل سنّة أو البعض فرضاً والبعض سنّة ولم يميزها لم تصح قطعاً ، أو الكل فرضاً فوجهان : أصحهما : الصحة ؛ لأنه ليس فيه أكثر من أنه إدّى سنّة باعتقاد الفرض وذلك لا يؤثر
ومن فروع هذا الشرط :
قوله : بعتك بمثل ما باع به فلان فرسه ، وهو لا يعلم قدره فإن البيع لا يصح
4 -أن لا يأتي بمنافٍ بين النية والمنوي :
المراد بالمنافي :* العمل الخارج عن المنوي وليس من النية ، كمن ارتد بعد نية العبادة فقد بطلت عبادته
لخصه وجمعه من مصادره:
أبومقبل يونس العدني غفرالله له
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أمابعد: فنجمع هنا بعض مسائل هذه القاعدة وتعاريفه اقول مستعينا بالله:
[ أصل القاعدة ]
الأصل في هذه القاعدة قوله صلى الله عليه وسلم :"إنما الأعمال بالنيات" وهذا الحديث صحيح مشهور أخرجه الأئمة الستة وغيرهم من حديث عمر بن الخطاب
معظم الروايات " إنما الأعمال بالنية " بجمع الأعمال وإفراد النية . وفي رواية عند البخاري في بدء الوحي ( إنما الأعمال بالنيات ) بجمع النيات أيضاً ، وفي رواية عنده في الإيمان والعتق والهجرة : " الأعمال بالنية " بالإفراد وحذف " إنما " ، وفي رواية في النكاح : " العمل بالنية " بإفرادهما
أما روايات مسلم السبعة : " إنما الأعمال بالنيات " .* وعند البيهقي في سننه من حديث أنس : " لا عمل لمن لا نية له " .* وفي مسند الشهاب من حديثه : " نية المؤمن جزء من عمله " .* وفي الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص : " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت فيها حتى ما تجعل في فِيّ امرأتك " .* ومن حديث ابن عباس :* " ولكن جهاد ونية " .* وفي مسند أحمد من حديث ابن مسعود :* " رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته " .* وعند ابن ماجه ، من حديث أبي هريرة ، وجابر بن عبدالله :*** " يبعث الناس على نياتهم"
فمعنى القاعدة في اللغة : إن الأفعال والتصرفات تابعة للنيات .
أما المعنى الاصطلاحي : إن أعمال المكلف وتصرفاته من قولية أو فعلية تختلف نتائجها وأحكامها الشرعية التي تترتب عليها باختلاف مقصود الشخص وغايته وهدفه من وراء تلك الأعمال والتصرفات
ويكون معنى القاعدة : أن الحكم الذي يترتب على أمر يكون على مقتضى ما هو المقصود من ذلك الأمر
[ أهمية القاعدة ]
حديث انما الاعمال بالنيات؛ وهو أصل الدين وعليه تدور غالب أحكامه ، قال الإمام أبو داود : إن هذا الحديث نصف الإسلام ، لأن الدين إما ظاهر وهو العمل ، وإما باطن وهو النية
وقال الإمام أحمد والشافعي :* يدخل في حديث " إنما الأعمال بالنيات "* ثلث العلم ، ووجّه البيهقي كونه ثلث العلم : بأن كسب العبد يقع بقلبه ولسانه وجوارحه ، فالنية أحد أقسامها الثلاثة وأرجحها ، لأنها قد تكون عبادة مستقلة ، وغيرها يحتاج إليها
وبما أن المعنى المراد من القصد والنية متقاربان ، وكثر استعمال لفظة النية في الدراسة على هذه القاعدة ، كان لابد لنا من البحث فيه .
[ تعريف النية ]
لغة :* النية مصدر نوى الشيء ينويه نية ونواه ، وأصلها نِوْيَة على وزن فعلة ، اجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، فقلبت الواو ياءً ، وأدغمت في الياء ، فصارت "نية"* ومعناها : العزم على الشيء ، يقال : نويت نية أي عزمت
اصطلاحا :* النية لها معنيان
معنى عام و معنى خاص .
1 -* النية بمعناها العام :* ذكر السيوطي في تعريفه للنية ، النية : عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقاً من جلب نفع أو دفع ضر ، حالاً أو مآلاً ، و الشرع خصصه بالإرادة المتوجهة نحو الفعل لابتغاء رضا الله تعالى و امتثال حكمه
2- النية بمعناها الخاص : و هو قصد الطاعة و التقرب إلى الله سبحانه و تعالى
{ الفرق بين النية والقصد والعزم والإرادة والاختيار}
وذهب فريق من العلماء إلى تعريف النية بالعزم والقصد ، فقيل : " النية القصد إلى الشيء والعزيمة على فعله
و عرف العزم بأنه عقد القلب على إمضاء الأمر
يقال عزمت الأمر و عزمت عليه و اعتزمت ، قال تعالى : {فإذا عزمت فتوكل على الله } (آل عمران: 195)، وأيضاً : {و لا تعزموا عقدة النكاح } (البقرة: 235). أما القصد فهو إتيان الشيء ، فتقول : قصدته و قصدت له و قصدت إليه بمعنى ، و قصدت قصده نحوت نحوه المقصد بالفتح موضع القصد و المقصد بالكسر يقال إلى مقصدي و جهتي القصد
وحقيقة النية :ربط القصد بمقصود معين ، والمشهور أنها مطلق القصد إلى الفعل
قال الماوردي : هي قصد الشيء مقترناً بفعله ، فإن قصده وتراخى عنه فهو عزم
وخصّ إمام الحرمين العزم بالفعل المستقبل ، والقصد بالفعل الحاضر المتحقق ، يقول في ذلك : " النية إن تعلقت بفعل مستقبل فهي عزم ، وإن تعلقت بفعل حاضر سميت قصداً تحقيقياً
ويرى الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى أن النية هي القصد بعينه ، إلا أن بينها وبين القصد فرقين :
أحدهما :
أن القصد معلق بفعل الفاعل نفسه وبفعل غيره ، والنية لا تتعلق إلا بفعله نفسه . فلا يتصور أن ينوي الرجل فعل غيره ، ويتصور أن يقصده ويريده .
الثاني : أن القصد لا يكون إلا بفعل مقدور يقصده الفاعل ، وأما النية فينوي الإنسان ما يقدر عليه وما يعجز عنه .
ويضيف الإمام ابن القيم : النية تتعلق بالمقدور عليه ، والمعجوز عنه ، بخلاف القصد والإرادة ، فإنهما لا يتعلقان بالمعجوز عنه لا من فعله ولا من فعل غيره
ونخلص من هذا : أن القصد والنية والعزم في درجة واحدة من القوة ، فالمرء ينوي فعل أمر حاضر ، أو فعل أمر مستقبل .
أما ما يخص الإرادة فقد قال القرافي :*
اعلم أن جنس النية هي الإرادة ، والإرادة متنوعة إلى العزم والهم والنية والشهوة والقصد والاختيار والعناية والمشيئة
ونستنتج من كلام الإمام القرافي أن الإرادة تشمل النية وغيرها ، والإرادة إذا أطلقت تشمل النية وغيرها ، فتعريف النية بالإرادة على ذلك تعريف غير مانع ، وبالتالي غير صحيح ؛ لأن الإرادة أعم من النية ، وبالإضافة إلى هذا : أن النية لا تتعلق إلا بفعل الناوي ، أما الإرادة فتتعلق بفعله وفعل غيره
واختلف العلماء في الإخلاص
فمنهم من يرى أنه أمر زائد على النية لا يحصل بدونها وقد تحصل بدونه ويجعلونه صفة في النية .*
بينما يرى آخرون أن النية هي تلك الإرادة التي تقصد الفعل ، أما الإخلاص فهو تلك التي تقصد التوجه بالفعل إلى الله .
فالنية من أعمال المكلفين التي يطيقونها ويقدرون عليها وما على المكلف إلا الأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى إخلاص النية
حكم النية :
النية عبادة مشروعة ، وقد اختلف في كونها ركناً أو شرطاً ، أو هي ركن في بعض العبادات شرط في غيرها .
النية في العبادة المقصودة كالصلاة والحج والصوم ركن من أركانها فلا تصح إلا بها* وأما ما كان وسيلة كالوضوء والغسل ، فقالت الحنفية : هي شرط كمال فيها لتحصيل الثواب* وقالت الشافعية وغيرهم : هي شرط صحة أيضاً ، فلا تصح الوسائل إلا بها
فيما شرعت النية لأجله :
المقصود الأهم من النية :* تمييز العبادات عن العادات ، وتمييز رتب العبادات بعضها عن بعض ، كالوضوء والغسل ، يتردد بين التنظيف والتبرد ، والعبادة ، والإمساك عن المفطرات قد يكون للحمية والتداوي ، أو لعدم الحاجة إليه ، والجلوس في المسجد قد يكون للاستراحة .
ونية التقرب تمتنع من الكافر بخلاف نية التمييز ، ولهذا لو ظاهر صح ويكفر بالعتق ولابد من النية ، وكذا لو حاضت الكافرة واغتسلت لتحل لزوجها المسلم فلابد أن تنوي بإباحة الاستمتاع ، فإن لم تنو لم يباح وطؤها
وهناك مسائل اختلف في اشتراط النية لها ، كالأذان وخطبة الجمعة وغسل الميت والخروج من الصلاة
وتدخل النية جميع القرب ، فيتوقف حصول الثواب على قصد التقرب بها إلى الله تعالى ، فتدخل النية في العبادات
- أما الواجب الذي لم يشرع عبادة كرد المغصوب فلا يشترط فيه لآن القصد وصول الحق إلى مستحقه وذلك حاصل بدونها ، أما المندوبات فتفتقر إلى قصد إيقاعها طاعة ليثاب عليها .
- وأما المباحات فلا تفتقر إلى النية إلا إن أريد الثواب عليها
- والمحرمات لا تفتقر إلى نية للترك
{ النيابة في النية}
مما يترتب على التمييز : الإخلاص ، ومن ثم لم يقبل النيابة ؛ لأن المقصود اختبار سر العبادة* فمنها ما لا يتقبل بالإجماع كالإيمان بالله والصلاة والصوم عن الحي القادر والجهاد عنه .
شروط صحة النية :
1 -الإسلام :
*فلا تصح العبادات من الكافرلأن العبادة تحتاج إلى نية ، والعبادة لا تصح منه لأنه فاقد شرط صحة قبول العبادة ، وهو الإيمان بالله تعالى
وخرج من ذلك صور :
-** الكتابية تحت المسلم ، يصح غسلها من الحيض ليحل وطؤها بلا خلاف ، للضرورة ويشترط نيتهابخلاف الحنفية
2 -التمييز :
ومعناه : القوة التي في الدماغ وبها تستنبط المعاني فلا تصح عبادة صبي لا يميز ولا مجنون
ومن فروع هذا الشرط :
*مسألة عمد الصبي والمجنون في الجنايات ، هل هو عمد أو لا ؟ لأنه لا يتصور منهما القصد ، فيه خلاف عند الشافعية : فمن له نوع تمييز فإن عمده عمد ، وإلا فإن عمده خطأ ، والأصح عندهم أن عمدهما عمد* وعند الحنفية : فإن عمدهما خطأ
3 -العلم بالمنوي :
ومعناه : أن يعلم المكلف حكم ما نواه من فرض أو نفل ، عبادة أو غيرها*
فمن جهل الفرضيّة ، فرضية الوضوء أو الصلاة لم يصح منه فعلها ، وكذا لو علم أن بعض الصلاة فرض ولم يعلم فرضية التي شرع فيها .* وإن علم الفرضية وجهل الأركان ، فإن اعتقد الكل سنّة أو البعض فرضاً والبعض سنّة ولم يميزها لم تصح قطعاً ، أو الكل فرضاً فوجهان : أصحهما : الصحة ؛ لأنه ليس فيه أكثر من أنه إدّى سنّة باعتقاد الفرض وذلك لا يؤثر
ومن فروع هذا الشرط :
قوله : بعتك بمثل ما باع به فلان فرسه ، وهو لا يعلم قدره فإن البيع لا يصح
4 -أن لا يأتي بمنافٍ بين النية والمنوي :
المراد بالمنافي :* العمل الخارج عن المنوي وليس من النية ، كمن ارتد بعد نية العبادة فقد بطلت عبادته
لخصه وجمعه من مصادره:
أبومقبل يونس العدني غفرالله له