بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)}
أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الامور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
مقدمة :
فقد يسر الله تعالى زيارة لإخواننا السلفيين في بلاد جزر المالديف (وفق الله ولاة أمرها لكل خير) ومن تيسير الله تعالى أن التقينا بأناس صالحين "نحسبهم والله حسيبهم" كان لهم الفضل بعد الله تعالى في جعل هذه الزيارة ناجحة نافعة والحمد لله أولا وآخرا.
· وجمهورية جزر المالديف عبارة عن جزر متناثرة الأطراف تبلغ 1200جزيرة مختلفة الأحجام أغلبها غير مأهول وهي جميلة خلابة خصبة بالأسماك المتنوعة والمناظر الطيبة ، تسكنها عرقية الديفيهي المسلمة وهم متفرعون من العرق الهندي في مجملهم يبلغ عددهم 300 الف تقريبا ويتكلمون اللغة الديفيهية وهي خليط بين اللغة السواحيلية والهندية وكثير منهم يحسن اللغة الإنجليزية لاعتمادها رسميا في النظام الإداري والتعليمي في البلاد .
· والمالديف بلاد ينخرها داء التغريب نخرا رغم حب عامتهم لدينهم فتجد المساجد تعج بالمصلين في جميع الصلوات إلا أن النظم الغربية قد أُعملت فيها كحال غيرها من بلاد المسلمين مع أن بلاد المسلمين يتفاوت ضرها من ذلك الداء والله المستعان .
· والمالديفيون أناس اجتماعيون بطبعهم موحدون بفطرتهم ينتسبون للشافعية بقوة ومع ذلك لاتجد بدع الأشعرية في مساجدهم (إذ أن أغلب متأخري الشافعية على طريقة الأشعرية) بل ولا في معتقدات أكثرهم فلا يوجد فيهم التبرك بالأولياء أو نحوه من بدع الأشعرية الإعتقادية وهكذا نفي الصفات ولايوجد فيهم التصوف الطرقي ولكن هناك نوع من التعصب المذهبي عند كثير منهم رغم الإنفتاح الحاصل عند الجيل الناشئ على الإستقامة .
· وأما بدع العبادات فهم من أخفهم فيها مقارنة مع من ينتسبون للشافعية في بلدان أخرى كأندونيسيا وغيرها فلاتكاد تجد ذكرا جماعيا بعد الجماعات في كل مساجدهم تقريبا وهكذا بدع الجمعة المنتشرة بين الشافعية كالذكر بين الخطبتين وغير ذلك بل إن غالب الاختلاف معهم في مسائل يكون الأمر فيها من البدع الإضافية لاغير على ما أصله الشاطبي رحمه الله في الإعتصام كقنوت الفجر والأذان الأول من يوم الجمعة ونحوه ، ولهذا هي أرض خصبة للدعوة السلفية .
السلفيون في المالديف :
إخواننا السلفيون في المالديف كانوا على كلمة واحدة وسقف واحد يتعاونون فيما بينهم ويتآلفون في دعوتهم حتى جاء من أعمل فيهم عمل الدبٌور في بيت النحل فدخل فيهم مبدِّعا مجرِّحا مفسِّقا مفرِّقا فلا لسلفيين نصر ولا لعدوهم بتر أخذهم بمنهج التتبع والإسقاط فلم يبق إلا مقلدا خائفا يعتمده في إقامته فإنا لله وإنا إليه راجعون كم من خير قطعوا وكم من أجر حُرموا وكم تسببوا في بعد أناس عن السلفية بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى منها ، أقول هذا وأنا في غاية الحزن والتثبت مما أقول والله المستعان.
حدث :
لطالما تواترات الزيارات الموسمية لعبدالله البخاري إلى بلاد المالديف حتى صار جمع من السلفيين في هذه البلاد يتشائم بمجيئه ففي كل زيارة له تزداد الهوة والفرقة بين من يدعون إلى السلفية مما سبب ضعفا جليا في صفوفها والعجيب أن هذه الخلخلة أصابت الجميع فلا لمقلديه نصر ولا لغيرهم كسر علما أن من يدعوا إلى السلفية في الساحة الدعوية في بلاد المالديف أقلية قليلة مقارنة مع غيرهم والله المستعان .
ألا فلتتق الله يا عبدَالله واعلم أنك موقوف بين يدي الله تعالى مسؤول عما تأتي وتذر فكم من مظلوم ظلم بسبب إجابتك الغير متثبتة عنه يستخدمها أتباعك في إسقاط الرجال بغير وجه حق ومن غير حكمة مما تسبب في تشرذمهم ألا فلتعلم وليعلم من يقلدك أن مفهوم السلفية ليس محصورا فيك وفي من تقلد ألا فلتعلم وليعلموا أن انتقادك أوانتقاد بعض من تقلد لايعد من نواقض المنهج السلفي ورحم الله من قال ( سنُرد إلى الله فيحكم بيننا فيما فيه نختلف، وليطولنّ ندم من لم يجعل حظه من الدين إلا نصر قول فلان بعينه غير مبالٍ بما أفسد من حقائق ) والله المستعان.
الخلاصة :
أن إخواننا السلفيون في المالديف يحتاجون إلى من يلم شثاثهم ويعضد قواهم ويأخذ بأيديهم فيعلمهم العلم والدعوة على بصيرة أسأل الله أن ييسر لهم ذلك والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه فهم على قلة حيلتهم وفاقة أكثرهم إلا أنهم محبون للعلم والتعليم ونشر الدعوة لكن السبيل المعتاد لديهم في تحصيله إما عبر المواقع الإلكترونية كشبكتنا الطيبة هذه (فهي من أهمها عندهم أسأل الله أن يجزي القائمين عليها خيرا) أوعبر الزيارات الدعوية اللتي يقوم بها المشايخ وطلاب العلم إليهم وقد زارهم قبل كلا من :
الشيخ عبدالرقيب الكوكباني حفظه الله وهكذا الشيخ عبدالحميد الحجوري حفظه الله والاخ الفاضل المفيد نواس الهندي حفظه الله والأخ الفاضل المفيد أبوالفجر الصومالي حفظه الله وغيرهم ، ومن المعلوم أن هاتين الطريقتين رغم نفعهما العظيم إلا أنهما لاتفيا بالغرض المقصود والذي هو قيام الدعوة وانتشار الخير وحصول التأصيل والتأثير على المجتمع على نحو ما يحصل من الدعوة القائمة الدائمة والدروس العلمية التأصيلية المستمرة وإنما يتحصلون بهما أنواعا من الخير كدراسة بعض المختصرات وتفكيك بعض الشبهات والإجابة عن بعض التساؤلات .
وأخيرا وهو بيت القصيد أقول قد نفر بعض الصادقين من أهل البلاد (نحسبهم والله حسيبهم) فسلكوا سبيل الرحلة لطلب العلم لينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم أسأل الله لهم التوفيق والسداد وآخرون في طريقهم إلى ذلك ، وإلى ذلك الحين وبعده كذلك يجب على كل من بيده القدرة على العون أن يعين كل بقدر إستطاعته والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه قال الله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ) والله الموفق.
كتبه: أبو العطاء أحمد بن عمر باناجة الدوعني الحضرمي