حــكــــم قــيــام الليل جــماعــة
سؤال: ما حكم قيام الليل جماعة؟
الجواب مستعيناً بالله: أما في رمضان فإنها مستحبة، لحديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا بصلاته. فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: «أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها». (أخرجه البخاري (924) ومسلم (761)).
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم رمضان، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل فقلت: يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة. قال: فقال: «إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة». قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور. ثم لم يقم بنا بقية الشهر . (أخرجه أبو داود (1375) والترمذي (806) وابن ماجه (1327)/صحيح).
وأما في غير ليالي رمضان فجائزة بدون تحري الاستمرار، وهي داخلة في عموم قول الله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ [المزمل: 20].
قال الإمام البغوي رحمه الله: ﴿وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ يعني: المؤمنين وكانوا يقومون معه. ("معالم التنزيل"/8 /ص256).
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله: أي : وتقوم ذلك القدر معك طائفة من أصحابك .("فتح القدير" /7 /ص343).
وقد جاءت أدلة صحيحة على جواز ذلك بدون تجرّ. فمنها:
الحديث الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بتّ عند ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فأتى حاجته، فغسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام، فأتى القربة فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءا بين وضوءين لم يكثر وقد أبلغ، فصلى، فقمت فتمطيت، كراهية أن يرى أني كنت أتقيه، فتوضأت، فقام يصلي، فقمت عن يساره، فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه، فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة. (أخرجه البخاري (6316) ومسلم (763)).
قال الإمام النووي رحمه الله في فوائد هذا الحديث: ... وأن الجماعة في غير المكتوبات صحيحة. ("المنهاج"/6 /ص44).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله فوائد هذا الحديث: وفيه مشروعية الجماعة في النافلة والائتمام بمن لم ينو الإمامة. ("فتح الباري" /2 /ص485).
والحديث الثاني: حديث حذيفة رضي الله عنه قال : صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: «سبحان ربي العظيم»، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده»، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: «سبحان ربي الأعلى»، فكان سجوده قريبا من قيامه. (أخرجه مسلم (772)).
سئل الإمام ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم صلاة قيام الليل جماعة في غير رمضان؟
فأجاب رحمه الله بقوله: الشفع والوتر والتهجد تجوز فيه الجماعة أحياناً لا دائماً، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جماعة ببعض أصحابه، فمرة صلى معه عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما-، ومرة صلى معه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-، ومرة صلى معه حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه -. لكن هذا ليس راتباً أي لا يفعله كل ليلة، ولكن أحياناً: فإذا قام الإنسان بتهجد وقد نزل به ضيف وصلى معه هذا الضيف جاء في تهجده ووتره فلا بأس به، أما دائماً، فلا.
وهذا في غير رمضان؛ أما في رمضان فإنه تسن فيه الجماعة من أوله إلى آخره من التراويح ومنها الوتر.
(انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" /14 /ص99).
والحديث الثالث: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قلنا: وما هممت؟ قال: هممت أن أقعد وأذر النبي صلى الله عليه وسلم. (أخرجه البخاري (1135) ومسلم (773)).
قال الإمام النووي رحمه الله: وفيه جواز الاقتداء في غير المكتوبات، وفيه استحباب تطويل صلاة الليل. ("المنهاج"/6 /ص63).
وقال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: ومنها : جواز إقامة الجماعة في صلاة الليل ، لكن هذا ليس دائماً ، إنما يفعل أحياناً في غير رمضان ، أما في رمضان فإن من السنة أن يقوم الناس في جماعة. ("شرح رياض الصالحين" /للعثيمين /12 /ص38).
والحديث الرابع: حديث جابر رضي الله عنه: ... ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه. (أخرجه مسلم (3010)).
سئل علماء اللجمة الدائمة برياسة الإمام ابن باز رحمه الله: هل المداومة على صلاة قيام الليل جماعة أنا وزوجتي في البيت سنة ؟
فأجابوا –جزاهم الله خيراً-: لا تجوز المداومة على صلاة النافلة جماعة إلا في صلاة التراويح في رمضان وما عداها فيجوز فعلها جماعة في بعض الأحيان .
(انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" /32 /ص101-102).
والحديث الخامس: حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة لا يمرّ بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمرّ بآية عذاب إلا وقف فتعوذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه: «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة . (أخرجه أبو داود (873) والنسائي (1049)/صحيح).
وقد سئل الإمام مقبل الوادعي رحمه الله: هل يجوز قيام الليل جماعة ؟
فأجاب رحمه الله: في بعض الأوقات لا بأس بذلك ، فقد قام النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقام معه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما . وأما صلاة التراويح فلها أصل أصيل وهو ما جاء أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - احتجر له حجرة فصلى فيها فحضر أناس فصلوا بصلاته ، وفي الليلة الثانية حضروا ، وفي الليلة الثالثة لم يخرج النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فصار بعضهم يأخذ حصى ويحصب الباب لينبه النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ثم قال: »إنه لم يخف علي صنيعكم ، ولكني خشيت أن تفرض عليكم ، فصلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة«.
حتى في رمضان إذا كان يستطيع أن يقوم وحده ولا يُشغل ، أما إذا كان يخشى أن يُشغل أو يتكاسل فيحضر في المسجد ، وقد جاء في "جامع الترمذي" عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ذات ليلة ، فقلنا: يا رسول الله لو زدتنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: »إنه من يصلي مع الإمام حتى ينصرف الإمام كتب له قيام ليلة«، ثم صلى بنا ليلة أخرى حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح ، قال: أتدري ما الفلاح؟ الفلاح: السحور .
فهذه من الأدلة على شرعية صلاة التراويح في جماعة ، أما غير التراويح فلا بأس في بعض الأوقات ، أما الاستمرار كما يفعل الإخوان المفلسون في الأسبوع ليلة أو في كذا وكذا فهذا لم يثبت .
(انتهى كما في صوت مسجل، وهو في كتاب "غارة الأشرطة" /2/ص74-75).
والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.
كتبها الفقير إلى الله أبو فيروز عبد الرحمن بن سوكايا الإندونيسي الجاوي القدسي آل الطوري عفا الله عنه.
سؤال: ما حكم قيام الليل جماعة؟
الجواب مستعيناً بالله: أما في رمضان فإنها مستحبة، لحديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلوا بصلاته. فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: «أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها». (أخرجه البخاري (924) ومسلم (761)).
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: صمنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم رمضان، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل فقلت: يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة. قال: فقال: «إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة». قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور. ثم لم يقم بنا بقية الشهر . (أخرجه أبو داود (1375) والترمذي (806) وابن ماجه (1327)/صحيح).
وأما في غير ليالي رمضان فجائزة بدون تحري الاستمرار، وهي داخلة في عموم قول الله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ [المزمل: 20].
قال الإمام البغوي رحمه الله: ﴿وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ يعني: المؤمنين وكانوا يقومون معه. ("معالم التنزيل"/8 /ص256).
وقال الإمام الشوكاني رحمه الله: أي : وتقوم ذلك القدر معك طائفة من أصحابك .("فتح القدير" /7 /ص343).
وقد جاءت أدلة صحيحة على جواز ذلك بدون تجرّ. فمنها:
الحديث الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بتّ عند ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فأتى حاجته، فغسل وجهه ويديه، ثم نام، ثم قام، فأتى القربة فأطلق شناقها، ثم توضأ وضوءا بين وضوءين لم يكثر وقد أبلغ، فصلى، فقمت فتمطيت، كراهية أن يرى أني كنت أتقيه، فتوضأت، فقام يصلي، فقمت عن يساره، فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه، فتتامت صلاته ثلاث عشرة ركعة. (أخرجه البخاري (6316) ومسلم (763)).
قال الإمام النووي رحمه الله في فوائد هذا الحديث: ... وأن الجماعة في غير المكتوبات صحيحة. ("المنهاج"/6 /ص44).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله فوائد هذا الحديث: وفيه مشروعية الجماعة في النافلة والائتمام بمن لم ينو الإمامة. ("فتح الباري" /2 /ص485).
والحديث الثاني: حديث حذيفة رضي الله عنه قال : صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: «سبحان ربي العظيم»، فكان ركوعه نحواً من قيامه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده»، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع، ثم سجد فقال: «سبحان ربي الأعلى»، فكان سجوده قريبا من قيامه. (أخرجه مسلم (772)).
سئل الإمام ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم صلاة قيام الليل جماعة في غير رمضان؟
فأجاب رحمه الله بقوله: الشفع والوتر والتهجد تجوز فيه الجماعة أحياناً لا دائماً، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى جماعة ببعض أصحابه، فمرة صلى معه عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما-، ومرة صلى معه عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه-، ومرة صلى معه حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه -. لكن هذا ليس راتباً أي لا يفعله كل ليلة، ولكن أحياناً: فإذا قام الإنسان بتهجد وقد نزل به ضيف وصلى معه هذا الضيف جاء في تهجده ووتره فلا بأس به، أما دائماً، فلا.
وهذا في غير رمضان؛ أما في رمضان فإنه تسن فيه الجماعة من أوله إلى آخره من التراويح ومنها الوتر.
(انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" /14 /ص99).
والحديث الثالث: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قلنا: وما هممت؟ قال: هممت أن أقعد وأذر النبي صلى الله عليه وسلم. (أخرجه البخاري (1135) ومسلم (773)).
قال الإمام النووي رحمه الله: وفيه جواز الاقتداء في غير المكتوبات، وفيه استحباب تطويل صلاة الليل. ("المنهاج"/6 /ص63).
وقال الإمام ابن عثيمين رحمه الله: ومنها : جواز إقامة الجماعة في صلاة الليل ، لكن هذا ليس دائماً ، إنما يفعل أحياناً في غير رمضان ، أما في رمضان فإن من السنة أن يقوم الناس في جماعة. ("شرح رياض الصالحين" /للعثيمين /12 /ص38).
والحديث الرابع: حديث جابر رضي الله عنه: ... ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدينا جميعا، فدفعنا حتى أقامنا خلفه. (أخرجه مسلم (3010)).
سئل علماء اللجمة الدائمة برياسة الإمام ابن باز رحمه الله: هل المداومة على صلاة قيام الليل جماعة أنا وزوجتي في البيت سنة ؟
فأجابوا –جزاهم الله خيراً-: لا تجوز المداومة على صلاة النافلة جماعة إلا في صلاة التراويح في رمضان وما عداها فيجوز فعلها جماعة في بعض الأحيان .
(انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" /32 /ص101-102).
والحديث الخامس: حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة لا يمرّ بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمرّ بآية عذاب إلا وقف فتعوذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه: «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة . (أخرجه أبو داود (873) والنسائي (1049)/صحيح).
وقد سئل الإمام مقبل الوادعي رحمه الله: هل يجوز قيام الليل جماعة ؟
فأجاب رحمه الله: في بعض الأوقات لا بأس بذلك ، فقد قام النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقام معه عبدالله بن عباس رضي الله عنهما . وأما صلاة التراويح فلها أصل أصيل وهو ما جاء أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - احتجر له حجرة فصلى فيها فحضر أناس فصلوا بصلاته ، وفي الليلة الثانية حضروا ، وفي الليلة الثالثة لم يخرج النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فصار بعضهم يأخذ حصى ويحصب الباب لينبه النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ثم قال: »إنه لم يخف علي صنيعكم ، ولكني خشيت أن تفرض عليكم ، فصلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة«.
حتى في رمضان إذا كان يستطيع أن يقوم وحده ولا يُشغل ، أما إذا كان يخشى أن يُشغل أو يتكاسل فيحضر في المسجد ، وقد جاء في "جامع الترمذي" عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ذات ليلة ، فقلنا: يا رسول الله لو زدتنا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: »إنه من يصلي مع الإمام حتى ينصرف الإمام كتب له قيام ليلة«، ثم صلى بنا ليلة أخرى حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح ، قال: أتدري ما الفلاح؟ الفلاح: السحور .
فهذه من الأدلة على شرعية صلاة التراويح في جماعة ، أما غير التراويح فلا بأس في بعض الأوقات ، أما الاستمرار كما يفعل الإخوان المفلسون في الأسبوع ليلة أو في كذا وكذا فهذا لم يثبت .
(انتهى كما في صوت مسجل، وهو في كتاب "غارة الأشرطة" /2/ص74-75).
والله تعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين.
كتبها الفقير إلى الله أبو فيروز عبد الرحمن بن سوكايا الإندونيسي الجاوي القدسي آل الطوري عفا الله عنه.