إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لا أشبع الله بطنه . يعني معاوية رضي الله عنه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لا أشبع الله بطنه . يعني معاوية رضي الله عنه

    قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في صحيحته:


    82 – ( لا أشبع الله بطنه . يعني معاوية ).
    و قد يستغل بعض الفرق هذا الحديث ليتخذوا منه مطعنا في معاوية رضي الله عنه ،و ليس فيه ما يساعدهم على ذلك ، كيف و فيه أنه كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ! و لذلك قال الحافظ ابن عساكر ( 16 / 349 / 2 ) " إنه أصح ما ورد في فضل معاوية" .
    فالظاهر أن هذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم غير مقصود ، بل هو ما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية كقوله صلى الله عليه وسلم في بعض نسائه " عقرى حلقى " و " تربت يمينك " . و يمكن أن يكون ذلك منه صلى الله عليه وسلم بباعث البشرية التي أفصح عنها هو نفسه عليه السلام في أحاديث كثيرة متواترة .
    منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت :" دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان ، فكلماه بشيء لا أدري ما هو فأغضباه ، فلعنهما و سبهما ، فلما خرجا قلت : يا رسول الله من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان ؟ قال : و ما ذاك ؟ قالت : قلت : لعنتهما و سببتهما ، قال :
    83 – (أو ما علمت ما شارطت عليه ربي ؟ قلت : اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة و أجرا ) .


    رواه مسلم مع الحديث الذي قبله في باب واحد هو "باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه و ليس هو أهلا لذلك كان له زكاة و أجرا و رحمة ".
    ثم ساق فيه من حديث أنس بن مالك قال :" كانت عند أم سليم يتيمة و هي أم أنس فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم اليتيمة فقال : آنت هي ؟ لقد كبرت لا كبر سنك فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي فقالت أم سليم : ما لك يا بنية ؟ فقالت الجارية : دعا علي نبي الله صلى الله عليه وسلم أن لا يكبر سني أبدا ، أو قالت : قرني فخرجت أم سليم مستعجله تلوث خمارها حتى لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لك يا أم سليم ؟ فقالت يا نبي الله ، أدعوت على يتيمتي ؟ قال : و ما ذاك يا أم سليم ؟ قالت : زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها ، و لا يكبر قرنها .
    قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال:
    84 – ( يا أم سليم ! أما تعلمين أن شرطي على ربي ؟ أني اشترطت على ربي فقلت : إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر و أغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهورا و زكاة و قربة يقربه بها منه يوم القيامة ) .


    ثم أتبع الإمام مسلم هذا الحديث بحديث معاوية و به ختم الباب ، إشارة منه رحمه الله إلى أنها من باب واحد ، و في معنى واحد ، فكما لا يضر اليتيمة دعاؤه صلى الله عليه وسلم عليه بل هو لها زكاة و قربة ، فكذلك دعاؤه صلى الله عليه وسلم على معاوية .
    و قد قال الإمام النووي في " شرحه على مسلم " ( 2 / 325 طبع الهند ) :" و أما دعاؤه صلى الله عليه وسلم على معاوية ففيه جوابان :
    أحدهما: أنه جرى على اللسان بلا قصد .
    والثانى: أنه عقوبة له لتأخره ، و قد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقا الدعاء عليه ، فلهذا أدخله في هذا الباب ، و جعله غيره من مناقب معاوية لأنه في الحقيقة يصير دعاء له " . و قد أشار الذهبي إلى هذا المعنى الثاني فقال في " سير أعلام النبلاء"( 9 / 171 / 2 ) :"
    قلت : لعل أن ، يقال : هذه منقبة لمعاوية لقوله صلى الله عليه وسلم : اللهم من لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة و رحمة" .
    و اعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث : " إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر .. " إنما هو تفصيل لقول الله تبارك و تعالى : ( قل إنما أنا بشر مثلكم ، يوحى إلي .... ) الآية.
    و قد يبادر بعض ذوي الأهواء أو العواطف الهوجاء ، إلى إنكار مثل هذا الحديث بزعم تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم و تنزيهه عن النطق به ! و لا مجال إلى مثل هذا الإنكار فإن الحديث صحيح ، بل هو عندنا متواتر ، فقد رواه مسلم من حديث عائشة و أم سلمة كما ذكرنا ، و من حديث أبي هريرة و جابر رضي الله عنهما و ورد من حديث سلمان و أنس و سمرة و أبي الطفيل و أبي سعيد و غيرهم . انظر " كنز العمال " ( 2 / 124 ) .
    و تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم تعظيما مشروعا ، إنما يكون بالإيمان بكل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم صحيحا ثابتا ، و بذلك يجتمع الإيمان به صلى الله عليه وسلم عبدا و رسولا ، دون إفراط و لا تفريط ، فهو صلى الله عليه وسلم بشر ،بشهادة الكتاب و السنة ، و لكنه سيد البشر و أفضلهم إطلاقا بنص الأحاديث الصحيحة . و كما يدل عليه تاريخ حياته صلى الله عليه وسلم و سيرته ، و ما حباه الله تعالى به من الأخلاق الكريمة و الخصال الحميدة ، التي لم تكتمل في بشر اكتمالها فيه صلى الله عليه وسلم ، و صدق الله العظيم ، إذ خاطبه بقوله الكريم : (و إنك لعلى خلق عظيم ) .


    السلسلة الصحيحة ص 164_167
يعمل...
X