من السلفيون؟... ولًماذا يَخافون السلفية؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
كان الدافع للكتابة عن هذا الموضوع ما نشاهده مًن كتابة أو قول عن طريقة السلفيين، أو عبارات تصدر وتلحق بالسلفية زورا وبُهتانا، ولذا رأيت من الواجب بيان مفهوم السلفية، ومن هم السلفيون؟ ولماذا تَخافها الأحزاب؟!
ولأن الذين لا يعرفونها أو لا يفهمون الْمقاصد الشريفة لهذه الدعوة المباركة كثر أحببت قبل الدخول في المقصود أن أبدأ بالتذكير بما حدث في العقدين الأخيرين، من تعرض الدعوة السلفية لمعاداة وحرب قادها بعض الناس هنا وهناك، ومن هذه الأماكن والْجهات مُحاولة القضاء على المنهج السلفي
وكان الغريب استمرارهم في حربهم على العلم ومشايخ الدعوة السلفية، ولَم يدركوا خطورة الْمنهج الذي احتكر عقولَهم، ورسم أفكارهم، وجعلهم متفجرات زرعت في أرض بلدانهم، فهم تربية لبعض الْجماعات الحزبيه (كالاخوان المسلمين *حزب الاصلاح*‘والسرويه ...الرافضه‘الصوفيه‘التبليغ‘الجهاد..)فأفسدوا عقولَ شباب كانوا في حلَق العُلماء، فزَيَّنوا لهم الطموح السياسي، والْمشاركة الشعبية، والبحث عن الحريات وأنَّهم شباب مضطهد لا يشارك في صنع القرار، وداعب الْحركيون العقول بالدندنة علَى الفروق بين الخلافة الراشدة والأوضاع الحالية استدرارا للعاطفة وصرفا عن الحق، والْحقيقةُ الْمُرة أن الجزيرة العربية لَم تصبح مستعمرة نصرانية بل أصبحت مستعمرة لأفكارهم الْمنحرفة، وزاد شرهم بعد وفاة العلماء الكبار كالإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.والامام الالباني والامام الوادعي......
السلفية والسلفيون
إن لكل طريقة أطناباً، ولكل بناء عماد، ولكل دعوة جذور هي سبب الوجود، والأصل في الظهور، والدعوة السلفية تَميَّزت عن غيرها منَ الدعوات بأَنَّها قائمة على أَصليْن لا ثالث لُهما، كتاب الله وسنة النَّبي صلى الله عليه وسلم،على فهم السلف الصالح فمن عرف كتاب الله وسنة نبيه وقدم فهم الصحابة علَى فهمه وسار على نَهج سلف هذه الأمة الأخيار عرف السلفيين وعرفوه، وألفهم وألفوه، ووصل إلَى قلوبهم، ووجد لذة في العيش معهم وفي مَجالسهم، فأحبهم وأحبوه، بلا بطاقة حزبية، أو هُوية مذهبية، فالكتاب والسنة هُما الوحيان والأصلان اللذان يجمعان كل مريد للحق، وهُما الأصلان اللذان لا تعرف الشريعة إلا من قبلهما ولا يعبد الله تعالًى إلا بعلمهما.
(الأصل الأول كتاب الله تعالَى) والأصل الثاني: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وتقريرا ووصفا، ومنذ عهد الصحابة العدول كان الْحذر والْحيطة والدقة في نقل كل ما ينسب إلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول إلَى عصر تدوين السنة في كتب ومصنفات فحسب بل إلَى عصرنا هذا، وكل من تصدّى لرواية شيء من السنة كان عُرْضَة لوضعه في ميدان النقد والبحث، فيطلبه النقاد ويفتشوا عنه حتى يقفوا على حاله من حيث العدالة والضبط، ولَم يستطع أحد تعرض للرواية أو نسبة شيء إلَى الدين أن يفلت من يد نقاد الحديث. وإليكم ما رواه مسلم في مقدمة كتابه الصحيح بسند صحيح عن محمد بن سيرين قال: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)، وروى أيضا بسند حسن في الْمُقدمة عن محمد بن سيرين القاعدة الذهبية: (سَمُّوا لنا رجالكم)هم القرون الفاضلة التي وصفها النَّبي صلى الله عليه وسلم بالْخَيْر وهو على رأسهم فيما رواه البخاري (2652)، ومسلم (2533) في صحيحيهما من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ( (خَيْرُ النَّاس قَرْنًي، ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهُمْ، ثُم الذين يلونَهم، ثُمَّ يَجيءُ أَقْوَام تَسْبقُ شَهَادَةُ أَحَدهمْ يَمينَهُ وَيَمينُهُ شَهَادَتَهُ))،
وروى البخاري (3650)، ومسلم (2535) في صحيحيهما من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( (خَيْرُ أُمَّتي قرني، ثُمَّ الّذينَ يَلُونَهُمْ، ثُم الذين يلونَهم))،... ( (ثُم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويَخونون ولا يؤتَمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن))،
والعهد الأول متحقق في القرون الثلاثةُ: وهم الصحابة، والتابعون، وتابعو التابعين، ومن تبعهم بإحسان، فجمعوا بين الفضل والتقدم والفضل ظاهر في قوله: ( (خَيْرُ النَّاس))، و ( (خَيْرُ أُمَّتي)). قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم عن نفسه: ( (فَإنَّه نعْمَ السَّلَفُ أَنَا))
والتقدم ظاهر في قوله: ( (قرني، ثُمَّ الذين يَلُونَهُم، ثُمَّ الذين يَلُونَهُم))، وقد جاء في الأثر أن التَّقَدُّمَ بمَعْنَى السلف كما روى البخاري (6285)، ومسلم (2450) في صحيحيها من حديث عائشة رضي الله عنها في قصة فاطمة مع أبيها النَّبي صلى الله عليه وسلم عندما سَارَّها قبل موته: ( (ولا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فَإًنّي نعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَك)).
هيَ الكتاب والسنَّة بفَهم السلف الصَّالح، والسلفية هي النهج والطريق الأمثل لتمسكها وثباتها علَى الأمر الأول، ولاعتمادها على النص والأثـر، والإحاطة بمقَاصد التَّشريع والأخذ به، وطرح أراء الرجال (الرأي)، وما تستحسنه عقول البشر ولا يوجد له دليل من الكتاب والسنة، ودليل الأمر الأول: حديث عبد اللَّه بن مسعود و عمران بن حصين في الصحيحين.
ثالثاً:السلفيُّ:
مَن جعل منْ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قُدْوَتَهُ، وَفَهمَ الإسلامَ عن طريق صحابَته الكرام، وأهل الفضل من قرون الْخَيْر، واكتفَى بما عليه الأوائلُ عقيدة وعملاً. لذلك نَجدُ أَهْل السنَّة وَأصحاب الْحديث لا عصمة لأحد عندهم، إلا في كتاب الله، وسنة رسول الله صلَّى الله علَيه وسلَّم، والعمل علَى تعظيم كلام الله، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَإًدراكها وفْقَ القَوَاعدَ الصحيحة، وَتقديْمُ فَهْم الصحابة وَالتَّابعيْنَ، والاعتناءُ بشروح أَئمَّة أَهل السنة.
لماذا يخافون السلفية؟!.....
وبما أَنّها قائمة علَى الكتاب والسنة والأصولُ ظاهرة، فالضرورة تجعل من يعمل بها ظاهرُ الْهوية مُعلن الطريقة ولذا الدعوة السلفية والسلفيون يعملون على ظاهر الأرض لا في بطنها.
أولا: السلفية جماعة معلنة وطريقة ظاهرة
إنّهم يخافون السلفية لأَنّها جماعة ظاهرة وروى مسلم في صحيحه (1920) من حديث ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أُمَّتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلَهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك». قال البخاري: هم أهل العلم، وقال أحمد بن حنبل: إن لَم يكونوا أهل الحديث فلا أدري،
نؤمن بالعمل المعلن، ولا نبطن مذهبا دعوة شعارها الظهور، لا نكتم دينا، ولا نضمر شرا فلا تؤمن السلفية بعمل سريّ يعتزل جماعة الْمسلمين، ويتحين الفرص للنيل من الآخرين،
روى البخاري (6016)، ومسلم (46) في صحيحيهما من حديث أَبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: ومن يا رسول الله؟! قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه». والبوائق: الشر والظلم والهلكة، وينظر السلفيون إلَى الْمسلمين جماعة واحدة، لا نُحزّبَهم ولا نفرقهم، نَجمع الناس علَى ما جمعهم الله عليه ونفرقهم علَى ما فرقهم الله عليه.
ثانيا>>السلفية منهج قائم على النقد والتوثيق
إنَّهم يخافون السلفية لأن بنائها قائم علَى اليقين والتوثيق فلا مجال للخيالات والخرافات والخزعبلات ومحاولة اصطياد الناس بعيدا عن الدين الصحيح، ومن ثَمَّ يَسهلُ التحكم بالعقائد والأفهام وتحريفها.
ثالثا: السلفية فاضحة العقائد والأفكار الْمُنحرفة
يَخافون السلفية لأنَّها تفضح الانحرافات وتكشف الزيف، فلا يكاد يظهر انْحراف في الأفق إلا وقد وقف له السلفيون بالْمرصاد وكشفوا زيفه، ولا يُحْدثُ بعض الناس بدعة ضلالة إلا حُدّدت معالمها بميزان الشرع، فهذا الذي أثارَ ذعرا وخوفا في أوساط الجماعات والأحزاب والتكتلات من طريقة السلفيين أصحاب الحديث والأثر، فلا يَملك هذه الآلة والأدوات إلا السلفيون، فهم أصحاب العلم وطلاب الْمعارف، أفنوا الأعمار في الدفاع عن حياض الإسلام، والذب عن السنة.
رابعا: السلفية تَمسك بالألفاظ والمصطلحات الشرعية
إنهم يخافون السلفية لأنها دعوة للتمسك بالألفاظ والمصطلحات الشرعية، فتأتي بالإلغاء والمصادرة على كل المصطلحات الْمُحدثة والطارئة والْمُبهمة والْمُجملة، وهذا يفسر خوفا يعيشه القوم عبروا عنه بالتحذير من السلفية، ولَمْزها بالألقاب الْمُخترعة كـ (الوهابية والْجامية)، وإعلان الْحرب علَيها، وكيف لا تُحارب؟! والْمخالفون قد أكثروا الْحشو في الدين، واستعملوا مُفردات وعبارات، وأسسوا عقائدَ ومذاهبَ باسم مصطلحات لا دليل لَها ولا برهان، جعلت من الإسلام طلاسم لا تُفَك إلا في مجمع حزبي أو برعاية شيخ طُرُق، وعلماء السلفية ينقبون عن الأدلة والبراهين، فإذا عرضت الأقوال والأفعال على الأصلين الكتاب والسنة كُشفَتْ العورات، وبانت السوءات، وأصبح البنيانُ في طريق الانهيار قال تعالَى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )[التوبة:109].
خامسا: السلفية دعوة غايتها توحيد الله
: يَخافون السلفية لأنَّ من أسرار قُوَّتها وضوح الغاية وتحديد الْهدف والغاية توحيد الله وإفراده بالعبودية، قال تعالَى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ
وهذا يفسر الزهد في السياسة، فلا يطلبون مناصب، ولا يرون اعتلاءَ الكراسيّ طريقا للإصلاح، يعتقدون أن صلاح الأمم بصلاح أهلها، ويرون مناصحة ولي الأمر، وأن التوجيه والْمناصحة لمن وُلًي هذه الْمناصب هو السبيل إلَى الإصلاح، لا بضرورة الْمرور بهم، وهو مذهب لبعض الأحزاب، والتاريخ كتب سيْرَة عطرة بماء الذهب للإمام أحمد بن حنبل ولَم يكن صاحب منصب وقد أعرض عن ما يَملكه أهل الدنيا، وملأها بما ملك هو من دعوة الحق، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية لَم يتولَّى شيئا من ذلك ولَم يطلبه ليصل إلى قلوب الناس، وذهبت دعوته في كل اتْجاه.
سادسا: السلفية حزب واحد، وبلد واحد، وأمير واحد
: يَخافون السلفية لأنَّها لا ترى تأسيس الأحزاب وإيجادها، فالكل حزب واحد، في بلد واحد خوفا على الْمجتمعات من التفكك، وتقطيع أوصال الدولة، فنقول: لا لأحزاب يسمع ويطاع لأمرائها والولاء لرؤسائها يريدون تَمزيق الدولة، فالولاء لوليّ أمر وأمير وسلطان واحد هو رأس الدولة، فلا تعدد للأمـراء والرؤساء، والواحد من السلفيين جزء من جسد جماعة المسلمين، وعضو صالح وفعَّال تبعيته لمجتمع الدولة والولاء لمصلحة الْمسلمين كافة لا لمصلحة حزب أو مذهب أو فرد.
سابعا: السلفية تُحارب التكفير والتفجير، وسفك الدماء واستباحة الأموال
يَخافون السلفية لأنها تُحارب التكفير، وتُحارب سفك الدماء، وتُحارب استباحة الأموال، وتُحارب الغدر والخيانة ونقض العهود، ويعيش في مُجتمعنا الْمسلم كَثيْر من الفرق والطوائف والديانات كالْهندوسية والبوذية والنصرانية وغيرها، فلَم يَمسُّوا أمن الْمجتمع بسوء، ولَم يُثيروا فتنا في البلاد، ولَم يؤذوا العباد، كما أننا لَم نؤذ أحدا منهم مواطنين كانوا أو مقيمين ولَم نغدر بهم، فلا نستبيح لَهم مالا، ولا نسفك لَهم دما، فلم نقتل هندوسيا، أو نفجر بوذيا، أو ننحر نصرانيا على أرض البلاد، وهم أهل عهد وميثاق ونَحن لا نرتضي الغدر شيمة ودينا، لما روى البخاري (6178)، ومسلم (1735) في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( (إنَّ الغادرَ يُنصبُ له لواء يوم القيامة فيقال: هذه غَدْرَةُ فلان بْن فلان)).
ثامنا: لا يسمع السلفيون إلا للعلماء ورثة الأنبياء
: يخافون السلفية لأنها لا ترى أحدا مؤهلا لإرث الأنبياء إلا العلماء لما رواه أبو داود (3641)، والترمذي (2683) في السنن وهو حسن من حديث أَبي الدَّرْداء رضي الله عنه قال: سَمًعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول:" إنَّ العلماءَ ورثة الأنبياء"، فهي دعوة تصرف الأنظار عن كل شعار، وعن الأسْماء والألقاب كـ (الْمُفكر والْحركي والْمُنظر وغيرها) التي يتزيَّنُ بها أصحابُها لجذب الناس إليهم، وصرفهم عن العلماء الربانيين الذين ورثوا العلم الحقيقي، وإذا أُبعد أهل العلم سَهُلَ على العابثين تشويه الإسلام والعبث به.
تاسعا: السلفية وجه واحد لا تعرف النفاق
: إنهم يخافون السلفية لأنها لا تعرف النفاق، ولا تستبيح المحرمات والكذب من أجل مصلحة الدعوة التي يزعمون، طريقتهم وجها واحدا لا تنافق في دين الله، وتعمل بوجه واحد في كل الأمور، الظاهر يعكس الباطن، والباطن كاشف عن الظاهر،سواَ عندالحاكم اوعندالمحكوم‘فلا تراهم اليوم يحالفون حزب وغداَ مع آخر وروى البخاري (7179)، ومسلم (2526) فًي صحيحيهما من حديث أَبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( (إن من شَرّ الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)) ، وصح عنه في رواية لأحمد في الْمُسند (2/365): ( (ما ينبغي لذي الوجهين أن يكون أمينا)). عاشرا: السلفيون يراعون هيبة الدولة ومصالح الأمة يَخافون السلفية لأنها ترى وجوب هيبة الدولة والنظام للحفاظ على مصالح الأنام، فقد روى الترمذي (2224) من حديث أَبي بكْرةَ رضي الله عنه قال: سَمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أَهانَ سُلْطَانَ اللَّه في الأرض أهانَهُ الله) ". وحسنه الترمذي وهو كما قال فله شاهد رواه البزار في مسنده (266/7) من حديث حذيفة.
الحادي عشر: السلفيون لا يرون الانقلابات والثورات والخروج على الولاة
السلفيون لا يرون الخروج على الولاة والحكام، ويقولون بالطاعة في المعروف والصبر عليهم فيقدمون الحقوق العامة على الحقوق الخاصة، لما روى الْبخاري (3603)، ومسلم (1843) في صحيحيهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنها ستكون بعدي أثرة، وأمور تنكرونَها، قالوا: يا رسول الله! كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: " تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم".
فتماسك المجتمع حول أميره حق عام، وما يفقده بعض الناس من حقوق، هي في حكم الحق الخاص، وبحفظ الحقوق العامة تستقيم مصالح الْمُجتمعات، فما علينا إلا الصبر لما روى البخاري (7053)، ومسلم (1849) في صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كره من أميره شيئا فليصبر".
الثاني عشر: السلفيون يرون المظاهرات مقدمة للخروج على الحكام
فالسلفيون لا يرون الْمظاهرات ولا يؤيدون التجمعات والاعتصامات التي هي مظهر من مظاهر الخوارج، ومعلوم أَنَّ جَمعَ الناس وإثارَتَهم من مقدمات الْخروج على وَليّ الأمر ونزع لهيبة النظام فتصبح الدولة عرضة وشهوة للطامعين، ولذا المعارضة مرفوضة، ولا خير في قسمة المجتمع إلَى قسمين أو جناحين جناح الْمؤيدين وجناح الْمُعارضين، فلا نؤمن بالْمخالفة، ولا يُعرف في السياسة الشرعية اصطلاح الْمُعارضة، وما نرى هذا السلوك إلا بدعة ونزعة خارجية، وظاهرة غربية تقصم ظهر الْمجتمع، والحق أن الكل مع الأمير مطيع له بالمعروف، وصابر علَى ما يصيبه من أذى أو غيره حتى يأتي فرج الله.
الثالث عشر: السلفية ليست دعوة عاطفية
يخافون السلفية لأنَّها ليست دعوة عاطفية، فلا يُسْتَدْرَج أتباعها بالعواطف، بل يَمتثلون لكل من يعرض الحق بالأدلة والبراهين الواضحة، وسكب الدموع على الْخدين وشق الجيوب ليس برهانا على الْحق فقد بكت أم سعد بن أَبي وقاص وقاطعت الطعام فلم يره سعد حجة ودليلا يثنيه عن عقيدته وطريقته، ويرده إلَى دين أُمّه، ولَم يجعل من مَحبة الْمُحبين دليلا علَى صحة الدعوى، لما رواه مسلم (1748) في صحيحه من حديث مصعب بن سعد، عن أبيه، أنه نزلت فيه آيات من القرآن قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا حَتّى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زَعَمْتَ أَنَّ اللهَ وَصَّاكَ بوالديك! وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا، قال: مَكَثَتْ ثلاثا حتَى غُشي عليها من الْجهد، فقام ابْن لَها يقال له: عمارة فسقاها، فجعلت تدعو على سعد فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية:( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا)( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي شيئاَ)( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )
وفيه دليل عام علَى الإحسان والبر والمصاحبة بالْمعروف للوالدين مع اختلاف العقيدة، وهذا أمر لا يكون إلا للوالدين، ولا ينبغي لغيرهم فلا يُهجران بحال.
الرابع عشر: السلفية ليست ملكا لأحد
يَخافون السلفية لأنّها ليست ملكا لفرد أو طريقة أو حزب، فمن فهم الكتاب والسنة فهما صحيحا وعمل بهما فهو سلفي ولو كان في أقصى الدنيا، لا ينتظر موافقة بشري أو رضى أحد منتظر مبتغاه رضى الله على نَهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسلفيون يَتَبَنَّونَ إنكار الذات والإخلاص لله فالدعوة عرض وبيان لعقيدة ومنهج وشريعة، وليس الْهدف ربط الناس بالأسْماء والشخصيات أو تعريف بأحد من الدعاة، ولذا كان الْهدف إلى سعي إلَى نشر ونقل مفهوم الإسلام الصحيح في المجتمعات، يريدون الخير لكافة الخلق وروى البخاري في الصحيح (4557) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه )، قال: (خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام)، وكما يريد السلفيون النجاة للخلق فهم أَحوج لَها لأن الفتنة لا يأمنها مؤمن عاقل.( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )
الخامس عشر: السلفيون يرون الجهاد مع الأمراء ماضي البر والفاجر
يَخافون السلفية لأنّها دعوة تقر كل شرائع الإسلام كُل في مكانه الْمطلوب، وفي زمن الوجوب فالْجهاد من شرائع الدين ماضي إلَى قيام الساعة، مع من ولَيَ أمر الْمسلمين برا كان أم فاجرا جهاد طلب وجهاد دفع، بالسنان واللسان، بالضوابط الشرعية، والشروط المرعية يعرف من يقاتل؟ ولَم قاتله؟ ولمن يقاتل؟ ومتى يقاتل؟ وتحت أي راية قاتل؟ فالْجهاد لَم يشرع لإيجاد الفوضى في سفك دماء، كالعمليات الانتحارية وغيرها والتي تسفك فيها دماء معصومة، ومُباشرة قتل النفس، وما يطلق عليه بالعمليات الاستشهادية هو محض انتحار وعمل انتحاري لا يدخل في باب الْجهاد،
وقد روى مسلم في صحيحه (1848) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تَحت راية عمّيَّة يغضب لعَصَبَة أو يدعو إلَى عَصَبَة أو ينصر عَصَبَة، فقتل فَقًتْلَة جاهلية، ومن خرج على أُمَّتي يضرب برّها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده فليس منّي ولست منه" ، وفي هذا دلالة بينة على:
(1) الفرق بين رايتين راية عمّيَّة وراية غير عمّيَّة،
(2) والفرق بين ميتة جاهلية وَقًتْلَة جاهلية، وميتة غير جاهلية وَقًتْلَة غير جاهلية، وكذلك يعتقدون أن الجهاد وسيلة وليس غاية، وسيلة لإعلاء الغاية (كلمة لا إله إلا الله).
وفي الختام: طموح السلفيين وغايتهم توحيد الله، وعبادة مبناها على السنة والإتباع لا على الْهوى والابتداع، ويبتغون صلاح الراعي والرعية، في مُجتمع ينعم بأمن وأمان يَحفظ الدين والأموال والأعراض والعقول ويعصم الدماء (النفس)، لا مطمع لَهم في منصب أو رياسة، والْحمد لله .
فاالسلفيون اشفق الناس بالمخالف لأنهم يرون أن هذا ممن وجب الأخذ على يديه حتى لا يكون من الهالكين كما قال تعالى فلو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو من أئمة السلف لما سُئل عن الخوارج: أكفار هم؟ قال: (هم من الكفر فروا) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (أهل السنة والجماعة أرحم الناس بالطوائف والفرق وأهل البدع). فيترفقون بالمخالف لعله يقبل منهم ويكونون سببا في نجاته فلا يلعنون ولا يسبون ولا يشتمون لا سيما مع بقاء الأخوة الإيمانية لقوله تعالى إنما المؤمنون أخوة ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " انصر اخاك ظالما أو مظلوما قالوا: يا رسول الله قد علمنا كيف ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ على يديه فتمنعه من الظلم وقوله صلى الله عليه وسلم: "لتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرى" كل ذلك اتباعا لقوله صلى الله عليه وسلم: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) ****** نقل الموضوع (ابو الخطاب السنحاني777100558)*****
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
كان الدافع للكتابة عن هذا الموضوع ما نشاهده مًن كتابة أو قول عن طريقة السلفيين، أو عبارات تصدر وتلحق بالسلفية زورا وبُهتانا، ولذا رأيت من الواجب بيان مفهوم السلفية، ومن هم السلفيون؟ ولماذا تَخافها الأحزاب؟!
ولأن الذين لا يعرفونها أو لا يفهمون الْمقاصد الشريفة لهذه الدعوة المباركة كثر أحببت قبل الدخول في المقصود أن أبدأ بالتذكير بما حدث في العقدين الأخيرين، من تعرض الدعوة السلفية لمعاداة وحرب قادها بعض الناس هنا وهناك، ومن هذه الأماكن والْجهات مُحاولة القضاء على المنهج السلفي
وكان الغريب استمرارهم في حربهم على العلم ومشايخ الدعوة السلفية، ولَم يدركوا خطورة الْمنهج الذي احتكر عقولَهم، ورسم أفكارهم، وجعلهم متفجرات زرعت في أرض بلدانهم، فهم تربية لبعض الْجماعات الحزبيه (كالاخوان المسلمين *حزب الاصلاح*‘والسرويه ...الرافضه‘الصوفيه‘التبليغ‘الجهاد..)فأفسدوا عقولَ شباب كانوا في حلَق العُلماء، فزَيَّنوا لهم الطموح السياسي، والْمشاركة الشعبية، والبحث عن الحريات وأنَّهم شباب مضطهد لا يشارك في صنع القرار، وداعب الْحركيون العقول بالدندنة علَى الفروق بين الخلافة الراشدة والأوضاع الحالية استدرارا للعاطفة وصرفا عن الحق، والْحقيقةُ الْمُرة أن الجزيرة العربية لَم تصبح مستعمرة نصرانية بل أصبحت مستعمرة لأفكارهم الْمنحرفة، وزاد شرهم بعد وفاة العلماء الكبار كالإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.والامام الالباني والامام الوادعي......
السلفية والسلفيون
إن لكل طريقة أطناباً، ولكل بناء عماد، ولكل دعوة جذور هي سبب الوجود، والأصل في الظهور، والدعوة السلفية تَميَّزت عن غيرها منَ الدعوات بأَنَّها قائمة على أَصليْن لا ثالث لُهما، كتاب الله وسنة النَّبي صلى الله عليه وسلم،على فهم السلف الصالح فمن عرف كتاب الله وسنة نبيه وقدم فهم الصحابة علَى فهمه وسار على نَهج سلف هذه الأمة الأخيار عرف السلفيين وعرفوه، وألفهم وألفوه، ووصل إلَى قلوبهم، ووجد لذة في العيش معهم وفي مَجالسهم، فأحبهم وأحبوه، بلا بطاقة حزبية، أو هُوية مذهبية، فالكتاب والسنة هُما الوحيان والأصلان اللذان يجمعان كل مريد للحق، وهُما الأصلان اللذان لا تعرف الشريعة إلا من قبلهما ولا يعبد الله تعالًى إلا بعلمهما.
(الأصل الأول كتاب الله تعالَى) والأصل الثاني: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وتقريرا ووصفا، ومنذ عهد الصحابة العدول كان الْحذر والْحيطة والدقة في نقل كل ما ينسب إلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول إلَى عصر تدوين السنة في كتب ومصنفات فحسب بل إلَى عصرنا هذا، وكل من تصدّى لرواية شيء من السنة كان عُرْضَة لوضعه في ميدان النقد والبحث، فيطلبه النقاد ويفتشوا عنه حتى يقفوا على حاله من حيث العدالة والضبط، ولَم يستطع أحد تعرض للرواية أو نسبة شيء إلَى الدين أن يفلت من يد نقاد الحديث. وإليكم ما رواه مسلم في مقدمة كتابه الصحيح بسند صحيح عن محمد بن سيرين قال: (إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)، وروى أيضا بسند حسن في الْمُقدمة عن محمد بن سيرين القاعدة الذهبية: (سَمُّوا لنا رجالكم)
]من هم السلف، وما هي السلفية، ومن هو السلفيُّ؟
أولاً: السلف:
أولاً: السلف:
وروى البخاري (3650)، ومسلم (2535) في صحيحيهما من حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( (خَيْرُ أُمَّتي قرني، ثُمَّ الّذينَ يَلُونَهُمْ، ثُم الذين يلونَهم))،... ( (ثُم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويَخونون ولا يؤتَمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن))،
والعهد الأول متحقق في القرون الثلاثةُ: وهم الصحابة، والتابعون، وتابعو التابعين، ومن تبعهم بإحسان، فجمعوا بين الفضل والتقدم والفضل ظاهر في قوله: ( (خَيْرُ النَّاس))، و ( (خَيْرُ أُمَّتي)). قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم عن نفسه: ( (فَإنَّه نعْمَ السَّلَفُ أَنَا))
والتقدم ظاهر في قوله: ( (قرني، ثُمَّ الذين يَلُونَهُم، ثُمَّ الذين يَلُونَهُم))، وقد جاء في الأثر أن التَّقَدُّمَ بمَعْنَى السلف كما روى البخاري (6285)، ومسلم (2450) في صحيحيها من حديث عائشة رضي الله عنها في قصة فاطمة مع أبيها النَّبي صلى الله عليه وسلم عندما سَارَّها قبل موته: ( (ولا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري فَإًنّي نعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَك)).
ثانياً:السلفية
:هيَ الكتاب والسنَّة بفَهم السلف الصَّالح، والسلفية هي النهج والطريق الأمثل لتمسكها وثباتها علَى الأمر الأول، ولاعتمادها على النص والأثـر، والإحاطة بمقَاصد التَّشريع والأخذ به، وطرح أراء الرجال (الرأي)، وما تستحسنه عقول البشر ولا يوجد له دليل من الكتاب والسنة، ودليل الأمر الأول: حديث عبد اللَّه بن مسعود و عمران بن حصين في الصحيحين.
ثالثاً:السلفيُّ:
مَن جعل منْ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قُدْوَتَهُ، وَفَهمَ الإسلامَ عن طريق صحابَته الكرام، وأهل الفضل من قرون الْخَيْر، واكتفَى بما عليه الأوائلُ عقيدة وعملاً. لذلك نَجدُ أَهْل السنَّة وَأصحاب الْحديث لا عصمة لأحد عندهم، إلا في كتاب الله، وسنة رسول الله صلَّى الله علَيه وسلَّم، والعمل علَى تعظيم كلام الله، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَإًدراكها وفْقَ القَوَاعدَ الصحيحة، وَتقديْمُ فَهْم الصحابة وَالتَّابعيْنَ، والاعتناءُ بشروح أَئمَّة أَهل السنة.
لماذا يخافون السلفية؟!.....
وبما أَنّها قائمة علَى الكتاب والسنة والأصولُ ظاهرة، فالضرورة تجعل من يعمل بها ظاهرُ الْهوية مُعلن الطريقة ولذا الدعوة السلفية والسلفيون يعملون على ظاهر الأرض لا في بطنها.
أولا: السلفية جماعة معلنة وطريقة ظاهرة
إنّهم يخافون السلفية لأَنّها جماعة ظاهرة وروى مسلم في صحيحه (1920) من حديث ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أُمَّتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلَهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك». قال البخاري: هم أهل العلم، وقال أحمد بن حنبل: إن لَم يكونوا أهل الحديث فلا أدري،
نؤمن بالعمل المعلن، ولا نبطن مذهبا دعوة شعارها الظهور، لا نكتم دينا، ولا نضمر شرا فلا تؤمن السلفية بعمل سريّ يعتزل جماعة الْمسلمين، ويتحين الفرص للنيل من الآخرين،
روى البخاري (6016)، ومسلم (46) في صحيحيهما من حديث أَبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: ومن يا رسول الله؟! قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه». والبوائق: الشر والظلم والهلكة، وينظر السلفيون إلَى الْمسلمين جماعة واحدة، لا نُحزّبَهم ولا نفرقهم، نَجمع الناس علَى ما جمعهم الله عليه ونفرقهم علَى ما فرقهم الله عليه.
ثانيا>>السلفية منهج قائم على النقد والتوثيق
إنَّهم يخافون السلفية لأن بنائها قائم علَى اليقين والتوثيق فلا مجال للخيالات والخرافات والخزعبلات ومحاولة اصطياد الناس بعيدا عن الدين الصحيح، ومن ثَمَّ يَسهلُ التحكم بالعقائد والأفهام وتحريفها.
ثالثا: السلفية فاضحة العقائد والأفكار الْمُنحرفة
يَخافون السلفية لأنَّها تفضح الانحرافات وتكشف الزيف، فلا يكاد يظهر انْحراف في الأفق إلا وقد وقف له السلفيون بالْمرصاد وكشفوا زيفه، ولا يُحْدثُ بعض الناس بدعة ضلالة إلا حُدّدت معالمها بميزان الشرع، فهذا الذي أثارَ ذعرا وخوفا في أوساط الجماعات والأحزاب والتكتلات من طريقة السلفيين أصحاب الحديث والأثر، فلا يَملك هذه الآلة والأدوات إلا السلفيون، فهم أصحاب العلم وطلاب الْمعارف، أفنوا الأعمار في الدفاع عن حياض الإسلام، والذب عن السنة.
رابعا: السلفية تَمسك بالألفاظ والمصطلحات الشرعية
إنهم يخافون السلفية لأنها دعوة للتمسك بالألفاظ والمصطلحات الشرعية، فتأتي بالإلغاء والمصادرة على كل المصطلحات الْمُحدثة والطارئة والْمُبهمة والْمُجملة، وهذا يفسر خوفا يعيشه القوم عبروا عنه بالتحذير من السلفية، ولَمْزها بالألقاب الْمُخترعة كـ (الوهابية والْجامية)، وإعلان الْحرب علَيها، وكيف لا تُحارب؟! والْمخالفون قد أكثروا الْحشو في الدين، واستعملوا مُفردات وعبارات، وأسسوا عقائدَ ومذاهبَ باسم مصطلحات لا دليل لَها ولا برهان، جعلت من الإسلام طلاسم لا تُفَك إلا في مجمع حزبي أو برعاية شيخ طُرُق، وعلماء السلفية ينقبون عن الأدلة والبراهين، فإذا عرضت الأقوال والأفعال على الأصلين الكتاب والسنة كُشفَتْ العورات، وبانت السوءات، وأصبح البنيانُ في طريق الانهيار قال تعالَى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )[التوبة:109].
خامسا: السلفية دعوة غايتها توحيد الله
: يَخافون السلفية لأنَّ من أسرار قُوَّتها وضوح الغاية وتحديد الْهدف والغاية توحيد الله وإفراده بالعبودية، قال تعالَى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ
وهذا يفسر الزهد في السياسة، فلا يطلبون مناصب، ولا يرون اعتلاءَ الكراسيّ طريقا للإصلاح، يعتقدون أن صلاح الأمم بصلاح أهلها، ويرون مناصحة ولي الأمر، وأن التوجيه والْمناصحة لمن وُلًي هذه الْمناصب هو السبيل إلَى الإصلاح، لا بضرورة الْمرور بهم، وهو مذهب لبعض الأحزاب، والتاريخ كتب سيْرَة عطرة بماء الذهب للإمام أحمد بن حنبل ولَم يكن صاحب منصب وقد أعرض عن ما يَملكه أهل الدنيا، وملأها بما ملك هو من دعوة الحق، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية لَم يتولَّى شيئا من ذلك ولَم يطلبه ليصل إلى قلوب الناس، وذهبت دعوته في كل اتْجاه.
سادسا: السلفية حزب واحد، وبلد واحد، وأمير واحد
: يَخافون السلفية لأنَّها لا ترى تأسيس الأحزاب وإيجادها، فالكل حزب واحد، في بلد واحد خوفا على الْمجتمعات من التفكك، وتقطيع أوصال الدولة، فنقول: لا لأحزاب يسمع ويطاع لأمرائها والولاء لرؤسائها يريدون تَمزيق الدولة، فالولاء لوليّ أمر وأمير وسلطان واحد هو رأس الدولة، فلا تعدد للأمـراء والرؤساء، والواحد من السلفيين جزء من جسد جماعة المسلمين، وعضو صالح وفعَّال تبعيته لمجتمع الدولة والولاء لمصلحة الْمسلمين كافة لا لمصلحة حزب أو مذهب أو فرد.
سابعا: السلفية تُحارب التكفير والتفجير، وسفك الدماء واستباحة الأموال
يَخافون السلفية لأنها تُحارب التكفير، وتُحارب سفك الدماء، وتُحارب استباحة الأموال، وتُحارب الغدر والخيانة ونقض العهود، ويعيش في مُجتمعنا الْمسلم كَثيْر من الفرق والطوائف والديانات كالْهندوسية والبوذية والنصرانية وغيرها، فلَم يَمسُّوا أمن الْمجتمع بسوء، ولَم يُثيروا فتنا في البلاد، ولَم يؤذوا العباد، كما أننا لَم نؤذ أحدا منهم مواطنين كانوا أو مقيمين ولَم نغدر بهم، فلا نستبيح لَهم مالا، ولا نسفك لَهم دما، فلم نقتل هندوسيا، أو نفجر بوذيا، أو ننحر نصرانيا على أرض البلاد، وهم أهل عهد وميثاق ونَحن لا نرتضي الغدر شيمة ودينا، لما روى البخاري (6178)، ومسلم (1735) في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( (إنَّ الغادرَ يُنصبُ له لواء يوم القيامة فيقال: هذه غَدْرَةُ فلان بْن فلان)).
ثامنا: لا يسمع السلفيون إلا للعلماء ورثة الأنبياء
: يخافون السلفية لأنها لا ترى أحدا مؤهلا لإرث الأنبياء إلا العلماء لما رواه أبو داود (3641)، والترمذي (2683) في السنن وهو حسن من حديث أَبي الدَّرْداء رضي الله عنه قال: سَمًعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول:" إنَّ العلماءَ ورثة الأنبياء"، فهي دعوة تصرف الأنظار عن كل شعار، وعن الأسْماء والألقاب كـ (الْمُفكر والْحركي والْمُنظر وغيرها) التي يتزيَّنُ بها أصحابُها لجذب الناس إليهم، وصرفهم عن العلماء الربانيين الذين ورثوا العلم الحقيقي، وإذا أُبعد أهل العلم سَهُلَ على العابثين تشويه الإسلام والعبث به.
تاسعا: السلفية وجه واحد لا تعرف النفاق
: إنهم يخافون السلفية لأنها لا تعرف النفاق، ولا تستبيح المحرمات والكذب من أجل مصلحة الدعوة التي يزعمون، طريقتهم وجها واحدا لا تنافق في دين الله، وتعمل بوجه واحد في كل الأمور، الظاهر يعكس الباطن، والباطن كاشف عن الظاهر،سواَ عندالحاكم اوعندالمحكوم‘فلا تراهم اليوم يحالفون حزب وغداَ مع آخر وروى البخاري (7179)، ومسلم (2526) فًي صحيحيهما من حديث أَبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( (إن من شَرّ الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)) ، وصح عنه في رواية لأحمد في الْمُسند (2/365): ( (ما ينبغي لذي الوجهين أن يكون أمينا)). عاشرا: السلفيون يراعون هيبة الدولة ومصالح الأمة يَخافون السلفية لأنها ترى وجوب هيبة الدولة والنظام للحفاظ على مصالح الأنام، فقد روى الترمذي (2224) من حديث أَبي بكْرةَ رضي الله عنه قال: سَمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أَهانَ سُلْطَانَ اللَّه في الأرض أهانَهُ الله) ". وحسنه الترمذي وهو كما قال فله شاهد رواه البزار في مسنده (266/7) من حديث حذيفة.
الحادي عشر: السلفيون لا يرون الانقلابات والثورات والخروج على الولاة
السلفيون لا يرون الخروج على الولاة والحكام، ويقولون بالطاعة في المعروف والصبر عليهم فيقدمون الحقوق العامة على الحقوق الخاصة، لما روى الْبخاري (3603)، ومسلم (1843) في صحيحيهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنها ستكون بعدي أثرة، وأمور تنكرونَها، قالوا: يا رسول الله! كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: " تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم".
فتماسك المجتمع حول أميره حق عام، وما يفقده بعض الناس من حقوق، هي في حكم الحق الخاص، وبحفظ الحقوق العامة تستقيم مصالح الْمُجتمعات، فما علينا إلا الصبر لما روى البخاري (7053)، ومسلم (1849) في صحيحيهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كره من أميره شيئا فليصبر".
الثاني عشر: السلفيون يرون المظاهرات مقدمة للخروج على الحكام
فالسلفيون لا يرون الْمظاهرات ولا يؤيدون التجمعات والاعتصامات التي هي مظهر من مظاهر الخوارج، ومعلوم أَنَّ جَمعَ الناس وإثارَتَهم من مقدمات الْخروج على وَليّ الأمر ونزع لهيبة النظام فتصبح الدولة عرضة وشهوة للطامعين، ولذا المعارضة مرفوضة، ولا خير في قسمة المجتمع إلَى قسمين أو جناحين جناح الْمؤيدين وجناح الْمُعارضين، فلا نؤمن بالْمخالفة، ولا يُعرف في السياسة الشرعية اصطلاح الْمُعارضة، وما نرى هذا السلوك إلا بدعة ونزعة خارجية، وظاهرة غربية تقصم ظهر الْمجتمع، والحق أن الكل مع الأمير مطيع له بالمعروف، وصابر علَى ما يصيبه من أذى أو غيره حتى يأتي فرج الله.
الثالث عشر: السلفية ليست دعوة عاطفية
يخافون السلفية لأنَّها ليست دعوة عاطفية، فلا يُسْتَدْرَج أتباعها بالعواطف، بل يَمتثلون لكل من يعرض الحق بالأدلة والبراهين الواضحة، وسكب الدموع على الْخدين وشق الجيوب ليس برهانا على الْحق فقد بكت أم سعد بن أَبي وقاص وقاطعت الطعام فلم يره سعد حجة ودليلا يثنيه عن عقيدته وطريقته، ويرده إلَى دين أُمّه، ولَم يجعل من مَحبة الْمُحبين دليلا علَى صحة الدعوى، لما رواه مسلم (1748) في صحيحه من حديث مصعب بن سعد، عن أبيه، أنه نزلت فيه آيات من القرآن قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا حَتّى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زَعَمْتَ أَنَّ اللهَ وَصَّاكَ بوالديك! وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا، قال: مَكَثَتْ ثلاثا حتَى غُشي عليها من الْجهد، فقام ابْن لَها يقال له: عمارة فسقاها، فجعلت تدعو على سعد فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية:( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا)( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي شيئاَ)( وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا )
وفيه دليل عام علَى الإحسان والبر والمصاحبة بالْمعروف للوالدين مع اختلاف العقيدة، وهذا أمر لا يكون إلا للوالدين، ولا ينبغي لغيرهم فلا يُهجران بحال.
الرابع عشر: السلفية ليست ملكا لأحد
يَخافون السلفية لأنّها ليست ملكا لفرد أو طريقة أو حزب، فمن فهم الكتاب والسنة فهما صحيحا وعمل بهما فهو سلفي ولو كان في أقصى الدنيا، لا ينتظر موافقة بشري أو رضى أحد منتظر مبتغاه رضى الله على نَهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسلفيون يَتَبَنَّونَ إنكار الذات والإخلاص لله فالدعوة عرض وبيان لعقيدة ومنهج وشريعة، وليس الْهدف ربط الناس بالأسْماء والشخصيات أو تعريف بأحد من الدعاة، ولذا كان الْهدف إلى سعي إلَى نشر ونقل مفهوم الإسلام الصحيح في المجتمعات، يريدون الخير لكافة الخلق وروى البخاري في الصحيح (4557) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه )، قال: (خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام)، وكما يريد السلفيون النجاة للخلق فهم أَحوج لَها لأن الفتنة لا يأمنها مؤمن عاقل.( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ )
الخامس عشر: السلفيون يرون الجهاد مع الأمراء ماضي البر والفاجر
يَخافون السلفية لأنّها دعوة تقر كل شرائع الإسلام كُل في مكانه الْمطلوب، وفي زمن الوجوب فالْجهاد من شرائع الدين ماضي إلَى قيام الساعة، مع من ولَيَ أمر الْمسلمين برا كان أم فاجرا جهاد طلب وجهاد دفع، بالسنان واللسان، بالضوابط الشرعية، والشروط المرعية يعرف من يقاتل؟ ولَم قاتله؟ ولمن يقاتل؟ ومتى يقاتل؟ وتحت أي راية قاتل؟ فالْجهاد لَم يشرع لإيجاد الفوضى في سفك دماء، كالعمليات الانتحارية وغيرها والتي تسفك فيها دماء معصومة، ومُباشرة قتل النفس، وما يطلق عليه بالعمليات الاستشهادية هو محض انتحار وعمل انتحاري لا يدخل في باب الْجهاد،
وقد روى مسلم في صحيحه (1848) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تَحت راية عمّيَّة يغضب لعَصَبَة أو يدعو إلَى عَصَبَة أو ينصر عَصَبَة، فقتل فَقًتْلَة جاهلية، ومن خرج على أُمَّتي يضرب برّها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده فليس منّي ولست منه" ، وفي هذا دلالة بينة على:
(1) الفرق بين رايتين راية عمّيَّة وراية غير عمّيَّة،
(2) والفرق بين ميتة جاهلية وَقًتْلَة جاهلية، وميتة غير جاهلية وَقًتْلَة غير جاهلية، وكذلك يعتقدون أن الجهاد وسيلة وليس غاية، وسيلة لإعلاء الغاية (كلمة لا إله إلا الله).
وفي الختام: طموح السلفيين وغايتهم توحيد الله، وعبادة مبناها على السنة والإتباع لا على الْهوى والابتداع، ويبتغون صلاح الراعي والرعية، في مُجتمع ينعم بأمن وأمان يَحفظ الدين والأموال والأعراض والعقول ويعصم الدماء (النفس)، لا مطمع لَهم في منصب أو رياسة، والْحمد لله .
فاالسلفيون اشفق الناس بالمخالف لأنهم يرون أن هذا ممن وجب الأخذ على يديه حتى لا يكون من الهالكين كما قال تعالى فلو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو من أئمة السلف لما سُئل عن الخوارج: أكفار هم؟ قال: (هم من الكفر فروا) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (أهل السنة والجماعة أرحم الناس بالطوائف والفرق وأهل البدع). فيترفقون بالمخالف لعله يقبل منهم ويكونون سببا في نجاته فلا يلعنون ولا يسبون ولا يشتمون لا سيما مع بقاء الأخوة الإيمانية لقوله تعالى إنما المؤمنون أخوة ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " انصر اخاك ظالما أو مظلوما قالوا: يا رسول الله قد علمنا كيف ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ على يديه فتمنعه من الظلم وقوله صلى الله عليه وسلم: "لتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطرى" كل ذلك اتباعا لقوله صلى الله عليه وسلم: "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) ****** نقل الموضوع (ابو الخطاب السنحاني777100558)*****