إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صفات الأمناء في توضيح قيمة العلماء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صفات الأمناء في توضيح قيمة العلماء

    صفات الأمناء في توضيح قيمة العلماء
    تأليف:
    أبي سفيان الزيلعي
    العلماء وصفاتهم وكيف يعرف من يؤخذ عنهم العلم من الأمناء

    إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم .
    ) يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون * يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً * واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم ورقيباً * يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم * ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً (
    أما بعد :
    فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .،
    أما بعد
    فإنّ لأهل العلم منزلة عالية أنزلهم الله تبارك وتعالى ، ودرجة رفيعة سامة ، وكيف لا وهم الذين اختارهم الله لحفظ دينه ، ونشر كلمته ، وقرنهم بشهادته فقال:(شهد الله أنّه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط) ونفى الله مساواة بين العالم والجاهل وبين من يعلم ومن لا يعلم فقال:( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) وألصق الصفات أهل العلم ؛ بخشيتهم تعالى ، فقال:( إنّما يخشى الله من عباده العلماء ) ومن خشية العلماء لربهم أنّهم لا يتكلمون إلا بالعلم والحق والهدى ، ويخشون ربهم من فوقهم أن يتقوّلوا عليه بلا علم ، لأنّهم وقّافون عند حدود الله ونواهيه ، إذ قال تعالى:( ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولاً ).
    وأن الله سبحانه وتعالى أوجب على الناس اتباع الحق ورجوع إلى أهله إذا جهلوا وبين الله تبارك وتعالى ذلك في كتابه حيث قال الله تعالى : وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته لاتّبعتم الشّيطان إلّا قليلًا [النساء : 83]
    قال السعدي : هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق. وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها. فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك. وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه، ولهذا قال: { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.
    وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو مصلحة، فيُقْدِم عليه الإنسان؟ أم لافيحجم عنه؟
    ثم قال تعالى: { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } أي: في توفيقكم وتأديبكم، وتعليمكم ما لم تكونوا تعلمون، { لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا } لأن الإنسان بطبعه ظالم جاهل، فلا تأمره نفسه إلا بالشر. فإذا لجأ إلى ربه واعتصم به واجتهد في ذلك، لطف به ربه ووفقه لكل خير، وعصمه من الشيطان الرجيم.
    وقال الله : وما أرسلنا من قبلك إلّا رجالًا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون (43) بالبيّنات والزّبر وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم ولعلّهم يتفكّرون [النحل : 43 ، 44]
    وقال الله : وما أرسلنا قبلك إلّا رجالًا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون [الأنبياء : 7]
    و بين رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في سنته من الأحاديث الكثيرة التي تدل قيمة العلماء منها:
    عن طلحة بن عبيد الله قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجدٍ ثائر الرأس يسمع دويّ صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلواتٍ في اليوم والليلة فقال: هل عليّ غيرها قال: لا إلاّ أن تطوّع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وصيام رمضان قال: هل عليّ غيره قال: لا إلاّ أن تطوّع قال، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة قال هل عليّ غيرها قال لا إلاّ أن تطوّع قال فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق . متفق عليه
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء الفقراء إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ذهب أهل الدّثور من الأموال بالدّرجات العلا والنّعيم المقيم، يصلّون كما نصلّي ويصومون كما نصوم، ولهم فضلٌ من أموالٍ يحجّون بها ويعتمرون، ويجاهدون ويتصدّقون قال: ألا أحدّثكم بما إن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحدٌ بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم، إلاّ من عمل مثله تسبّحون وتحمدون وتكبّرون خلف كلّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين، فاختلفنا بيننا، فقال بعضنا نسبّح ثلاثًا وثلاثين ونحمد ثلاثًا وثلاثين ونكبّر أربعًا وثلاثين فرجعت إليه فقال: تقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر، حتّى يكون منهنّ كلّهنّ ثلاثًا وثلاثين . متفق عليه
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أيّ الصّدقة أعظم أجرًا قال: أن تصدّق وأنت صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتّى إذا بلغت الحلقوم، قلت لفلانٍ كذا، ولفلانٍ كذا، وقد كان لفلانٍ . متفق عليه
    عائشة، قالت: جاءت فاطمة ابنة أبي حبيشٍ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنّي امرأةٌ أستحاض، فلا أطهر، أفأدع الصّلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، إنّما ذلك عرقٌ وليس بحيضٍ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصّلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدّم ثمّ صلّي ثمّ توضّئي لكلّ صلاةٍ حتّى يجيء ذلك الوقت .متفق عليه
    وعن أمّ سلمة؛ قالت: جاءت أمّ سليمٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالت: يا رسول الله إنّ الله لا يستحيي من الحقّ، فهل على المرأة من غسلٍ إذا احتلمت فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إذا رأت الماء، فغطّت أمّ سلمة، تعني، وجهها، وقالت: يا رسول الله وتحتلم المرأة قال: نعم، تربت يمينك، فبم يشبهها ولدها . متفق عليه
    وعن عبد الله بن زيد بن عاصمٍ الأنصاريّ، أنّه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرّجل الّذي يخيّل إليه أنّه يجد الشّيء في الصّلاة، فقال: لا ينفتل أو لا ينصرف حتّى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا . متفق عليه
    وعن ابن عبّاسٍ، قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إنّ أمّي ماتت وعليها صوم شهرٍ، أفأقضيه عنها قال: نعم قال: فدين الله أحقّ أن يقضى .متفق عليه
    وعن أمّ سلمة، قالت: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنّي أشتكي؛ قال: طوفي من وراء النّاس وأنت راكبةٌ فطفت، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلّي إلى جنب البيت، يقرأ بالطّور وكتابٍ مسطورٍ . متفق عليه
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: دلّني على عملٍ يعدل الجهاد، قال: لا أجده قال: هل تستطيع، إذا خرج المجاهد، أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر، وتصوم ولا تفطر قال: ومن يستطيع ذلك . متفق عليه
    وعن أمّ سلمة تقول: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إنّ ابنتي توفّي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفتكحلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا مرّتين أو ثلاثًا، كلّ ذلك يقول: لا ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنّما هي أربعة أشهرٍ وعشرٌ، وقد كانت إحداكنّ في الجاهليّة ترمي بالبعرة على رأس الحول . متفق عليه
    وعن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله ذهب الرّجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يومًا نأتيك فيه، تعلّمنا ممّا علّمك الله فقال: اجتمعن في يوم كذا وكذا، في مكان كذا وكذا فاجتمعن فأتاهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلّمهنّ ممّا علّمه الله ثمّ قال: ما منكنّ امرأةٌ تقدّم بين يديها من ولدها ثلاثةً، إلاّ كان لها حجابًا من النّار فقالت امرأةٌ منهنّ: يا رسول الله اثنين قال: فأعادتها مرّتين ثمّ قال: واثنين، واثنين، واثنين . متفق عليه
    وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: جاء حبرٌ من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمّد إنّا نجد أنّ الله يجعل السّموات على إصبعٍ، والأرضين على إصبعٍ، والشّجر على إصبعٍ، والماء والثرى على إصبعٍ، وسائر الخلائق على إصبعٍ فيقول: أنا الملك فضحك النّبيّ صلى الله عليه وسلم، حتّى بدت نواجذه، تصديقًا لقول الحبر ثمّ قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قدروا الله حقّ قدره، والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة، والسّموات مطويّاتٌ بيمينه، سبحانه وتعالى عمّا يشركون . متفق عليه
    وعن أبي موسى رضي الله عنه، قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: الرّجل يقاتل للمغنم، والرّجل يقاتل للذّكر، والرّجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله . متفق عليه
    وعن عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما، قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فاستأذنه في الجهاد. فقال: «أحيّ والداك؟» قال: نعم. قال: «ففيهما فجاهد». متفق عليه
    وعن أبي هريرة وزيد بن خالدٍ الجهنيّ قالا: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: أنشدك الله إلاّ قضيت بيننا بكتاب الله؛ فقام خصمه، وكان أفقه منه، فقال: صدق، اقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي يا رسول الله فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: قل فقال: إنّ ابني كان عسيفًا في أهل هذا، فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاةٍ وخادمٍ؛ وإنّي سألت رجالاً من أهل العلم فأخبروني أنّ على ابني جلد مائةٍ وتغريب عامٍ، وأنّ على امرأة هذا الرجم؛ فقال: والّذي نفسي بيده لأقضينّ بينكما بكتاب الله: المائة والخادم ردٌّ عليك، وعلى ابنك جلد مائةٍ وتغريب عامٍ؛ ويا أنيس اغد على امرأة هذا فسلها، فإن اعترفت فارجمها فاعترفت، فرجمها . متفق عليه
    وعن عائشة، أنّ امرأةً من الأنصار زوّجت ابنتها، فتمعّط شعر رأسها فجاءت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له؛ فقالت: إنّ زوجها أمرني أن أصل في شعرها، فقال: لا، إنّه قد لعن الموصلات . متفق عليه
    وعن معاوية بن الحكم قال بينا أنا أصلي مع رسول الله {صلى الله عليه وسلم} إذ عطس رجلٌ من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتوني لكني سكت فلما صلى رسول الله {صلى الله عليه وسلم} - فبأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قلت يا رسول الله إني حديث عهدٍ بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالاً يأتون الكهان قال فلا تأتهم وقال ومنا رجال يتطيرون قال ذاك شيءٌ يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم قال قلت ومنا رجال يخطون قال كان نبيٌّ من الأنبياء فمن وافق خطه فذاك قال
    وكان لي جارية ٌ ترعى غنماً قبل أحد والجوانية فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجلٌ من بني آدم آسف كما يأسفون لكن صككتها صكة ً فأتيت رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فعظم ذلك علي قلت يا رسول الله أفلا أعتقها قال ائتني بها فأتيته بها فقال لها أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة . رواه مسلم وقد أخرجه البخاري في كتابه في القراءة خلف الإمام
    وعن عقبة بن عامر قال نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله وأمرتني أن أستفتي لها رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقال لتمش ولتركب . متفق عليه
    عن ابن عبّاسٍ، أنّ سعد بن عبادة رضي الله عنه، استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنّ أمّي ماتت وعليها نذرٌ، فقال: اقضه عنها .متفق عليه
    ونستفيد من هذه الأدلة, قيمة العلم والعلماء ورجوع أهله ولزوم العلماء الربانيين"والدّنيا كلّها ملعونة ملعون ما فيها إلّا ما أشرقت عليه شمس الرسالة وأسس بنيانه عليها ولا بقاء لأهل الأرض إلّا ما دامت آثار الرّسل موجودةً فيهم فإذا درست آثار الرّسل من الأرض وانمحت بالكليّة خرّب اللّه العالم العلويّ والسّفليّ وأقام القيامة . وليست حاجة أهل الأرض إلى الرّسول كحاجتهم إلى الشّمس والقمر ؛ والرياح والمطر ولا كحاجة الإنسان إلى حياته ؛ ولا كحاجة العين إلى ضوئها والجسم إلى الطّعام والشّراب ؛ بل أعظم من ذلك ؛ وأشدّ حاجةً من كل ما يقدّر ويخطر بالبال فالرّسل وسائط بين اللّه وبين خلقه في أمره ونهيه وهم السّفراء بينه وبين عباده . وكان خاتمهم وسيدهم وأكرمهم على ربه : محمّد بن عبد اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم." قاله ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى - (19 / 101)
    وللعلامة ابن القيم - رحمه الله - كلام نفيس يشبه كلام شيخه شيخ الإسلام - رحمه الله - ولا عجب! فكلاهما يصدر عن مشكاة واحدة.حيث يقول - رحمه الله: "وافترض على عباده طاعته ومحبته والقيام بحقوقه وسد الطرق كلها إليه وإلى جنته فلم يفتح لأحد إلا من طريقه فهو الميزان الراجح الذي على أخلاقه وأقواله وأعماله توزن الأخلاق والأقوال والأعمال والفرقان المبين الذي باتباعه يميز أهل الهدى من أهل الضلال ولم يزل صلى الله عليه وعلى آله وسلم مشمرا في ذات الله تعالى لا يرده عنه راد صادعا بأمره لا يصده عنه صاد إلى أن بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق الجهاد فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها وتألفت به القلوب بعد شتاتها وسارت دعوته سير الشمس في الأقطار وبلغ دينه القيم ما بلغ الليل والنهار. إعلام الموقعين - (1 / 4) طريق الهجرتين - (19) مفتاح دار السعادة - (1 / 3) الوابل الصيب - (230)
    وقال أيضاً ومن هاهنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول، وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا، ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا ينال رضى الله البتة إلا على أيديهم، فالطّيب من الأعمال والأقوال والأخلاق، ليس إلا هديهم وما جاؤوا به، فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال، فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها، فأي ضرورة وحاجة فرضت، فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير. وما ظنك بمن إذا غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عين، فسد قلبك، وصار كالحوت إذا فارق الماء، ووضع في المقلاة، فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به الرسل، كهذه الحال، بل أعظم، ولكن لا يحسّ بهذا إلا قلب حي وما لجرحٍ بميتٍ إيلام . زاد المعاد في هدي خير العباد - (1 / 69)
    والعلم هاد والحال الصحيح مهتد به وهو تركة الأنبياء وتراثهم وأهله عصبتهم ووراثهم وهو حياة القلوب ونور البصائر وشفاء الصدور ورياض العقول ولذة الأرواح وأنس المستوحشين ودليل المتحيرين وهو الميزان الذي به توزن الأقوال والأعمال والأحوال وهو الحاكم المفرق بين الشك واليقين والغي والرشاد والهدى والضلال به يعرف الله ويعبد ويذكر ويوحد ويحمد ويمجد وبه اهتدى إليه السالكون ومن طريقه وصل إليه الواصلون ومن بابه دخل عليه القاصدون به تعرف الشرائع والأحكام ويتميز الحلال من الحرام وبه توصل الأرحام وبه تعرف مراضي الحبيب وبمعرفتها ومتابعتها يوصل إليه من قريب وهو إمام والعمل مأموم وهو قائد والعمل تابع وهوالصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والأنيس في الوحشة والكاشف عن الشبهة والغني الذي لا فقر على من ظفر بكنزه والكنف الذي لا ضيعة على من آوى إلى حرزه مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وطلبه قربة وبذله صدقة ومدارسته تعدل بالصيام والقيام والحاجة إليه أعظم منها إلى الشراب والطعام . مدارج السالكين - (2 / 469) مدارج السالكين - (2 / 100)
    إذاً العلماء وفقهاء الإسلام ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام الذين خصوا باستنباط الأحكام وعنوا بضبط قواعد الحلال والحرام فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء بهم يهتدي الحيران في الظلماء الجهل والبدع , وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء بنص الكتاب قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً }. قاله ابن القيم كما في إعلام الموقعين 1 / 9
    وقال أيضاً : الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر ما أزالت يقينه ولا قدحت فيه شكاً لأنه قد رسخ في العلم فلا تستفزه الشبهات بل إذا وردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلولة مغلوبة والشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق له فمتى باشر القلب حقيقة العلم لم تؤثر تلك الشبهة فيه بل يقوى علمه ويقينه بردها ومعرفة بطلانها ومتى لم يباشر حقيقة العلم بالحق قلبه قدحت فيه الشك بأول وهلة فان تداركها والا تتابعت على قلبه امثالها حتى يصير شاكاً مرتاباً والقلب يتوارده جيشان من الباطل جيش شهوات الغي وجيش شبهات الباطل فأيما قلب صغا إليها وركن اليها تشربها وامتلأ بها فينضح لسانه وجوارحه بموجبها فإن اشرب شبهات الباطل تفجرت على لسانه الشكوك والشبهات والايرادات فيظن الجاهل ان ذلك لسعة علمه وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه . مفتاح دار السعادة / 140
    ولقد أمر النبي صلى الله عليه العامة بلزوم العلماء والأخذ منهم والإبتعاد عن الأئمة المضلين الذين جمعوا بين شهوات والشبهات وخاف الرسول أمته من هؤلاء فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان.
    رواه الطبراني في الكبير والبزار قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1556 في صحيح الجامع وصحيح الترغيب والترهيب - (1 / 31)
    وعند الترمذي عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين .
    وجاء عن علي قال الإمام الألباني :وإسناده ضعيف من أجل جابر وهو ابن يزيد الجعفي وهو ضعيف. ظلال الجنة - (1 / 40)
    جابر بن يزيد الجعفي ضعفه الجمهور ووصفه الثوري والعجلي وابن سعد بالتدليس. طبقات المدلسين - (1 / 53)
    ووفيه أيضاً عبدالله بن نجي مختلف فيه وفي سماعه من علي. ظلال الجنة - (1 / 40)
    قال بن معين لم يسمع من علي رضي الله عنه . جامع التحصيل في أحكام المراسيل - (1 / 217)
    والناس في هذه المسألة على طبقات ثلاث .
    فالطبقة العالية العلماء الأكابر وهم يعرفون الحق والباطل وان اختلفوا لم ينشأ عن اختلافهم الفتن لعلمهم بما عند بعضهم بعضاً.
    والطبقة السافلة عامة على الفطرة لا ينفرون عن الحق وهم أتباع من يقتدون به إن كان محقاً كانوا مثله وإن كان مبطلاً كانوا كذلك .
    والطبقة المتوسطة هى منشأ الشر وأصل الفتن الناشئة فى الدين وهم الذين لم يُمْعِنُوا فى العلم حتى يرتقوا إلى رتبة الطبقة الأولى ولا تركوه حتى يكونوا من أهل الطبقة السافلة فانهم اذا رأوا أحداً من أهل الطبقة العليا يقول مالا يعرفونه مما يخالف عقائدهم التى أوقعهم فيها القصور فوقوا إليه سهام الترقيع ونسبوه إلى كل قول شنيع وغيروا فطر أهل الطبقة السفلى عن قبول الحق بتمويهات باطلة فعند ذلك تقوم الفتن الدينية على ساق. البدر الطالع
    فرحم الله علي بن قاسم كم رأينا هذه الصنف في هذا العصر حتى قامت الفتنة على قدم وساق
    قال الإمام الألوسي فإذا اتبعت فاتبع سيد المرسلين محمداً صلى الله عليه وسلّم الذي آدم ومن دونه من الأنبياء والأولياء تحت لوائه فإذا اتبعت واحداً من أمته فلا تتبعه لمجرد كونه رجلاً مشهوراً بين الناس مقبولاً عند الأمراء والسلاطين بل كان الواجب عليك أن تعرف أولاً الحق ثم تزن الرجال به ،. روح البيان - (3 / 197)
    وقال ابن عثيمين أن الحق لا يوزن بالرجال، وإنما يوزن الرجال بالحق هذا هو الميزان الصحيح وإن كان لمقام الرجال ومراتبهم أثر في قبول أقوالهم كما نقبل خبر العدل ونتوقف في خبر الفاسق لكن ليس هذا هو الميزان في كل حال .القواعد المثلى(85)
    أمارات وعلامات العالم المتحقق بالعلم
    قال الشاطبي: "وللعالم المتحقق بالعلم أمارات وعلامات:
    إحداها: العمل بما علم، حتى يكون قوله مطابقاً لفعله.
    والثانية: أن يكون ممن رباه الشيوخ في ذلك العلم لأخذه عنهم، وملازمته لهم، فهو الجدير بأن يتصف بما اتصفوا به من ذلك، وهكذا شأن السلف الصالح.
    والثالثة: الاقتداء بمن أخذ عنه والتأدب بأدبه كما علمت من اقتداء الصحابة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واقتداء التابعين بالصحابة وهكذا في كل قرن..».
    وهذه الصفات تحققت لشيخنا يحيى بن علي الحجوري حفظه الله المولى .فهو وقاف عند حدود الله وقد تربا عند شيخنا مقبل بن الهادي الوادعي رحمه الله وقتداه بهديه وطريقته
    وقد استنكر ابن رجب ـ رحمه الله من لم يتصف بهذه الصفات:( يالله العجب ! لو ادّعى معرفة صناعة من صنائع الدنيا ، ولم يعرفه الناس بها ، ولا شاهدوا عنده آلاتها لكذّبوه في دعواه ، ولم يأمنوه على أموالهم ، ولم يمكنوه أن يعمل فيها ما يدّعيه من تلك الصناعة ، فكيف بمن يدّعي معرفة أمر الرسول وما شوهد قط يكتب علم الرسول ، ولا يجالس أهله ولا يدارسه ).
    ويعرف العالم شهادة مشايخه له بالعلم , فقد دأب علماء المسلمين من سلف هذه الأمة ومن تبعهم بإحسان على توريث علومهم لتلامذتهم، الذين سيتبؤون من بعدهم منازلهم وتصبح لهم المرجعية والإمامة في الأمة، ولا يتصدر هؤلاء التلاميذ حتى يروا إقرار مشايخهم لهم بالعلم، وإذنهم لهم بالتصدر والإفتاء والتدريس. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ :(سيأتي على الناس سنوات خدّاعات يصدّق فيها الكاذب ، ويكذّب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخوّن فيها المؤتمن ، وينطق الرويبضة . قيل: وما الرويبضة؟قال: الرجل التافه ، يتكلم في أمر العامّة) أخرجه ابن ماجه(4042) وأحمد في المسند[2/291]بسند حسن ، وانظر السلسلة الصحيحة للألباني(1887) عن أبي هريرة رضي الله عنه
    وثبت عند أحمد من حديث أبي الدرداء أنّ النبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ قال:(إنّ أخوف ما أخاف عليكم الأئمة المضلون) [المسند6/441]
    وجاء عند البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال:(إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتّى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا) [أخرجه البخاري1/174،175 في كتاب العلم ، ومسلم واللفظ له4/258].
    من يملك حقّ التكلّم بالعلم :
    قال الإمام مالك ـ رحمه الله ـ: "لا ينبغي لرجل يرى نفسه أهلاً لشيء حتى يسأل من كان أعلم منه، وما أفتيت حتى سألت ربيعة ويحيى بن سعيد فأمراني بذلك، ولو نهياني لانتهيت".
    وقال: ".. ليس كل من أحب أن يجلس في المسجد للتحديث والفتيا جلس، حتى يشاور فيه أهل الصلاح والفضل وأهل الجهة من المسجد، فإن رأوه أهلاً لذلك جلس، وما جلست حتى شهد لي سبعون شيخاً من أهل العلم أني موضع لذلك".
    أقوال علماء الإسلام في النهي عن التكلم بلا علم:
    وقال الإمام الشافعي فقد قال ـ رحمه الله ـ:( فالواجب على العالمين أن لا يقولوا إلاّ من حيث علموا ، وقد تكلّم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلّم فيه منه لكان الإمساك أولى به وأقرب من السلامة له إن شاء الله)[الرسالة/41] .
    وقال الإمام ابن حزم :(لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها ، فإنّهم يجهلون ويظنّون أنّهم يعلمون ، ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون) [مداواة النفوس/67] .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة ـ رحمه الله ـ :( ولا يحل لأحد أن يتكلّم في الدين بلا علم ولا يعين من تكلّم في الدين بلا علم ، أو أدخل في الدين ما ليس منه) [مجموع الفتاوى22/240] .
    وقال كذلك:(فمن تكلّم بجهل وبما يخالف الأئمة ، فإنّه ينهى عن ذلك ويؤدّب على الإصرار ، كما يفعل بأمثاله من الجهال ، ولا يقتدى في خلاف الشريعة بأحد من أئمّة الضلالة، وإن كان مشهوراً عنه العلم ، كما قال بعض السلف: لا تنظر إلى عمل الفقيه ولكن سله يصدقك)[مجموع الفتاوى22/227] .
    وقال كذلك:( ومن تكلم في الدين بلا علم كان كاذباً وإن كان لايتعمد الكذب كما ثبت في الصحيحين عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما قالت له سبيعة الأسلمية وقد توفي عنها زوجها سعد بن خولة في حجة الوداع فكانت حاملاً فوضعت بعد موت زوجها بليال قلائل فقال لها أبو السنابل بن بعكك: ما أنت بناكحة حتى يمضي عليك آخر الأجلين ، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(كذب أبو السنابل ، بل حللت فانكحي)[مجموع الفتاوى10/449].
    لا يجوز أن يجعل من ليس عالماً عالماً
    قال شيخ الإسلام كما في الفتاوى 27 / 296
    والمنصب والولاية لا يجعل من ليس عالمًا مجتهدًا عالماً مجتهدًا ولو كان الكلام في العلم والدين بالولاية والمنصب لكان الخليفة والسلطان أحق بالكلام في العلم والدين . وبأن يستفتيه الناس ويرجعوا إليه فيما أشكل عليهم في العلم والدين . فإذا كان الخليفة والسلطان لا يدعي ذلك لنفسه ولا يلزم الرعية حكمه في ذلك بقول دون قولٍ إلا بكتاب الله وسنة رسوله : فمن هو دون السلطان في الولاية أولى بأن لا يتعدى طوره ولا يقيم نفسه في منصبٍ لا يستحق القيام فيه أبو بكرٍ وعمر وعثمان وعلي - وهم الخلفاء الراشدون - فضلًا عمن هو دونهم ؛ فإنهم رضي الله عنهم إنما كانوا يلزمون الناس باتباع كتاب ربهم وسنة نبيهم وكان عمر رضي الله عنه - يقول : إنما بعثت عمالي - أي نوابي - إليكم ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم ويقسموا بينكم فيأكم ؛ بل هذه يتكلم فيها من علماء المسلمين من يعلم ما دلت عليه الأدلة الشرعية : الكتاب والسنة . فكل من كان أعلم بالكتاب والسنة فهو أولى بالكلام فيها من غيره وإن لم يكن حاكمًا والحاكم ليس له فيها كلام لكونه حاكمًا ؛ بل إن كان عنده علم تكلم فيها كآحاد العلماء . فهؤلاء حكموا فيما ليس لهم فيه الحكم بالإجماع . وهذا من الحكم الباطل بالإجماع .
    إذاً لابد أن نعرف الحق والمتمسك على الكتاب والسنة من غيره لأجل أن نؤخذ العلم من اتصف بالعلم والاستقامة وشهد له أهله فينبغي من يريد طريق الحق ، والنجاة وسبيل الفلاح أن يعرف صفات من يأخذ عنهم العلم من الأمناء، لئلا يضيع الطريق الشرعي ، ويضل السبيل .
    صفات من يؤخذ عنهم العلم .
    هم الذين حققوا وتوفرت لديهم ما يلي :-
    خشية الله تعالى.
    وكان يقول جمع من أهل العلم كابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ وغيره: (كفى بخشية الله علماً ، وكفى بالاغترار به جهلاً) وحين نادى أحدهم الإمام الشعبي قائلاً له: يا عالم؟ فقال الشعبي:(إنّما العالم من يخشى الله) .
    وكان طلاب العلم لا يتلقون العلم إلاّ عمّن عرف بالخشية فقد قال النخعي ـ رحمه الله ـ :(كان الرجل إذا أراد أن يأخذ عن الرجل نظر في صلاته وفي حاله وفي سمته ، ثمّ يأخذ عنه).
    تلقي العلم عن الراسخين في العلم.
    خرج موسى عليه الصلاة والسلام من أجل تلقي العلم عن أهله قال الله { فوجدا عبدًا من عبادنا آتيناه رحمةً من عندنا وعلّمناه من لدنّا علمًا (65) قال له موسى هل أتّبعك على أن تعلّمن ممّا علّمت رشدًا (66) قال إنّك لن تستطيع معي صبرًا (67) وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا (68) قال ستجدني إن شاء اللّه صابرًا ولا أعصي لك أمرًا (69) قال فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيءٍ حتّى أحدث لك منه ذكرًا }(70) [الكهف : 65 - 70]
    ولهذا كان السلف الصالح كالإمام الشافعي يقول:(من تفقه من بطون الكتب ضيّع الأحكام) [تذكرة السامع والمتكلم83].
    وقال الإمام النووي :[ قالوا ولا تأخذ العلم ممن كان أخذه له من بطون الكتب من غير قراءة على شيوخ أو شيخ حاذق فمن لم يأخذه إلا من الكتب يقع في التصحيف ويكثر منه الغلط والتحريف ] مقدمة المجموع للنووي 1/36 .
    وقالوا ( من دخل العلم وحده خرج وحده ) أي بلا فائدة.
    وقال الخطيب البغدادي رحمه الله (ولابد للمتفقه من أستاذ يدرس عليه، ويرجع إليه في تفسير ما أشكل عليه، ويتعرف منه طرق الاجتهاد، وما يفرق به بين الصحة والفساد.) (الفقيه والمتفقه) 2 / 83.
    كان بعض السلف يقولون: «من أعظم البلية تشيخ الصحيفة». تذكرة السامع ص (87).
    فلا يعقل آيات الله ، ولا يفقه أحكامها ويستنبط دلائلها إلا العالمون ؛ كما قال تعالى:(وما يعقلها إلاّ العالمون )العنكبوت(18) وكقوله تعالى:(وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)النساء(83). فأهل العلم هم أولى الناس باستنباط أحكام الدين وشرائعه.قال محمد بن سراقة البصري:حقيقة الفقه عندي: الاستنباط . قال تعالى:(لعلمه الذين يستنبطونه منهم) المنثور في القواعد ـ
    فقال تعالى:( وما أرسلنا من قبلك إلّا رجالًا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون (43) بالبيّنات والزّبر وأنزلنا إليك الذّكر لتبيّن للنّاس ما نزّل إليهم ولعلّهم يتفكّرون ) [النحل : 43 ، 44] الأنبياء(7)
    قال الإمام الشوكاني ـ رحمه الله ـ :(إنّ إنصاف الرجل لا يتمّ حتّى يأخذ كلّ فن عن أهله كائناً ما كان .
    ثمّ قاله:(فالعالم إذا ظفر بالحق من أبوابه ، ودخل إلى الإنصاف بأقوى أسبابه ، وأمّا إذا أخذ العلم عن غير أهله، ورجّح ما يجده من الكلام لأهل العلم في فنون ليسوا من أهلها ، فإنّه يخبط ويخلط ، ويأتي من الأقوال والترجيحات بما هو في أبعد درجات الإتقان وهو حقيق بذاك) ـ [أدب الطلب ومنتهى الأرب/76]
    ومن البليّة طالب العلم تشيّخ الصحيفة , وكان أهل العلم ينهون عن نيل العلم من الكتب فحسب ذلك بالحضور عند أهل العلم ، والتلقي من الأشياخ ، ليقوى باع الطالب في العلم ، ويشتد عوده في الفهم .
    قال كمال الدين الشمني:
    *من يأخذ العلم عن شيخ مشافهةً * يكن عن الزيغ والتصحيف في حرم*
    *ومن يكن آخذاً للعلم من صحفٍ * فعلمه عند أهل العلم كالعدم* هداية القاري
    قال الأوزاعي : كان هذا العلم شيئاً شريفاً ؛ إذ كان من أفواه الرجال يتلاقونه ويتذاكرونه ، فلما صار في الكتب ذهب نوره وصار إلى غير أهله. جامع بيان العلم وفضله - (138)
    وقال أيضاً كان هذا العلم شيئاً شريفاً إذ كانوا يتلقونه ويتذاكرونه بينهم .تقييد العلم للخطيب البغدادي - (116)
    كما قال ابن القيم:(ما أكثر ما ينقل الناس المذاهب الباطلة عن العلماء بالأفهام القاصرة) [مدارج السالكين2/431].
    وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العلماء هم ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنّما ورّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍ وافرٍ. أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارمي، وابن حبان، والبغوي، والبيهقي، والبزار. عن أبي الدرداء رضي الله عنه. قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) الجامع الصغير وزيادته - (1 / 1125)
    وقال (صلى الله عليه وسلم): "تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم". أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن حبان، والحاكم، والخطيب، والبيهقي، والبزار، والطبراني. عن ابن عبّاسٍ رضى اللّه عنهماقال الشيخ الألباني : ( صحيح ) السلسلة الصحيحة - (4 / 389)
    وقال سفيان الثوري: "الإسناد سلاح المؤمن". (المجروحين لابن حبان).
    وقال ابن المبارك: "الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".
    وقال أيضًا: "مثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم".
    وقال محمد بن حاتم: "إن الله أكر هذه الأمة وشرفها وفضلها بالإسناد، وليس ذلك لأمة من الأمم كلها قديمها وحديثها".
    وقال الحاكم: "فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بتراء". (معرفة علوم الحديث ص6).
    وقال ابن تيمية: "الإسناد من خصائص هذه الأمة ، وهو من خصائص الإسلام، ثم هو في الإسلام من خصائص أهل السنة". (منهاج السنة 7/37).
    وصدق من قال:
    وكم من عائب قولاً صحيحاً * وآفته من الفهم السقيم
    ولا عجب أن ترى كثيراً من المسائل التي وقعت بها أخطاء علميّة.
    قال كلثوم العتابي حيث قال:(لو سكت من لا يعلم لسقط الاختلاف ) معجم الأدباء(5/19)
    وقال أبوحامد الغزالي:(لو سكت من لا يعرف قلّ الاختلاف ، ومن قصر باعه وضاق نظره عن كلام علماء الأمّة والاطلاع عليه فماله وللتكلّم فيما لا يدريه ، والدخول فيما لا يعنيه ، وحق مثل هذا أن يلزم السكوت) [الحاوي للفتاوى2/116].
    وقال الشاطبي :" من أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقق به أخذه عن أهله المتحققين به على الكمال والتمام)) ( الموافقات 1 / 56 ) ومن (( أن العلم كان في صدور الرجال ، ثم انتقل إلى الكتاب ، وصارت مفاتحه بأيدي الرجال )) ( الموافقات ص 57 ) وهذا يفهم منه أن العالم لا بد (( أن يكون ممن رباه الشيوخ في ذلك العلم لأخذه عنهم ، وملازمته لهم )) ( الموافقات 1 / 58 ) .
    هذه الأقوال تدل قيمة أهل العلم الثابتين المتقنين المحققين كالشيخنا شيخ يحيى حفظه الله .
    3 ـ ألاّ يكون من أصحاب تتبع الرخص ، ومن المتساهلين في فتاويهم وتعليمهم (
    [1]):
    ولقد كان علماؤنا الأجلاّء يحرمون استفتاء المفتي المتساهل ، كما ذكر الإمام ابن مفلح قائلاً:( يحرم تساهل المفتي ، وتقليد معروف به) [التقرير3/351 بواسطة : زجر الفقهاء عن تتبع رخص الفقهاء/66]
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه " . رواه أبو داود وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح - (1 / 52)
    وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه و سلم : من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ومن أفتى فتيا بغير ثبت فإثمه على من أفتاه .قال الشيخ الألباني رحمه الله: صحيح في الأدب المفرد - (1 / 100)
    وكان الإمام أيوب السختياني ـ رحمه الله ـ يقول:(يخادعون الله كأنّما يخادعون الصبيان) [أعلام الموقعين4/176ـ177] ولهذا شكا بعضهم إلى الفقيه ابن حجر الهيتمي أحد قضاة المسلمين ؛ لأنّه يشدد على الناس فلا يحكم إلاّ بالقول الصحيح ، ولا يسلك بهم مسلك التخفيف والترخيص فأجاب ـ رحمه الله ـ بقوله:(ما ذكر عن هذا القاضي إنّما يعدّ من محاسنه لا من مساوئه ، فجزاه الله تعالى عن دينه وأمانته خيراً ، فإنّه عديم النظر إلى الآن ـ ثمّ قال: ـ فقيام هذا القاضي حينئذٍ بقوانين مذهبه ، وعدم التفاته إلى الترخيص للناس بما لا تقتضيه قواعد إمامه يدلّ على صلاحه ونجاحه وفلاحه) [الفتاوى الكبرى 4/324 بواسطة زجر الفقهاء عن تتبع رخص الفقهاء لجاسم الدوسري/22 ، وكتاب تحذير الفضلاء للمقطري/35ـ36]
    آه من دهر خؤون أهله * لا يرون العلم للدين شعاراً
    طلبوا علماً بماضي غيرهم * حالهم أحسن إذ كانوا صغاراً
    فإذا ما الشيب في أذقانهم * ملؤوا الآفاق ظلماً وبواراً
    وقد كان أهل العلم يحذرون أشدّ التحذير من الأخذ برخص العلماء وزلاّتهم ، وأن تجعل ديناً يدين العبد بها ربّه ، فإنّ ذلك علامة على ضعف الإيمان ، وقلّة الديانة ، قال الأوزاعي:(من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام) [السير(/125]
    قال الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ : إعلام الموقعين - (4 / 175)
    لا يجوز للمفتي أن يشهد على الله ورسوله بأنه أحل كذا أوحرمه أوأوجبه أوكرهه إلا لما يعلم أن الامر فيه كذلك مما نص الله ورسوله على إباحته أوتحريمه أوإيجابه أوكراهته وأما ما وجده في كتابه الذي تلقاه عمن قلده دينه فليس له أن يشهد على الله ورسوله به ويغر الناس بذلك ولا علم له بحكم الله ورسوله
    قال غير واحد من السلف ليحذر أحدكم أن يقول أحل الله كذا أوحرم الله كذا فيقول الله له كذبت لم أحل كذا ولم أحرمه
    وثبت في صحيح مسلم من حديث بريده بن الحصيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال وإذا حاصرت حصناً فسألوك أن تنزلهم على حكم الله ورسوله فلا تنزلهم على حكم الله ورسوله فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك وسمعت شيخ الإسلام يقول حضرت مجلسا فيه القضاة وغيرهم فجرت حكومة حكم فيها أحدهم بقول زفر فقلت له ما هذه الحكومة فقال هذا حكم الله فقلت له صار قول زفر هو حكم الله الذي حكم به وألزم به الأمة هل هذا حكم زفر ولا تقل هذا حكم الله أونحو هذا من الكلام .اهـ
    وقال الشاطبي ـ رحمه الله - في الموافقات - (5 / 91)
    أن الفقيه لا يحل له أن يتخير بعض الأقوال بمجرد التشهي والأغراض من غير اجتهاد، ولا أن يفتي به أحدًا.
    وقال ابن فرحون ـ رحمه الله - في تبصرة الحكام 1/ 51-52، 55-56 والقرافي ـ رحمه الله - في الإحكام250 ولا ينبغي للمفتي إذا كان في المسألة قولان أحدهما فيه تشديد والآخر فيه تخفيف أن يفتي العامة بالتشديد، والخواص من ولاة الأمور بالتخفيف، وذلك قريب من الفسوق والخيانة في الدين، والتلاعب بالمسلمين، ودليل فراغ القلب من تعظيم الله تعالى وإجلاله وتقواه، وعمارته باللعب وحب الرياسة والتقرب إلى الخلق دون الخالق! نعوذ بالله تعالى من صفات الغافلين .
    وأشد من ذللك ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا، ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتّى إذا لم يبق عالمًا، اتّخذ النّاس رءوسًا جهّالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علمٍ، فضلّوا وأضلّوا .
    4 ـ أن يتلقّى العلم ممّن يقدر العلماء ويحترمهم.
    فإنّه لابدّ أن تكون لديه علامة لحب أهل العلم وإنزالهم منزلتهم ، واحترام علمهم وهذا الشرط مهم جداً ، وقد أخبرنا رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ كما في حديث عبادة بن الصامت ـ رضي الله عنه أنّه قال ـ:(ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ، ويرحم صغيرنا ، ويعرف لعالمنا حقّه) [أخرجه أحمد بسند حسن]. صحيح الترغيب والترهيب - (1 / 24)
    قال ربيعة بن أبي عبدالرحمن :(الناس في حجور علمائهم كالصبيان في حجور أمّهاتهم) [شرح ابن أبي العز للطحاوية1/105].
    وقال الإمام ابن القيم:
    والعلم يدخل قلب كل موفّق * من غير بوّاب ولا استئذان
    ويردّه المحروم من خذلانه * لا تشقنا اللهم بالخذلان
    ولقد أحسن أبو حسان النحوى حينما قال :
    يظن الغمر أن الكتب تجدي أخا فهمٍ لإدراك العلوم
    وما يدري الجهول بأن فيها غوامض حيرت عقل الفهيم إذا رمت العلوم بغير شيخ ضللت عن الصراط المستقيم
    وتلتبس الأمور عليك حتى تكون أضل من توما الحكيم
    وقال الفوزان يجب احترام علماء المسلمين، لأنهم ورثة الأنبياء .
    والاستخفاف بهم يعتبر استخفافاً بمقامهم، ووراثتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، واستخفافاً بالعلم الذي يحملونه .
    ومن استخفّ بالعلماء استخفّ بغيرهم من المسلمين من باب أولى . فالعلماء يجب احترامهم لعلمهم ولمكانتهم في الأمة، ولمسئوليّتهم التي يتولونها لصالح الإسلام والمسلمين، وإذا لم يوثق بالعلماء فبمن يوثق؟، وإذا ضاعت الثقة بالعلماء فإلى من يرجع المسلمون لحل مشاكلهم، ولبيان الأحكام الشرعية ؟. وحينئذ تضيع الأمة، وتشيع الفوضى .
    والعالم إذا اجتهد وأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد، والخطأ مغفور .
    وما من أحد استخفّ بالعلماء إلاّ وقد عرّض نفسه للعقوبة
    وقال ابن عساكر - رحمه الله - : (( لحوم العلماء مسمومة وأن هتك الله أستار منتقصهم معلومة فمن ابتلاهم بالثلب ابتلاه الله بالعطب )) .
    ولأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والإفتراء مرتع وخيم، والاختلاق على من اختاره الله منهم خلق ذميم، والاقتداء بما مدح الله به قول المتبعين إلى الاستغفار بمن سبقهم وصف كريم، إذ قال مثنياً عليهم في كتابه - العزيز - وهو بمكارم الأخلاق وضدها عليم : { والّذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الّذين سبقونا بالأيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للّذين آمنوا ربّنا إنّك رؤوف رحيم } (الحشر: 10) . والارتكاب لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الاغتياب وسب الأموات جسيم، { فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } (النور: 63) )). . " تبيين كذب المفتري " : ( 27، 29 ) .
    وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى - (32 / 239)
    ونعظم أمره تعالى بالطّاعة للّه ورسوله ؛ ونرعى حقوق المسلمين ؛ لا سيّما أهل العلم منهم كما أمر اللّه ورسوله . ومن عدل عن هذه الطّريق فقد عدل عن اتباع الحجّة إلى اتباع الهوى في التّقليد وآذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا : فهو من الظّالمين . ومن عظّم حرمات اللّه وأحسن إلى عباد اللّه كان من أولياء اللّه المتّقين . واللّه سبحانه أعلم .
    5- أن يكون بعيداً عن خصال الجاهلية من التعصب إلى القبيلة أو الوطن أو الأشخاص أو المذهب .
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه » رواه مسلم
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية وأمّا التّعصّب لأمر من الأمور بلا هدًى من اللّه فهو من عمل الجاهليّة . { ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه بغير هدًى من اللّه } . مجموع الفتاوى - (11 / 28)
    وقال أيضاً والمقصود هنا أنّ سراويل الفتوّة (
    [2]) لا أصل له عن علي ولا غيره من السّلف وما يشترطه بعضهم من الشّروط إن كان ممّا أمر اللّه به ورسوله فإنّه يفعل لأنّ اللّه أمر به ورسوله وما نهى عنه مثل التّعصّب لشخص على شخصٍ والإعانة على الإثم والعدوان . فهو ممّا ينهى عنه ولو شرطوه . مجموع الفتاوى - (11 / 83)
    وقال أيضاً وأمّا " رأس الحزب " فإنّه رأس الطّائفة الّتي تتحزّب أي تصير حزبًا فإن كانوا مجتمعين على ما أمر اللّه به ورسوله من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ فهم مؤمنون لهم ما لهم وعليهم ما عليهم . وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا مثل التّعصّب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل والإعراض عمّن لم يدخل في حزبهم سواء كان على الحق والباطل فهذا من التّفرّق الّذي ذمّه اللّه تعالى ورسوله فإنّ اللّه ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف ونهيا عن التّفرقة والاختلاف وأمرا بالتّعاون على البر والتّقوى ونهيا عن التّعاون على الإثم والعدوان . مجموع الفتاوى - (11 / 92)
    وقال أيضاً فما دخل في هذا الباب ممّا نهى اللّه عنه ورسوله من التّعصّب والتّفرّق والاختلاف والتّكلّم بغير علمٍ : فإنّه يجب النّهي عنه فليس لأحد أن يدخل فيما نهى اللّه عنه ورسوله . مجموع الفتاوى - (20 / 292)
    وقال أيضاً ما أوقع أمثاله ممّن يريد أن يجعل آثار النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم موافقةً لقول واحدٍ من العلماء دون آخر . فمن سلك هذه السّبيل دحضت حججه وظهر عليه نوع من التّعصّب بغير الحق كما يفعل ذلك من يجمع الآثار ويتأوّلها في كثيرٍ من المواضع بتأويلاتٍ يبين فسادها لتوافق القول الّذي ينصره . مجموع الفتاوى - (24 / 154)
    وقال أيضاً فبيّن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم حال الخاطبين للمرأة . فهذا حجّة لقول الحسن : أترغبون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه يحذره النّاس فإنّ النّصح في الدين أعظم من النّصح في الدّنيا فإذا كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نصح المرأة في دنياها فالنّصيحة في الدين أعظم . وإذا كان الرّجل يترك الصّلوات ويرتكب المنكرات وقد عاشره من يخاف أن يفسد دينه : بيّن أمره له لتتّقى معاشرته . وإذا كان مبتدعًا يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسّنّة أو يسلك طريقًا يخالف الكتاب والسّنّة ويخاف أن يضلّ الرّجل النّاس بذلك : بيّن أمره للنّاس ليتّقوا ضلاله ويعلموا حاله . وهذا كلّه يجب أن يكون على وجه النّصح وابتغاء وجه اللّه تعالى لا لهوى الشّخص مع الإنسان : مثل أن يكون بينهما عداوة دنيويّة أو تحاسد أو تباغض أو تنازع على الرئاسة فيتكلّم بمساوئه مظهرًا للنّصح وقصده في الباطن الغضّ من الشّخص واستيفاؤه منه فهذا من عمل الشّيطان و { إنّما الأعمال بالنيّات وإنّما لكل امرئٍ ما نوى } بل يكون النّاصح قصده أنّ اللّه يصلح ذلك الشّخص وأن يكفي المسلمين ضرره في دينهم ودنياهم ويسلك في هذا المقصود أيسر الطّرق الّتي تمكنه . مجموع الفتاوى - (28 / 220)
    وقال أيضاً : فأمر بمنع الظالم وإعانة المظلوم ليبين النبي صلى الله عليه و سلم أن المحذور من ذلك إنما هو تعصب الرجل لطائفته مطلقا فعل أهل الجاهلية فأما نصرها بالحق من غير عدوان فحسن واجب أو مستحب
    ومثل هذا ما روى أبو داود وابن ماجة عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله ما العصبية قال أن تعين قومك على الظلم(
    [3])
    وعن سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال خيركم المدافع عن عشيرته مالم يأثم (
    [4])رواه أبو داود
    وروى أبو داود أيضا عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ليس منا من دعا إلى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية (
    [5])
    وروى أبو داود أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي فهو ينزع بذنبه(
    [6]) اقتضاء الصراط - (71)


    قال أبو عاصم من طلب الحديث فقد طلب أعلى الأمور فيجب أن يكون خير الناس تهذيب الكمال - (13 / 288) سير أعلام النبلاء - (9 / 483)
    6- أن يكون بعيداً عن الشبهات والشهوات والبدع والمعاصي .
    فتلقت الهداة العقلاء وصية نبيهم صلى الله عليه وسلم بالقبول ولزموا التوطين على سنته وسنة الهداة المرشدة من الخلفاء فلم يرغبوا عنها بل علموا ان الثبوت عليها غير ممكن الا بتتبع ما سنه عليه السلام وسنته بعده أئمة الهدى الذين هم خلفاؤه في أمته فتركوا الاشتغال بهواجس النفوس وبخواطر القلوب وما يتولد من الشبهات التي تولده آراء النفوس وقضايا العقول خوفا من أن يزيغوا عن المحجة التي فارقهم عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي شبه ليلها بنهارها مع ما جاءهم عن الله عزوجل من الوعيد البليغ المصرح بنفي الايمان عمن خالفه أو طعن على احكامه ولم تطب نفسه بالتسليم له. كتاب الضعفاء - (1 / 47)
    وقد حذر شيخ الإسلام فتنة الشبهات والشهوات أكثر من موضع (
    [7])
    فقال رحمه الله فاحذر مثل هؤلاء وعليك بصحبة أتباع الرّسل المؤيّدين بنور الهدى وبراهين الإيمان أصحاب البصائر في الشّبهات والشّهوات الفارقين بين الواردات الرّحمانيّة والشيطانية العالمين العاملين { أولئك حزب اللّه ألا إنّ حزب اللّه هم المفلحون } .
    فتزال الشّبهات بالبينات وتزال محبّة الباطل ببغضه ومحبّة الحق .
    وأكثر عقول الخلق ويغلب الهوى والشّهوات أكثر الخلق لغلبة الشّبهات والشّهوات على النّفوس .
    وجمع سبحانه بين الاستمتاع بالخلاق وبين الخوض لأن فساد الدين إما أن يقع بالاعتقاد الباطل والتكلم به أو يقع في العمل بخلاف الاعتقاد الحق والأول هو البدع ونحوها والثاني هو فسق الأعمال ونحوها
    والأول من جهة الشبهات والثاني من جهة الشهوات
    ولهذا كان السلف يقولون احذروا من الناس صنفين صاحب هوى قد فتنه هواه وصاحب دنيا أعمته دنياه .
    والشّبه الّتي يضلّ بها بعض النّاس وهي ما يشتبه فيها الحقّ والباطل حتّى تشتبه على بعض النّاس ؛ ومن أوتي العلم بالفصل بين هذا وهذا لم يشتبه عليه الحقّ بالباطل .
    ولا يشتبه على النّاس الباطل المحض ؛ بل لا بدّ أن يشاب بشيء من الحق .
    وكذلك ابن القيم رحمه الله حذر الشبهات والشهوات (
    [8]) أن من سلم من فتنة الشبهات والشهوات جمع له بين الهدى والرحمة والهدى والفلاح.
    ما الفائدة تلقي العلم عن العلماء والمشائخ :
    الجواب وهي ثلاثة فوائد:
    1 ــ فوائد متعلقة باتصال الشيوخ: بأن يأخذ الطالب عن شيخه
    2 ــ فوائد متعلقة بفهم العلم والنصوص والأحكام: وهى أهم فوائد التعلم بالتلقى عن العلماء والسعي لتحصيل هذه الفوائد هو سبب نهى كثير من السلف عن التعلم من الكتب ، واشتهرت بينهم مقولة ( لا تقرءوا القرآن على المصحفيين، ولاتحملوا العلم عن الصحفيين ). ومعناها لا تأخذوا القرآن عمن أخذه بقراءة المصحف لا من الشيوخ مشافهة، ولا تحملوا العلم ممن تعلم من الصحف (أى الكتب) لا من الشيوخ مشافهة.فصول لطالب العلم - (2 / 216)
    هذا إذا كانت الكتب غير مهذبة ومؤلفوها غير معروفين أما إذا كان الكتاب محقق ومهذب ومؤلفه معروف بين العلماء وأنه من أهل السنة والجماعة فهذا من التلقى سواء كان من أمهات السبعة وغيرها من كتب أهل الحق وسواء كانت من الأشرطة وغيرها من الأقراص كالأئمة في عصرنا هذا . وقالت اللجنة كما في فتاوى اللجنة الدائمة - (12 / 99)
    ج: عليك بالدراسة على العلماء المعروفين بعلمهم، وسلامة اعتقادهم، والبعد عن المبتدعة والمخالفين لأهل السنة، ومنهم الشيعة والإمامية ، لا تدرس عليهم، ولا تجالسهم، ولا تراسلهم، ولا تنظر في كتبهم؛ لئلا يضلوك عن سبيل الله، وكذلك ادرس القرآن على مقرئ يجيد القراءة، ويكون سليما في عقيدته ودينه، ولا مانع من الاستماع للأشرطة المسجلة من القرآن لتستفيد منها.
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
    بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز .
    وفي فتاوى اللجنة الدائمة - (12 / 100)
    س2: أنا طالب في كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء ، منتسب (أي: لا أحضر)، أعمل لتوفير مصاريف الجامعة، وكذلك لمساعدة أسرتي بما أستطيع أن أقدمه لهم، وهم يعيشون في القرية، وأنا أكبر إخوتي، ووالدي رجل عاجز عن العمل، وإخوتي كلهم أطفال، ومشكلتي أنني أريد أن أطلب العلم الشرعي عند أحد المشايخ الموثوق بهم، مثل الشيخ مقبل حفظه الله، ولكن مع الأسف لا أستطيع ترك أسرتي، وهم بأمس الحاجة إلى مساعدتي، وأقصى ما أستطيع عمله هو قراءة بعض الكتب التي استطعت شراءها منذ فترة عندما كانت أسعارها رخيصة نسبيا، فما هي نصيحتكم لي؟ وفقكم الله.
    ج2: نوصيك بالاستمرار في طلب العلم الشرعي لدى علماء أهل السنة، ولو كان بالانتساب والقراءة وعدم الانقطاع عنه بقدر الاستطاعة، مع العمل والكسب لتوفير مصاريف الحياة لك ولوالدك ولإخوانك، وأنت مأجور على ذلك إن شاء الله.
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... عضو ... نائب الرئيس ... الرئيس
    بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
    وتلقي العلم في كتب موثقة في غاية الأهمية
    قال عز الدين بن عبدالسلام في جواب سؤال كتبه إليه أبو محمد بن عبدالحميد: وأما الاعتماد على كتب الفقه الصحيحة الموثوق بها فقد اتفق العلماء في هذا العصر على جواز الاعتماد عليها، والإسناد إليها، لأن الثقة قد حصلت بها كما تحصل بالرواية، ولذلك اعتمد الناس على الكتب المشهورة في النحو واللغة والطب وسائر العلوم لحصول الثقة بها وبعد التدليس، ومن زعم أن الناس اتفقوا على الخطأ في ذلك فهو أولى بالخطأ منهم، ولولا جواز الاعتماد على ذلك لتعطل كثير من المصالح المتعلقة بها، وقد رجع الشارع إلى قول الأطباء في صور، وليست كتبهم مأخوذة في الأصل إلا عن قوم كفار، ولكن لما بعد التدليس فيها اعتمد عليها، كما اعتمد في اللغة على أشعار العرب وهم كفار، لبعد التدليس.
    فليعرف طالب العلم قدر نفسه، ولينزلها منزلتها، وليتواضع ويأخذ العلم عن أهله، ولا يغتر بما التقطه من صفحات الكتب بنفسه، دون تلقي العلم على يد أهله، فإن فوق كل ذي علم عليم.
    3 ــ التّأدّب بأدب العلماء: من الحلم والسّكينة والوقار وغيرها من الآداب الفاضلة والتي تنتقل بالمحاكاة من الشيخ إلى طلابه، وقد كان علماء السلف يحرصون على تأديب تلاميذهم كحرصهم على تعليمهم.
    العلم ضد الجهل، فلا بد أن يكون الطالب بصيراً
    والبصيرة: هو العمق في العلم، والتدقيق في المسألة والنظر، وهو أن ينفذ بصر الإنسان في هذا المقروء، وهي منة من الله عز وجل يهبها العبد، وفرقان يفرق به بين الحق والباطل، فليس العلم بكثرة الرواية، إنما العلم بأن يلقى في قلب العبد نور يستبصر به، ويرى به الحق حقاً، والباطل باطلاً. ويجتنب به المعاصي والمنكرات . والعبرة استقامة العبد في دين الله
    قال ابن رجب في فضل علم السلف على الخلف 5
    فليس العلم بكثرة الرواية ولا بكثرة المقال ولكنه نور يقذف في القلب يفهم به العبد الحق ويميز به بينه وبين الباطل ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد.
    ورد عن السلف بعض العبارات التي تفيد هذا المعنى، وأن رأس العلم خشية الله عز وجل، وأنه نور،
    ومن كلمات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى 10 / 665
    وقد أوعبت الأمّة في كلّ فن من فنون العلم إيعابًا فمن نوّر اللّه قلبه هداه بما يبلغه من ذلك ومن أعماه لم تزده كثرة الكتب إلّا حيرةً وضلالًا.
    عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ليس العلم عن كثرة الحديث, ولكن العلم عن كثرة الخشية.
    وقال أحمد بن صالح المصري عن ابن وهب عن مالك قال: إن العلم ليس بكثرة الرواية, وإنما العلم نور يجعله الله في القلب.
    قال أحمد بن صالح المصري: معناه أن الخشية لا تدرك بكثرة الرواية, وإنما العلم الذي فرض الله عز وجل أن يتبع, فإنما هو الكتاب والسنة وما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم من أئمة المسلمين, فهذا, لا يدرك إلا بالرواية, ويكون تأويل قوله: نور يريد به فهم العلم ومعرفة معانيه.
    آداب يحتاجه طالب العلم في نفسه
    من آداب طالب العلم إخلاص النية لله سبحانه وتعالى :
    قال تعالى: (ومآ أمروا إلاّ ليعبدوا اللّه مخلصين له الدّين حنفآء ويقيموا الصّلاة ويؤتوا الزّكاة وذلك دين القيّمة) [البينة / 5]
    وتدبر في (حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الصحيحين) أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    قال : إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه .
    في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال - قال الله تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه .
    عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه كما في الصحيحين : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من سمّع سمّع الله به ومن يرائي يرائي الله به .
    عن أبي أمامة رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتغي به وجهه .رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني كما في صحيح الترغيب والترهيب - (2 / 56)
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة . رواه أبو داوود وابن ماجة قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 6159 في صحيح الجامع والجامع الصغير وزيادته - (1 / 1111)
    وعن جابر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا تماروا به السفهاء و لا لتخيروا به المجالس فمن فعل ذلك فالنار. رواه ابن ماجة قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 7370 في صحيح الجامع والجامع الصغير وزيادته - (1 / 1333)
    من آداب طالب العلم عدم الاسترسال في التنعم والرفاهية :
    عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : البذاذة من الإيمان . رواه ابن ماجة قال الألباني يعني : التقشف
    وعند أبى داود عن أبى أمامة قال ذكر أصحاب رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- يومًا عنده الدّنيا فقال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- « ألا تسمعون ألا تسمعون إنّ البذاذة من الإيمان إنّ البذاذة من الإيمان ». يعنى التّقحّل. قال أبو داود هو أبو أمامة بن ثعلبة الأنصارىّ. قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2879 في صحيح الجامع
    عن معاذ رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إياك و التنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين . قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 2668 في صحيح الجامع
    من آداب طالب العلم أن يحرص على حلق العلم ولو بالتناوب مع زميلٍ له عند ضيق الوقت :
    عند البخاري عن عمر رضي الله عنه قال كنت أنا وجارٌ لى من الأنصار فى بنى أميّة بن زيدٍ ، وهى من عوالى المدينة ، وكنّا نتناوب النّزول على رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - ينزل يومًا وأنزل يومًا ، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحى وغيره ، وإذا نزل فعل مثل ذلك.
    من آداب طالب العلم التحلي بالتواضع :
    عن عياض بن حمار رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد و لا يبغي أحد على أحد . رواه مسلم
    وعند مسلم عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ما نقصت صدقة من مال و ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا و ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
    وفي الصحيحين أنس رضي الله عنه أنه مرّ على صبيان فسلّم عليهم وقال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله .
    وعند البخاري عن الأسود بن يزيد قال سئلت عائشة رضي الله عنها ما كان يصنع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته ؟ قالت : كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة .
    وعند عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم ، قال أصحابه وأنت ؟ فقال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة.
    وعنه أيضاً في البخاري) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لو دعيت إلى ذراعٍ أو كراعٍ لأجبت و لو أهدي إليّ ذراعٍ أو كراعٍ لقبلت .)
    وفي البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : كانت ناقةٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسمى العضباء وكانت لا تسبق ، فجاء أعرابي على قعودٍ له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين فقالوا : سبقت العضباء للّه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن حقاً على الله تعالى أن لا يرفع شيئاً من أمر الدنيا إلا وضعه .
    { تنبيه } : وكلما زاد تواضع طالب العلم زاد مقدار الحكمة عنده وتعلم العلم ومتى تكبر قلّت حكمته ومنع العلم
    عند طبراني عن ابن عباس وعند البزار عن أبي هريرة رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك فإذا تواضع قيل للملك ارفع حكمته و إذا تكبر قيل للملك : دع حكمته .قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 5675 في صحيح الجامع
    من آداب طالب العلم أن يكون علمه مرتكزاً على الكتاب والسنة الصحيحة :
    عند الحاكم عن أبي هريرة رضي الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله و سنتي و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض . قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2937 في صحيح الجامع
    عند أبي داوود وزالترمذي عن المقدام ابن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا ألفينّ أحدكم متكئا على أريكته؛ يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول : بيننا وبينكم هذا القرآن، فما وجدنا فيه من حلال أحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه.
    من آداب طالب العلم أن يتبع سنة الخلفاء الراشدين المهدين إذا وافقوا الكتاب والسنة:
    عند أبي داوود والترمذي عن العرباض بن سارية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و أن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة .
    وعند ابن ماجه عنه : - وعظنا رسول الله صلى الله عليه و سلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب . فقلنا يا رسول الله صلى الله عليه و سلم . إن هذه لموعظة مودع . فما تعهد إلينا ؟ قال ( قد تركتكم على البيضاء . ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هلك . من يعش منكم فيسرى اختلافاً كثيراً . فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين . عضوا عليها بالنواجذ . وعليكم بالطاعة . وإن عبداً حبشياً . فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد ). قال الشيخ الألباني : صحيح
    وقال الشوكاني في الفتح الرباني إن أهل العلم قد أطالوا الكلام في هذا وأخذوا في تأويله بوجوه أكثرها متعسفة والذي ينبغي التعويل عليه والمصير إليه هو العمل بما يدل عليه هذا التركيب بحسب ما تقتضيه لغة العرب فالسنة هي الطريقة فكأنه قال الزموا طريقتي وطريقة الخلفاء الراشدين وقد كانت طريقتهم هي نفس طريقته فإنهم أشد الناس حرصا عليها وعملا بها في كل شيء
    وعلى كل حال كانوا يتوقون مخالفته في أصغر الأمور فضلا عن أكبرها
    وكانوا إذا أعوزهم الدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم عملوا بما يظهر لهم من الرأي بعد الفحص والبحث والتشاور والتدبر وهذا الرأي عند عدم الدليل . تحفة الأحوذي - (7 / 367)
    (وسنة الخلفاء) ؛ لأنهم فيما سنوه إما متبعون لسنة نفسها ، وإما متبعون لما فهموا من سنتي في الجملة والتفصيل على وجه يخفى على غيرهم مثله (الراشدين) أي الذين أوتوا الرشد والسداد في مقاصدهم الصحيحة. (المهديين) أي الذين هداهم الله إلى الحق ، والمعنى : الزموا طريقتهم ، وقد كانت طريقتهم هي نفس طريقته {صلى الله عليه وسلم} ، فإنهم أشد الناس حرصاً عليها ، وعملاً بها في كل شيء ، وعلى كل حال ، فالإضافة إليهم إما لاشتهارها في زمانهم وعملهم بها ، أو لاستنباطهم واختيارهم إياها. مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح - (1 / 622)
    من آداب طالب العلم أن يتعهد الناس بالموعظة خلال الأيام:
    في الصحيحين من حديث ابن مسعودٍ قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة خلال الأيام كراهة السآمة علينا .
    من آداب طالب العلم أن يعظ الناس بما يستطيع:
    في صحيح البخاري من حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : بلغوا عني و لو آية و حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج و من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار .
    وعند مسلم عن جابرٍ قال كان لى خالٌ يرقى من العقرب فنهى رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- عن الرّقى - قال - فأتاه فقال يا رسول اللّه إنّك نهيت عن الرّقى وأنا أرقى من العقرب. فقال « من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ».
    من آداب طالب العلم أن يتعلم قسطاً من البلاغة لاستمالة القلوب :
    في صحيحين عن أبي هريرة قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول « بعثت بجوامع الكلم ، ونصرت بالرّعب ، وبينا أنا نائمٌ أتيت بمفاتيح خزائن الأرض ، فوضعت فى يدى » . وهو عند مسلم عن أبي موسى وعند البخاري عن ابن مسعود قال محمّدٌ وبلغنى أنّ جوامع الكلم أنّ اللّه يجمع الأمور الكثيرة الّتى كانت تكتب فى الكتب قبله فى الأمر الواحد والأمرين . أو نحو ذلك
    { تنبيه } : وليحذر طالب العلم من الإفراط في البلاغة والتقعر في الكلام فإن ذلك مذموم
    عند مسلم من حديث عبد اللّه قال قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- « هلك المتنطّعون ». قالها ثلاثًا.
    وعند الترمذي من حديث عبد الله ابن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها .
    معنى يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها : أن يتشدق بلسانه ويتقعر في الكلام ويتكلف الفصاحة فيلف الكلام لفاً كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفاً .
    عند البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح عن أنس قال: خطب رجل عند عمر، فاكثر الكلام، فقال عمر: " إن كثرة الكلام في الخطب من شقاشق الشيطان".
    قال ابن الأثير: شبه الفصيح المنطيق بالفحل الهادر، ولسانه بشقشقته، ونسبها إلى الشيطان لما يدخل فيه من الكذب والباطل وكونه لا يبالي بما قال. ويشهد له قوله عليه السلام : " إن الله يبغض البليغ من الرجال؛ الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها"
    من آداب طالب العلم أن يتجنب الجدل العقيم الذي لا طائل من ورائه :
    عند الترمذي وابن ماجة عن أبى أمامة قال قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- « ما ضلّ قومٌ بعد هدًى كانوا عليه إلاّ أوتوا الجدل ». ثمّ تلا هذه الآية ( بل هم قومٌ خصمون ).
    وفي الصحيحين من حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن أبغض الرجال عند الله الألد الخصم .
    من آداب طالب العلم أن يكتب ما يتعلمه ليرجع إلى الكتابة كلما أشكل عليه شيء :
    في صحيح أبي داود من حديث عبد الله ابن عمرو قال كنت أكتب كلّ شىءٍ أسمعه من رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه فنهتنى قريشٌ وقالوا أتكتب كلّ شىءٍ تسمعه ورسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- بشرٌ يتكلّم فى الغضب والرّضا فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فأومأ بأصبعه إلى فيه فقال « اكتب فوالّذى نفسى بيده ما يخرج منه إلاّ حقٌّ ». السلسلة الصحيحة - (4 / 45)
    من آداب طالب العلم أن لا يتجرأ على الفتيا :
    عند أبي داود من حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه و من أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه . قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 6068 في صحيح الجامع
    من آداب طالب العلم أن لا يمنعه هيبة الناس أن يقول بحقٍ إذا علمه :
    عند الترمذي وابن ماجه من حديث أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يمنعنّ رجلاً هيبة الناس أن يقول بحقٍ إذا علمه أو شهده أو سمعه . فبكى أبو سعيد وقال وقد والله رأينا أشياء فهبنا وفي الحديث : النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفا من الناس السلسلة الصحيحة - (1 / 322) صحيح الترغيب والترهيب - (3 / 30)
    وفي الصحيحين من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - يقول « إنّ اللّه لا يقبض العلم انتزاعًا ، ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتّى إذا لم يبق عالماً ، اتّخذ النّاس رءوسًا جهّالاً فسئلوا ، فأفتوا بغير علمٍ ، فضلّوا وأضلّوا » .
    قال الذهبي : الصدع بالحق عظيم، يحتاج إلى قوة وإخلاص، فالمخلص بلا قوة يعجز عن القيام به، والقوي بلا إخلاص يخذل، فمن قام بهما كاملا، فهو صديق.
    ومن ضعف، فلا أقل من التألم والانكار بالقلب.ليس وراء ذلك إيمان، فلا قوة إلا بالله. سير أعلام النبلاء - (11 / 234)
    من آداب طالب العلم أن يحذر قرين السوء:
    عند الترمذي وأبي داوود من حديث أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تصاحب إلا مؤمناً و لا يأكل طعامك إلا تقي . قال الشيخ الألباني : حسن
    وفي الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: مثل جليس الصّالح والسّوء، كحامل المسك، ونافخ الكير؛ فحامل المسك إمّا أن يحذيك، وإمّا أن تبتاع منه، وإمّا أن تجد منه ريحًا طيّبةً ونافخ الكير إمّا أن يحرق ثيابك، وإمّا أن تجد ريحًا خبيثةً .
    وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " . رواه أحمد والترمذي وأبو داود والبيهقي في " شعب الإيمان " وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب . وقال النووي : إسناده صحيح . مشكاة المصابيح - (3 / 87)
    وعند أبي زياد الطحان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه رأى رجلاً يشرب قائما فقال له : ( قه ) قال : لمه ؟ قال : أيسرك أن يشرب معك الهر ؟ . قال : لا . قال : فإنه قد شرب معك من هو شر منه ؛ الشيطان . ( وسنده صحيح ) السلسلة الصحيحة - (1 / 337)
    من آداب طالب العلم تعاهد المحفوظات من وقت إلى آخر :
    قال البخاري :حدّثنا المكّىّ بن إبراهيم أخبرنا عبد اللّه بن سعيدٍ - هو ابن أبى هندٍ - عن أبيه عن ابن عبّاسٍ - رضى الله عنهما - قال قال النّبىّ - صلى الله عليه وسلم - « نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النّاس ، الصّحّة والفراغ » .
    في الصحيحين من حديث عائشة، قالت: سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم قارئًا يقرأ من اللّيل في المسجد، فقال: يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا، آيةً أسقطتها من سورة كذا وكذا .
    وفي الصحيحين من حديث حديث ابن عمر، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إنّما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقّلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت .
    وفي الصحيحين من حديث حديث حديث عبد الله بن مسعودٍ قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: بئس ما لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت، بل نسّي؛ واستذكروا القرآن، فإنّه أشدّ تفصّيًا من صدور الرّجال من النّعم .
    وفي الصحيحين من حديث حديث حديث أبي موسى، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: تعاهدوا القرآن، فوالّذي نفسي بيده لهو أشدّ تفصّيًا من الإبل في عقلها .
    ملازمة طالب العلم للأدب
    قال الأوزاعي إن حقاً على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية وأن يكون متبعا لأثر من مضى قبله .
    وقال الربيع سمعت الشافعي يقول أخشى أن أطلب العلم بغير نية أن لا ينتفع به .
    وقال الشافعي رضي الله عنه زينة العلم الورع والحلم وقال أيضاً لا يجمل العلم ولا يحسن إلا بثلاث خلال تقوى الله وإصابة السنة والخشية وقال أيضاً ليس العلم ما حفظ العلم ما نفع .
    وقال أبو قلابة لأيوب إذا حدث لك علم فأحدث فيه عبادة ولا يكن همك أن تحدث به الناس . الآداب الشرعية - (2 / 49)
    وقال لي مخلد بن الحسين : « نحن إلى كثير من الأدب أحوج منا إلى كثير من الحديث » الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب - (1 / 12) الآداب الشرعية - (3 / 524)
    وقال عيسى بن حماد بن قتيبة سمعت الليث ، يقول : - وقد أشرف على أصحاب الحديث فرأى منهم شيئاً - فقال : « أنتم إلى يسير من الأدب أحوج منكم إلى كثير من العلم » الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي - (3 / 110)
    ملازمة طالب العلم بالقناعة
    وعدم طمع الدنيا لأنه هلاك والمذموم في الإسلام
    قال الله سبحانه وتعالى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا }[الأحزاب : 32]
    وقال الله سبحانه وتعالى {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا () وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا () وَبَنِينَ شُهُودًا () وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا () ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ () كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا () سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا } [المدثر : 11 - 17]
    وقال الإمام مسلم :حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قالا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَعَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ لاَ أَقُولُ لَكُمْ إِلاَّ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ كَانَ يَقُولُ « اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِى تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا ».
    وفي الصحيحين من حديث عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ: أَعْطِهِ مَنْ هُوَ أَفْقَرُ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ: خُذْهُ، إِذَا جَاءَكَ مِنْ هذَا الْمَالِ شَيْءٌ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلاَ سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَمَا لاَ، فَلاَ تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ
    وفي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: لاَ يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الأَمَلِ
    وفي الصحيحين من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ الْمَالِ وَطُولُ الْعُمُرِ
    وقال الإمام مسلم : وَحَدَّثَنِى أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ قَالاَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « قَلْبُ الشَّيْخِ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَيْنِ طُولُ الْحَيَاةِ وَحُبُّ الْمَالِ ». « حُبِّ الْعَيْشِ وَالْمَالِ ».
    وعند الإمام مسلم : من حديث أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ ».
    وفي الصحيحين من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَوْ أَنَّ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ
    وفي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: لَوْ أَنَّ لاِبْنِ آدَمَ مِلْءَ وَادٍ مَالاً لأَحَبَّ أَنَّ لَهُ إِلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلاَ يَمْلأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ
    وفي سنن الترمذي من حديث كعب بن مالك الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :« مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلاَ فِى غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ ».(
    [9]) قال الشيخ الألباني : صحيح
    وعند ابن عدي والبزار من حديث أنس وابن عباس قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : منهومان لا يشبعان طالب علم و طالب دنيا . قال الشيخ الألباني : ( صحيح )
    قال الشاعر :
    العبدُ حرٌّ إن قَنَعْ والحرُّ عبدٌ إن طبع فاقنعْ ولا تطمعْ فلاَ شيءٌ يشينُ سوى الطمع
    وقال الأخر : أطَعتُ مَطامِعي فاستَعْبَدَتني ولَوْ أنِّي قنعتُ لَكُنْتُ حرَّاً
    وقال الأخر : حسبي بعلمِ إن نفعْ ما الذُّلُّ إلا في الطمعْ مَن رَاقَبَ الله رَجَع عن سوء ما كانَ صنعْ
    قال الإمام مالك : هي القناعة لا أرضى بها بدلاً
    فيها النعيم وفيها راحة البدن
    وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها
    هل فاز منها بغير اللحد والكفن
    طالب العلم يحرص على تدوين الفوائد وملازمة الدروس
    قال النووي : ولا يحتقرن فائدة يراها أو يسمعها في أي فن كانت بل يبادر إلى كتابتها ثم يواظب على مطالعة ما كتبه وليلازم حلقة الشيخ وليعتن بكل الدروس ويعلق عليها ما أمكن فان عجز اعتنى بالاهم .المجموع شرح المهذب (1 / 39)
    طالب العلم يسلك سبيل أهل السنة والجماعة ولا يتكلم بغير علم
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فمن سلك سبيل أهل السنة استقام قوله وكان من أهل الحق والاستقامة والاعتدال وإلا حصل في جهل وكذب وتناقض كحال هؤلاء الضلال. منهاج السنة النبوية - (4 / 168)
    وقال أيضاً : وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي الدِّينِ بِلَا عِلْمٍ كَانَ كَاذِبًا وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ . مجموع الفتاوى - (10 / 449)
    وقال أيضاً : وَمَنْ نَسَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَاطِلَ خَطَأً فَإِنَّهُ يُعَرَّفُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ عُوقِبَ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الدِّينِ بِلَا عِلْمٍ وَلَا يُعِينَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الدِّينِ بِلَا عِلْمٍ أَوْ أَدْخَلَ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ . مجموع الفتاوى - (22 / 240)
    وقال العلامة ابن الوزير : والسُّنيُّ يؤمِنُ بآيات الله تعالى، وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أول الأمر، ولا يقفُو ما ليس لَهُ به علمٌ من التأويل . العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (5/ 279)
    طالب العلم يلازم أهل الحديث
    قال أبو محمد هبة الله بن الحسن الشّيرازي:
    عليك بأصحاب الحديث فإنهم ... على منهج ما زال بالدين معلما
    وما النور إلاّ في الحديث وأهله ... إذا ما دجى الليل البهيم وأظلما
    فأعلى البرايا من إلى السّنن اعتزى ... وأغوى البرايا من إلى البدع انتمى
    ومن يترك الآثار ظل بسعيه ... وهل يترك الآثار من كان مسلماً .الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - (1/ 10)
    طالب العلم يحذر من كتب أهل البدع وأشرطتهم
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مِثْلَ هَؤُلَاءِ اعْتَقَدُوا رَأْيًا ثُمَّ حَمَلُوا أَلْفَاظَ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُمْ سَلَفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَلَا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا فِي رَأْيِهِمْ وَلَا فِي تَفْسِيرِهِمْ وَمَا مِنْ تَفْسِيرٍ مِنْ تَفَاسِيرِهِمْ الْبَاطِلَةِ إلَّا وَبُطْلَانُهُ يَظْهَرُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ وَذَلِكَ مِنْ جِهَتَيْنِ: تَارَةً مِنْ الْعِلْمِ بِفَسَادِ قَوْلِهِمْ وَتَارَةً مِنْ الْعِلْمِ بِفَسَادِ مَا فَسَّرُوا بِهِ الْقُرْآنَ إمَّا دَلِيلًا عَلَى قَوْلِهِمْ أَوْ جَوَابًا عَلَى الْمُعَارِضِ لَهُمْ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَكُونُ حَسَنَ الْعِبَارَةِ فَصِيحًا وَيَدُسُّ الْبِدَعَ فِي كَلَامِهِ وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ كَصَاحِبِ الْكَشَّافِ وَنَحْوِهِ حَتَّى إنَّهُ يُرَوِّجُ عَلَى خَلْقٍ كَثِيرٍ مِمَّنْ لَا يَعْتَقِدُ الْبَاطِلَ مِنْ تَفَاسِيرِهِمْ الْبَاطِلَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ. مجموع الفتاوى (13/ 358)
    و قَالَ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِي: شَحَنَ أَبُو حَامِدٍ "الإِحيَاء" بِالكَذِبِ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلاَ أَعْلَمُ كِتَاباً عَلَى بَسِيط الأَرْضِ أَكْثَرَ كذباً مِنْهُ، ثُمَّ شبَّكَهُ بِمَذَاهِبِ الفَلاَسِفَة، وَمعَانِي رَسَائِل إِخْوَانِ الصَّفَا، وَهُم قَوْم يَرَوْنَ النُّبُوَّة مكتَسَبَة، وَزعمُوا أَنَّ المعجزَاتِ حِيَلٌ وَمَخَارِيقُ. سير أعلام النبلاء - (14/ 273)
    وعليك بالدراسة على العلماء المعروفين بعلمهم، وسلامة اعتقادهم، والبعد عن المبتدعة والمخالفين لأهل السنة، ومنهم الشيعة والإمامية ، لا تدرس عليهم، ولا تجالسهم، ولا تراسلهم، ولا تنظر في كتبهم؛ لئلا يضلوك عن سبيل الله، وكذلك ادرس القرآن على مقرئ يجيد القراءة، ويكون سليما في عقيدته ودينه، ولا مانع من الاستماع للأشرطة المسجلة من القرآن لتستفيد منها.
    وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
    اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
    عضو ... عضو ... عضو ... عضو ... الرئيس
    بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز . فتاوى اللجنة الدائمة (12 / 99)
    ويليها نصيحة مهمة لطلبة العلم وإليك نصها
    قال الإمام المحدث العلامة مقبل بن الهادي الوادعي رحمه الله
    بسم الله الرحمن الرحيم
    أنصح إخواني في الله طلبة العلم بأمور مختصرة لا يتسع المقام لبسطها , إذ قد ألفت المؤلفات في فضل العلم وأهله , فأنصحهم ب:
    1- الإخلاص لله :(
    [10])
    قال الله سبحانه وتعالى : { وما أمروا إلا ليعدوا الله مخلصين له الدين } البينة5
    وفي ((الصحيحين)) :عن عمر - رضي اللّه عنه - عن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - : (( إنما الأعمال بالنيات , وإنما لكل امرىء ما نوى , فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله , ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها , أو امرأة ينكحها , فهجرته إلى ما هاجر إليه )) , فلا يطلب العلم لشهادة , ولا لآراب أخر .
    2- الصبر على تحصيل العلم ومذاكرته ورعايته وصيانته وتبليغه :(
    [11])
    قال الله سبحانه وتعالى : { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا } السجدة:24
    وفي ((الصحيح)) : عن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - أنه قال : (( الصبر ضياء )).
    وقال يحيى بن ابي كثير لولده : لا يستطاع العلم براحة الجسم .
    وقال عبدالله بن عمر : قل لطالب العلم يتخذ نعلين من حديد .
    3-تقوى الله :
    قال الله سبحانه وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا } الأنفال:29
    وقال سبحانه وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم } الحديد:8
    وقال سبحانه وتعالى : { واتقوا الله ويعلمكم الله } البقرة:282 .
    4- الاستمرار والمداومة على طلب العلم :(
    [12])
    وقد كان أحب العمل إلى رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - : أدومه .
    ورب طالب يتوقد ذكاء ولكنه ينقطع عن طلب العلم , أو يسأم , فلا يفلح فيه , وأبو هريرة - رضي اللّه عنه - يقول : لقد كنت امرأ مسكينا ألزم رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - على ملء بطني . فصار أبو هريرة حافظ الصحابة رضي الله عنهم , وسفيان بن عيينة لازم عمرو بن دينار نحو عشرين سنة فصار أثبت الناس فيه , ومحمد ابن جعفر (غندر) لازم شعبة عشرين سنة فصار كتابه هو الحكم في حديث شعبة .
    ويكون ذلك مع محبة العلم والرغبة فيه ,
    وشعبة بن الحجاج رحمه الله يقول في حديث : لو صح لي لكان أحب إلي من أهلي ومالي وولدي والناس أجمعين , وتكون أيضاً بعيداً عن المشاكل والشواغل التي تشغلك عن طلب العلم .
    هذا وإني أنصحك أيها الطالب ! بالاهتمام بكتب علمائنا المتقدمين مثل : الامهات الست ومسند أحمد وغيرها من كتب علمائنا رحمهم الله . وليس معناه ألا تستفيد من كتب أهل السنة المتأخرين .
    وهكذا أنصحك بالتخصص بعد أن تلم بما تحتاج إليه من العلوم الدينية , والتخصص له أصل , ففي الصحيحين : عن حذيفة - رضي اللّه عنه - قال : كان الناس يسألون رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - عن الخير , وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني . فذكر الحديث , وأقره النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - على ذلك .
    وتحرص على الازدياد من العلم كل يوم , ففي الصحيحين عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - : (( لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل , وآناء النهار , ورجل آتاه الله هذا الكتاب فهو يقوم به آناء الليل آناء النهار )).
    بل الله عز وجل يقل في كتابه لنبيه محمد - صلّى اللّه عليه وسلّم - : { وقل رب زدني علما } طه:114 , ويحرص على الانتقام بما علم , فقد قال الله سبحانه وتعالى : { مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا } الجمعة:5 , وكان النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - يستعيذ بالله من علم لا ينفع .
    5- أنصحك بالتواضع لله وترك التكبر :
    قال الله سبحانه وتعالى : { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين } الأعراف:146 , وعن مجاهد رحمه الله أنه قال :لا ينال العلم مستح ولا متكبر .
    6- شكر العلماء الذين استفدت منهم والدعاء لهم والترحم عليهم (
    [13]):
    فقد روى أبو داود في سننه عن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - , عن النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - : (( لا يشكر الله من لا يشكر الناس )) .
    7- البعد عن اهل البدع وكتبهم وعلماء السوء وكتبهم :
    لأن الله سبحانه وتعالى يقول : { واتبع سبيل من أناب إلي } لقمان:15 .
    والرسول - صلّى اللّه عليه وسلّم - يقول : (( أخوف ما أخاف على أمتي : منافق عليم اللسان )) .
    بل الله عز وجل يقول : { يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله } التوبة:34 .
    8- الحرص على مجالسة الصالحين وأهل الفضل :
    قال الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد - صلّى اللّه عليه وسلّم - : { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطاً }(
    [14]) الكهف:28 .
    وقال سبحانه وتعالى : { ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً - يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا - لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جائني وكان الشيطان للإنسان خذولاً } الفرقان:27-29 .
    وفي الصحيحين : عن ابي موسى الأشعري - رضي اللّه عنه - قال : قال رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - : (( مثل الجليس الصالح وجليس السوء , كحامل المسك ونافخ الكير , فحامل المسك إما أن يحذيك , وإما أن تبتاع منه , وإما أن تجد منه ريحا طيبة , ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك , إما أن تجد منه ريحا منتنة )).
    فعلى هذا فأنصحك بالبعد عن هذه الحزبيات البتدعة , وعن هذه الجماعات البتدعة : كجماعة الإخوان المسلمين , وجماعة التبيغ , وجماعة الجهاد الجاهلة الحمقاء , وعليك أن تحرص على مجالسة أهل العلم من أهل السنة ومشاورتهم فيما يحدث , وإياك ووساوس الحزبيين فإنها أشبه بوساوس الشيطان : { يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا } } النساء:120 .
    ولا إله إلا الله , كم من شاب صالح حافظ للقرآن مبرز في علم السنة , أفسده الحزبيون بأمانيهم الكاذبة , وسيسألون أمام الله عز وجل عن هذا التضليل , وحسبنا الله ونعم الوكيل .
    9- المحافظة على الوقت والصحة : (
    [15])
    فقد روى البخاري في ((صحيحه)) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - : (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة , والفراغ )) .
    10- الاهتمام باللغة العربية :
    فتأخذ من اللغة العربية ما يستقيم به لسانك , وما تعرف به ارتباط المعاني .
    11-الرحلة في طلب العلم : (
    [16])
    ولها أصل أصيل , وقد رحل نبي الله موسى عليه السلام من أجل مسألة من نافلة العلم , والغربة تساعدك على الفراغ لتحصيل العلم .
    12-الابتعاد عن التقليد : (
    [17]
    )
    قال الله سبحانه وتعالى : { ولا تقف ما ليس لك به علم } الاسراء:36 .
    13- البعد عن الجدل :
    فقد روى الترمذي في ((جامعه)) , عن أبي أمامة الباهلي - رضي اللّه عنه - قال : قال رسول الله - صلّى اللّه عليه وسلّم - : (( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه , إلا أتوا الجدل )) , ثم قرأ : { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون } الزخرف:58 , ولا تتعصب لرأيك في اختلاف الأفهام , ولا في اختلاف التنوع , حتى لا تدعو الناس إلى التقليد وأنت تشعر , أو لا تشعر .
    14- التثبت في الفتوى :
    قال الله سبحانه وتعالى : { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون } النحل:116 .
    هذا , ولا تكفي هذه العجالة لنصيحة طالب العلم , فأنصحه بالرجوع إلى (( جامع بيان العلم وفضله )) لابن عبد البر , وكتاب ((العلم)) لأبي خيثمة زهير بن حرب , وكتاب ((العلم))من ((صحيح البخاري)) , ومن ((الصحيح مسلم)) وغيرها من دواوين الإسلام .

    وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .

    أخوكم :أبوعبدالرحمن/مقبل بن هادي الوادعي

    تمت الرسالة بحمد الله كتبها أبو سفيان الزيلعي الزبيري بمدينة بورما


    [1] - فقد كتبت في هذا الشرط رسالة بعنوان - زجر السفهاء عن اتباع الهواء ورخص الفقهاء .

    [2] - الفتوة: حداثة السن .

    [3] - قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) انظر حديث رقم : 3863 في ضعيف الجامع ومشكاة المصابيح - (3 / 63) والجامع الصغير وزيادته - (1 / 830)

    [4] - قال الشيخ الألباني : ( موضوع ) انظر حديث رقم : 2915 في ضعيف الجامع و سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة - (1 / 331)

    [5] - قال الشيخ الألباني : ( ضعيف ) انظر حديث رقم : 4935 في ضعيف الجامع .

    [6] - قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 5838 في صحيح الجامع .

    [7] - مجموع الفتاوى - (11 / 697) مجموع الفتاوى - (3 / 360) مجموع الفتاوى - (7 / 528) مجموع الفتاوى - (10 / 95) مجموع الفتاوى - (10 / 141) مجموع الفتاوى - (10 / 145) مجموع الفتاوى - (10 / 637) مجموع الفتاوى - (13 / 9) مجموع الفتاوى - (15 / 336) مجموع الفتاوى - (15 / 341) مجموع الفتاوى - (15 / 400) مجموع الفتاوى - (20 / 125) مجموع الفتاوى - (22 / 401) مجموع الفتاوى - (22 / 607) مجموع الفتاوى - (27 / 474) اقتضاء الصراط - (1 / 25) اقتضاء الصراط - (1 / 26) درء تعارض العقل والنقل - (2 / 391) قاعدة في المحبة - (1 / 208) منهاج السنة النبوية - (4 / 328) منهاج السنة النبوية - (5 / 111) منهاج السنة النبوية - (5 / 189) منهاج السنة النبوية - (7 / 351) مجموع الفتاوى - (3 / 62) مجموع الفتاوى - (8 / 37) تاج العروس من جواهر القاموس - (18 / 468)

    [8] - إغاثة اللهفان (2 / 169) . الوابل الصيب (1 / 72) مدارج السالكين (1 / 10) - (1 / 349) . مفتاح دار السعادة (1 / 40) مفتاح دار السعادة - (1 / 140)

    [9] - قال الطيبي : ما بمعنى ليس وذئبان اسمها وجائعان صفة له .
    وأرسلا في غنم الجملة في محل الرفع على أنها صفة بعد صفة وقوله بأفسد خبر لما والباء زائدة وهو أفعل تفضيل .
    ومعناه ليس ذئبان جائعان أرسلا في جماعة من جنس الغنم بأشد إفسادا لتلك الغنم من حرص المرء على المال والجاه فإن إفساده لدين المرء أشد من إفساد الذئبين الجائعين لجماعة من الغنم إذا أرسلا فيها . تحفة الأحوذي - (7 / 39)

    [10] - أدلة الإخلاص كثيرة نذكر ما تيسر منها
    قال الله سبحانه وتعالى : { إنّا أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ فاعبد اللّه مخلصًا له الدّين (2) ألا للّه الدّين الخالص والّذين اتّخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلّا ليقرّبونا إلى اللّه زلفى إنّ اللّه يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إنّ اللّه لا يهدي من هو كاذبٌ كفّارٌ }[الزمر : 2 ، 3]
    وقال جل وعلى في كتابه : { قل إنّي أمرت أن أعبد اللّه مخلصًا له الدّين (11) وأمرت لأن أكون أوّل المسلمين (12) قل إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يومٍ عظيمٍ (13) قل اللّه أعبد مخلصًا له ديني } [الزمر : 11 - 14]
    وقال الله تعالى : { قل أمر ربّي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كلّ مسجدٍ وادعوه مخلصين له الدّين كما بدأكم تعودون } [الأعراف : 29]
    وقال سبحانه : { فادعوا اللّه مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون } [غافر : 14]
    وقال الله عز وجل :{ هو الحيّ لا إله إلّا هو فادعوه مخلصين له الدّين الحمد للّه ربّ العالمين } [غافر : 65]
    وقال الله :{ وما أمروا إلّا ليعبدوا اللّه مخلصين له الدّين حنفاء ويقيموا الصّلاة ويؤتوا الزّكاة وذلك دين القيّمة } [البينة : 5]
    ومن عجيب الإخلاص كان الكفار يخلصون الدعاء لله سبحانه وتعالى إذا اشتد عليهم الأمر ونزل بهم الشدائد والنكبات تركوا ألهم وما يعبدون من دون الله التجؤوا إلى الله سبحانه وتعالى كما ذكر الله في كتابه . وإذا مسّكم الضّرّ في البحر ضلّ من تدعون إلّا إيّاه فلمّا نجّاكم إلى البرّ أعرضتم وكان الإنسان كفورًا [الإسراء : 67]
    وقال الله تعالى عنهم : { هو الّذي يسيّركم في البرّ والبحر حتّى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريحٍ طيّبةٍ وفرحوا بها جاءتها ريحٌ عاصفٌ وجاءهم الموج من كلّ مكانٍ وظنّوا أنّهم أحيط بهم دعوا اللّه مخلصين له الدّين لئن أنجيتنا من هذه لنكوننّ من الشّاكرين (22) فلمّا أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحقّ يا أيّها النّاس إنّما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدّنيا ثمّ إلينا مرجعكم فننبّئكم بما كنتم تعملون } [يونس : 22 ، 23]
    وقال تعالى : {فإذا ركبوا في الفلك دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ إذا هم يشركون (65) ليكفروا بما آتيناهم وليتمتّعوا فسوف يعلمون } [العنكبوت : 65 ، 66]
    وقال سبحانه :{ وإذا غشيهم موجٌ كالظّلل دعوا اللّه مخلصين له الدّين فلمّا نجّاهم إلى البرّ فمنهم مقتصدٌ وما يجحد بآياتنا إلّا كلّ ختّارٍ كفورٍ } [لقمان : 32]
    عند البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله :أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال : لا إله إلا الله خالصا مخلصا من قلبه .
    وعند الترمذي عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنب الكبائر . قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 5648 في صحيح الجامع
    وعند البزار من حديث عمر و أبي سعيد قالا قال رسول الله أذن في الناس أنه من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصاً دخل الجنة .قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 851 في صحيح الجامع
    قال سهل بن عبد اللّه : " الدّنيا جهلٌ ومواتٌ إلّا العلم ، والعلم كلّه حجّةٌ إلّا العمل به ، والعمل كلّه هباءٌ إلّا الإخلاص ، والإخلاص على خطرٍ عظيمٍ حتّى يختم به .اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي - (1 / 29) السلسة الضعيفة - (1 / 174)
    قال : وسمعت أبا عبد اللّه الرّوذباريّ ، يقول : " العلم موقوفٌ على العمل ، والعمل موقوفٌ على الإخلاص ، والإخلاص للّه يورّث الفهم عن اللّه عزّ وجلّ .اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي - (1 / 32)
    من أهمية الإخلاص كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله سبحانه كما عند النسائ والحاكم من حديث عن عمار بن ياسر: اللهم بعلمك الغيب و قدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي و توفني إذا علمت الوفاة خيرا لي اللهم و أسألك خشيتك في الغيب و الشهادة و أسألك كلمة الإخلاص في الرضا و الغضب و أسألك القصد في الفقر و الغنى و أسألك نعيما لا ينفد و أسألك قرة عين لا تنقطع و أسألك الرضا بالقضاء و أسألك برد العيش بعد الموت و أسألك لذة النظر إلى وجهك و الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة و لا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان و اجعلنا هداة مهتدين .قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1301 في صحيح الجامع الجامع الصغير وزيادته - (1 / 219)صحيح الترغيب والترهيب - (1 / 2)
    وعن مصعب بن سعد عن أبيه رضي الله عنه : أنه ظن أن له فضلاً على من دونه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم . رواه النسائي وغيره وهو في البخاري وغيره دون ذكر الإخلاص
    قال الألباني ولكن العلم إذا لم يقترن معه الإخلاص والنزاهة في الأخلاق كان ضرره على صاحبه أكثر من نفعه كما يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه ) رواه الطبراني والضياء المقدسي في " المختارة " عن جندب وإسناده جيد . وأنظر " صحيح الترغيب " ( 1 / 56 / 127 ) قيام رمضان - (5)

    [11] - الصبر على الجوع والتعب وذل النفس
    قال البخاري :حدّثنا عبد العزيز بن عبد اللّه قال حدّثنى مالكٌ عن ابن شهابٍ عن الأعرج عن أبى هريرة قال إنّ النّاس يقولون أكثر أبو هريرة ، ولولا آيتان فى كتاب اللّه ما حدّثت حديثًا ، ثمّ يتلو ( إنّ الّذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات ) إلى قوله ( الرّحيم ) إنّ إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصّفق بالأسواق ، وإنّ إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل فى أموالهم ، وإنّ أبا هريرة كان يلزم رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بشبع بطنه ويحضر ما لا يحضرون ، ويحفظ ما لا يحفظون .
    قال أبو الدّرداء: «كنت تاجرًا قبل أن يبعث , محمّدٌ صلّى الله عليه وسلّم , فزاولت التّجارة والعبادة , فلم تجتمعا , فاخترت العبادة وتركت التّجارة» .الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 185)
    وقال الشّافعيّ: «والنّاس طبقاتٌ في العلم , موقعهم من العلم بقدر درجاتهم فيه , فحقّ على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه , والصّبر على كلّ عارضٍ دون طلبه , وإخلاص النّيّة للّه في إدراك علمه نصًّا واستنباطًا والرّغبة إلى اللّه في العون عليه , فإنّه لا يدرك خيرٌ إلّا بعونه» الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 204)
    وقال يحيى بن أبي كثيرٍ: «لا يستطاع طلب العلم براحة الجسم» الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 205)
    وقال يحيى بن أبي كثيرٍ , يقول: «ليس يطلب العلم براحة البدن» بلغني عن بعض الحكماء أنّه قال [ص:206]: أيّها المتعلّم إنّك إن لم تصبر على تعب العلم , صبرت على شقاء الجهل . الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 205)
    وقال محمد بن أفلاطون محبّ الشّرف هو: الّذي يتعب نفسه بالنّظر في العلم . الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 206)
    وقال: حرملة سمعت الشّافعيّ , يقول: «لا يطلب أحدٌ هذا العلم بالملك وعزّ النّفس فيفلح , ولكن من طلبه بذلّ النّفس وضيق العيش وخدمة العلماء أفلح» الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 184)
    وقال مالك بن أنسٍ: «لا يبلغ أحدٌ من هذا العلم ما يريد حتّى يضرّ به الفقر , ويؤثره على كلّ شيءٍ» الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 186)
    وقال الشّافعيّ: «لا يدرك العلم إلّا بالصّبر على الضّرّ» الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 186)
    وقال أيضاً : «لا يصلح طلب العلم إلّا لمفلسٍ» فقيل: ولا الغنيّ المكفيّ , فقال: «ولا الغنيّ المكفيّ» الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 187)
    وقال إبراهيم الآجرّيّ ,: «من طلب العلم بالفاقة ورث الفهم» الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 186)
    وقال الشّافعيّ قال محمّد بن الحسن، «لا يفلح في هذا الأمر إلّا من أحرق البنّ قلبه» جامع بيان العلم وفضله (1/ 412)
    وقال محمّد بن الحسن: «لا يفلح في هذا الشّأن - يعني العلم - إلا من أقرح البرّ قلبه» قال أبو بكرٍ: ولن يصبر على الحال الصّعبة إلّا من آثر العلم على ما عداه، ورضي به عوضًا من كلّ شيءٍ سواه .الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (1/ 105)
    وقال عليّ بن المدينيّ: " إذا رأيت الحدث أوّل ما يكتب الحديث يجمع حديث الغسل وحديث من كذب فاكتب على قفاه: لا يفلح " .الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (2/ 301)
    وقال مالكٌ: «إنّ هذا الأمر لن ينال حتّى يذاق فيه طعم الفقر، وذكر ما نزل بربيعة من الفقر في طلب العلم حتّى باع خشب سقف بيته في طلب العلم وحتّى كان يأكل ما يلقى على مزابل المدينة من الزّبيب وعصارة التّمر» جامع بيان العلم وفضله (1/ 410)

    [12] - قال الإمام مسلم : حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة وابن نميرٍ قالا حدّثنا عبد اللّه بن إدريس عن ربيعة بن عثمان عن محمّد بن يحيى بن حبّان عن الأعرج عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- « المؤمن القوىّ خيرٌ وأحبّ إلى اللّه من المؤمن الضّعيف وفى كلٍّ خيرٌ احرص على ما ينفعك واستعن باللّه ولا تعجز وإن أصابك شىءٌ فلا تقل لو أنّى فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل قدر اللّه وما شاء فعل فإنّ لو تفتح عمل الشّيطان ».
    قال الرّبيع بن سليمان سمعت الشّافعيّ , يقول: " يحتاج طالب العلم إلى ثلاث خصالٍ: أوّلها: طول العمر , والثّانية: سعة اليد , والثّالثة الذّكاء " قلت: أما طول العمر , فإنّما قصد به: دوام الملازمة للعلم , وأراد بسعة اليد: أن لا يشتغل بالاحتراف , وطلب التّكسّب , فإذا استعمل القناعة أغنته عن كثيرٍ من ذلك كما: إذا ما اقتنع العبد ... كفاه أيسر الرّزق
    وإذا عمّق في الرّزق ... تراه الدّهر في الرّقّ»
    وإذا رزقه اللّه تعالى الذّكاء فهو أمارة سعادته , وسرعة بلوغه إلى بغيته الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 188)
    ومداومة العلم يوصلك إلى الجنة قال الإمام مسلم : حدّثنا يحيى بن يحيى التّميمىّ وأبو بكر بن أبى شيبة ومحمّد بن العلاء الهمدانىّ - واللّفظ ليحيى - قال يحيى أخبرنا وقال الآخران حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالحٍ عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- « من نفّس عن مؤمنٍ كربةً من كرب الدّنيا نفّس اللّه عنه كربةً من كرب يوم القيامة ومن يسّر على معسرٍ يسّر اللّه عليه فى الدّنيا والآخرة ومن ستر مسلمًا ستره اللّه فى الدّنيا والآخرة واللّه فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل اللّه له به طريقًا إلى الجنّة وما اجتمع قومٌ فى بيتٍ من بيوت اللّه يتلون كتاب اللّه ويتدارسونه بينهم إلاّ نزلت عليهم السّكينة وغشيتهم الرّحمة وحفّتهم الملائكة وذكرهم اللّه فيمن عنده ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه ».

    [13] - عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم :" من صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه " رواه أحمد وغيره ) . صحيح . أخرجه أحمد ( 2 / 68 ، 99 ، 127 ) وكذا البخاري في " الأدب المفرد " ( 216 ) وأبو داود ( 1672 ، 5109 ) والنسائي ( 1 / 358 ) والحاكم ( 1 / 412 ، 412 - 413 ) من طرق عن الأعمش عن مجاهد به بلفظ من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سأل بالله فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه ومن صنع إليكم . . . " إلى آخر الحديث واللفظ لأبي داود فلو أن المصنف عزاه إليه لكان أولى لأن لفظ أحمد والأخرين وهو رواية لأبى داود : " ومن أتى إليكم معروفا . . . " وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي . قال الألباني : وهو كما قالا . إرواء الغليل - (6 / 60)
    عن معمرٍ , عن ابن طاوسٍ , عن أبيه , قال: " من السّنّة أن يوقّر , أربعةٌ: العالم , وذو الشّيبة , والسّلطان والوالد " الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 380)
    قال الخطيب : يجب على المتعلّم الاعتراف بفضل الفقيه , والإقرار بأنّ العلم من جهته اكتسبه , وعنه أخذه .الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 281)


    [14] - قال ابن القيم : فإذا أراد العبد أن يفتدي برجل فلينظر : هل هو من أهل الذكر أو من الغافلين ؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي فإن كان الحاكم عليه هو الهوى وهو من أهل الغفلة كان أمره فرطا ومعنى الفرط قد فسر بالتضييع أي أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به وبه رشده وفلاحه ضائع قد فرط فيه وفسر بالاسراف أي قد أفرط وفسر بالإهلاك وفسر بالخلاف للحق وكلها أقوال متقاربة والمقصود أن الله سبحانه وتعالى نهى عن طاعة من جمع هذه الصفات فينبغي للرجل أن ينظر في شيخه وقدوته ومتبوعه فإن وجده كذلك فليبعد منه وإن وجده ممن غلب عليه ذكر الله تعالى عز و جل واتباع السنة وأمره غير مفروط عليه بل هو حازم في أمره فليستمسك بغرزه ولا فرق بين الحي والميت إلا بالذكر فمثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت . الوابل الصيب - (56)

    [15] - قال الخطيب البغدادي : باب القول في التّحفّظ وأوقاته وإصلاح ما يعرض من علله وآفاته اعلم أنّ للحفظ ساعاتٍ , ينبغي لمن أراد التّحفّظ أن يراعيها وللحفظ أماكن ينبغي للمتحفّظ أن يلزمها فأجود الأوقات: الأسحار , ثمّ بعدها وقت انتصاف النّهار , وبعدها الغدوات دون العشيّات , وحفظ اللّيل أصلح من حفظ النّهار قيل لبعضهم: بم أدركت العلم؟ فقال: بالمصباح , والجلوس إلى الصّباح وقيل لآخر , فقال: بالسّفر , والسّهر , والبكور في السّحر .الفقيه والمتفقه (2/ 207)
    قال: سمعت إبراهيم بن سيّارٍ النّظّام , يقول [ص:205]: " العلم: شيءٌ لا يعطيك بعضه حتّى تعطيه كلّك , وأنت إذا أعطيته كلّك , من إعطائه البعض على خطرٍ ". الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 204)
    الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (2/ 265)
    قيل لحمّاد بن زيدٍ: ما أعون الأشياء على الحفظ؟ قال: قلّة الغمّ " وليس يكون قلّة الغمّ إلّا مع خلوّ السّرّ وفراغ القلب. واللّيل أقرب الأوقات من ذلك .
    قال ابن القيم إلى أحد إخوانه (ص: 5)
    وكل آفة تدخل على العبد فسببها ضياع الوقت وفساد القلب وتعود بضياع حظه من الله ونقصان درجته ومنزلته عنده ولهذا وصّى بعض الشّيوخ فقال احذروا مخالطة من تضيع مخالطته الوقت وتفسد القلب فإنّه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها وكان ممّن قال الله فيه {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً}
    ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم إلّا أقل القليل ممّن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى واتبعوا أهواءهم وصارت أمورهم ومصالحهم {فرطاً} أي فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصلاحهم واشتغلوا بما لا ينفعهم بل يعود بضررهم عاجلاً وآجلاً
    وهؤلاء قد أمر الله سبحانه رسوله ألا يطيعهم فطاعة الرّسول لاتتم إلّا بعدم طاعة هؤلاء فإنّهم إنّما يدعون إلى ما يشاكلهم من اتّباع الهوى والغفلة عن ذكر الله
    قال ابن القيم : إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدّار الآخرة والموت يقطعك عن الدّنيا وأهلها الدّنيا من أولها إلى آخرها لا تساوي غم ساعة فكيف بغم العمر محبوب اليوم يعقب المكروه غدا .الفوائد(ص: 31)

    [16] - المقصود في الرحلة في الحديث أمران أحدهما تحصيل علو الإسناد وقدم السماع والثاني لقاء الحفاظ والمذاكرة لهم والاستفادة عنهم
    فإذا كان الأمران موجودين في بلد الطالب ومعدومين في غيره فلا فائدة في الرحلة والاقتصار على ما في البلد أولى .الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع - (2 / 223)
    وقد ثبت في الكتاب والسنة ما يدل على ذلك
    قال الله سبحانه وتعالى : {وما كان المؤمنون لينفروا كافّةً فلولا نفر من كلّ فرقةٍ منهم طائفةٌ ليتفقّهوا في الدّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلّهم يحذرون} [التوبة: 122]
    وقال سبحانه : {فلمّا جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبًا (62) قال أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبًا (63) قال ذلك ما كنّا نبغ فارتدّا على آثارهما قصصًا (64) فوجدا عبدًا من عبادنا آتيناه رحمةً من عندنا وعلّمناه من لدنّا علمًا} [الكهف: 62 - 65]

    [17] - تعريف التقليد لغة واصطلاحاً :
    التقليد في اللغة: وضع الشيء في العنق محيطاً به، وذلك الشيء يسمى قلادة، والجمع قلائد، ومنه تقليد الهدي، فكأن المقلد جعل الحكم الذي قلد فيه المجتهد كالقلادة في عنق من قلده، ويستعمل التقليد - أيضاً - في تفويض الأمر إلى الشخص كأن الأمر جعل في عنقه كالقلادة.
    قالت الخنساء: يقلده القوم ما نابهم ......... وإن كان أصغرهم مولداً . ((لسان العرب)) (3/ 367)، ((مختار الصحاح)) (ص: 548)، ((البحر المحيط)) للزركشي (6/ 270)، ((الأحكام في أصول الأحكام)) للأمدي (4/ 221)، ((إرشاد الفحول)) للشوكاني (ص: 265)، ((مختصر حصول المأمول من علم الأصول)) لصديق حسن خان، (ص: 118)، ((شرح الورقات)) عبدالله بن صالح الفوزان (ص:170) وغيرها .
    أما في الاصطلاح: فتجد تنحصر تعريفات الأئمة في ثلاثة تعريفات متقاربة المعنى.
    الأول: أن التقليد: قبول قول القائل وأنت لا تعلم من أين قاله، (أي لا تعرف مأخذه) (2). (2) انظر ((البحر المحيط)) (6/ 270)، و ((إرشاد الفحول)) (ص: 265).
    الثاني: قبول قول الغير بلا حجة (3). (3) ذكره ابن حزم في ((الأحكام)) (2/ 836)، وابن تيمية (2/ 15، 16)، والجويني، والغزالي والآمدي وابن حزم في ((الأحكام)) (2/ 836)، وابن الحاجب وغيرهم انظر ((الأحكام)) للآمدي (4/ 221)، ((البحر المحيط)) (6/ 270)، ((شرح الورقات)) للفوزان (ص: 171).
    الثالث: اتباع قول من ليس قوله حجة (4)، وهو قريب من الثاني. (4) وهو ترجيح أبي عبدالله بن خويز منداد البصري المالكي، وابن الهمام في التحرير، والشوكاني وغيرهم انظر ((جامع بيان العلم وفضله)) (2/ 117)، ((إرشاد الفحول)) (265). ((الأصول من علم الأصول)) للشيخ محمد العثيمين (ص: 100)،
    أحسن تعريف عرف بالتقليد إتباع من ليس قوله حجة وهذا وهو المحرم
    والمقصود هنا أنّ التّقليد المحرّم بالنّصّ والإجماع : أن يعارض قول اللّه ورسوله بما يخالف ذلك كائنًا من كان المخالف لذلك .ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: حينما سئل عن رجلٍ قال : إذا كان المسلمون مقلّدين والنّصارى مقلّدين واليهود مقلّدين : فكيف وجه الرّدّ على النّصارى واليهود وإبطال مذهبهم والحالة هذه ؟ وما الدّليل القاطع على تحقيق حقّ المسلمين وإبطال باطل الكافرين ؟ .
    فأجاب - رضي اللّه عنه - :
    الحمد للّه ، هذا القائل كاذبٌ ضالٌّ في هذا القول وذلك أنّ التّقليد المذموم هو قبول قول الغير بغير حجّةٍ ؛ كالّذين ذكر اللّه عنهم أنّهم { وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل اللّه قالوا بل نتّبع ما ألفينا عليه آباءنا } قال تعالى : { أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون } وقال : { إنّهم ألفوا آباءهم ضالّين } { فهم على آثارهم يهرعون } ونظائر هذا في القرآن كثيرٌ . فمن اتّبع دين آبائه وأسلافه لأجل العادة الّتي تعوّدها وترك اتّباع الحقّ الّذي يجب اتّباعه : فهذا هو المقلّد المذموم وهذه حال اليهود والنّصارى ؛ بل أهل البدع والأهواء في هذه الأمّة الّذين اتّبعوا شيوخهم ورؤساءهم في غير الحقّ ؛ كما قال تعالى : { يوم تقلّب وجوههم في النّار يقولون يا ليتنا أطعنا اللّه وأطعنا الرّسول } { وقالوا ربّنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا السّبيل } { ربّنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنًا كبيرًا } وقال تعالى . { ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول يا ليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلًا } { يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلًا } إلى قوله : { خذولًا } . وقال تعالى : { إذ تبرّأ الّذين اتّبعوا من الّذين اتّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب } إلى قوله : { وما هم بخارجين من النّار } وقال تعالى : { وإذ يتحاجّون في النّار فيقول الضّعفاء للّذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعًا فهل أنتم مغنون عنّا نصيبًا من النّار } إلى قوله : { إنّ اللّه قد حكم بين العباد } وأمثال ذلك ممّا فيه بيان أنّ من أطاع مخلوقًا في معصية اللّه : كان له نصيبٌ من هذا الذّمّ والعقاب . والمطيع للمخلوق في معصية اللّه ورسوله : إمّا أن يتّبع الظّنّ ؛ وإمّا أن يتّبع ما يهواه وكثيرٌ يتّبعهما . وهذه حال كلّ من عصى رسول اللّه : من المشركين وأهل الكتاب ؛ من اليهود والنّصارى ومن أهل البدع والفجور من هذه الأمّة كما قال تعالى : { إن هي إلّا أسماءٌ سمّيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل اللّه بها من سلطانٍ } إلى قوله : { ولقد جاءهم من ربّهم الهدى } و " السّلطان " هو الكتاب المنزّل من عند اللّه وهو الهدى الّذي جاءهم من عند اللّه كما قال تعالى : { أم أنزلنا عليهم سلطانًا فهو يتكلّم بما كانوا به يشركون } وقال : { إنّ الّذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطانٍ أتاهم } إلى قوله : { ببالغيه } . وقال لبني آدم : { فإمّا يأتينّكم منّي هدًى } إلى قوله : { ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى } . وبيان ذلك : أنّ الشّخص إمّا أن يبيّن له أنّ ما بعث اللّه به رسوله حقٌّ ويعدل عن ذلك إلى اتّباع هواه أو يحسب أنّ ما هو عليه من ترك ذلك هو الحقّ فهذا متّبعٌ للظّنّ والأوّل متّبعٌ لهواه مجموع الفتاوى - (4 / 197) - (4 / 199) - (19 / 262)
    وقال أيضاً كما في مجموع الفتاوى - (19 / 260)
    قد ذمّ اللّه تعالى في القرآن من عدل عن اتّباع الرّسل إلى ما نشأ عليه من دين آبائه وهذا هو التّقليد الّذي حرّمه اللّه ورسوله وهو : أن يتّبع غير الرّسول فيما خالف فيه الرّسول وهذا حرامٌ باتّفاق المسلمين على كلّ أحدٍ ؛ فإنّه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق والرّسول طاعته فرضٌ على كلّ أحدٍ من الخاصّة والعامّة في كلّ وقتٍ وكلّ مكانٍ ؛ في سرّه وعلانيته وفي جميع أحواله .
    وقالت اللجنة :فإنه لا يجب تقليد أحد من العلماء ، وإنما يؤخذ بقول العالم إذا وافق الدليل .
    والواجب على الجميع اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو القدوة لجميع المؤمنين ، قال الله تعالى : { لقد كان لكم في رسول اللّه أسوةٌ حسنةٌ }. فتاوى اللجنة الدائمة - (2 / 169)



يعمل...
X