الحمد لله الذي خلق الخلق أجمعين وجعل منهم مؤمنين وكافرين,ضالين ومهتدين,فأمر بولاية المؤمنين السالكين,ومعاداة المشركين الهالكين.
وصلى الله وسلم على نبيه وعلى آله وصحبه صفوة المجاهدين.أما بعد:
فهذه كلمات إنتقيتها من رسالة(تحفة الإخوان بما جاء في المعاداة والموالاة والحب والبغض والهجران)للشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله لعل الله أن ينفعني بها وإخواني,وهي جديرة بالعناية خاصة إذا انبرى لها أحد المشائخ أو طلبة العلم,لتحقيقها وتخريج أحاديثها وآثارها,فهي نافعة في بابها.وإلى المقصود;
قال رحمه الله:
...وروى ابن جرير عن ابن عباس_رضي الله عنهما_قال:(من أحب في الله وأبغض في الله,ووالى في الله وعادى في الله,فإنما تنال ولاية الله بذلك,ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك,وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئا).
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب_رحمهم الله تعالى_:(فإذا كانت البلوى قد عمت بهذا في زمن ابن عباس_رضي الله عنهما_خير القرون,فما زاد الأمر بعد ذلك إلا شدة,حتى وقعت الموالاة على الشرك والبدع والفسوق والعصيان)انتهى
قلت:والأمر بعد زمن الشيخ عبد الرحمن أعظم وأعظم,ولا سيما في زماننا هذا الذي اشتدت فيه غربة الدين,وانعكست فيه الحقائق عند الأكثرين,حتى عاد المعروف عندهم منكرا, والمنكر معروفا,ومن ذلك موالاة الكفار والمنافقين,وموادتهم ومصاحبتهم ومجالستهم,ومواكلتهم ومشاربتهم,والأنس بهم والإنبساط معهم,وكذلك موادة أهل البدع والفسوق والعصيان,ومصاحبتهم ومجالستهم ومواكلتهم ومشاربتهم,والأنس بهم والإنبساط معهم,كل ذلك من قبيل المعروف عند أكثر الناس بل عند كثير ممن ينتسب إلى العلم والدين.
وأما الحب في الله والبغض في الله,والمولاة في الله والمعاداة في الله,وهجر أهل المعاصي والإكفهرار في وجوههم من أجل ماارتكبوه من المعاصي,فكل ذلك قد صار عند كثير من الناس من قبيل المنكرات.
حتى إن كثيرا ممن ينتسب إلى العلم قد صاروا يدندنون حول إنكار هذه الأعمال الفاضلة,المحبوبة إلى الله تعالى,ويعدونها من مساوئ الأخلاق,ويعيبون على من يعمل بها ويذمونهم,ويعدونهم لذلك أهل تجبر وتكبر وتعنت وشذوذ,وتشديد وغلو في الدين,وقد سمعت هذا أو بعضه من بعض الخطباء والقصاص,الثرثارين المتشدقين,الذين يقولون مالا يفعلون ويفعلون ما لايؤمرون,ويأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب,أفلا يعقلون!
وسمعت بعضهم يصرح على رؤوس الأشهاد بإنكار الحب في الله والبغض في الله,وسمعتهم أيضا يحثون الناس في خطبهم وقصصهم على حسن السلوك مع الناس كلهم,واستجلاب مودتهم ومحبتهم,ويرغبونهم في إظهار البشاشة لكل أحد,وسواء_على ظاهر كلامهم_الصالح والطالح من الناس,وربما صرح بعضهم أن هذه الأفعال الذميمة من حسن الخلق ومن مقتضيات العقل.
فيقال لهؤلاء الحيارى المغرورين,العقل في باب الحب والبغض والموالاة والمعاداة عقلان:
أحدهما:عقل مسدد موفق,قاهر للهوى والنفس الأمارة بالسوء,قد استنار بنور الإيمان وصار الحاكم عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم,فهذا العقل يقتضي من أصحابه أن لا يقدموا على طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا,ويقتضي من أصحابه أن يحبوا في الله ويبغضوا في الله,ويوالوا في الله ويعادوا في الله,ويعطوا لله ويمنعوا لله,ويسارعوا إلى كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال,سواء رضي الناس أوسخطوا,لا تأخذهم في الله لومة لائم,وما أقل أهل هذا العقل في هذه الأزمان المظلمة.
والعقل الآخر:عقل معيشي نفاقي مخذول,قد قهرته النفس الأمارة بالسوء وأسرته الحظوظ الدنيوية والشهوات النفسية,وصار الحاكم عليه الهوى,فمحبته لهواه ومعاداته لهواه,وبذله لهواه ومنعه لهواه,فهذا العقل يقتضي من أربابه أن يتملقوا لسائر أصناف الناس بألسنتهم,ويحسنوا السلوك مع الصالح والطالح,وهذا العقل هو الغالب على أكثر الناس في زماننا عامتهم وخاصتهم,وما أكثره في المنتسبين إلى العلم!فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقد روى الترمذي عن أبي هريرة_رضي الله عنه_قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين,يلبسون للناس جلود الضأن من اللين,ألسنتهم أحلى من السكر و قلوبهم قلوب الذئاب,يقول الله:أبي يغترون أم علي يجترئون!فبي حلفت,لأبعثن على أولئك منهم فتنة,تدع الحليم منهم حيرانا.)
وروى الترمذي أيضا عن ابن عمر_رضي الله عنهما_عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله تبارك وتعالى قال:لقد خلقت خلقا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر,فبي حلفت لأتيحنهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا,فبي يغترون أم علي يجترئون!)قال الترمذي هذا حديث حسن غريب.
وفي هذين الحديثين إشارة إلى أهل العقل المعيشي النفاقي,وما هم عليه من المنافقة باللسان و التكلف و التصنع في الظاهر,يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في وصف أهل هذا العقل:يظن أربابه أنهم على شيئ ألا إنهم هم الكاذبون,فإنهم يرون العقل أن يرضوا الناس على طبقاتهم ويسالموهم ويستجلبوا مودتهم ومحبتهم,وهذا مع أنه لا سبيل إليه فهو إيثار للراحة والدعة على مؤنة الأذى في الله والموالاة فيه والمعاداة فيه,وهو وإن كان أسلم عاجلة,فهو الهلاك في الآجلة,فإنه ما ذاق طعم الإيمان من لم يوال في الله ويعاد فيه,فالعقل كل العقل ما أوصل إلى رضا الله ورسوله,والله الموفق.انتهى.
وصلى الله وسلم على نبيه وعلى آله وصحبه صفوة المجاهدين.أما بعد:
فهذه كلمات إنتقيتها من رسالة(تحفة الإخوان بما جاء في المعاداة والموالاة والحب والبغض والهجران)للشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله لعل الله أن ينفعني بها وإخواني,وهي جديرة بالعناية خاصة إذا انبرى لها أحد المشائخ أو طلبة العلم,لتحقيقها وتخريج أحاديثها وآثارها,فهي نافعة في بابها.وإلى المقصود;
قال رحمه الله:
...وروى ابن جرير عن ابن عباس_رضي الله عنهما_قال:(من أحب في الله وأبغض في الله,ووالى في الله وعادى في الله,فإنما تنال ولاية الله بذلك,ولن يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون كذلك,وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وذلك لا يجدي على أهله شيئا).
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب_رحمهم الله تعالى_:(فإذا كانت البلوى قد عمت بهذا في زمن ابن عباس_رضي الله عنهما_خير القرون,فما زاد الأمر بعد ذلك إلا شدة,حتى وقعت الموالاة على الشرك والبدع والفسوق والعصيان)انتهى
قلت:والأمر بعد زمن الشيخ عبد الرحمن أعظم وأعظم,ولا سيما في زماننا هذا الذي اشتدت فيه غربة الدين,وانعكست فيه الحقائق عند الأكثرين,حتى عاد المعروف عندهم منكرا, والمنكر معروفا,ومن ذلك موالاة الكفار والمنافقين,وموادتهم ومصاحبتهم ومجالستهم,ومواكلتهم ومشاربتهم,والأنس بهم والإنبساط معهم,وكذلك موادة أهل البدع والفسوق والعصيان,ومصاحبتهم ومجالستهم ومواكلتهم ومشاربتهم,والأنس بهم والإنبساط معهم,كل ذلك من قبيل المعروف عند أكثر الناس بل عند كثير ممن ينتسب إلى العلم والدين.
وأما الحب في الله والبغض في الله,والمولاة في الله والمعاداة في الله,وهجر أهل المعاصي والإكفهرار في وجوههم من أجل ماارتكبوه من المعاصي,فكل ذلك قد صار عند كثير من الناس من قبيل المنكرات.
حتى إن كثيرا ممن ينتسب إلى العلم قد صاروا يدندنون حول إنكار هذه الأعمال الفاضلة,المحبوبة إلى الله تعالى,ويعدونها من مساوئ الأخلاق,ويعيبون على من يعمل بها ويذمونهم,ويعدونهم لذلك أهل تجبر وتكبر وتعنت وشذوذ,وتشديد وغلو في الدين,وقد سمعت هذا أو بعضه من بعض الخطباء والقصاص,الثرثارين المتشدقين,الذين يقولون مالا يفعلون ويفعلون ما لايؤمرون,ويأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب,أفلا يعقلون!
وسمعت بعضهم يصرح على رؤوس الأشهاد بإنكار الحب في الله والبغض في الله,وسمعتهم أيضا يحثون الناس في خطبهم وقصصهم على حسن السلوك مع الناس كلهم,واستجلاب مودتهم ومحبتهم,ويرغبونهم في إظهار البشاشة لكل أحد,وسواء_على ظاهر كلامهم_الصالح والطالح من الناس,وربما صرح بعضهم أن هذه الأفعال الذميمة من حسن الخلق ومن مقتضيات العقل.
فيقال لهؤلاء الحيارى المغرورين,العقل في باب الحب والبغض والموالاة والمعاداة عقلان:
أحدهما:عقل مسدد موفق,قاهر للهوى والنفس الأمارة بالسوء,قد استنار بنور الإيمان وصار الحاكم عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم,فهذا العقل يقتضي من أصحابه أن لا يقدموا على طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا أبدا,ويقتضي من أصحابه أن يحبوا في الله ويبغضوا في الله,ويوالوا في الله ويعادوا في الله,ويعطوا لله ويمنعوا لله,ويسارعوا إلى كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال,سواء رضي الناس أوسخطوا,لا تأخذهم في الله لومة لائم,وما أقل أهل هذا العقل في هذه الأزمان المظلمة.
والعقل الآخر:عقل معيشي نفاقي مخذول,قد قهرته النفس الأمارة بالسوء وأسرته الحظوظ الدنيوية والشهوات النفسية,وصار الحاكم عليه الهوى,فمحبته لهواه ومعاداته لهواه,وبذله لهواه ومنعه لهواه,فهذا العقل يقتضي من أربابه أن يتملقوا لسائر أصناف الناس بألسنتهم,ويحسنوا السلوك مع الصالح والطالح,وهذا العقل هو الغالب على أكثر الناس في زماننا عامتهم وخاصتهم,وما أكثره في المنتسبين إلى العلم!فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقد روى الترمذي عن أبي هريرة_رضي الله عنه_قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين,يلبسون للناس جلود الضأن من اللين,ألسنتهم أحلى من السكر و قلوبهم قلوب الذئاب,يقول الله:أبي يغترون أم علي يجترئون!فبي حلفت,لأبعثن على أولئك منهم فتنة,تدع الحليم منهم حيرانا.)
وروى الترمذي أيضا عن ابن عمر_رضي الله عنهما_عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله تبارك وتعالى قال:لقد خلقت خلقا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر,فبي حلفت لأتيحنهم فتنة تدع الحليم منهم حيرانا,فبي يغترون أم علي يجترئون!)قال الترمذي هذا حديث حسن غريب.
وفي هذين الحديثين إشارة إلى أهل العقل المعيشي النفاقي,وما هم عليه من المنافقة باللسان و التكلف و التصنع في الظاهر,يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في وصف أهل هذا العقل:يظن أربابه أنهم على شيئ ألا إنهم هم الكاذبون,فإنهم يرون العقل أن يرضوا الناس على طبقاتهم ويسالموهم ويستجلبوا مودتهم ومحبتهم,وهذا مع أنه لا سبيل إليه فهو إيثار للراحة والدعة على مؤنة الأذى في الله والموالاة فيه والمعاداة فيه,وهو وإن كان أسلم عاجلة,فهو الهلاك في الآجلة,فإنه ما ذاق طعم الإيمان من لم يوال في الله ويعاد فيه,فالعقل كل العقل ما أوصل إلى رضا الله ورسوله,والله الموفق.انتهى.