إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

نصيحة من شيخ الإسلام بن تيمية لمن يريد إلزام الناس بمذهب معين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نصيحة من شيخ الإسلام بن تيمية لمن يريد إلزام الناس بمذهب معين

    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد حامل لواء حزب الله المفلحين ومذهب الرسل والأنبياء المعصوميين أما بعد:
    فإنه في الآونة الأخيرة سمعنا ممن يريدون أن ينصبوا أنفسهم مرشدين للامة في بلادنا الجزائر سلمها الله من كيد الخائنيين الناكريين من الحزبيين والصوفية القبوريين الذين لبسوا على أمرائنا وولاة أمورنا ويزعمون أنهم يريدون الخير لهذه البلاد فإننا بإذن الله لا نترك الحق وندعوا إليه ونبين الباطل ونحذر منه ومن أهله وهذه نصيحة من شيخ الإسلام بن تيمية لمن يريد أن يلزم الناس بمذهب معين في المسائل الإجتهادية وغيره من علماء الأمة بحق والله المستعان.
    * * *

    الجواب:

    ليس له منع الناس من مثل ذلك ولا من نظائره، مما يسوغ فيه الاجتهاد.

    وليس معه بالمنع؛ نص من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا ما هو في معنى ذلك، لا سيما وأكثر العلماء على جواز مثل ذلك، وهو مما يعمل به عامة المسلمين في عامة الأمصار.

    وهذا كما أن الحاكم ليس له أن ينقض حكم غيره في مثل هذه المسائل.

    ولا للعالم والمفتي أن يلزم الناس باتباعه في مثل هذه المسائل.

    ولهذا لما استشار الرشيد مالكًا أن يحمل الناس على "موطئه" في مثل هذه المسائل؟ منعه من ذلك، وقال: (إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار، وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم).

    وصنف رجل كتابًا في الاختلاف، فقال أحمد: (لا تسمه "كتاب الاختلاف"، ولكن سمه "كتاب السعة").

    ولهذا كان بعض العلماء يقول: (إجماعهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة).

    وكان عمر بن عبد العزيز يقول: (ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا، لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالا، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا، ورجل بقول هذا؛ كان في الأمر سعة).

    وكذلك قال غير مالك من الأئمة: (ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه).

    ولهذا قال العلماء المصنفون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أصحاب الشافعي وغيره؛ إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه.

    ونظائر هذه المسائل كثيرة؛ مثل تنازع الناس في بيع الباقلا الأخضر في قشرته، وفي بيع المقاثي جملةً واحدةً، وبيع المعاطاة والسلم الحال، واستعمال الماء الكثير بعد وقوع النجاسة فيه إذا لم تغيره، والتوضؤ من مس الذكر والنساء وخروج النجاسات من غير السبيلين والقهقهة، وترك الوضوء من ذلك، والقراءة بالبسملة سرا أو جهرًا وترك ذلك، وتنجيس بول ما يؤكل لحمه وروثه أو القول بطهارة ذلك، وبيع الأعيان الغائبة بالصفة وترك ذلك، والتيمم بضربة أو ضربتين إلى الكوعين أو المرفقين والتيمم، لكل صلاة أو لوقت كل صلاة أو الاكتفاء بتيمم واحد، وقبول شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض، أو المنع من قبول شهادتهم.

    ومن هذا الباب؛ الشركة بالعروض، وشركة الوجوه، والمساقاة على جميع أنواع الشجر، والمزارعة على الأرض البيضاء.

    فإن هذه المسائل من جنس شركة الأبدان، بل المانعون من هذه المشاركات أكثر من المانعين من مشاركة الأبدان، ومع هذا فما زال المسلمون من عهد نبيهم وإلى اليوم في جميع الأعصار والأمصار؛ يتعاملون بالمزارعة والمساقاة، ولم ينكره عليهم أحد.

    ولو منع الناس مثل هذه المعاملات لتعطل كثير من مصالحهم، التي لا يتم دينهم ولا دنياهم إلا بها.

    ولهذا كان أبو حنيفة يفتي بأن المزارعة لا تجوز، ثم يفرع على القول بجوازها، ويقول: (إن الناس لا يأخذون بقولي في المنع).

    ولهذا صار صاحباه إلى القول بجوازها، كما اختار ذلك من اختاره من أصحاب الشافعي وغيره.

    [مجموع الفتاوى: ج 30 / ص 48 - 49]
    اه
    و جاء الخبر أن أبا جعفر المنصور خليفة المسلمين أراد أن يُلزمَ الناسَ بموطأِ الإمامِ مالكِ بنِ أنسٍ ، فامْتَنَعَ الإمامُ مالكٌ وقال : ( إنَّ الناس قد جمعوا واطَّلعوا على أشياء لَم نطَّلع عليها ) .

    ثم دعا الخليفة المهدي الإمام مالك الى إلزام الناس بموطئه فرفض الإمام .


    فأعاد الخليفة هارون الرشيد نفس العرض على الإمام مالك فرفض أيضاً .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( وأجمَعَ العلماءُ على تحريم الحكم والفتيا بالهوى ، وبقولٍ ، أو وجهٍ ، من غير نظرٍ في الترجيح ، ويجبُ العملُ بمُوجبِ اعتقادِه فيما لَهُ وعليه إجماعاً ) الفتاوى الكبرى 5/555 .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( مجموع الفتاوى 35-385 ) :


    و كان عمر رضى الله عنه في مسائل النزاع مثل " الفرائض ، و الطلاق " يرى رأياً ، و يرى علي بن أبي طالب رأياً و يرى عبد الله بن مسعود رضى الله عنه رأياً فلم بُلزم أحد أن يأخذ بقوله ، بل كل منهم بفتي بقوله ، و عمر رضى الله عنه إمام الأمة كلها ، و أعلمهم ، و أدينهم ، و أفضلهم .
    ...


    قال الشافعي - رحمه الله - : ( أجمع الناس على ان من استبانت له سُنة رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكن له ان يدعها لقول أحد ) الروح 2/769 لإبن القيم دار ابن تيمية طـ 2 .

    قال الخطيب البغدادي - رحمه الله - : (إذا اختلفتِ الصحابةُ في مسألةٍ على قولين، وانقرضَ العصر عليه، لم يَجُز للتابعين أن يتفقوا على أحدِ القولين، فإن فعلوا ذلك لم يَزُل خلاف الصحابة, والدليل عليه أنَّ الصحابة أجمعت على جوازِ الأخذِ بكلِّ واحدٍ من القولين، وعلى بُطلانِ ما عدا ذلك، فإذا صارَ التابعون إلى القول بتحريم أحدهما، لم يَجُز ذلك، وكان خرقاً للإجماع. وهذا بمثابةِ ما لو اختلفت الصحابة في مسألة على قولين، وانقرضَ العصرُ عليه، فإنه لا يجوزُ للتابعين إحداثُ قول ثالثٍ، لأنَّ اختلافهم على قولين إجماعٌ على إبطال كلِّ قولٍ سواهما، كما أنَّ إجماعهم على قول: إجماعٌ على إبطال كلِّ قولٍ سواهُ. فكما لم يَجُز إحداث قول ثانٍ فيما أجمعوا فيه على قولٍ، لم يَجُز إحداثُ قولٍ ثالثٍ فيما أجمعوا فيه على قولين ) الفقيه و المتفقه 1/435 تحقيق عادل العزازي دار ابن الجوزي طـ 3 .


    و قال شيخ الإسلام إبن تيمية - رحمه الله - : (إنَّ إلزَامَ النَّاسِ بما لَمْ يُلزِمهُم بهِ اللهُ ورسُولُهُ ، ومَنْعَهُمْ أنْ يَتَّبعُوا ما جاءَ بهِ الكتابُ والسُّنةُ حَرَامٌ بإجماعِ المسلمينَ، والحكمُ بهِ باطلٌ بإجماعِ المسلمينَ ) مجموع الفتاوى 27/308 .

    قال ابن القيم - رحمه الله - : ( لا يجوزُ للمقلِّد أن يُفتيَ في دين الله بما هو مُقلِّدٌ فيه ، وليسَ على بصيرةٍ فيه سوى أنه قولُ مَن قلَّده دينه ، هذا إجماعٌ من السلف كلّهم ) إعلام الموقعين صـ 890


    قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :

    وليُّ الأمرِ : إنْ عرَفَ ما جاءَ به الكتابُ والسنةُ حَكَمَ بين الناسِ به ، وإنْ لَمْ يعرِفْه وأمْكَنَه أنْ يعلمَ ما يقولُ هذا ، وما يقولُ هذا ، حتًّى يعرفَ الحقَّ حكَمَ به ، وإنْ لَمْ يمكنْه لا هذا ولا هذا ترَكَ المسلمينَ على ما هُمْ عليه، كلٌ يعبُدُ الله على حَسَبِ اجتهادِه، وليسَ له أنْ يُلْزِمَ أحداً بقبولِ قولِ غيرهِ وإنْ كانَ حاكِماً، وإذا خرَجَ ولاةُ الأمرِ عن هذا : فقد حكَموا بغيرِ ما أنزلَ اللهُ ، ووقعَ بأسهُم بينَهم .. وهذا مِنْ أعظمِ أسبابِ تغيُّرِ الدُّوَلِ ، كما قَدْ جرَى مثلَ هذا مرَّة بعدَ مرَّة في زمانِنا وغيرِ زمانِنا ، ومَنْ أرادَ اللهُ سعادَته جعلَه يَعتبرُ بما أصابَ غيرَه ، فيسلُكَ مسلَكَ مَنْ أَيَّدَه اللهُ ونصَرَهُ، ويجتَنِبَ مَسلَكَ مَنْ خَذَلَهُ اللهُ وأهانَه ... مجموع الفتاوى 35/387-388 .





    التعديل الأخير تم بواسطة أبو اسحاق حبيب البيضي; الساعة 24-02-2013, 04:05 PM.
يعمل...
X