(في بيان كون الله لا أصبر منه )
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (لا أحَدَ أصبرُ من
الله يجعلون له الولد وهو يعافيهم ويرزقهم ).رواه مسلم بنحوه في صحيحه . الكمال المطلق التام من
جميع الوجوه ,ثابت لله تعالى نقلا و عقلا في جميع الأسماء والصفات والنعوت ,ومن أنواع الكمال
الصبر . وهذا الصبر الذي ذكره الرسول عن الله ,لا مثيل له من الصبر ,فهو صبرٌ من كامل القوة
,عظيم القدوة والبطش,في مقابلة غاية الإساءة والأذِيّة من الخلق الذين نواصيهم بيد الله ,وليس لهم
خروج عن قدرته . وأقواتهم وأرزاقهم وجميع ضروراتهم وحاجاتهم,متعلقة بالله ,ليس لشيء منها
حصول إلا من جوده وخزائنه ,ومع ذلك فهو يعافيهم ويرزقهم ولا يقطع عنهم بِرَّهُ في جميع
اللحظات . ومع ذلك يفتح لهم أبواب التوبة ,ويسهل لهم طرقها ويدعوهم إليها ,ويخبرهم أنهم إن
تابوا محا عنهم الخطايا العظيمة وأَدَّرَ عليهم النِّعَمَ الجسمة ,فسبحان الحليم الصبور .
(الفتاوى السعدية _ص29)