إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

‎مفهوم الغلو والغلو المضاد ( الشيخ صالح بن فوزان الفوزان)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ‎مفهوم الغلو والغلو المضاد ( الشيخ صالح بن فوزان الفوزان)

    مفهوم الغلو والغلو المضاد


    ‎فضيلة الشيخ الدكتور/ صالح بن فوزان الفوزان

    عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء


    ‎الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين. وعلى آله وأصحابه والتابعين

    لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فقد كثر في الآونة الأخيرة استنكار الغلو والتحذير منه، وهذا

    أمر قد حذر منه الشرع المطهر. ولكن الشأن في تحديد مفهوم الغلو - فإن بعض هؤلاء المنكرين له

    يقعون فيه عن قصد أو عن غير قصد ومن ذلك:

    أولا: أنهم وقعوا فيه في شأن المرأة حيث يزعمون أنهم يطالبون بحقوقها، مع أنهم يدفعون بها إلى

    قيامها بما لا يليق بها من أعمال لا تتناسب مع خلقتها أو مع حشمتها وعفافها حيث ينادون بأن

    تسند إليها أعمال الرجال التي لا تتناسب مع خلقها وطبيعتها أو تسند إليها أعمال تقتضي تخليها عن

    الآداب الشرعية التي تحفظ لها كرامتها كالمناداة بسفرها بدون محرم والمناداة بخلعها لحجاب،

    والمناداة باختلاطها بالرجال، وحرمانها من حقها وبالمناداة بالغاء قوامة الرجل عليها - ما هذه

    النداءات. وزُج بها فيما يعود عليها بالوبال عاجلا أو آجلا، فهل يفكر هؤلاء فيما يقولون ويربأون

    بأنفسهم من هذا التناقص، أو هم يحسبون أن الناس لا يعقلون ولا يدركون تناقضهم ويحاسبونهم

    على غلوهم وإفراطهم، إن الله رفع المرأة من ظلم الجاهلية لها ومن تسيبات الغرب العصرية.

    ثانياً: غلوهم في التسامح - فهم دائما ينادون بالتسامح والتيسير، ونقول لهم نعم إن ديننا هو

    الشريعة السمحة وقد رفع الله به الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا لكن هؤلاء يريدون

    بالتسامح ترك الأوامر وارتكاب المناهي وعدم التميز بين مسلم وكافر. وعدو لله وولي لله، وهذا غلو

    في التسامح وجنوح به إلى غير مفهومه الصحيح - لأن التسامح معناه الأخذ بالرخص الشرعية عند

    الاحتياج إليها والاقتصار على حدود الرخصة والأخذ بها وقت الحاجة بشروطها الشرعية مع عدم

    التوسع في مفهومها.

    ‎وقد عرّف الأصوليون الرخصة بأنها استباحة المحظور مع قيام سبب الحظر لمعارض راجح، بحيث

    إذا زال هذا العارض فإننا نرجع إلى العزيمة فمثلا قصر الصلاة خاص بالسفر وأكل الميتة خاص

    بحالة الضرورة وإذا انتهى السفر انتهى القصر ولزم إتمام الصلاة وإذا زالت الضرورة عاد تحريم

    الميتة، وهكذا في جميع الرخص، فلا يجوز انتهاك أحكام الشريعة بذريعة التسامح وعدم التشدد كما

    يقولون.

    ثالثاً: غلوهم فيما يسمونه التشدد والتطرف، ولا شك أن الله نهى عن الغلو في الدين وكذلك النبي

    صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك ولكن المراد بالغلو في كلام الله وكلام رسوله هو الزيادة عن الحد

    المشروع - وهؤلاء عندهم أن من تمسك بالدين واقتصر على الحد المشروع فإنه متشدد وهذا غلو

    في ضابط التشدد.

    ‎والتشدد المنهي عنه لايرجع في تفسيره إلى أذواق الناس واعتباراتهم وإنما يرجع فيه إلى الكتاب

    والسنة وفهم ذلك منها على الوجه الصحيح الذي فهمه سلف هذه الأمة وديننا دين الوسط الذي

    لاغلو فيه ولا جفاء ولا إفراط ولا تفريط. قال تعالى(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا

    السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
    قال تعالى(وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) وقال

    تعالى
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) وتحديد الغلو والتساهل حكم شرعي لا يعرفه

    إلا أهل العلم والبصيرة. قال تعالى(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى

    الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)


    ‎وإذا تولىّ هذا الأمر من لا يحسنه خرج عن حده. (وكل شيء خرج عن حده فإنه ينقلب إلى ضده)

    فشأن المرأة لما تولّى القول به غير ذوي الاختصاص خرجوا به عن حده وضرّوا المرأة من حيث

    يظنون أنهم ينفعونها وخرجوا بها عن طورها الذي حدده الله لها، والاعتدال يعتبره الغلاة تساهلا

    ويعتبره المتساهلون غلوا نتيجة الجهل هؤلاء وهؤلاء أو لاتباع أهوائهم وصار كل منهما يرمي

    الآخر بالسوء.

    رابعاً: غلوهم في منع التكفير حتى في حق من حكم الله ورسوله بكفره ارتكب ناقضا من نواقض

    الاسلام المجمع عليها كدعاء الأموات والاستغاثة بالقبوريين ومن سب الله أو رسوله أو دين الإسلام

    وهذا العمل منهم محادة لله ولرسوله وتأييد للخروج من الدين فالواجب على هؤلاء كف ألسنتهم

    وأقلامهم عن الكلام فيما لا يعرفون ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه. وفق الله. وصلى الله وسلم

    على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


    ‎(صحيفة المدينة ـ ملحق الرسالة) الجمعة 8 صفر 1426 - الموافق - 18 مارس 2005 - العدد (15304)
يعمل...
X