إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علاج حر المصيبة وحزنها ( لابن القيم الجوزية)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علاج حر المصيبة وحزنها ( لابن القيم الجوزية)

    علاج حر المصيبة وحزنها



    قال تعالى: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ

    صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
    [ البقرة: 155 ] . وفي" المسند " عنه صلى

    الله عليه وسلم أنه قال:
    " ما من أَحَدٍ تصيبُه مصِيبَةٌ فيقولُ: إنَّا لله وإنَّا إليه رَاجِعُونَ ، اللهم أجرنِي

    في مُصيبَتى وأخلفْ لي خيراً منهَا ، إلا أجاَرَه الله في مصِيبَتِهِ ، وأخلفَ لهُ خَيراً منها " .



    وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب ، وأنفعه له في عاجلته وآجلته ، فأنها تتضمن أصلين عظيمين

    إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن مصيبته .



    أحدهما: أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة ، وقد جعله عند العبد عارية ، فإذا أخذه منه ،

    فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير ، وأيضا فإنه محفوف بِعَدَمينِ: عدم قبله ، وعدم بعده ، وملك

    العبد له متعة معارة في زمن يسير ، وأيضا فإنه ليس الذي أوجده من عدمه ، حتى يكون ملكه حقيقةً

    ، ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده ، ولا يبقي عليه وجوده ، فليس له فيه تأثير ، ولا ملك

    حقيقي ، وأيضا فإنه متصرف فيه بالأمر تصرف العبد المأمور المنهي ، لا تصرف الملاك ، ولهذا لا

    يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي .



    والثاني: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق ، ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره ، ويجيء

    ربه فرداً كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال ولاعشيرة ، ولكن بالحسنات والسيئات ،فإذا كانت هذه

    بداية العبد وما خُوِّله ونهايته ، فكيف يفرح بموجود ، أو يأسى على مفقود ، ففكره في مبدئه ومعاده

    من أعظم علاج هذا الداء ، ومن علاجه أن يعلم علم اليقين أنَّ ما أصابه لم يكن ليُخطئه ، وما أخطأه

    لم يكن ليُصيبه . قال تعالى: { مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ

    أَن نَّبْرَأَهَا ، إنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَا آتَاكُمْ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ

    مُخْتَالٍ فَخُورٍ }
    [ الحديد: 22 ] .



    ومن علاجه أن ينظر إلى ما أُصيبَ به ، فيجد ربه قد أبقى عليه مثله ، أو أفضل منه ، وادَّخر له إن

    صبرَ ورضِيَ ما هو أعظمُ من فوات تِلك المصيبةِ بأضعافٍ مُضاعفة ، وأنه لو شاء لجعلها أعظم مما

    هي .



    ومن عِلاجه أن يُطفئَ نارَ مصيبته ببرد التأسِّي بأهل المصائب ، وليعلم أنه في كل وادٍ بنو سعد ،

    ولينظر يَمْنةً ، فهل يرى إلا مِحنةً ؟ ثم ليعطف يَسْرةً ، فهل يرى إلا حسرةً ؟ ، وأنه لو فتَّش العالَم لم

    ير فيهم إلا مبتلىً ، إما بفوات محبوب ، أو حصول مكروه ، وأنَّ شرورَ الدنيا أحلامُ نوم أو كظلٍّ زائلٍ

    ، إن أضحكتْ قليلاً ، أبكتْ كثيراً ، وإن سَرَّتْ يوماً ، ساءتْ دهراً ، وإن مَتَّعتْ قليلاً ، منعت طويلاً ،

    وما ملأت داراً خيرةً إلا ملأتها عَبْرة ، ولا سرَّته بيومِ سرور إلا خبأتْ له يومَ شرور .



    قال ابن مسعود رضي الله عنه:
    لكل فرحةٍ تَرْحة ، وما مُلِىءَ بيتٌ فرحاً إلا مُلِىءَ تَرحاً .



    وقال ابن سيرين: ما كان ضحكٌ قَطٌ إلا كان من بعده بُكاء .



    وقالت هند بنت النُّعمان: لقد رأيتُنا ونحن مِن أعزِّ الناس وأشدِّهم مُلكاً ، ثم لم تَغِبِ الشمسُ حتى

    رأيتُنا ونحن أقلُّ الناس ، وأنه حقٌ على الله ألا يملأ داراً خَيْرة إلا ملأها عَبرة .



    وسألها رجلٌ أن تُحَدِّثه عن أمرها ، فقالت: أصبحنا ذا صباح ، وما في العرب أحدٌ إلا يرجونا ، ثم

    أمسينا وما في العرب أحد إلا يرحمُنا .



    وبكت أختها حُرقَةُ بنت النُّعمان يوماً ، وهي في عِزِّها ، فقيل لها: ما يُبكيكِ ، لعل أحداً آذاك ؟ قالت:

    لا ، ولكن رأيتُ غَضارة في أهلي ، وقلَّما امتلأت دارٌ سروراً إلا امتلأت حُزناً .



    قال إسحاق بنُ طلحة: دخلتُ عليها يوماً ، فقلتُ لها: كيف رأيتِ عبراتِ الملوك ؟ فقالت: ما نحنُ فيه

    اليومَ خيرٌ مما كنا فيه الأمس ، إنَّا نجِدُ في الكتب أنه ليس مِن أهل بيت يعيشون في خيْرة إلا

    سيُعقَبون بعدها عَبرة ، وأنَّ الدهر لم يظهر لقوم بيوم يحبونه إلا بَطَن لهم بيوم يكرهونه ، ثم قالت:



    فَبَيْنَا نَسُوسُ النَّاسَ وَالأَمْرُ أَمْرُنَا * إذَا نَحْنُ فِيهِمْ سُوقَةٌ نَتَنَصَّفُ



    فَأُفٍّ لِدُنْيَا لاَ يَدُومُ نَعِيمُهَا * تَقَلَّبُ تَارَاتٍ بِنَا وَتَصَرَّفُ



    ومِن عِلاجها: أن يعلم أنَّ الجزع لا يردها ، بل يُضاعفها ، وهو في الحقيقة من تزايد المرض .



    ومِن عِلاجها: أن يعلم أنَّ فوت ثواب الصبر والتسليم ، وهو الصلاةُ والرحمة والهداية التي ضمِنَها

    الله على الصبر والاسترجاع ، أعظمُ مِن المصيبة في الحقيقة .



    ومِن عِلاجها: أن يعلم أنَّ الجَزَعَ يُشمت عدوه ، ويسوء صديقه ، ويُغضب ربه ، ويَسرُّ شيطانه ،

    ويُحبط أجره ، ويُضعف نفسه ،
    وإذا صبرَ واحتسب أنضى شيطانه ، وردَّه خاسئاً ، وأرضى ربه ،

    وسرَّ صديقه ، وساء عدوه ، وحمل عن إخوانه ، وعزَّاهم هو قبل أن يُعَزُّوه ، فهذا هو الثباتُ

    والكمال الأعظم ، لا لطمُ الخدودِ ، وشقُّ الجيوب ، والدعاءُ بالوَيْل والثُّبور ، والسخَطُ على المقدور .



    ومِن عِلاجها: أن يعلم أنَّ ما يُعقبه الصبرُ والاحتساب من اللَّذة والمسرَّة أضعافُ ما كان يحصُل له

    ببقاء ما أُصيبَ به لو بقي عليه ، ويكفيه من ذلك بيتُ الحمد الذي يُبنى له في الجنَّة على حمده لربه

    واسترجاعه ، فلينظرْ: أيُّ المصيبتين أعظمُ ؟ مصيبةُ العاجلة ، أو مصيبةُ فواتِ بيتِ الحمد في جنَّة

    الخلد ؟




    وفي الترمذي مرفوعاً: " يَوَدُّ ناسٌ يَوْمَ القيامة أنَّ جُلُودَهُم كانت تُقْرَضُ بالمقارِيض في الدُّنيا لما

    يَرَوْنَ من ثوابِ أهلِ البلاءِ " .



    وقال بعضُ السَّلَف: لولا مصائبُ الدنيا لورَدْنا القيامة مفاليس .



    ومِن عِلاجها: أن يُرَوِّح قلبه برَوْح رجاء الخَلَفِ من الله ، فإنه من كُلِّ شيء عِوَض إلا الله ، فما مِنه

    عِوَضٌ كما قيل: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إذَا ضَيَّعْتَهُ عِوَضٌ * وَمَا مِنَ اللهِ إنْ ضَيَّعْتَهُ عِوَضُ



    ومن عِلاجها: أن يعلم أنَّ حظه من المصيبة ما تُحدثه له ، فمن رضي ، فله الرِّضى ، ومن سخِط ،

    فله السَّخَط ، فحظُّك منها ما أحدثته لك ، فاختر خيرَ الحظوظ أو شرَّها ، فإن أحدثت له سخطاً وكفراً

    ، كُتِب في ديوان الهالكين ، وإن أحدثت له جزعاً وتفريطاً في ترك واجب ، أو في فعل مُحَرَّم ، كُتِبَ

    في ديوان المفرِّطين ، وإن أحدثتْ له شكايةً وعدم صبرٍ ، كُتِبَ في ديوان المغبونين ، وإن أحدثتْ له

    اعتراضاً على الله ، وقدحاً في حكمته ، فقد قرع باب الزندقة أو ولَجه ، وإن أحدثت له صبراً وثباتاً

    لله ، كُتِبَ في ديوان الصابرين ، وإن أحدثت له الرِّضى عن الله ، كُتِبَ في ديوان الراضين ، وإن

    أحدثت له الحمدَ والشكرَ ، كُتِبَ في ديوان الشاكرين ، وكان تحتَ لواء الحمد مع الحمَّادين ، وإن

    أحدثت له محبةً واشتياقاً إلى لقاء ربه ، كُتِبَ في ديوان المُحبِّين المخلصين .



    وفي
    " مسند الإمام أحمد " والترمذيِّ ، من حديثِ محمود بن لبيد يرفعه: " إنَّ اللهَ إذا أحبَّ قوماً

    ابتلاهُم ، فمَن رَضِيَ فَلَهُ الرِّضى ، ومَن سَخِط فَلَهُ السُّخْطُ " .
    زاد أحمد: " ومَن جَزِع فَلَهُ الجَزَعُ".



    ومِن عِلاجها:
    أن يعلم أنه وإن بلغ في الجَزَع غايتَه ، فآخِرُ أمره إلى صبر الاضطرار ، وهو غيرُ

    محمود ولا مُثاب ، قال بعض الحكماء: العاقلُ يفعل في أوَّل يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام

    ، ومَن لم يصبْر صَبْرَ الكِرَام ، سلا سُلُوَّ البهائم .



    وفي " الصحيح " مرفوعاً: " الصَّبْرُ عند الصَّدْمَةِ الأُولى " .



    وقال الأشعث بن قيس: إنك إن صبرتَ إيماناً واحتساباً ، وإلا سَلَوْتَ سُلُوَّ البهائِم .



    ومِن عِلاجها: أن يعلم أنَّ أنفع الأدوية له موافقةُ ربه وإلهه فيما أحبَّه ورضيه له ، وأن خاصيَّة

    المحبة وسِرَّها موافقةُ المحبوب ، فمَن ادَّعى محبة محبوب ، ثم سَخِطَ مَا يُحِبُّه ، وأحبَّ ما يُسخطه ،

    فقد شهد على نفسه بكذبه ، وتَمقَّتَ إلى محبوبه .



    وقال أبو الدرداء: إنَّ الله إذا قضى قضاءً ، أحب أن يُرضَى به .



    وكان عِمران بن حصين يقول في عِلَّته: أحَبُّهُ إليَّ أحَبُّهُ إليه ، وكذلك قال أبو العالية .



    وهذا دواءٌ وعِلاجٌ لا يَعمل إلا مع المُحبِّين ، ولا يُمكن كُلّ أحد أن يتعالج به .



    ومِن عِلاجها: أن يُوازِن بين أعظم اللَّذتين والتمتعين ، وأدْوَمِهما: لذَّةِ تمتعه بما أُصيب به ، ولَذَّةِ

    تمتُّعه بثواب الله له ، فإن ظهر له الرجحان ، فآثر الراجِحَ ، فليحمدِ الله على توفيقه ، وإن آثر

    المرجوحَ مِن كل وجه ، فليعلم أنَّ مصيبتَه في عقله وقلبه ودينه أعظمُ مِن مصيبته التي أُصيب بها

    في دنياه



    ومِن عِلاجها: أن يعلم أنَّ الذي ابتلاه بها أحكمُ الحاكمين ، وأرحمُ الراحمين ، وأنه سبحانه لم يُرسل

    إليه البلاءَ ليُهلكه به ، ولا ليُعذبه به ، ولا ليَجْتاحَه ، وإنما افتقده به ليمتحن صبره ورضاه عنه

    وإيمانه ، وليسمع تضرُّعه وابتهالَه ، وليراه طريحاً ببابه ، لائذاً بجنابه ، مكسورَ القلب بين يديه ،

    رافعاً قصصَ الشكوى إليه .



    قال الشيخ عبد القادر: يا بُنَيَّ ، إنَّ المصيبةَ ما جاءت لِتُهلِكَكَ ، وإنَّما جاءت لتمتحِنَ صبرك وإيمانَك ،

    يا بُنَيَّ ، القَدَرُ سَبُعٌ ، والسَّبُعُ لا يأكل
    الميتةَ .



    والمقصود: أنَّ المصيبة كِيرُ العبدِ الذي يُسبَك به حاصله ، فإما أن يخرج ذهباً أحمر ، وإما أن يخرج

    خَبَثاً كله ، كما قيل: سَبَكْنَاه ونَحْسِبهُ لُجَيْناً * فأَبْدَى الْكِيرُ عَنْ خَبَثِ الْحَدِيدِ



    فإن لم ينفعه هذا الكِيرُ في الدنيا ، فبيْنَ يديه الكِيرُ الأعظم ، فإذا علم العبد أنَّ إدخاله كِيرَ الدنيا

    ومَسبكَها خيرٌ له من ذلك الكِير والمسبك ، وأنه لا بد من أحد الكِيرَين ، فليعلم قدرَ نعمة الله عليه في

    الكِير العاجل .



    ومِن عِلاجها: أن يعلم أنه لولا مِحَنُ الدنيا ومصائبُها ، لأصاب العبدَ مِن أدْواء الكِبْرِ والعُجب

    والفرعنة وقسوة القلب ما هو سببُ هلاكه عاجلاً وآجلاً ، فمن رحمةِ أرحم الراحمين أن يتفقَّده في

    الأحيان بأنواع من أدوية المصائب ، تكون حِمية له من هذه الأدواء ، وحِفظاً لصحة عُبوديتهِ ،

    واستفراغاً للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه ، فسبحانَ مَن يرحمُ ببلائه ، ويبتلي بنعمائه كما قيل:



    قَدْ يُنْعِمُ اللهُ بِالْبَلْوَى وَإنْ عَظُمَتْ * وَيَبْتَلِي اللهُ بعْضَ الْقَوْمِ بِالنِّعَمِ



    فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء ، لطَغَوا ، وبَغَوْا ، وعَتَوْا ، واللهُ سبحانه إذا

    أراد بعبد خيراً سقاه دواءً من الابتلاء والامتحان على قدر حاله يستفرِغُ به من الأدواء المهلكة ،

    حتى إذا هذَّبه ونقَّاه وصفَّاه ، أهَّلَه لأشرفِ مراتب الدنيا ، وهي عبوديتُه ، وأرفع ثواب الآخرة ، وهو

    رؤيتُه وقُربه.

    ومِن عِلاجها: أن يعلم أنَّ مرارةَ الدنيا هي بعينها حلاوةُ الآخرة ،يَقلِبُها الله سبحانه كذلك

    ، وحلاوة الدنيا بعينها مرارةُ الآخرة ، ولأَنْ ينتقل مِن مرارة منقطعة إلى حلاوة دائمة خيرٌ له من

    عكس ذلك . فإن خَفِيَ عليك هذا ، فانظر إلى قول الصادق المصدوق: " حُفَّتِ الجَنَّةُ بالمَكَارهِ ،

    وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ ".



    وفي هذا المقام تفاوتت عقولُ الخلائق ، وظهرت حقائقُ الرجال ، فأكثرُهم آثرَ الحلاوةَ المنقطعة على

    الحلاوة الدائمة التي لا تزول ، ولم يحتمل مرارةَ ساعةٍ لِحلاوة الأبد ، ولا ذُلَّ ساعةٍ لِعزِّ الأبد ، ولا

    مِحنةَ ساعةٍ لعافيةِ الأبد ، فإنَّ الحاضر عنده شهادةٌ ، والمنتظر غيبٌ ، والإيمان ضعيفٌ ، وسلطانُ

    الشهوة حاكم ، فتوَلَّد من ذلك إيثارُ العاجلة ، ورفضُ الآخرة ، وهذا حال النظر الواقع على ظواهر

    الأُمور ، وأوائلها ومبادئها ، وأما النظر الثاقب الذي يَخرِق حُجُب العاجلة ، ويُجاوزه إلى العواقب

    والغايات ، فله شأنٌ آخرُ .



    فادع نفسك إلى ما أعدَّ الله لأوليائه وأهل طاعته من النعيم المقيم ، والسعادة الأبدية ، والفوز الأكبر ،

    وما أعدَّ لأهل البطالة والإضاعة من الخزي والعقاب والحسرات الدائمة ، ثم اخترْ أيُّ القسمَيْن أليقُ

    بك ، { وكُلٌ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ } ، وكُلُّ أحد يصبُو إلى ما يُناسبه ، وما هو الأَوْلَى به ، ولا تستطِلْ

    هذا العلاج ، فشدةُ الحاجة إليه من الطبيب والعليل دعت إلى بسطه ، وبالله التوفيق .





    منقول من كتاب الطب النبوي لابن القيم الجوزية


يعمل...
X