إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في أولياء الله المقتصدين والسابقين ( شيخ الإسلام ابن تيمية )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في أولياء الله المقتصدين والسابقين ( شيخ الإسلام ابن تيمية )

    في أولياء الله المقتصدين والسابقين



    قد ذكر الله تعالى ‏ [ ‏أولياءه‏ ] ‏ المقتصدين والسابقين في سورة فاطر في قوله تعالى‏ : ‏ ‏ { ‏ثُمَّ أَوْرَثْنَا

    الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ

    هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ

    وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا

    يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ‏ }
    ‏ ‏ [ ‏ فاطر‏ : ‏32 35 ‏ ] ‏ ، لكن هذه الأصناف الثلاثة في

    هذه الأية هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة كما قال تعالى‏ : ‏ ‏ { ‏ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ

    اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ

    الْكَبِيرُ‏ } ‏‏ . ‏



    وأمة محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين أورثوا الكتاب بعد الأمم المتقدمة ، وليس ذلك مختصًا

    بحفاظ القرآن ، بل كل من آمن بالقرآن فهو من هؤلاء ، وقسمهم إلى ظالم لنفسه ، ومقتصد ،

    وسابق ؛ بخلاف الأيات التي في الواقعة والمطففين والانفطار ، فإنه دخل فيها جميع الأمم المتقدمة

    كافرهم ومؤمنهم ، وهذا التقسيم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ف [ ‏الظالم لنفسه‏ ] ‏ أصحاب

    الذنوب المصرون عليها ، ومن تاب من ذنبه أي ذنب كان توبة صحيحة لم يخرج بذلك عن السابقين

    ، و‏ [ ‏المقتصد‏ ] ‏ المؤدي للفرائض المجتنب للمحارم ، والسابق للخيرات هو المؤدى للفرائض

    والنوافل ، كما في تلك الأيات ، ومن تاب من ذنبه أي ذنب كان توبة صحيحة لم يخرج من بذلك عن

    السابقين والمقتصدين كما في قوله تعالى‏ : ‏ ‏ { ‏وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ

    وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء َالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ

    يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ

    الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي

    مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ‏ }
    ‏ ‏ [ ‏ آل عمران‏ : ‏ 133 136 ‏ ] ‏ و‏ [ ‏المقتصد‏

    ] ‏ المؤدى للفرائض المجتنب للمحارم ، و[ ‏السابق بالخيرات‏ ] ‏ هو المؤدى للفرائض والنوافل كما

    في تلك الآيات ‏ . ‏



    وقوله‏ :
    ‏ ‏ { ‏جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا‏ } ‏ ‏ [ ‏ فاطر‏ : ‏ 33 ‏ ] ‏ مما يستدل به أهل السنة على أنه لا يخلد في

    النار أحد من أهل التوحيد ‏ . ‏



    وأما دخول كثير من أهل الكبائر النار فهذا مما تواترت به السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم ،

    كما تواترت بخروجهم من النار وشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر وإخراج من

    يخرج من النار بشفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم وشفاعة غيره‏ .

    ‏ فمن قال‏ :
    ‏ إن أهل الكبائر مخلدون في النار وتأول الآية على أن السابقين هم الذين يدخلونها وأن

    المقتصد أو الظالم لنفسه لا يدخلها ، كما تأوله من المعتزلة فهو مقابل بتأويل المرجئة الذين لا

    يقطعون بدخول أحد من أهل الكبائر النار‏ . ‏ ويزعمون أن أهل الكبائر قد يدخل جميعهم الجنة من غير

    عذاب ، وكلاهما مخالف للسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولإجماع سلف الأمة وأئمتها ‏ . ‏



    وقد دل على فساد قول ‏ [ ‏الطائفتين‏ ] ‏ قول الله تعالى في آيتين من كتابه وهو قوله تعالى‏ : ‏ ‏ { ‏إِنَّ اللّهَ

    لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء‏ }
    ‏ ‏ [ ‏ النساء‏ : ‏48 ‏ ] ‏ ، فأخبر تعالى أنه لا يغفر

    الشرك وأخبر أنه يغفر ما دونه لمن يشاء ، ولا يجوز أن يراد بذلك التائب كما يقوله من يقوله من

    المعتزلة ؛ لأن الشرك يغفره الله لمن تاب وما دون الشرك يغفره الله أيضًا للتائب فلا تعلق بالمشيئة ،

    ولهذا لما ذكر المغفرة للتائبين قال تعالى‏ : ‏ ‏ { ‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن

    رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ‏ }
    ‏ ‏ [ ‏ الزمر‏ : ‏ 53 ‏ ] ‏‏ . ‏



    فهنا عمم المغفرة وأطلقها ، فإن الله يغفر للعبد أي ذنب تاب منه ، فمن تاب من الشرك غفر الله له ،

    ومن تاب من الكبائر غفر الله له ، وأي ذنب تاب العبد منه غفر الله له ، ففي أية التوبة عمم وأطلق

    ، وفي تلك الأية خصص وعلق ، فخص الشرك بأنه لا يغفره ، وعلق ما سواه على المشيئة ومن

    الشرك التعطيل للخالق وهذا يدل على فساد قول من يجزم بالمغفرة لكل مذنب ، ونبه بالشرك على ما

    هو أعظم منه كتعطيل الخالق ، أو يجوز ألا يعذب بذنب ، فإنه لو كان كذلك لما ذكر أنه يغفر البعض

    دون البعض ، ولو كان كل ظالم لنفسه مغفورًا له بلا توبة ولا حسنات ماحية لم يعلق ذلك بالمشيئة ‏ . ‏



    وقوله تعالى‏ : ‏ ‏ { ‏وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء‏ } ‏ دليل على أنه يغفر البعض دون البعض ، فبطل

    النفي والوقف العام ‏ . ‏




    مجموع فتاوي ابن تيمية
يعمل...
X