بسم الله الرحمن الرحيم
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
ومنهم من يَرْغَبْ العلم وطلب العلم الذي هو في وقتنا هذا قد يكون أفضل أعمال البدن ، لأن الناس في الوقت الحاضر في عصرنا هذا محتاجون إلى العلم الشرعي ، لغلبة الجهل وكثرة المتعالمين ، الذين يدّعون أنهم علماء وليس عندهم من العلم إلا بضاعة مزجاة ، فنحن في حاجة إلى طلبة علم يكون عندهم علم راسخ ثابت مبني على الكتاب والسنة ، من أجل أن يردوا هذه الفوضى التي أصبحت منتشرة في القرى والبلدان ، كل إنسان عنده حديث أوحديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصدى للفتيا ، ويتهاون بها ، وكأنه شيخ الإسلام ابن تيمية ، أو الإمام أحمد أو الشافعي أو غيرهم من الأئمة ، وهذا ينذر بخطر عظيم إن لم يتدارك الله الأمة بعلماء راسخين ، عندهم علم قوي وحجة قوية .
ولهذا نرى أن طلب العلم اليوم أفضل الأعمال المتعدية للخلق ، أفضل من الصدقة ، وأفضل من الجهاد ، بل هو جهاد في الحقيقة ، لأن الله سبحانه وتعالى جعله عديلا للجهاد في سبيل الله ، وليس الجهاد الذي يشوبه ما يشوبه من الشبهات ، ويشك الناس في صدق نية المجاهدين ، لا ، الجهاد الحقيقي الذي تعلم علم اليقين أن المجاهدين يجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا ، فتجدهم مثلا يطبقون هذا المبدأ في أنفسهم قبل أن يجاهدوا غيرهم ، فالجهاد الحقيقي في سبيل الله الذي يقاتل فيه المقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا يعادله طلب العلم الشرعي .
ودليل ذلك قول الله تعالى : (( وما كان المؤمنون لينفروا كافة )) يعني ما كان ليذهبوا إلى الجهاد جميعا (( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة )) يعني وقعدت طائفة ، وإنما قعدوا (( ليتفقهوا في الدّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون )) [ التوبة: 122 ] .
فجعل الله طلب العلم معادلا للجهاد في سبيل الله والجهاد الحق الذي يُعلم بقرائن الأحوال وحال المجاهدين أنهم يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا .
فالمهم : أن طرق الخير كثيرة ، وأفضلها فيما أرى بعد الفرائض التي فرضها الله هو طلب العلم الشرعي ، لأننا اليوم في ضرورة إليه .
لقد سمعنا وجاءنا استفتاء عن شخص يقول : من صلى في مساجد البلد الفلاني فإنها لا تصح صلاته ، لأن الذين تبرعوا لهذه المساجد فيهم كذا وكذا ، ومن صلى على حسب الأذان فإنه لا تصح صلاته ، لأنه مبني على توقيت وليس على رؤية الشمس ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر " ، أما الآن الأوقات مكتوبة في أوراق والناس يمشون عليها ، هؤلاء كلهم لا تصح صلاتهم ، يعني كل المسلمين على زعمه لا تصح صلاتهم ، مثل هذه البلبلة .
والمشكلة أن مثل هذا يقال : إنه رجل عنده شيء من العلم ، لكن علم الأوراق الذي يعطي الإنسان فيه بطاقة تشهد بأنه متخرج من كذا وكذا .
فالحاصل : أنه لابد للأمة الإسلامية من علماء راسخون في العلم ، أما أن تبقى الأمور هكذا فوضى ، فإنهم على خطر عظيم ، ولا يستقيم للناس دين ، ولا تطمئن قلوبهم ، ويصير كل واحد تحت شجرة يفتي ، وكل واحد تحت سقف يفتي ، وكل واحد على قمة جبل يفتي ،وهذا ليس بصحيح ، لابد من علماء عندهم علم راسخ ثابت ، مبني على الكتاب والسنة وعلى العقل والحكمة .
المصدر :
رياض الصالحين للإمام النّووي رحمه الله
الشرح لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله [ ج 1 ص 342 ]
قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
ومنهم من يَرْغَبْ العلم وطلب العلم الذي هو في وقتنا هذا قد يكون أفضل أعمال البدن ، لأن الناس في الوقت الحاضر في عصرنا هذا محتاجون إلى العلم الشرعي ، لغلبة الجهل وكثرة المتعالمين ، الذين يدّعون أنهم علماء وليس عندهم من العلم إلا بضاعة مزجاة ، فنحن في حاجة إلى طلبة علم يكون عندهم علم راسخ ثابت مبني على الكتاب والسنة ، من أجل أن يردوا هذه الفوضى التي أصبحت منتشرة في القرى والبلدان ، كل إنسان عنده حديث أوحديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتصدى للفتيا ، ويتهاون بها ، وكأنه شيخ الإسلام ابن تيمية ، أو الإمام أحمد أو الشافعي أو غيرهم من الأئمة ، وهذا ينذر بخطر عظيم إن لم يتدارك الله الأمة بعلماء راسخين ، عندهم علم قوي وحجة قوية .
ولهذا نرى أن طلب العلم اليوم أفضل الأعمال المتعدية للخلق ، أفضل من الصدقة ، وأفضل من الجهاد ، بل هو جهاد في الحقيقة ، لأن الله سبحانه وتعالى جعله عديلا للجهاد في سبيل الله ، وليس الجهاد الذي يشوبه ما يشوبه من الشبهات ، ويشك الناس في صدق نية المجاهدين ، لا ، الجهاد الحقيقي الذي تعلم علم اليقين أن المجاهدين يجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا ، فتجدهم مثلا يطبقون هذا المبدأ في أنفسهم قبل أن يجاهدوا غيرهم ، فالجهاد الحقيقي في سبيل الله الذي يقاتل فيه المقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا يعادله طلب العلم الشرعي .
ودليل ذلك قول الله تعالى : (( وما كان المؤمنون لينفروا كافة )) يعني ما كان ليذهبوا إلى الجهاد جميعا (( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة )) يعني وقعدت طائفة ، وإنما قعدوا (( ليتفقهوا في الدّين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون )) [ التوبة: 122 ] .
فجعل الله طلب العلم معادلا للجهاد في سبيل الله والجهاد الحق الذي يُعلم بقرائن الأحوال وحال المجاهدين أنهم يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا .
فالمهم : أن طرق الخير كثيرة ، وأفضلها فيما أرى بعد الفرائض التي فرضها الله هو طلب العلم الشرعي ، لأننا اليوم في ضرورة إليه .
لقد سمعنا وجاءنا استفتاء عن شخص يقول : من صلى في مساجد البلد الفلاني فإنها لا تصح صلاته ، لأن الذين تبرعوا لهذه المساجد فيهم كذا وكذا ، ومن صلى على حسب الأذان فإنه لا تصح صلاته ، لأنه مبني على توقيت وليس على رؤية الشمس ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر " ، أما الآن الأوقات مكتوبة في أوراق والناس يمشون عليها ، هؤلاء كلهم لا تصح صلاتهم ، يعني كل المسلمين على زعمه لا تصح صلاتهم ، مثل هذه البلبلة .
والمشكلة أن مثل هذا يقال : إنه رجل عنده شيء من العلم ، لكن علم الأوراق الذي يعطي الإنسان فيه بطاقة تشهد بأنه متخرج من كذا وكذا .
فالحاصل : أنه لابد للأمة الإسلامية من علماء راسخون في العلم ، أما أن تبقى الأمور هكذا فوضى ، فإنهم على خطر عظيم ، ولا يستقيم للناس دين ، ولا تطمئن قلوبهم ، ويصير كل واحد تحت شجرة يفتي ، وكل واحد تحت سقف يفتي ، وكل واحد على قمة جبل يفتي ،وهذا ليس بصحيح ، لابد من علماء عندهم علم راسخ ثابت ، مبني على الكتاب والسنة وعلى العقل والحكمة .
المصدر :
رياض الصالحين للإمام النّووي رحمه الله
الشرح لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله [ ج 1 ص 342 ]