إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

[العلاَّمة العثيمين]: أيهما أفضل العزلة أو الاختلاط بالناس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [العلاَّمة العثيمين]: أيهما أفضل العزلة أو الاختلاط بالناس

    أيهما أفضل العزلة أو الاختلاط بالناس
    بسم الله الرحمن الرحيم


    قال الإمام البخاري (رحمه الله تعالى):
    باب: العزلة راحة من خُلاَّط السوء
    حدثنا أبو اليمان... عن أبي سعيد الخدري قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله، أي الناس خير؟) قال: "رجل جاهد بنفسه وماله، ورجل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره"...

    قال العلاَّمة العثيمين (رحمه الله تعالى):
    [المؤلف -رحمه الله- يقول: (العزلة راحة من خُلاَّط السوء)، وصدق -رحمه الله-؛ فإن العزلة راحة إذا لم يكن إلا اختلاطٌ مع أهل السوء، ولا شك أن الراحة خير من التعب، لا سيما التعب فيما لا يُرضي الله عز وجل.
    وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- أيهما أفضل العزلة أو الاختلاط بالناس؟
    فقال بعض العلماء: (إن العزلة أفضل لأنها أسلم لدين المرء).
    وقال بعض العلماء: (بل الاختلاط بالناس أفضل لما يُتوقَّع من أمرٍ بمعروف ونهيٍ عن منكر ودعوةٍ إلى الخير، وغير ذلك).
    والصحيح: أن الاختلاط بالناس أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم"، إلا إذا كان في الاختلاط شر على المرء في دينه فحينئذٍ تكون العزلة خيراً، لكنها مُوَقَّتة، بمعنى: أنه إذا زالت الموانع اختلط بالناس؛ لأن الاختلاط بالناس فيه خير: دعوة للخير، أمر بمعروف، نهي عن منكر، معرفة لأحوال الناس، اءتناس بهم، إلى غير ذلك من المصالح الكثيرة، والعزلة: ينطوي الإنسان على نفسه، وربما ينفتح عليه في هذه العزلة أبواب لا يستطيع سدها من الوساوس والتفكيرات السيئة حتى يذهب بذلك دينه ودنياه، ولهذا قيَّدها البخاري -رحمه الله- قال: (راحة من خُلاَّط السوء)، يعني: (لا مُطلقاً)، وقول من قال: (إن العزلة أسلم) فيه نظر؛ لأن كثيراً من الناس يبنون السلامة على التخلِّي عن الشيء، وهذا خطأ، فالتخلِّي عن الشيء قد لا يكون سلامة؛ لأنه إذا وجب عليك الخروج للناس والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تكن العزلة سلامة، بل تكون العزلة ندامة ومسؤولية وإضاعة، فالتخلِّي عن الشيء ليس سلامة على كل حال، بل قد يكون فيه الندامة والملامة.
    ثم ذكر هذا الحديث واضطراب إسناده، لكنه اضطراب لا يضر، إنما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: (أي الناس خير؟) قال: "رجل جاهد بنفسه وماله"، فهذا خير الناس؛ لأنه ركب ذروة سنام الإسلام، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "ذروة سنامه الجهاد في سبيل الله".
    والثاني: (رجل في شِعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره)، وهذا في حال الفتن وحال الشر باختلاط الناس؛ فتكون العزلة في شِعب من الشعاب خيراً من الاختلاط بالناس لما في الاختلاط من الفتنة والشر، فالجهاد في حال مشروعيته -وجوباً أو استحباباً- خيرٌ من العزلة، والعزلة في حالة الفتنة خير من الاختلاط، فعلى هذا يكون هذا الحديث مقيَّداً، أعني إطلاق قوله: (في شِعب من الشعاب)، (رجل في شِعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره) هذا مقيَّد بما إذا كثرت الفتن، ولعله يُفسِّره ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "إذا رأيت شُحّاً مطاعاً وهوىً متبعاً ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه؛ فعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العوام"]. اهـ

    ثم قال (رحمه الله تعالى) تعقيباً على سؤال وُجِّه إليه:

    [واللهِ يختلفون الناس: إذا كان الإنسان لا يؤثر على المجتمع بالتوجيه السليم فقد يكون اعتزاله خيراً، أما إذا كان يستطيع يؤثر فاختلاطه بالناس وبيانه للواقع والحق أحسن؛ لأن الناس في حال الفتن يموجون كأمواج البحر، هذا مُقبل وهذا مُدير، ولا يكون عندهم أحد يوجههم، فالناس يختلفون، إذا كان هذا الرجل له تأثير وهو قدوة عند الناس فلا ينبغي أن يعتزل، يتكلم بما يرى أنه حق]. اهـ
    (صحيح البخاري - شرح كتاب الرقاق - الشريط 6 أ).
يعمل...
X