شعاع الفانوس
على مجازفات الشيخ فركوس
كتبه
أبو حاتم يوسف بن العيد بن صالح الجزائري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل في كتابه {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} [النحل: ٩٠].
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل في بيانه « مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِى الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِى الآخِرَةِ مِنَ الْبَغْىِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ » أخرجه أبو داود من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، والترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
أما بعد :
فقد اطلعتُ على ما نشر في موقع الشيخ فركوس -هداه الله تعالى- من الجناية والطعن والبغي على أهل السنة وحماتها وحملة رايتها في هذا الوقت بدار الحديث بدماج قلعة أهل السنة والجماعة، ومحاولة تشويه صورتهم على طريقة أهل التحزب من أصحاب أبي الحسن المصري وعبد الرحمن العدني.
ولولا أن أصحاب هذه الأكاذيب والأراجيف كثروا وانتشروا، لم يكن بنا حاجة إلى بيان فساد ترّهاتهم، وإيضاح بهتانهم، ولكن يعلم أن الضلال لا حدّ له، وأن العقول إذا فسدت لم يبق لضلالها حد معقول، والقول الباطل الكذب هو من باب ما لا ينقض الوضوء ليس له ضابط، وإنما المطلوب معرفة الحق والعمل به..
وقد بيّن أهل السنة كذب هذه الدعاوى في كثير من الأشرطة والكتابات بما يكفي ويشفي.
غير أنه بين الحين والآخر تبرز قرون تنعشها، وتحمل راية من سبقها، كما هو دأب أهل الباطل في تكاثفهم على أهل الحق والهدى، لكن الله عز وجل وعد ووعده الحق فقال <كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ >[المائدة: 64] .
وأهل السنة في القلعة السلفية الشامخة بدماج- وعلى رأسهم شيخنا المحدث العلامة الناصح الأمين يحيى بن علي الحجوري حفظه الله تعالى- في ذلك كله؛ يردّون بغي المعتدين بالحجة والبرهان، غير مبالين بإرجاف المرجفين وحسد الحاسدين، سائرين على منهج السلف رضي الله عنهم أجمعين.
قال الله تعالى<وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا>[الفرقان:33].
وقال تعالى< بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ >[الأنبياء: 18].
وكلما زاد هؤلاء من التشويه لهذا الصرح الشامخ ازداد الناس إقبالا عليه!! وكأنهم يدفعون الناس إليه دفعا!
وإذا أراد الله نشر فـضيلة *** طويت أتاح لها لسـان حسود
لولا اشتعال النار في جزل الغضا *** ما كان يُعرف طيب نشر العود
فإن الناس إذا أتوا ورأوا الخير سبوهم وذموهم ومقتوهم وقالوا: قاتلهم الله!! كم صدونا عن الخير ونحن نريد طلب العلم!! هؤلاء كذبة خراصون!!
أما تستحيون من فضيحة الدنيا ويخشى عليكم من فضيحة الآخرة يوم القيامة؟!
﴿وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل:94].
أو لم يعلموا أن كلَّمن فتن إنسانا أو أبعده عن الخير فإنه يحمل وزره يوم القيامة﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْأَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [النحل:25].
وكان على فركوس وإدارته هداهم الله أن يحسبوا قبل كلامهم في الشيخ المحدث العلامة يحيى بن علي الحجوري وداره قلعة أهل السنة وطلابه ألف حساب، حيث إنهم يعلمون أن الدعوة التي يقوم بها الشيخ يحيى حفظه الله؛ دعوة لا يُعرف لها مثيل في عصرنا الحاضر، ولا يُعلم عالمٌ في هذا الوقت يُرحل إليه من جميع أصقاع الأرض كما رحل إلى فضيلته-بعد الإمام مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله-، ولا نعلم حلقة علم فيها نحو سبعة آلاف طالب سلفي خالص مِن درن الحزبية البغيضة-فيما نحسبهم والله حسيبهم- مع الاستمرار في طلب العلم ليلا ونهارا ليس لهم عطل عن طلب العلم حتى في الأعياد و الجمعات!! كحلقته حفظه الله، بما لم تره عين فركوس الجزائري، ولا شلّةِ إدارتِه السّافهين على الخير وأهله.
ومن المعلوم عندهم أيضا! أنّ ذلك لا يأتي سدًى وصدفة! وإنما يأتي من جرّاء ثقة الناس بحامل هذه الدعوة، ولما علموا من أمانته وتضلُّعه في العلم، ويشهد لذلك تلك الجهود العلمية التي يقوم بها، حتى قاربت تواليفه المائة في كثير من الفنون، وبلغت أشرطته من شروح ومحاضرات وخطب وفتاوى نحو الألف شريط، وأصبح مرجعا من مراجع الأمة في التدريس والفتوى بشهادة أهل العلم له بذلك، وشهادة الواقع...
قال الإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى في تقديمه لتحقيق شيخنا لكتاب"إصلاح المجتمع": (والأخ الشيخ يحيىبن علي الحجوري بحمد الله قد أصبح مرجعًا في التدريس والفتاوى، أسأل الله أن يجزيه خيرًا..) .
* وسئل رحمه الله تعالى : إلى من يرجع إليه الإخوة في اليمن؟ ومن هو أعلم واحد في اليمن؟ فقال:الشيخ يحيى.
ولقد ساءنا أن يندمج الشيخ فركوس الجزائري-هداه الله – في سلك المحقِّرين لما عظّم الله، وهو الذي كنا نأمل فيه أن يكون من رافعي لواء السنة في بلادنا الجزائر الجريحة، التي هي بحاجة ماسة إلى دعاة سنة يقودونها وشعبها إلى برّ الأمان مِن الفتن التي تعصف بها بين الحين والآخر، ويرشدون هذه الأمة إلى ما فيه الصلاح والرشاد.
وقد كان كثير من أهل السنة بالجزائر يخافون منه على الدعوة السلفية بالجزائر؛ لِـمَا له من بعض المواقف المؤلمة في الدعوة فيها! إلا أننا كنّا نخشى عليه لا منه، إذ إن الدعوة السلفية هي دعوة الله عزوجل وهو حاميها.
ولقد ارتقى الشيخ فركوس الجزائري مرتقا صعبا، حتى وصل به الأمر إلى مصادمة أسود السنة وحملة لوائها بدار الحديث وقلعة أهل السنة بدماج، والتحذير منها والطعن في شيخها بمنطق إدارته، بما يجعله ينظم إلى صف قطاع الطريق عن الخير والعلم والصّدّ عن سبيل الله، وضرر هذا الصنف على الدعوة السلفية كبير.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه النفيس «مفتاح دارالسعادة» (1/160) وهو يتكلم عن أصناف الناس الذين يكون ذهاب الإسلام على أيديهم:
(... والصنف الرابع: نوّاب إبليس في الأرض، وهم الذين يثبّطون الناس عن طلب العلم والتفقه في الدين، فهؤلاء أضر عليهم من شياطين الجن، فإنهم يحولون بين القلوب وبين هدى الله وطريقه ... وهؤلاء كلهم على شفا جرف هار، وعلى
سبيل الهلكة، وما يلقى العالم الداعي إلى الله ورسوله ما يلقاه من الأذى والمحاربة إلا على أيديهم، والله يستعمل من يشاء في سخطه، كما يستعمل من يحب في مرضاته إنه بعباده خبير بصير) .
وقال في «مدارج السالكين» (2/464): (.. ولم ينه عن العلم إلا قطاع الطريق منهم، ونواب إبليس وشرطه) .
وقد سُئل العلامة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى: هناك إخوة جزائريون في المدينة، يأتي الأخ من الجزائر وغيرها، وقد جمع أمره على الرحلة إلى دماج لطلب العلم، فيثبطونه حتى يبقى، وهناك إخوة لهم سنتان في
المملكة، فنرجو منكم نصيحة لهؤلاء الذين أصبحوا قطاع طرق عن الخير؟
فأجاب حفظه الله تعالى: (هؤلاء كما قال السائل قطاع طرق، لماذا يحذرون من الدراسة في دماج، دارٌ تدرس كل العلوم، والله ما يحذر منها إلا رجل يريد الصد عن سبيل الله، وكذلك أخواتها دور الحديث الأخرى).
وهذا بعض ما جاء في تعقيب الشيخ فركوس وإدارته من الحملة الشرسة على دار الحديث وشيخها بنفس العبارات التي عهدناها من أبي الحسن المصري وعبد الرحمن العدني وأتباعهما وغيرهم من الحزبيين والحاسدين!!، قالوا :
(ولقد كان ذلك[أي التحذير والتزهيد من دار الحديث]
في ابتداء الأمر محض افتراء([1])، غير أنَّ الشيخ محمَّد علي فركوس -حفظه الله- قد لاحظ في الآونة الأخيرة من مركز الدّماج(!) من بعض رُوَّاده الطعن الحادَّ في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وتحريم الدراسة فيها(!!)، والتنقيص من أساتذتها بعبارات نكرة شنيعة، والتعرضَ إلى بعض مشايخ دعوة الحقّ من أهل السنة، وكلَّ من خالف وجهة مركز الدماج في موارد الاجتهاد ومواضع الاستنباط بالتشنيع والمقت والإساءة بالقول(!!)، ولم يتوان خليفة الشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله- في وصف بعض الدعاة المخالفين له في الرأي والاستنباط بالمفتونين والمتحزِّبين والمميّعين وغيرها من العبارات المنكرة(!!).
كما لاحظ حفظه الله[أي فركوس] في زمن خلافة يحيى الحجوري بالتحديد -هدانا الله وإياه- استفحال داء التعالم في المتمدرسين بمركز الدماج على وجه التميّز(!!)، واستشراء «حبّ الشهرة» -إلاّ من رحم ربك-، وخاصة من الوافدين إلى ديارنا من هذا المركز المتشبِّعين بما لم يُعطوا نتيجة ضعف الإمداد السليم(!!)، وهمُّهم - بعد رجوعهم- التشتيت والوقيعة في أهل السنة ودعاتها في الجزائر وفي غيرها(!!)، يستثمرون الجهد في محاولة إدراك سقطات الدعاة وأخطائهم إن وجدت (!!)، أو يلوون نصوصهم ومقالاتهم على نحو تتوافق مع غرضهم من النيل منهم ليصلوا بواسطة الطعن إلى الشهرة المنشودة وتكوين الأنصار والأتباع(!!)، ولا تحلو لهم دراسة العلوم الشرعية والتمكن فيها كما يحلو لهم الإغارة على أعراضهم بالتدليس والتلفيق والتعمية ليجدوا متعهم في ضحايا التجريح ويطيروا بها في الآفاق(!!).
إنَّ حقيقة المنهج الاستئصالي(!!) الذي يدعو إليه كلّ محروم الحلم والحكمة(!!)، المجانب للصواب هو الذي دفع بالشيخ محمد علي فركوس - حفظه الله- إلى التحذير(!) بعدها من خطر تمزق صفّ أهل السنة والجماعة في بلادنا وسائر بلاد المسلمين بسبب المنهج الاستقصائي المخالف لمنهج دعوة الحق بالحكمة والبصيرة والمجادلة بالتي هي أحسن(!!)..)!!!
إلى غير ذلك من العبارات الشنيعة في حق أهل السنة وحملتها!!!
ولو أتينا على هذه العبارات بالرّدّ والبيان لطال بنا المقام، وقد كتب أهل السنة في الرّدّ على هذه الأكاذيب والافتراءات عداد الرّدود القاصمة لظهور أمثال هؤلاء من الكذابين والحاسدين، ويكفي أن نقول لقطاع الطريق هؤلاء:
<قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ>.
قال العلامة السعديرحمه الله عند تفسير الآية: (..لا بد أن تكون حجة مستندة إلى العلم والبرهان، فأما إذا كانت مستندة إلى مجرد الظن والخرص، الذي لا يغني من الحق شيئا، فإنها باطلة، ولهذا قال< قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا > فلو كان لهم علم -وهم خصوم ألداء- لأخرجوه، فلما لم يخرجوه علم أنه لا علم عندهم< إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلا تَخْرُصُونَ > ومَنْ بنى حججه على الخرص والظن، فهو مبطل خاسر، فكيف إذا بناها على البغي والعناد والشر والفساد؟).
ومن عجيب أمر فركوس وإدارته- عاملهم الله بما يستحقون- أنهم يطالبون الشيخ يحيى حفظه الله بـ: ( الاستقصاء وشدَّة التحرِّي في إصدار الأحكام، وشدة التثبُّت المأمور به شرعًا ([2]) في نقل الأخبار..) في أمور قد سطرها فركوس بقلمه، وأوضح له الناصحون فيه خطأه!! بينما هو وإدارته لم يقدّموا برهانا على ما يقولون ويدّعون!!
([1]) بل كان حقيقة ثابتة، ولكن شيخنا حفظه الله تعالى لم يكن يعبؤ بما يسمع من ذلك لاشتغاله بما هو أهم وأنفع للإسلام والمسلمين.
([2]) بل كان حقيقة ثابتة، ولكن شيخنا حفظه الله تعالى لم يكن يعبؤ بما يسمع من ذلك لاشتغاله بما هو أهم وأنفع للإسلام والمسلمين.