التراجعات السياسية
(والمفهوم الصحيح في الظنّ والتوبة عند أهل السنة)
أذن بنشرها
شيخنا العلامة الناصح الأمين المحدث
أبو عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله
بمراجعة:
شيخنا الفاضل الناصح أبو عبد الله طارق بن محمد الخياط البعداني حفظه الله
كتبه:
الفقير إلى الله أبو فيروز عبد الرحمن بن سوكايا الإندونيسي
الجاوي القدسي آل الطوري عفى الله عنه
المركز الأم للدعوة السلفية دار الحديث بدماج
اليمن حرسها الله
...............................
مقدمة
الحمد لله الذي قال: }وماأمرواإلاليعبدوااللَّهمخلصينلهالدينحنفاءويقيمواالصلاةويؤتواالزكاةوذلكدينالقيمة{
وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله الذي قال: ((إنماالأعمالبالنيات،وإنمالكلامرئمانوى.فمَنْكانتهجرتهإِلَىاللَّهورسولهفهجرتهإِلَىاللَّهورسوله،ومنكانتهجرتهلدنيايصيبهاأوامرأةينكحهافهجرتهإِلَىماهاجرإليه))
اللهم صل وسلم على محمد وآله أجمعين أما بعد:
قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام/112]
وقال جل ذكره: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان/31]
في هذه الأدلة أخبر الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وآله وسلم وجميع المؤمنين أن الدعوة إلى الله تعالى لا تسير محفوفة بالأزهار. بل لا بد من اعتراضات الأعداء وشتى ابتلاءات حتى يميز الله الصادق من الكاذب. ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُم﴾ [محمد/31]
وتارة يغلب أولياء الرحمن على أولياء الشيطان كليا أو جزئيا، وأحيانا عكس ذلك. وذلك من الابتلاء أيضا. ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين﴾ [آل عمران/140] وفي أيام استعلاء أولياء الشيطان يظهر خبثهم، وينال أهل الحق أذية مريرة من قبلهم. ولكن العاقبة لأنصار الله. قال تعال مسليا للمؤمنين ومبشرا لهم: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُون ﴾ [الصافات/171-173]
وفي أيام استعلاء أولياء الرحمن على أولياء الشيطان، يستخدم أولياء الشيطان أساليب شتى ليسلموا من أقلام أهل الحق وألسنتهم. ومن أساليبهم:إظهار التراجع والتوبة. وبهذا الأسلوب خدعوا الناس فالتفتوا عنهم –لم يوجّهوا سهام الجهاد إليهم وإلى ساداتهم-. أو كان الغرض مكراً ليستمر في حرب أهل السنة في صورة إنسان تائب بريء بهذاالتراجع (قاله فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي - حفظه الله- كما سيأتي إن شاء الله)
ومع ذلك المكر الذي اغترّ به كثير من الناس وعجزوا عن النظر في شدة الغبار، أبى الله إلا أن يفضح أمرهم ويبصّر أولياءه بحقيقة القوم. ﴿وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُون﴾ [البقرة/72] ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُم﴾ [محمد/29]
قال الإمام تفسير ابن كثير رحمه الله: أي: اعتقد المنافقون أن الله لا يكشف أمرهم لعباده المؤمنين؟ بل سيوضح أمرهم ويجليه حتى يفهمهم ذوو البصائر، إلخ ("تفسير القرآن العظيم"- ج 7 / ص 321)
﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُم﴾ [محمد/30] ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾ [التوبة/64].
ولا يمنعني أن توجد رسائل تعني هذا الباب أن أضع سهيماً متواضعاً نصيحة للمسلمين أهل السنة لئلا يلدغوا من جحر واحد مرتين، وردّاً على من افترى على أهل السنة بأنهم لم يقبلوا توبة تائبٍ حتى يرجع إلى بطن أمه.]سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ[ [النور/16]
وليس كل من ارتكب هذا الصنيع المذموم هو من أولياء الشيطان، أو من أعداء الله. قد فعله شخص صالح، فأدانه أئمة المحدثين بما يليق به. غفر الله جميع المسلمين.
وأشكر لشيخنا العلامة المحدث الناصح الأمين أبي عبد الرحمن يحيى بن علي الحجوري حفظه الله على قراءته لهذه الرسالة وتسديدها، ثم أذن لي بنشرها.
ثم أشكر لشيخنا الفاضل الناصح أبي عبد الله طارق بن محمد البعداني، وأخينا الفاضل أبي عمر أحمد الحضرمي، وأخينا المستفيد أبي تراب سيف بن حضر الإندونيسي حفظهم الله على جهدهم في مراجعة هذه الرسالة وإتيان بعض تنبيهات مهمة، فجزاهم الله خيرا وتقبّل منهم.