عبيد الجابري ومجازفاته العجيبة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فقد سمعت مساء الخميس الماضي من شهر جمادى الآخرة عام 14311هـ مقطعًا صوتيًّا للشيخ عبيد الجابري –أصلحه الله وألهمه رشده- في شأن فتنة العدني المفتون، تكلم فيه على عادته باندفاع عجيب، وبأسلوب غريب، يدعو للدهشة! ويجعلك تتساءل ما هو الحامل له على هذا الهجوم الشرس المتكرر بين الفينة والأخرى؟! وما هو الدافع له؟!
إن التساؤل –إي والله- حاصل منذ تكلم في قضية الجامعة الإسلامية والتي جعلها مطية للوصول إلى غرضه، فلما كان رد شيخنا الكريم أبي عبدالرحمن يحيى الحجوري –حفظه الله ووفقه- ملجمًا للخصم ومفحمًا له ولغيره، لم يجد الشيخ عبيد شيئًا يواجه به الحجج النيرة غير ما يسميه هو بلسانه: (سوء المنطق، وبذاءة اللسان، وفحش القول) فجعل ينهال على شيخنا الكريم بتلك الألفاظ التي أظهرت لكل منصف أنه أمر مبيت بليل، وليس المراد قضية الجامعة الإسلامية أو النصح.
وحينها جنَّ جنونه إذ لم يُعبأ بكلامه، حتى أصبح –وللأسف- من جملة المحرشين الداعين للفتنة والفرقة بين أهل الصف الواحد، الساعين لسفك الدماء –شعر بذلك إن كان يعي ما يقول أو لم يشعر.
أهذا بالله عليكم هو نفس العلماء الورعين المحققين المتقين؟!
أهذا بالله عليكم شأن الذين نشأوا في العلم وتربوا عليه؟!
أهذا بالله عليكم هو حال الذين يحسنون تقرير الإسلام والسنة؟!
أهذا بالله عليكم دأب المتعقلين وأصحاب الحكمة؟!
ما هذه المغالطات؟
نعوذ بالله من تقليب الحقائق.
وليعلم: أن ما كتبته ليس المراد منه الرد على مقاله، لأنه قد صار أمرًا مفضوحًا واضحًا –بحمد الله- وإنما مرادي معاودة التذكير للشيخ عبيد –أصلحه الله وألهمه رشده- بما كتبته قبل سنتين تقريبًا بعنوان:
(البيان المفيد لبعض ما أصله ونقضه عمليًّا شيخنا عبيد).
أنسي قوله في الجزائريين والليبيين: أنهم حمير إلا من رحم الله!
أنسي قوله للسائل الذي أثاره وأساء معه الأدب: أنت بقرة والا حمار. ومرة قال أنتم بقر بقر.
أهذه هي أخلاق العلماء العاملين بعلمهم؟! بمجرد اتصال (بقر، حمار) ويختم اتصاله بقوله: (مع السلامة)! أترون هذا تأصيلًا علميًّا أم طيشًا وتيهًا؟
والآن يُسأل عن الخلاف في اليمن فلا يجد غير أن يقول في شيخنا الناصح الأمين: (سفيه) (نشأ سوقيًّا) (ليس نفسه نفس العلماء) (نفسه منطق السفهاء) (سيء المنطق) (بذيء اللسان) ثم ذهب يبرر اندفاعه المعوج بأن عند الرجل أخطاء عقدية.
يا شيخ عبيد تضحك على من؟
هل آل أمرك إلى أن تأخذ بمشاغبات الحزبيين على أهل الحق؟!
ما وجدت إلا هذا المصدر العفن تستقي منه أو يسقى لك منه؟!
ألهذه الدرجة وصل بك التأصيل العلمي؟!
لو بقينا نعد أخطاء العلماء التي رجعوا منها لتركنا أئمة، ولا يحسن أن نعد فنفتح بابًا على أهل السنة كما فعل الكرابيسي.
ومن كلامه الذي يزيدك تعجبًا واستغرابًا: أنه بعد أن قرر عدم الذهاب لمركز دماج قال: (ولهذا أنا لا أنصح بالقدوم على مركز دماج إلاَّ إذا غاب يحيى وخَلَفَ الشيخ مقبل (هكذا) رجلٌ يُحْسِن تقرير الإسلام والسنة، عاقل ورع تقي محقق، أو إذا وجد الآن رجل متحرر لا يخضع ليحيى، وهذا غير موجود، هذا معدوم الآن).
أهكذا تسعى بتجلد لا نظير له من سائر الحزبيين، لتهدم دعوة هائلة وثروة علمية كبيرة تركها الإمام الوادعي –رحمه الله ورفع درجته- في بلاد اليمن من أجل ظنون وهواجس؟!
أذهب عقلك؟!
أم زل فهمك؟!
أهكذا تنفي وبلا هوادة وبهذا الإطلاق وجود عاقل ورع تقي محقق؟!
إنا لنبشر أهل السنة في كل مكان بأن هذا الكلام ليس له أثر، وإن لم تصدق فاذهب إلى دار الحديث بدماج ترَ يقين الخبر، وصدق القائل إذ يقول:
يا ناطح الجبل العالي ليوهنه*** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل
إن الذي يناطح بالباطل أهل الحق والعلماء ومشايخ السنة ومعقل السلفيين في اليمن سيؤول مصيره إلى تحطيم نفسه، كما قال هذا الوصابي فتحطم وتحطم غيره، والسعيد من اتعظ بغيره!
إنها دعوة الله فاحذروا منازعتها إن كانت القضية العلماء يختلفون من قبل في الجرح والتعديل، وإلا فهو هوى وتيه.
أين الذين يزعمون أنهم غير مقلدة من هذا القول؟
أين أنت يا عثمان السالمي من هذيان الشيخ عبيد؟
هل تستطيع أن ترد هذا المنكر من غير تهيب أو اتصالات هنا وهناك (أرد أم لا؟)،
ففي مسلم من حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه»، ولأحمد بسند صحيح عن أبي سعيد أيضًا عن النبي ﷺ قال: «لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول في حق إذا رآه أو شهده أو سمعه» قال أبو سعيد: وددت أني لم أسمعه.
فإن رددت هذا المنكر المتفق عليه وإلا فاعرف بأن وراء الأكمة ما وراءها –شئت أم أبيت-، وحينها فخير لك أن تسكت وتترك الأمر لغيرك، وكما قيل: (ليس هذا بعشك فادرجي)،
فإنه يكفيك منازعتك لشيخك الإمام الوادعي –رحمه الله- في شأن الزنداني و...و... كما في ملزمة الوصابي المعروفة،
ويكفيك دخولك في براءة الذمة تأييدًا لأبي الحسن. هلا ذكرت لنا من دفعك لهذا يا من يدعي أنه مع الشيخ ربيع –حفظه الله- وأنه مع العلماء!
لا داعي لهذه المغالطات، ما الذي جرك للكلام في هذه الفتنة وأن فلانًا كذا وفلانًا كذا، وما أنت إلا مقلد –إن أحسنا فيك الظن- وإلا لو كنت منصفًا لما ذكرت الوصابي في المحكمين، إذ أنه لم يُدخل في رد المشايخ على الشيخ عبيد الجابري.
وهكذا لو كنت منصفًا لما ذكرت الشيخ عبيد في المحكمين ولقلت: الشيخ عبيد أخطأ في جرحه للشيخ الحجوري، وفي تحذيره من دماج، كما قال المشايخ أم أنه وافق شنٌّ طبقه؟!
وهكذا لو كنت منصفًا لقلت: والذين يتعصبون للشيخ عبيد أو الوصابي أو العدني في الكلام في الشيخ الحجوري عليهم أن يتوبوا إلى الله.
والعجيب أنك تقول: وإن حصل من بعض أتباعه (يعني أتباع عبد الرحمن بن مرعي) بعض التعصّبات لكنهم مستعدون في الحقيقة أن يتراجعوا.
إذًا هم أتباع لعبد الرحمن –كما قلت- ليسوا أتباعًا للسنة؟ فها أنت تقول: أتباعه.
ثم هو لماذا ساكت عنهم وراضٍ بهم؟ هذا لتعرف أنها حزبية.
ثم لماذا لم يتراجعوا إلى الآن وهم مستعدون –كما تزعم- ونحن الآن في السنة الرابعة أو الخامسة من بداية الفتنة؟ لا أدري كيف يخرج مثل هذا الكلام.
وهكذا لو كنت غير مقلد لبينت بالحجج وجه رد جرح الشيخ يحيى لعبد الرحمن ومن تعصب له، ولما قلت: العلماء لم يقبلوا هذا الجرح.
وإن قلت: أنا بينت أني لم آخذ بالكثرة، وإنما بالحجج والبراهين. فنقول: هلا أبرزتها ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيى عن بينة؟
ثم أين أنت من كلام الشيخ الإمام: نحن لا نخطئ الشيخ يحيى جملة ولا تفصيلا.
وقوله: لا نقول: إن الشيخ يحيى تكلم بباطل.
وأين أنت من كلام من يقول من المشايخ: الذي قام به عبدالرحمن في دماج (ثورة)، لو كان عندي لما سكتُّ.
وأين أنت من كلام من يقول من المشايخ: من هو عبدالرحمن! عبدالرحمن لا يعرفه كثير من طلبة العلم.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه:
أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أحمد باجمال
صباح يوم السبت 16 من شهر جمادى الآخرة عام 1431هـ