((حوار هادئ مع إخواني تائب -خالد الغرباني-))
كتبه: أبو زيد معافى بن علي المغلافي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم، أما بعد:
فقد رأيت منشورًا بعنوان:
( زجر المخذل المخالف... )
لكاتبه: خالد الغرباني.
فرأيت أنه يحتاج إلى حوار معه، مع العلم أن الكاتب تربى زمنا مع الإخوان المفلسون، ثم يقول إنه تاب.
فأقول مستعينا بالله:
قوله: ( والدفاع عن معسكرات التحالف ).
أقول: هذا من التهويل بلا دليل، والتضخيم الممقوت؛ وذلك أنه جعل الكلام في بعض أفراد لواء من الألوية كلامًا في جميع المعسكرات، إذ لا تلازم بينهما كما هو معلوم عند المنصف، وذلك أنه قد يفسد لواء ويصلح بقية الجيش، وقد يفسد بعض أفراد الجيش ويصلح البقية، ومثل هذا التهويل والتضخيم على طريقة الإخوان.
قوله: ( بل حتى جنى وبغى فيها على جند الإسلام، ومعسكر التحالف العربي المنجد ليمن الإيمان ).
أقول: إن الناظر في هذا الكلام يظن أن الكاتب قد أتى بالفواقر على عسكر التحالف، وأي جناية على عسكر الإسلام بالتحذير من طريقة البعض الذين لا يمثلون التحالف من قريب ولا من بعيد.
بل هم أداة وعكاكيز في يد غيرهم من أصحاب المصالح من الإخوان المفلسون.
فدع عنك هذا التهويل، والجزاف في القول، والغلو في نفر لا يملكون من الأمر شيئًا.
ومثله في التهويل والقول الهزيل؛
قوله: ( تتكلمون في رجال قد قتل بعضهم -نحسبهم شهداء- لا يملكون الدفاع عن أنفسهم؛ لأنهم قد ماتوا، ولكنهم خصومكم يوم القيامة، تتكلمون في رجال بعضهم ترملت نساؤهم، ويتم أطفالهم، فيسمعون منكم أن آباءهم كانوا لصوصا ،تتكلمون في جرحى أصيبوا وأضحوا في المستشفيات؛ بعضهم قطعت أطرافهم، ثم يسمعون منكم هذه التحذيرات والطعونات )
أقول: وأي تهويل مثل هذا ؟؟؟!!!
فأنا أترك القراء المنصفين حكمًا بيني وبينك في هذا؛ أن يأتوا بكلمة في مقالي هذا تدل على ما ذكرت تخرصًا أني أتكلم وأطعن في الشهداء الذين قد ماتوا، أو الجرحى.
وصدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ((مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)) [الزخرف: 58])، رواه الترمذي عن أبي أمامة رضي الله عنه.
ولا يلزم أصلا أنني إذا حذرت من بعض الأفراد أن أكون طاعنا في الشهداء، والجرحى، والتحالف عمومًا! كما تدعي زورًا وبهتانًا.
كلامنا واضح؛ أننا لا نتكلم ولا نحذر من جميع المعسكرات كما تدعي.
ويؤيد هذا القول تصريحك في هذا المقال بقولك: (ولماذا سلم منكم جميع المعسكرات ولم يسلم منكم معسكر الفتح).
ولكننا ننصح طلاب العلم بطلب العلم، وعدم التمييع مع الإخوان المفلسون، والانجرار وراء مطامعهم، وألا يكونوا سلمًا لهم في جلب المصالح، وعدم الرضى، والوقوع في الذنوب والمعاصي.
فهل لا يكون جهاد إلا بالذنوب والمعاصي والتميع مع الإخوان كما تشير إلى ذلك بذكر كلام شيخ الإسلام رحمه الله: (فاذا تعذر إقامة الواجبات من العلم والجهاد وغير ذلك إلا بمن فيه بدعة مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب) انتهى المراد.
فإنك بهذا النقل تبرر تعامل هؤلاء الأفراد من لواء الفتح مع الإخوان المفلسون، مع أنهم يقولون لا علاقة لهم بالإخوان تمامًا، وإلا فما فائدة نقلك هذا ؟!
ثم؛ هل في كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- أننا نجعل أنفسنا أداة بيد الإخوان لتضييع أهل السنة وطلاب العلم؟ والتفريق بينهم وبين شيخهم؟
غاية ما فيه أننا إذا اضطررنا للجهاد معهم في صف واحد؛ أننا نقوم بالجهاد .
وهناك أدلة أخرى تدل على عدم جواز التأثر بهم في بدعهم، وكلام السلف طافح بهذا الأمر، فارجع إليه.
وإن المتأمل في كثرة تباكيك وادعائك الدفاع عن التحالف؛ يظهر منه أنك تريد أمرين:
الأمر الأول: التحريش بين المملكة -وفقها الله- خصوصًا، والشيخ يحيى -حفظه الله ورعاه- وهذا منك كثير؛
فمن ذلك قولك في هذا المقال: (ثم إذا قدم هؤلاء إلى مكة وطافوا سبعا وسعوا سبعا فيمكثون ما شاء الله فيرجعون إلى بلادهم وكأن ذلك المعسكر موطن من مواطن العذاب ...، وهذا يشعرنا بأن طابور التخذيل والتخبيب يضرب بأطنابه في كل مكان ).
وقولك: ( فيسمعون منكم أن أباءهم كانوا لصوصا ).
وقولك في مقال لك على الفيسبوك: ( حفظها الله وحرسها من الحاسدين الحاقدين. وبعد ذلك نسمع من يقول دعوتنا هنا ما استطاعت أن تقوم. أما الدعوة فالدعوة هناك التي كنتم تعلمونها والتي ستكون ).
فكل هذا الكلام تقصد به شيخنا يحيى -حفظه الله- فترميه بالتخذيل، والحسد، والحقد، وغير ذلك مما ذكرت، وأنه مع التحالف قولا، لا فعلا.
فأربع على نفسك أيها المُحَرِّش، فلن يتجاوز تحريشك تحت مقعدتك، ولن يشمها غيرك.
أما المملكة وفقها الله فهي على علم بما عليه شيخنا من النصح لها، والحب لها، والثناء عليها؛ وإلا والله لو علمت منه أدنى تخذيل أو مؤامرة عليها؛ لما بقي في بلدها، وأنت تعرف ذلك، ولن ينخدعوا بكلام أمثالك، فهم على يقظة وفقهم الله.
وهذا ليس بالتحريش الوحيد عندك؛ بل هناك غيره، وليس بعجيب أن يصدر التحريش ممن تربى في أحضان الإخوان المفلسون؛ فإن البدع لها رواسب.
ومثل هذا التحريش قولك: ( هل تعرف الشيخ عبده حسين اليافعي ...، لا أظنك تعرف هذا، ولا تعرف بأن هؤلاء المشايخ الذين تسخر منهم ) انتهى المراد.
تريد أن تحرش بيني وبين الشيخ عبده حسين اليافعي !
اخسأ فلن تعدو قدرك، ولو لم أعرفه، ولكنني سمعت عنه خيرًا، ولم ألتق به إلا مرة واحدة، ولكنني سمعت من الشيخ أبي حمزة حسن باشعيب عنه خيرًا في هذا الأمر.
فكلامي لا يتناوله وأمثاله من الذين لهم صلة بشيخهم وتوجيهاته.
ولكنها محاولة يائسة منك للزج به، وأمثاله ممن نقلت فتاواهم المؤيدة للواء الفتح، وبعضها قديمة قد رجع عنها أصحابها.
وهذا أيضا من باب التحريش بين المذكورين بأسمائهم، وبين شيخهم، وتريد أن تظهر للناس أنهم على خلاف مع شيخهم.
ولكن أبشرك بما يسوؤك أن كثيرًا منهم موقفه هو موقف شيخه في هذا الأمر، والحمد لله.
وإنما قلت كثيرًا منهم؛ لعدم علمي بالآخرين منهم.
الأمر الثاني: التزلف لحكام ومسؤولي المملكة -وفقهم الله- ليرضوا عنك، ولعلك تصيب منهم لعاعة من لعاعات الدنيا.
هذه أيضًا على طريقة الإخوان المفلسون؛ فإن لهم طرقا لجلب المصالح، منها التزلف لهم وإظهار الدفاع عنهم.
فلعلك نسيت هذه في جيبك ولم تنفضها عندما تبت من الإخوان المفلسون.
وهذا ليس من التدخل في النيات؛ ولكن من العمل بالقرائن.
وقولك: ( كن كابن زيد يا أبا زيد )
وقولك: ( وهو يخاطب أميرًا يُعرف بالأشدق ).
أقول: هذا من لَيِّ أعناق الأدلة، لتدل على المعنى المراد، وهذه طريقة إخوانية؛ فإنهم يلوون أعناق الأدلة تكلفًا ليصلوا إلى المراد.
وإلا فأثر أسامة -رضي الله عنه- وأثر أبي شريح العدوي مع الأشدق، إنما هو في الحكام والسلاطين؛ لأن أثر أسامة في حق عثمان ثالث الخلفاء الراشدين، وأثر أبي شريح مع الأشدق في حق الأشدق، وهو والي على المدينة من قِبَل يزيد بن معاوية.
فكيف ننزل هذه الآثار ونستدل بها على طاعة أفراد لا يُعتبرون حكامًا، ولا سلاطين، ولا في معناهما.
وحقيقة: هذا من غلو الإخوان في الإمارة؛ فإنهم يجعلون أمراء في الحضر على حلقات التحفيظ، ويلزمونهم بطاعتهم وأخذ البيعة، وغير ذلك.
فما أدري! هل رداد الهاشمي يُعتبر عندك من أمراء المسلمين وحكامهم الذين تجب لهم الطاعة والبيعة! ومن طعن فيهم يُعتبر من الخوارج! ويجب لهم النصح سرًا حتى لا تحدث فتنة! وأن من خرج عليه تضرب عنقه!
ففتش في منهجك قبل أن تسود الأوراق.
قولك: ( فرأيته خالف فيها الواقع ...، وليس له في جنايته واعتدائه أي دليل أو برهان إلا التقليد والهذيان ).
أقول: لا أدري! أنت أعمى، أو تتعامى عن الحقائق الواضحة، فقد أثبت أنت في كلامك هذا صدق كلامي، وأنه موافق للواقع؛
فقد قلت: ( بل هم مع العلماء، وتركوا شيخهم، واتبعوا الدليل والحجة والبرهان الذي تعلموها في المنهج السلفي، وهذه منقبة عظيمة لهم تحسب لهم ).
فهذا إثبات منك أنهم تركوا شيخهم ولم يأخذوا بنصحه.
وإذا نظرنا ما هو النصح الذي نصحهم به الشيخ؛ نرى أنه نصحهم بعدم التمييع مع الإخوان، وألا يكونوا مماسح لهم ولغيرهم، ونصحهم بترك تضييع طلاب العلم، وعدم التأكل على حساب طلاب العلم والدعوة، ونصحهم بالابتعاد عن الذنوب وما يخدش في الدين.
ولا تستطيع أنت ولا غيرك أن تثبت أنه قال لهم لا تجاهدوا، أو أنه ينكر الجهاد، أو أنه يخالف العلماء في فتواهم في الجهاد.
وكونه يتكلم في أفراد من لواء الفتح؛ لا يدل على أنه يحذر من الجهاد فليس الجهاد محصورًا في لواء الفتح.
فاستبان أنهم تمردوا، وافتأتوا على شيخهم، وجانبوا النصح السديد الرشيد الذي عليه جميع العلماء الناصحون؛ إذ لا يوجد عالم ناصح يفتيهم بجواز ما تقدم من مخالفات.
فاستبان أن الشيخ موافق للعلماء، وأنكم أنتم المخالفون للعلماء، وإلا فأثبت لي أن عالما يجوز ما ذكر، وغاية ما عندك أنك تقول العلماء يفتون بالجهاد.
فيقال: والشيخ حفظه الله يفتي به، وقد نفع الله بفتاواه في هذا الباب.
وربما تقول: لم نسمع عالمًا يحذر من لواء الفتح!
فيقال: لا يلزم أن يحذر جميع العلماء من هؤلاء؛ فيكفي ولو عالم واحد بالحجة والبرهان.
وأيضا نحن نقول: لم نسمع عالما واحدا يخالف ما نصح به الشيخ أو حذر .
وقولك: ( ولم نسمع لهم طعنا أو لمزا ).
أقول: لا يلزم أنك إذا لم تسمع ألا يكون هناك طعن ولمز.
فقد سمع غيرك،
وعندي من الحقائق الكثير ممن سمع وشاهد، وعندي بعض الرسائل ممن يطعن في الشيخ –حفظه الله- ولكن لا أريد أن أذكرها الآن وذلك لأمرين:
الأول: لأنك عبارة عن متطفل، أقحمت نفسك للدفاع عن أناس لم يطلبوا منك الدفاع؛ وإلا إذا كانوا راضين أن تكون المتحدث الرسمي لهم، والمدافع الشخصي عنهم، فليذكروا لنا ذلك حتى نحملهم جميع ما تصرح به، ونجعله حجة عليهم، ويعرف الناس حالهم أكثر.
وما أظنهم يرضون بذلك إلا إذا كانوا قد بلغوا الحضيض في انحرافهم.
الثاني: إبقاءا عليهم لعلهم يرجعون ويعرفون غلطهم ويصلحون وأرجو ذلك.
قولك: ( أعوذ بالله من الدخول في النيات، هذا سلاح خبيث في الطعن في أولياء الله ).
أقول: هذه الشنشنة ما عرفناها إلا عند الإخوان المفلسون؛ إذا حذر عالم معتبر من شهواتهم الدنيوية قالوا: هذا يتدخل في النيات.
ويكفيك شاهد على ما قلت في فتنة الدنيا؛ استبدال كثير منهم لقب طالب العلم بلقب الرتب العسكرية، بعد أن كان طالب علم، وداعي الى الله أصبح أفندم.
أما قولك: ( الطعن في أولياء الله ).
أليس هذا من التدخل في علم الغيب! فتحكم للواء كامل بأنهم أولياء الله!
أم هي الطريقة الإخوانية؛ يغلون في أصحابهم حتى يجعلوهم أولياء الله.
نعم قد يوجد في أوساطهم أولياء لله.
أما الحكم العام لكل فرد! هذا باطل.
قال تعالى: {... فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}[النجم:32]
قولك: ( السامع لمثل هذا الكلام يظن بأن الأخ معافى في مقدمة الجيش، وأنه ينقل من الجبهة ما شاهده ولمسه، ولكن للأسف، فهو بعيد عن ذلك فلعله معذور ).
وأقول: والسامع لكلامك يظن أنك تكتب هذه الكلمات وأنت على رأس دبابة، أو في جوار معدل، أو تحمل بازوكة، والحوثي يفر من أمامك خوفًا من سطوتك وشجاعتك.
وقولك: ( واترك الأبطال يحررون بلادك وأهلك في الحديدة وغيرها ).
نعم.. نعم.. سأترك الأبطال غيرك يحررون الحديدة، والمحويت بلادك؛ فإنهم تحت سطوت الحوثي، والبطل المغوار عنتر بن شداد الغرباني عاكف على الفيسبوك والكمبيوتر.
ويدير المعارك من غرفة التحكم في بلاد الحرمين، تحت وطأة برد المكيف، ولذة الكبسات، وغرور التعالم، ورواسب الإخوان.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُون * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُون} [الصف: 2-3]
وقال: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ ...}[البقرة:44]الآية.
وأما أنا فلا أدعي، ولا أشير إلى أنني في مقدمة الجيش؛ لأنني فعلا عندي عذر شرعي، وأنت تعلم ذلك.
ومع ذلك هناك أمور يعلمها الله مني، يكفي أنه علمها، وأنت تعلم بعضها، ولكنه عمى البغي، والسخرية، والتحقير، للمسلمين، ولا يضرنا بشيء.
والحمد لله رب العالمين،،،
كتبه: أبو زيد معافى بن علي المغلافي
21 شوال 1438 هجرية.
تنبيه: هذه النسخة هي المعتمدة من قبل المؤلف.
تنبيه آخر: تكررت كلمة (المفلسون) بالرفع؛ وهي على الحكاية، والله الموفق.